السبت، 17 سبتمبر 2011

أنقرة- تل أبيب.. الاختلاف لا يفسد العلاقات


قضية دور اللوبي اليهودي في تركيا قد تسلط الضوء على العلاقات الإسرائيلية - التركية التي يكثر الحديث عنها هذه الأيام والتي لا يمكن فصلها عن مسارها التاريخي.
نشير إلى ان هذا التاريخ بحاجة إلى دراسات متخصصة متعددة الجوانب، إلا ان هذا العمل، سيحاول التوقف وبشكل سريع جدا عند أبرزها.
ثمة من يعتبر مجاراة تركيا للنشاط الإسرائيلي المكثف فيها، كمعادلة منها لهيمنة اللوبيين الأرمني واليوناني اللذين يؤلمان تركيا في الولايات المتحدة، وجزء منه يندرج في إطار إرضاء الغرب الذي توجهت إليه تركيا منذ مطلع القرن الماضي.
إن تركيا هي أول بلد إسلامي يعترف بإسرائيل وكان ذلك عام 1949 حيث دخل أول قنصل إسرائيلي إلى دولة إسلامية حتى رفعوا التمثيل الدبلوماسي إلى درجة سفير عام 1950. «وتركيا أول دولة إسلامية يزورها رؤساء إسرائيليون: حاييم هرتزوك وعزرا وايزمان»، وتبريرها هو وقف الخطر الشيوعي!، بينما كانت الدولة الحادية عشرة التي اعترفت بدولة فلسطين.
والمخطوطات رغم ندرتها، تحدثنا عن قوة تغلغل اليهود في الدولة العثمانية واستخدامهم الأسماء الإسلامية لهذا الغرض منذ قيام حركة «ساباتي زفي» ولغاية سيطرة أتباعه (السابتائيين) على المال والإعلام في تركيا، حتى أن أتاتورك نفسه تعلم في مدرسة يهودية. ولابد في هذا الصدد، معرفة أسباب نشوء حركة «الاتحاد والترقي» التي رقـّت الكثير من اليهود ليستلموا حقائب سيادية كالمالية والداخلية، حتى أنهم عينوا مدحت باشا واليا على العراق وهو يهودي.
وهكذا منذ تلك الأوقات، يغتالون السلاطين ويدعمون الجنرالات ويرقـّون هذا ويبطشون بذاك، ويوقعون المعاهدات السرية.
لقد وقفت تركيا ضد مصر عام 1951 حينما حاولت منع السفن الإسرائيلية من عبور قناة السويس، وتمت مكافأتها بضمّها إلى الحلف الأطلسي بعد أشهر.
كما أن رئيس وزراء تركيا عدنان مندريس نادى عام 1954 في الولايات المتحدة باحقية اليهود بدولتهم وتهجم على العرب، وسمح لعشرات الآلاف من يهود تركيا بالهجرة إلى فلسطين. ونشير الى أن جمال عبد الناصر كان يسمي تركيا «الدولة الممقوتة» بناء على هذه المواقف.
السيطرة على الإعلام
عدد لا يمكن أن يحصى للصحف اليهودية التي تصدر في تركيا، لكننا سنتوقف عند الواسعة الانتشار منها والتي طالما اعتمد عليها مراسلو الوكالات لنقل أخبار البلاد. مثلا، دار نشر وصحيفة حريت أسسها ويملكها الثري اليهودي بورلا بالاشتراك مع اليهودي الآخر سداد سماوي. كذلك «ميلليت» فتديرها العائلة اليهودية إيبكجي وجريدة بوليتيكا أسسها إسماعيل جم إيبكجي الذي أشرف على التلفزيون التركي أيضا. وكذلك صحيفتا جمهوريت وترجمان وغيرهما، فيما يعتبر اليهودي إيلي آجيمان امبراطور الاعلان التركي.
آباء اللوبي اليهودي
من أبرز اليهود الذين تحكموا بالسياسة التركية يوسف ناسي أو دوق ناكسوس والذي كان يشرف على تجارة البلاد في القرن الـ 16، وجاويد بك ودوره الرئيسي في خلع السلطان عبد الحميد وأحد مؤسسي «الاتحاد والترقي» وابراهام كاموندو الذي كان عمليا يحكم أسطنبول في القرن الـ 19 ومتر سالم مؤسس «مكابي» عام 1910 وموشيه آلاتيني الذي تدخل في التعليم وليفي دي منشه المهيمن على الصرافة والمال وبرنار ناحوم طاغوت الصناعة وجاك قمحي الذي رسم سياسة التنمية وتجار وصناعيين مثل: العملاقان قوتش وصابانجي ونسيم كاسادو واسحاق لاتون والبير بيلين وعزيز قارح وغيرهم.
سحب السفراء
إن إسرائيل توقعت سحب سفيرها منذ ديسمبر الماضي، ولعل أنقرة تأخرت في اتخاذ هذا القرار، حتى ان تل أبيب لم تعين بديلا لسفيرها المسحوب غابي ليفي رغم معرفتها أنه ذاهب إلى التقاعد.
