
خليط عجيب من الوجوه والملامح والإشارات والقسمات والعبارات تتداخل على جدران العربات كأنها تدميها بالأصباغ أو تبعث منها رائحة الأماني الضائعة.
هي مرآة للأحلام المؤجلة ، مشاعر من رقد مع أهل الكهف. تجدها عند الأركان وعلى المرايا ولا يمكن أن تسير العربة بلا تاج يكسوها كضوء أبدي. تتقدم نحوك ولا تصادفك ، نغم يسري طلق اللسان :
يا واهبة الروح و السعادة
شعّي على قلبي
تنغمس الكلمات كالسحر ، عميقة ، مؤذية … هل كل السواق في أفغانستان يحملون هذا القدر من العشق : معبودك الدائم ، متيمك الولهان ، المجروح بيديك …
قدر لا يقاوم من عبارات يستلها الفنانون من كتب عاشقين تمزقوا قبلهم لينسجوها لوحات متجولة في البلاد - الديدبان.
أهذه الألسنة كاذبة ؟
فنانون ، أم محترفو لعبة الأصباغ ، مؤلفو التعاويذ والأدعية وأشعار لا نهائية تفطر فؤاد الإسفلت. ولا يمكن التغاضي عن إشراك الحيوانات المفترسة في كرنفال السيارات: أسود ونمور وضوار وحيوانات خرافية أخرى ، ملمح لجبروت السائق وشجاعته.
أدعية لا تجارى ، إسهام قائد الحافلة في الموكب الأزلي : توكلت على الله ، سفر بخير ، ما شاء الله ، عد لنا سالما ، من الله وإليه … ولابد أن تختتم هذه الأدعية برقّ الحبيب : أعزف أسمك في كل هورن !

حيث العربة تتحول الى نشيج
لامرأة أو مستحيل
كأنها ورود حجرية وسلال راكعة تساعد المسافرين على التنهد والتهدل. وهجها يتدفق بمشقة الطرق الغراء ، استبدال للنواقص التي قربتها الحياة العاصفة.

عربات كالمنازل اللاهثة ، وهمها وسبيلها ، بغضها وجفافها.
وللشر والحساد تكبر العيون وتكثر السهام مبشرة بالخير.
هكذا ابتدع الأفغان هذا المصطلح المقترح لإزالة الآلام. مصطلح متجول متعثر الخطى ، يحكي قصصهم ويسيّج أحلامهم وأمانيهم بالألوان الغامضة. ومع ظهور الأطباق الفضائية أو الدشات ارتفعت مصطلحاتهم لتتسلق فوق المباني ليحيكوا من خلالها تجارب السماء. والأطباق المعدنية أكثر رصانة ولوحاتها مختصرة ؛ بين حقل زهور أو غيوم متناثرة ، نجوم أو أشجار. ويعتمد ذلك على موقع الدش ، الذي يتحول الى مائدة احتفالية بلا كلمات وكأنه معلق على غصن أو طافيا في صوان.