السبت، 12 يوليو 2008

العربي الذي أرعب روسيا

خطاب في غابات الشيشان "الصورة ليست بعدسة المدوّن"


" أنا جندي الله ولا توجد لدي مهنة أخرى ". على هذا النحو يحلو لخطاب التعريف بنفسه. عمره 29 سنة ، مقاتل على درجة عالية من الكفاءة وأصبح قائد " جيش داغستان الإسلامي " بعده عينه باساييف مساعدا له ، حتى اغتالته المخابرات الروسية بعملية خاصة دست السم فيها برسالة كان أبو الوليد وجهها له ( اغتيل أبو الوليد الغامدي في 2004 ).
قال خطاب عشية اندلاع المواجهة العسكرية في داغستان : " أريد أن أتوجه الى الجميع الذين يظنون أن الحرب الشيشانية انتهت بأنهم على خطأ كبير. يعرف تاريخ الجبليين المسلمين الكثير من الشواهد على أن الكفار يطالبون دائما بالهدنة ومن ثم ينقضونها ". ويستبعد خطاب كلمة السلام في حديثه مع " الكفار " ويركز على مصطلح الهدنة.
وجاء في التقرير السنوي الذي أعدته وزارة الخارجية الأمريكية والمرسل الى الكونغرس الأمريكي والخاص بقضايا الإرهاب عن سالم حبيب عبد الرحمن المعروف بخطاب ما يلي : " المجاهد العربي والمحارب في الشيشان والمرتبط بشكل وثيق مع أسامة بن لادن ". ويفيد التقرير بأن " المقاتلين في شمال القوقاز يستلمون الأسلحة ويتدربون في مراكز الإسلاميين الذين تربطهم صلات واسعة مع الإرهابيين في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا ".
… ينحدر خطاب الذي اكتسب في سنوات الحرب الشيشانية كنية " العربي الأسود " من قبيلة بدوية تمتاز بالارتحال المستمر. ولهذا السبب يقدم نفسه للصحفيين كسعودي. غير أن الطريق الى هذين البلدين والى كل البلدان الأخرى مسدود بوجهه بموجب أوامر صدرت عن الانتربول بناء على طلب من وزير الداخلية الروسي الأسبق أناتولي كوليكوف.
وكان خطاب قد ترعرع في عائلة ميسورة الحال وتشبع منذ ذلك الوقت بالأفكار الراديكالية. وحسب معطيات مركز فريمان للأبحاث والدراسات الواقع في هيوستن الأمريكية تلقى خطاب الدروس العسكرية والدينية المهمة في باكستان في إحدى مراكز تدريب المخابرات الباكستانية وأصبح فيما بعد مدربا للمجاهدين الأفغان ومن ثم الطاجيك.
حارب خطاب القوات السوفيتية في أفغانستان جنبا الى جنب مع بقية الأفغان العرب ، لكنه نقل نشاطه بعد أفغانستان الى الشيشان. واستطاع البروز على حساب بقية القادة الميدانيين الشيشان بعد نجاحه في تدمير قافلة مدرعات روسية قرب قرية ياريشمردي. وكان قبلها قد أسس مدارس دينية لنشر أفكار الجهاد الدولي وألحق بها مراكز تدريب للمقاتلين الجدد. وكانت هذه تضم 100 تلميذ كحد أدنى على الدوام. حتى وصل عدد الذين تخرجوا من بين يديه أكثر من ثلاثة آلاف مقاتل مهيئين بشكل عالي جسديا وفكريا.
مصادر أموال خطاب غير معروفة جدا ، لكن مصادر شيشانية تؤكد بأن الحصة الأكبر منها تصل إليه من الخارج وهو لا يمتلك أموالا شخصية.
ويظنون في الوكالة الدولية " بينكيربون غلوبال إنتيليغينس " الواقعة في ولاية فرجينيا الأمريكية بأن خطاب يمول في الوقت الحاضر كل معسكرات التدريب الشيشانية ومركز التدريب الواقع في بلدة سيرجين يورت حيث يقوم بالإشراف على التدريب هناك أفضل المجاهدين الذين تخرجوا من حروب أفغانستان والشيشان والبوسنة.