وليست المرة الأولى التي تعلن فيها تركيا سحب السفراء، فقد فعلتها عام 1956 بعد العدوان الثلاثي، لكنها في الوقت نفسه، أقامت تحالفا سريا مع إسرائيل والحبشة في عهد هيلا سيلاسي. كما سحبت سفيرها عام 1979 احتجاجا على إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، لكن سرعان ما عادت المياه إلى مجاريها وبقوة أوقات توركت أوزال، لغاية لقاء الرئيسين وايزمان وديميريل الذي وصفوه بـ «اللقاء الحلم».
جاءت رئيسة الوزراء نانسو تشيلر لتعقد العزم على «التحالف مع الشيطان من أجل التخلص من العمال الكردستاني»، وفق قولها، ولكن لإسرائيل الكثير من المنظمات التي تؤرق منامها وتنغص عيشتها.
مما تقدم نلاحظ، أنه في كل المرات التي طردت فيها تركيا، السفير الإسرائيلي، يعقب ذلك تقدم كبير في العلاقات وتوقيع اتفاقيات تؤذي العرب.
مشاريع إسرائيلية
ومع ذلك أسس اللوبي في تركيا مركز الـ 500 عام وهو تاريخ خروج اليهود من اسبانيا وقدومهم إلى تركيا. وكذلك مشروع يلماز - بيريز لمد إسرائيل بالمياه التركية التي توقفها على سوريا والعراق، ما سمي حينها بمشروع «أنابيب السلام».
ودخلت إسرائيل باستثمارات زراعية قوية جدا في مشروع «الجاب»، ومثلها في الصناعات الحربية التركية وتطورت السياحة إلى حد أن اللحظة التي طرد فيها السفير الإسرائيلي قبل أيام، دخل تركيا ما لا يقل عن ربع مليون سائح إسرائيلي!
ولإسرائيل اتفاقية لاستغلال ميناء الاسكندرونة أيضا لمن لا يعرف، واتفاقيات في قطاعات الكهرباء والثقافة والأمن والجريمة المنظمة والتكنولوجيا والألياف البصرية وتبادل المعلومات والاتصالات ومد الكابلات في الشرق الأوسط والنقل (مرة قال وايزمان: ما أجمله من يوم ننتقل فيه من حيفا إلى تركيا عن طريق سوريا)، والتجارة الحرة والتجسس (فضيحة الصواريخ الروسية أس أس 300 التي وشت بها تل أبيب لأنقرة، ناهيك عن محطات التجسس المشتركة على الحدود مع العراق وسوريا وإيران والاجتماعات الدورية بين ضباط المخابرات بين البلدين). نقطة خطيرة في اتفاقية «رورو» التي وقعها مسعود يلماز ( رئيس الوزراء الذي خلف نجم الدين أرباكان الذي أطاحت به المؤسسة العسكرية لمواقفه السلبية من إسرائيل) بعد زيارته إسرائيل والتي وصفت بـ «التاريخية»، وهي إعادة تصدير البضائع الإسرائيلية (بعد تبديل علاماتها التجارية) إلى دول الخليج (ميلليت- 1998).
الاتفاقيات العسكرية
ويقال الآن، ان أنقرة أوقفت الاتفاقيات العسكرية، ولا نعلم هل بالضرورة ايقافها سيؤذي إسرائيل بشيء، لا سيما أن تركيا هي التي تشتري المعدات والتكنولوجيا العسكرية المتطورة من إسرائيل وتلامذتها يتدربون في تل أبيب وليس العكس، كما أنها ثاني أكبر قوة عسكرية في الناتو بعد الولايات المتحدة، الحليف الأكثر قوة لإسرائيل، وبالتالي لا تستطيع أنقرة مشاكسة تل أبيب.
حتى رئيس وزراء تركيا الأسبق نجم الدين أربكان الذي لا يعتبره الإسرائيليون حليفا جيدا لمعارضته الواضحة لسياستهم، برر التحالف العسكري مع الدولة اليهودية بالقول ان قطع الغيار للمقاتلات التركية موجودة لدى دولتين في العالم: الولايات المتحدة وإسرائيل؛ بمعنى أنها صفقة تجارية فحسب.
وهكذا منذ تأسيس إسرائيل كانت علاقة تركيا معها تشبه البندول، ولا أعتقد أن من الواجب علينا الجزع في صعودها والبهجة عند هبوطها.

الجمعة، 2 سبتمبر 2011

دبابيس اليأس مفتولة بقرى البحرين



هناك تنتهي تخوم وتبدأ أخرى.
وهناك يبردون في الشتاء ويذبلون في الصيف، حيث الطقس غير معتدل دائما وفيه الكثير من الوجوم وفي المنازل المزيد من البطون وأكثر منها الأضراس التي تريد أن تعمل.
