السبت، 12 يوليو 2008

متى ستنتهي الحرب في الشيشان ؟


أجابنا الرئيس فلاديمير بوتين عند بوابة المركز الانتخابي حيث أدلى بصوته على السؤال لماذا لم يوقف الحرب في الشيشان قبل الانتخابات قائلا : طالما لم يلقوا السلاح ويعترفوا بالدستور الروسي.
ومتى سيلقي الشيشان أسلحتهم ومتى ألقوها في الماضي ؟ وهل يتطلب فرض الاعتراف بالدستور كل هذه الحرب ؟
كانوا يريدون إعلان نهاية الحرب في الشيشان في عيد الجيش 23 فبراير وأجلوا ذلك لعيد المرأة 8 مارس 2000. غير أن ذلك لم يحصل لأن القوات الفيدرالية المضنية بمعارك الأشهر السبعة لم تتمكن من تدمير حملة السلاح هناك.
وبعد فوز بوتين في الانتخابات حددوا تاريخ 5 أو 8 مايو من العام المذكور ، موعدا لتسليمه صلاحياته الرئاسية بشكل رسمي وتتويجه رئيسا لروسيا. ولهذا السبب حددوا موعدا جديدا هو عيد النصر على الفاشية الذي سيصادف في 9 مايو موعدا لانتهاء الحرب الشيشانية كتاريخ لنصر آخر وتعويضا لفشلهم في عدم إنهاء الحرب في 26 مارس موعد الانتخابات الرئاسية كما صرح بوتين بنفسه أكثر من مرة بأن العملية " المعادية للإرهاب ستنتهي نهاية مارس ، وكان انتصار الجيش في الشيشان يعني انتصار بوتين ولكن هذا النوايا لم تتحقق.
كان الاستراتيجي الأسطوري بافل غراتشوف قد ألقى كل القوات الروسية في غروزني لكي يقدمها لبوريس يلتسين هدية رأس السنة 94 - 95 ويعرف الجميع كيف انتهى هذا الاقتحام الذي قامت به وحدات غير مستعدة لذلك. وغدا هذا التاريخ مؤلما جدا في التقويم العسكري والاجتماعي الروسي ومنه بدأت هزيمة الجيش الروسي الشاملة فيما بعد.
والمارشال ايغور سيرغييف وزير الدفاع لا يستعجل وحذر جدا عند وصول الحديث الى سؤال : متى ؟ غير أنه انصاع أيضا الى لعبة تقويم التواريخ المهيبة. وقال في مطلع نوفمبر بأن " العملية في الشيشان ينبغي أن تنتهي بعد شهرين " أي في رأس السنة أيضا. وبعد الانكسارات الجدية التي تعرضت لها القوات الروسية في هذا الموعد بالذات بعد أن فقدت كل المدن الرئيسية التي سيطرت عليها قرر سيرغييف عدم التحدث عن المواعيد ولا بكلمة واحدة.
والجيش نفسه لا يستعجل إنهاء الحرب في الشيشان والجنرالات العالمين بالأمور يدركون بأن الحرب يمكن أن تستمر أشهر عديدة وربما سنوات.
ولا يعطي أحد رسميا الأوامر الى قيادة الجيش في شمال القوقاز بتسريح الوحدات ، غير أن روح هذه الأوامر تحلق في دهاليز هيئة الأركان. وإذ يدرك الجنرالات بأنهم يؤدون واجبهم العسكري بدافع مصالح الساسة ، لا يميلون للقفز على الأحداث وتحقيق انتصار سريع على الشيشان مهما كلف ذلك.
وبعد التقدم والسريع في أراضي الشيشان الشمالية حيث الانتقال السهل والمكشوف ناءت العملية العسكرية بكل أثقال الحرب في الوسط والجنوب الشيشاني وتحول تأييد الجيش لبوتين الى وعود قريبة بالنصر الى عمليات دعائية منظمة جيدا ومن جانبه لم يتلق الجيش المعدات والأسلحة الحديثة ولم تدفع المخصصات الحربية له حتى الآن.
يقال أن بوتين عمل للجيش أكثر من أي مسؤول تسعيني آخر ، فقد زارهم أكثر من مرة ووعدهم بأن الحرب ستستمر حتى النهاية وأعجبهم بحزمه وكلماته الطيبة بحقهم ووعوده بالمساعدات المادية وتوزيعه السخي للرتب العسكرية والأوسمة والمكافآت. وأكد الجنرالات وفائهم لبوتين وساهموا بدمائهم من أجل دخوله الثاني للكرملين.
ومع ذلك لم يتمكنوا من إنهاء الحرب وحولوها الى مادة وورقة رابحة لمنافسيه الرئيسيين واعتبر الرئيس الروسي الجديد أن ذلك من حسن الحظ فالانتصار السريع سيكلف خسائر كبيرة جدا.
وبعد انتهاء الحملة الانتخابية هل توجد لديهم حاجة لاستمرار الحرب؟
والجواب : لا توجد.
لقد بدأت وسائل الإعلام الرسمية قبل غيرها بإظهار الصور البشعة للحرب وعرض لافتات الجنود وأمنياتهم التي خطوها على جدران غروزني وغيرها : نريد العودة الى البيت !
واصبح الاستعجال وحتى الحرب بحد ذاتها أمرا غير ضروريا ، ومع ذلك تسمع تصريحات من قائد القوات الروسية في الشيشان الجنرال غينادي تروشيف بأن مسألة تسليم المسؤولية لقوات الداخلية سابقة لأوانها و "الجيش سيواصل محاربة تشكيلات قطاع الطرق " و " سنبقى هنا حتى هزيمة العصابات وإتمام العملية كلها حتى لو قضى الأمر خمسة أشهر أو سنة أو سنتين ". ولغاية لحظة كتابة هذه السطور لم يتجرأ أحد ويعلن الانتصار في الشيشان.