وهناك أناس لا ينصاعون لأحد ولا يصدقون البيانات ولا يثقون بالصحف وبيوتهم ناقصة أحد الرجال على الدوام لأنهم مولعون جدا بالرفض ولا يعرفون التزوير والمماطلة والمجاملة وأسنانهم لا تبتسم لأي مسؤول أيا كان، ولديهم صدور تهوى اللطم في كل فجر وأفئدتهم فيها من الندوب ما يطمر البحر أسرع من المكنات الحديثة المستوردة، وعندهم الشمس لا تنام وإذا فقدوا رجلا ظهر بمكانه آخر في اللحظة نفسها، مشاكسون لا يداس لهم على طرف، ولو ألقيت عليهم كل الغازات المسيلة للدموع فسينفجرون من الضحك، لأن دموعهم تنهمر كل يوم بمعونة الغازات وبدونها. ولكل حصته من الرصاص المطاطي الذي يتلاعبون في خراطيشه كما لو كانوا في افتتان. محيرون صغارا وكبارا، أطفالا وشيوخا، أصحاء ومرضى، طائرين كانوا أو مقعدين، هكذا هم جسد ولد من تلابيب الأرض وإن انطفأت منهم شعلة، توردت آلاف غيرها، ضللهم الفقر ومذلة العوز وكنجمة جريحة تنساب من كل صوب، لتصادق النار، لكن لو أقبلت عليهم سيسورون ناصيتك والتراب الذي تحت قدميك بالفرح والحياء وسيكثرون من حولك بتوقد السحاب قبل مجيء المطر.
وهناك المجامر والعنف الراقد وفتية يتعاضدون وجباه تعرف الخجل وأكف لا ينبغي أن تتحرش بها والمرأة فيهم بألف من 'رجال الأنابيب' المولودين بتراضي الجينات المعولمة.
أنهم أناس القرى البحرينية الذين فاتهم الزمان جدا كأنهم خرجوا إلى الدنيا لكي يلموا فتاتها ويلثموا أرزاقها ويشموا عن بعد عبقها ويصوروا للذكرى أريجها.
القرى المعطاء
لقد أنتجت قرى البحرين الكثير جدا من الفنانين والأدباء والمفكرين والسياسيين والرياضيين والمبدعين في شتى المجالات، وكأنه القانون الطبيعي الذي تعودنا عليه في كل الكوكب، كلما ازددت فقرا شع ثراءك الإبداعي، وهي نظرية لم تثبت، لأن أحدا لا يريد الاقتناع بها، والمبدعون في البحرين ليسوا استثناء.
لذلك ليس من المستغرب أن يلتقوا جميعا، الطبيب والمهندس والحوذي وصانع الفخار والخباز والنجار ودفان القبور بهم واحد ويتداعوا معا في لحمة متراصة لو أصاب أي منهم أي خطب، اتحاد طبيعي لطبقة عانت العسر ولا ينبغي أن تفهم أكثر من ذلك ولا ضرورة لأن تستدعي تصرفاتهم غضب أحد وتهور آخر.
انهم يعبرون عما يشعرون به وما آلت إليه أوضاعهم. وحينما زفت لهم مباهج 'الميثاق' رفعوا سيارة الملك من على الأرض، زفوا جلالته في عرس لم تشهده البحرين المعاصرة طوال تاريخها.
لم يولدوا رافضين وباستطاعة النهر إذا مشى في مجراه الصحيح، فلا يعترضون سبيله، لأنهم ليسوا معارضة لأنهم يحبون ذلك أو لأنهم جبلوا على الالتصاق بالفقر وهوايتهم السكن في السجون وإملاء المكان الشاغر في المعتقلات، انهم أحوج من أي هراوة للسكون وإيداع الغد برأفة المتأمل الرهيف.
مثال للعميان
ثمة أمور لا تحتاج إلى إثبات وحنكة وحذق مبهر، ويتسنى حتى للأعمى رؤيتها.
تجوالنا في قرى مثل السنابس والدراز وبني جمرة ودمستان وكرانه والمقشع والشاخورة وجنوثان وبربار وغيرها، أعطانا اليقين بأن ثمة خطأ في مكان ما، فقد تغيرت هناك الأجواء وظهرت المجاري الطافحة وازدهرت القمامة المكومة من شهر على الأقل وتهالكت المنازل وامحى الجير من الشوارع فبانت على طبيعتها الترابية والتصقت البيوت التي تحاول جاهدة السقوط لكن عناية البيوت التي بجانبها وبفضل الجاذبية الأرضية على الأرجح بقيت مستقرة على أساسها.
لكن المثير الذي لم يعد مستغربا، أنه حال خروجنا بمتر واحد عن حدود القرى يتغير كل شيء كأنما يظهر لنا 'وطن آخر' حيث تعود المملكة الخليجية الصغيرة بأحلى ما يمكن من تناسق شوارع ونظافة وريعان خضار وأشجار ملطفة بالسماد المستورد وإشارات مرور ونظام ويافطات تخبرنا بأجود المأكولات وأثرى البنوك وأوسع الحدائق.
أسئلة ما بعد المثال
ألا يحق لأي شخص مطمور في هذه القرى أن يئن على سبيل الافتراض، وهو يرى كل شيء من حوله زاهيا متنعما من رحمات وبركات ثروة بلاده وهو يعيش العام تلو العام، بانتظار الفرج.. أطفاله يقطعون الطرق الترابية مشيا ذهابا وإيابا إلى مدارسهم المعفاة من الخدمات الكاملة منذ دهور، ألا يعطينا كزوار طارئين انطباعا بأن هذا الإهمال للقرى هو تهميش متعمد يكون سببه عند أدنى الحدود سياسيا وليس شيئا آخر لا نريد التطرق إليه لأنه معروف للجميع.
تذكرنا هذه المشاهد في الفرق الشاسع بين الضاحية الشرقية والجنوبية من بيروت ومدينة الثورة في بغداد وأحياء المسحوقين في القاهرة والكثير من الأمثلة، في مدننا غير العادلة.
فلماذا يزعلون إذن، وتظهر مراجلهم لو قرر هؤلاء المساكين الخروج في مناسبات ما والتعبير عن حاجتهم القصوى للحياة؟ أليس الأموال التي تصرف على فرق مكافحة 'الشغب' (لو نزيل النقطة من فوق العين تكون التسمية أصوب إلى حد بعيد) كافية لتعمير هذه القرى، وبدلا من تسمين هذه الفرق وتزويدها بالمعدات الحديثة والغازات والرصاص المطاطي والدروع، لماذا لا تحول هذه الأموال لتعبيد طريق وتزيين حديقة وترتيب حدود المقبرة التي دخل أمواتها وزاحموا الأحياء ونغصوا عيشتهم!

الغضب المفسر
حين قمنا بتغطية إحدى التظاهرات التي خرجت من هذه القرى، داهمنا انطباع وفهم لحالة الغضب الذي فسره أحد الزملاء بعبارة مهمة للغاية: كل حادثة في البحرين مهما كانت تنعكس وتؤثر في الجو العام برمته للبلاد.
هذه العبارة وما رأيناه وسمعناه من حناجر نسوة هززن الأرض بهتافاتهن يعطي فهما واحدا لا تفسير آخر غيره وهو وجود ما يسمونه في علم النفس: الاحتقان.
لماذا يتفق الجميع في هذه القرى على شعار واحد؟ وهل هم فعلا يهوون السياسة ومنتمون لجمعيات وأحزاب؟ بالتأكيد كلا، انهم ينتمون إلى حزب واحد هو: الإهمال والفقر والبطالة والحيف والتمييز وغيرها من أمور لو صببتها على جبل لرأيته جاثيا متكسرا من هولها.

لقاء مع الشيخ علي سلمان الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية



يذكر أفكاره بحذق وبسرعة بديهية أطلقت أول انطباع عنه: كان على حق من قدمه على الآخرين وعلى حق من أعطى صوته له. أكثر ميلا لاعتدال الوسط، لذلك لم يستخدم مفردة واحدة تخدش أحدا، منافسا كان أم جهة يعارضها.
بلغة انسيابية تتناسب مع حجم السؤال وما حوله وبين حروفه اتخذ مستقر الحوار مع الشيخ علي سلمان الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية المتزعم أكبر الكتل النيابية في الدورة البرلمانية الجارية التي ستنتهي عام 2010، رغم ان الأصوات التي حصل عليها الشيخ الشاب لوحده تكفي لملء ربع مقاعد البرلمان. نحو سبعة ملفات أو أكثر حملها الشيخ علي سلمان إلى قبة البرلمان معتبرا إياها أولويات الهم الوطني وهي: التجنيس، البطالة، التمييز، الفساد، الإسكان، الشهداء، حقوق الانسان وغيرها التي لا تقل أهمية مثل: الإصلاح الدستوري بما في ذلك فصل السلطات والتعددية السياسية وحرية التعبير والتداول السلمي للسلطة، ذلك بعد مقاطعة 'الوفاق' لانتخابات 2002 كردة فعل لإصدار دستور جديد اعتبرته الجمعية 'هبوطا بآمال الشعب إلى أدنى المستويات'، وكموقف احتجاجي أكملته ب 'نضال سلمي' تمخض عنه مشاركتها في انتخابات 2006 وشغلها أقل بمقعدين من نصف تشكيلة البرلمان البحريني. ولعل شعار 'المواطنة والتنمية' يشرع للجمعية حضورها في 'العمق الاستراتيجي الشعبي' لحركة تعتبر نفسها مرسخة للوحدة الوطنية وداعية لعروبة البحرين وإسلامها وتراثها وثقافتها।
وما بين المنهاج والبرنامج الانتخابي، ثمة فاصل عمره دورة برلمانية ستنتهي في يونيو المقبل، بمنزلة الحد الفاصل بين الشعار والعمل، الأهداف وتنفيذها، الأحلام وما جرى في الواقع، هي المسافة التي يحاول الحوار التالي سدها، كاستئذان أول لحوارات أخرى ستليه، في مناسبات لابد لها ان تقع।
هل تحددون لنا النظام الانتخابي في البحرين، فقد صرحتم أكثر من مرة بأن أصوات الناخبين في دائرتكم كانت تعادل المحافظة الجنوبية بأكملها؟ كيف تم التوزيع الذي بموجبه صار حشد من الناخبين في دائرتكم، في حين هناك ناخبون أقل بكثير في الدوائر الأخرى؟

-
النظام الانتخابي المعمول به هو نظام الدائرة الواحدة لكل نائب وليس دائرة واحدة للبلد الذي قسم إلى خمس محافظات، كل واحدة تقسم إلى عدد من الدوائر، وكل دائرة تفرز عضوا برلمانيا واحدا। لهذا النظام سلبيات تشبه نظام ال 25 دائرة في الكويت من ناحية محدودية العدد بالنسبة للمرشحين، مما يؤدي الى بروز ظاهرة الرشاوى الانتخابية والمحسوبية والعلاقات وسهولة تدخل الأطراف المتنفذة وغياب البرنامج السياسي، حيث تتحول المسألة إلى شخصية مع مرور الأيام وهذا ينجب ما يمكن ان نسميه نواب الخدمات ونواب البعد السياسي. مشكلتنا أكبر لأن لدينا 40 دائرة وليس 25، فهي إذا كل السلبيات التي تعيشونها في الكويت نعاني منها هنا. المحافظات مع شديد الأسف أعطيت حصصا برلمانية منظور فيها درجة الموالاة السياسية، ولابد من توضيح، ليس في البحرين من يختلف على طبيعة النظام، الاختلاف هنا نقصده في البرامج الحكومية॥ تقسيم الدوائر إذا مال إلى أولئك الذين يتبعون الرؤية الرسمية ومنحوا حصصا أفضل لكي يوصلوهم إلى البرلمان. صحيح ان الدائرة التي أمثلها وهي الأولى، عدد من يحق له التصويت 16 ألفا وهناك محافظة كاملة اسمها المحافظة الجنوبية يتولد منها 6 مقاعد نيابية عدد الناخبين في كل المحافظة 15 ألفا. وفزت بأصوات تعادل ما لا يقل عما حصل عليه 10 نواب في البرلمان.
من الذي رسم شكل الدوائر الانتخابية؟
- الملك من رسمها।
هل تنوون طرح مسألة إصلاح النظام الانتخابي؟
- نرى أن النظام الانتخابي بحاجة إلى إصلاح.
الملفات الساخنة
بدأتم الدورة البرلمانية بعاصفة سياسية حين قاطعتم الجلسة الافتتاحية التي حضرها جلالة الملك، إلا انكم انتهيتم إلى سكون لعله أحبط الكثير من ناخبيكم، ولم تطرحوا أيا من الملفات السبعة الساخنة التي وعدتم بإثارتها؟
- نحن نحاول الآن إعطاء الكتل البرلمانية والبرلمان بأكمله فرصة للعمل والتحدث عن الهواجس التي تحملها أي كتلة سياسية تجاه كتلة 'الوفاق' في محاولة لخلق أرضية مناسبة للعمل البرلماني المشترك من أجل ان نعطي العمل البرلماني فرصته للنجاح। وهذا الهدوء النسبي لا توجد فيه إثارة سياسية في بعض الملفات في محاولة لإيجاد أرضية للتوافق حتى مع البعد الرسمي، لكي تطرح كل القضايا في بعدها الوطني وبأجواء هادئة بهدف إيجاد الحلول وليس من أجل إثارة المواضيع للإثارة فحسب، يمكن لهذه الفرصة والحوار بين البرلمان والمؤسسة الرسمية انتاج حلول للقضايا وخلق خطوط للتواصل تساهم في حل هذه القضايا والتخفيف منها، هذا نجده إيقاعا مفضلا، لكن لو وجدنا، لا سمح الله، ان الأمور تراوح في مكانها سنطرحها حسب الآليات البرلمانية الممكنة بالانسجام مع الطرح السياسي والإعلامي الذي من خلاله نتمكن من معالجة القضايا.
في تصوراتكم كحركة إسلامية للإصلاح ركزتم على فكرة التحول من مفهوم 'التغيير الجذري' إلى 'التغيير التدريجي'، كما لو ان هدفكم يتبنى سياسة 'دفع الضرر' فحسب!
- فكر التغيير والإصلاح أصبح الأساسي لعدد كبير من الحركات الإسلامية بما فيهم 'الوفاق' التي تعمل على إصلاح هذا الواقع و تغيير السلبيات الموجودة فيه وهذا بطبيعته يحتاج إلى مدة زمنية أطول। فإذا كان ثمة اختلاف على طبيعة النظام يصبح الصراع حادا وإذا كان التدافع الموجود هو إصلاحي اعتقد ان تغيير الواقع يتخذ منحى تدريجيا لكن ذلك يأخذ فترة زمنية وهذه إحدى سلبياته، ولكنه أفضل الخيارات للمجتمع الآن.
أراكم تراهنون على الزمن، من أي جانب تبنون هذا التكتيك؟
- ليست مراهنة على الزمن، بمعنى ان واقع الخيارات الشعبية ستتغير نحو الأفضل. الزمن هنا يخلق مطالبك الحقيقية الجادة وتضغط باتجاه تحقيقها وهذه طبيعة الاستمرار التي ستحسن الأمور.
المطالب الواقعية والمعقولة التي تحدثتم عنها أليست من طبائع العمل السياسي الراهن؟
- وهذا ما يتحقق منها الآن، فمساحة التعبير الآن أوسع من ذي قبل، وإلى درجة كبيرة موجودة لدينا تعددية سياسية، ولا أقصد التعددية وفرص وصولها للسلطة فهذا الأمر محدود الآن، لكن في البحرين توجد أحزاب عاملة وناشطة। تطوير المجتمع المدني وإشاعة الحريات والحقوق السياسية ينبغي ان يكون بصيغة نشطة ضاغطة على الدولة وصاحب القرار، وضاغطة على من يحتكر القرار والثروة حتى تنتج، وإذا لم تكن ضاغطة لا ينتج عن نشاطها شيء. عليها ان تستخدم كل الأدوات البرلمانية والسياسية و الشعبية، لابد ان تفعل كل الأدوات السلمية التي تخلق دفعا حقيقيا بحيث لا يكون الدكتاتور أو المستبد في درجة دكتاتوريته واستبداده.
الشيعة الآخرون
ما خططكم التكتيكية مع الإسلاميين الشيعة الآخرين مثل تيار الشيرازي (يقوده محمد علي محفوظ رئيس جمعية العمل الوطني الإسلامية) وتيار الشيخ سليمان مدني (جمعية الرابطة )؟
- نتعامل مع الجميع لغرض التوصل إلى طرح سياسي كتبناه في البرنامج العام والبرنامج الانتخابي وإذا كان هؤلاء الناس مؤمنين بمبادئ جمعية الوفاق ونظامها الأساسي ورؤيتها وأهدافها فالدعوة جاءت في الأساس لأن نكون كيانا سياسيا وجسدا واحدا، وإذا يوجد من له وجهة نظر في الأهداف أو في الآليات ويريد ان يكون جزءا من هذا الكيان سنحتفظ له بحقه ان يكون جمعية أمل أو في 'الرابطة' وحركة حق، أو أي حركة مستقبلية تعتقد ان هناك رؤية أخرى مخالفة. من يريد ان يكون مع 'الوفاق' أو يتحالف معها سنكون منفتحين له. ان كل قوة 'الوفاق' تنحصر في انها تدعي امتلاك رؤية تستطيع ان تجعل من البحرين أفضل اقتصاديا واجتماعيا وعلى مستوى الحريات والمشاركة في القرار وتوزيع أكثر عدالة للثروة وبالتالي نقول هذه حلولنا السياسية، فإصلاح الدستور سينعكس بإيجابياته على مختلف القضايا نقاط الخلاف، وهي ان حقوقنا كمواطنين ستكون متساوية من دون تمييز بين هذا الدين أو المذهب أو العرق، ونضخ في البلد روح المواطنة التي سيكون لها الأثر في ان يكون الرجل والمرأة في مكانهما المناسب، انتاجية المواطن تزداد وكل مؤسساتنا الرسمية تنشط أكثر، هذه الفكرة ندافع عنها أمام السياسات التي تكرس السلبيات الموجودة والفساد المالي والإداري والمحسوبية والمناصب. نحاول إقناع أكبر شريحة ممكنة في مجتمعنا، فاما ان يكون معنا في 'الوفاق' أو يبقى لحاله، وندخل في تحالفات رباعية أو سداسية ونأمل ان تنشأ مثل هذه التحالفات في البرلمان وتتوسع. رؤيتنا مثلا، ان التجنيس في البلد ينبغي ان يصب في مصلحة المجتمع، يجب ألا يصادر حقوق هذا الجيل والأجيال القادمة وفي الحصول على الأرض وفي السكن والحصول على الوظائف والخدمات الجيدة وهكذا في سائر الملفات. نأمل ان تجد رؤيتنا توافق في المجتمع وتأخذ طريقها للتنفيذ والتحقيق وبالتالي تحسين الواقع.
مقلقات الدستور
قلتم حينما نصلح الدستور، فما الذي يقلقكم أكثر في الدستور الحالي؟
- الدستور شبك السلطات الثلاث وأدخلها بعضها على البعض الآخر، نحن نطالب بفصل السلطات। الآن الملك هو رئيس مجلس القضاء الأعلى ويعين نصف السلطة التشريعية ويمارس صلاحياته المباشرة بواسطة وزرائه، وفي نفس الوقت الملك ذات مصونة لا تمس. ملاحظتنا هي ألا تزيد السلطات التنفيذية على شخص لا يساءل، هذا لا يجوز، انك تخلق سلطة تنفيذية وهي جهة قابلة على المساءلة وحين نفصل السلطات سنجرد السلطة التنفيذية حق تعيين السلطة التشريعية كما يحدث الآن، تأتي بالانتخابات وتملك صلاحية التشريع. هذه الحكومة لديها بشكل أو بآخر صلاحيات تشريعية. فالحكومة يمكن ان تقدم الموازنة على سبيل المثال، كما حدث في المرة الماضية بصفة الاستعجال حسب المادة 87 التي توجب مجلس النواب النظر فيها في غضون أسبوعين، وإذا لم يرد تنتقل الميزانية إلى مجلس الشورى وإذا لم يرد تنتقل إلى المجلس الوطني لمدة أسبوعين آخرين ثم تصدر بمرسوم له قوة القانون. اننا في البرلمان حين نريد مناقشة مادة واحدة بقانون نحتاج إلى مدة أطول، فكيف نمرر القوانين المالية المهمة في أسبوعين. هل من المعقول ان تطلب من البرلمان المصادقة على الميزانية في هذه الفترة القليلة. هنا أعطيت لنفسك صفة تشريعية ودخلت على باب التشريع من خلال مادة ليس لها مثيل في أي دستور من دساتير العالم. الحكومة تصوغ القوانين॥ على أي أساس؟ المادة 92 من الدستور تقول إذا تقدم عضو أو أكثر بمقترح لقانون عرض على المجلس ووافق عليه من حيث المبدأ، وأحاله إلى الحكومة لوضعه بصيغة مشروع لقانون، ولها ان تعيده لدورة الانعقاد أو الدورة التي تليها، ما هذا؟ نحن سلطة تشريعية نحترم انفسنا، احترموا انفسكم كسلطة تنفيذية.. هل ان السلطة التشريعية عاجزة عن صياغة القوانين، لماذا يحصل هذا، هو ذا التداخل الذي نتحدث عنه. لذلك نريد سلطة تشريعية منتخبة تتولى التشريع والرقابة.
هل طموحكم الوصول إلى النموذج البريطاني؟
- نعم طموحنا الوصول إلى النموذج الديموقراطي في فصل السلطات. وطموحنا السياسي، سميه بعيد المدى الوصول إلى الملكية الدستورية، الملك هو الملك يستمر ملكه في أسرته، أما السلطة التنفيذية فينبغي ان تفرز من السلطة المنتخبة. الملك يرشح والمجلس يصادق، أي صيغة للملكية الدستورية. هذا لا نستطيع التحدث عنه اليوم أو غدا، ولكنه يبقى أفقنا السياسي. وهذا الحل الحقيقي لمشاكل الناس كما نراه.
انتم محسوبون مع التيار المؤيد لولاية الفقيه الذي يحسبه البعض الأكثر انغلاقا في العالم وكحركة متهمون بإقصاء الآخرين، ما ردكم على هذه الاتهامات؟
- ما أسهل من ان توجه الاتهام للآخر ولكن من أجل ان يكون لاتهامك مصداقية عليك ان تعطي الأدلة الفكرية والثقافية، ما دليل هؤلاء الذين يتهموننا بذلك، ان فكري مكتوب وأتحدث عنه ليل نهار ولدي ممارسات، هذا الكلام لا يتعبنا. نحن نعتقد أن من حق كل الرؤى ان تتواجد في ساحة العمل السياسي ومن حق كل المذاهب والأفكار ان تتنفس وتتحرك والحكم هو الإرادة الشعبية التي نحترمها. فإذا جاءت هذه الإرادة وقالت اننا لا نريد لجمعية الوفاق المتدينة ان تقود البرلمان وتطالب برؤية أخرى علمانية سنحترمها جدا.
لكن من خلال تجارب الدورة البرلمانية الحالية، ظهرتم في بعض التفاصيل كما حدث في ربيع الثقافة، كتيار محافظ، شأنكم شأن السلفيين ووافقتم جمعية الإصلاح؟
- المحافظة والانفتاح هي عناوين توقع في الالتباس। في توجهنا الأساسي ندعو الناس إلى الالتقاء بإرادة الله وهذه فلسفتنا الأساسية، معتقدين أن الالتقاء بين الفرد والمجتمع وفق إرادة الله تحقق السعادة الدنيوية وندعو الناس إلى ذلك. كيف ستصنفني محافظ أو غيره، لكن الفكرة الرئيسية التي تحركني هي كما ذكرت. في موضوع ربيع الثقافة جاء الأخوة وقالوا حصلت تجاوزات في واحدة من ممارسات المهرجان، ونريد إجراء تحقيق، ما المشكلة في ذلك، حسنا، قلنا لهم، توكلوا على الله وأجروا التحقيق. هل وصلت الثقافة إلى مرحلة من القداسة بحيث لا يمكن ان يرد عليها، ما هذه الفكرة؟ هل كل ما يصدر عن الثقافة بعناوين الأدب والفن والغناء صار مقدسا لا يجوز التساؤل حوله؟ هل وصلنا إلى هذه المرحلة؟ فإذا اجبتني ب'لا' سأقول لك لماذا إذا كل هذه المشكلة.
انشغلت الدنيا والإعلام والبرلمان في أمر هذه المسرحية كأنها الهم الوطني الأول؟
- من شغل الدنيا؟ انا أيضا أسأل: إذا وقف إمام الحرمين وتكلم في مكة والمدينة على منبر في بيت رسول الله، أليس من حقنا ان نسأله ونحاكمه ونقول له ان كلامك غلط أم ليس من حقنا؟ أليس كل يوم تثار بأن الخطبة في المجلس الفلاني تجاوزت حدودها؟ ألم نعط لأنفسنا القول له انك على خطأ وتفكك المجتمع ولا تلغي الآخرين وتقصيهم وهو إمام مسجد يفتتح كلامه باسم الله الرحمن الرحيم وقال الله تعالى، فمن أعطى القداسة لأي نص فني أو ممارسة فنية بالا تحاكم أو تسأل؟ لم يصادر أحد الثقافة ولا الأدب ولا مشاعر الناس نحن ميالون بطبعنا لمعرفة الحقيقة.
ألا تعتقد أن التحقيق حصل كاتفاق بينكم وبين كتلتي 'المنبر' و'الأصالة' كنوع من المحاباة لتمرير استجوابكم لوزير الصحة؟
- كان ثمة توافق سابق في شأن ملف الصحة، ولا نحتاج إلى اتفاق. وطرحت كل الكتل أن هناك ملاحظات في هذا المجال، المسألة بسيطة جدا، قالوا ان هناك مخالفات نريد إجراء تحقيق، هل أقول لهم لا تجرون تحقيقا؟ من أي منطلق؟ هم أصحاب مشروع أخذوا المبادرة وسياستنا تفعيل الأدوات البرلمانية، فلتفعل، وكل الذي طلبوه تحقيقا في القضية، أين المشكلة في ان يطلب أحد ما إجراء تحقيق. الذين هندسوا ربيع الثقافة هذا الذي قدموه، انتم من جهتكم ما الذي قدمتموه للثقافة غير المهرجانات الخطابية والاحتفالات الدينية؟ - هي ليست مهرجانات ثقافية بالمعنى الذي تقصده، فنحن ننطلق من رؤية دينية، يأتون ويعملون فرق انشاد ومسرحيات اجتماعية وذات دلالات دينية واناشيد انسانية هذا النوع من النشاطات التي نمارسها، وما ان بدأ المجتمع يتنفس سنحاول العمل في مجالات الشعر والأدب।
هل صحيح ان المسافة بينكم وبين الموالاة بدأت تقصر بحيث صارت غير موجودة؟
- بيننا وجهات نظر مختلفة في القضايا السياسية واللائحة الداخلية و اعتقد ان خطاب الوفاق لم يتراجع عن ثوابته الوطنية التي أعلنها قبل قيام التجربة الإصلاحية مرورا بمرحلة الميثاق وحتى الآن. لا زلنا نتكلم عن الانتقال السلمي للسلطة وعدالة الدوائر الانتخابية ونعارض التمييز والتجنيس ومشاريعنا ومواقفنا البرلمانية في هذا الاتجاه.
الحرب الرابعة
واحدة من القوى الكبيرة في المنطقة التي ذكرتها تأتي إيران التي بدأ الحديث يكثر عنها هذه الأوقات، انتم في البحرين حتى من الناحية الجغرافية قريبين من حرب قد تحصل، فما استعداداتكم لحالة طوارئ كهذه؟
- ثلاث حروب مدمرة لم تجلب اي فائدة، أحيانا يمكن ان نجني من الحروب بعض الحلول، ولكن حروب الخليج المتتالية كانت خسائرها هائلة। علينا منع وقوع الحرب ضد إيران حكومات وشعوبا وقوى سياسية। لا نريد ان نكون جزءا من الحرب الرابعة وأدعو الحكومات الى ان تخبر الولايات المتحدة بأنها ترفض الحرب وتقول للحكومة الإيرانية ان عليها إعطاء الضمانات لأن يكون برنامجكم النووي سلميا لكي لا تعطوا الذريعة لأحد بمهاجمتكم.
ضد الدولة المذهبية
البحرين دائما تتأثر بما يحيطها، فما تداعيات التغيير في العراق على وضعكم بعد ان سيطرت الأغلبية الشيعية على مقاليد الحكم هناك؟
- مع شديد الأسف ان الأمور تنطلق من ابعادها الطائفية لأن ذلك يؤسس إلى صراع فإذا يوجد من يفرح بأن رئيس الوزراء أصبح شيعيا وليس لأن ذلك هو استحقاق برلماني شعبي وديموقراطي فهذا يقود إلى صراع لا نهاية له. في العراق يوجد محيط يؤثر فيه، كما انه يتأثر به أيضا. اعتقد ان النظرية التي يمكن ان تنجح هي حركة الشعوب وإرادتها في اتجاه اختيار حكوماتها، إذا كان الذي تحقق في العراق هو إرادة حرة للشعب العراقي في ان يختار فلان أو فلان فسنكون سعداء، أما ان يكون التقسيم بناء على استحقاقات لطوائف معينة فهذا أمر لا أحبذه لأنه سيدفع ببلدي وبالبلدان الإسلامية إلى تطاحن بلا نهاية. ليس أمامنا من خيار انشاء دول مذهبية لا للسنة ولا للشيعة.