وتفسر علاقة خطاب الوثيقة مع شقيقه بالتبني شامل بساييف كونهما تدربا معا في الفترة ما بين أبريل - يوليو 1994 في معسكر للمجاهدين يقع في بلدة خوست الأفغانية كانت الولايات المتحدة قد أنشأته خلال الحرب الأفغانية - السوفيتية وأغلق لفترة طويلة حتى الوقت الذي سيطرت فيه حركة طالبان على هذه البلدة في عام 1996 وفتحته مجددا للإسلاميين وخاصة جماعات بن لادن.
وأصبح خطاب منذ تلك الأشهر بالنسبة لشامل بساييف رمزا لـ " الأممية الإسلامية " في القوقاز. وفي ديسمبر 1997 وفر بساييف عندما كان رئيسا للوزراء حينذاك لخطاب السقف من أجل الغارة على مدينة بويناسك الداغستانية. وحسب مصادر روسية وأمريكية فأن بساييف وخطاب وفرا 25 مليون دولار لدعم الإسلاميين في داغستان قبل الشروع بتنفيذ عملية بوتيلخ.
وبعد اصطدامات غوديرميس بين السلفيين والصوفيين أصدر الرئيس أصلان مسخادوف مرسوما يقضي بطرد خطاب من الشيشان حيث كان رأس الرمح في هذه المواجهة. وفي هذه اللحظة أعلن والد شامل بساييف خطاب ابنا له الأمر الذي أفرغ مرسوم الرئيس من محتواه. وبعد حصوله على الجنسية بناء على انتمائه الى آل بساييف ولكي يعطوه الزعامة في داغستان في المستقبل تم تزويجه من داغستانية من أصل دارغيني من سلفيي قرية قره ماخي وسكنا منذ عام 1997 مدينة عروس مرتان ، ذلك لأن تقاليد العشائر القوقازية تحرم على الغريب من فرص الترقي والاختلاط بالمجتمع. غير أن خطاب أدرك ذلك ووجد له أبا وزوجة من بينهم وعمل كل شيء جعله يتحول في عيون القادة الميدانيين ذوو النفوذ الى حامل " إرادة الله " كما وصفه مرة بساييف نفسه الذي لم يمتدح شيشانيا واحدا من قبل حتى جوهر دوداييف.
أدى ظهور " العربي الأسود " الى تغيير قواعد اللعبة القديمة وفرض لعبة جديدة على الجميع قبولها. وكان موقف القائد الميداني سلمان رادوييف الذي أعلن نفسه خلفا رسميا للمضي على هدى " طريق دوداييف " والذي أطلق على أنصاره " جيش دوداييف " متحفظا ويقظا من أفكار " الأممية الإسلامية " التي حاول خطاب توطيد مواقعه على أساسها. ولأن رادوييف نصيرا فطريا ومتعصبا لـ " تصدير النزعة الانفصالية " الى داغستان ، وقع في ديسمبر 1997 معاهدة تعاون وتضامن غير معلنة مع سلفيي داغستان. تبعتها فورا الغارات التي اشترك بها السلفيون الشيشان والداغستانيون بقيادة خطاب على بويناسك ومن ثم اضطرابات محج قلعة التي استولى فيها نادر خاتشالايف على مقر مجلس الدولة. غير أن العمليتان فشلتا وهزم " اللواء الأممي " في داغستان الأمر الذي أدى الى تفاقم الوضع داخل المجموعات الشيشانية المسلحة. وطالب الرئيس مسخادوف بعد المصادمات بين الوحدات الموالية له وتشكيلات عربي بارييف الذي أيده فيها السلفيين الداغستانيين ( صرع فيها أكثر من 80 شخصا ) بنفي خطاب من الشيشان. وبعد إصدار المرسوم الرئاسي بيوم واحد تمت محاولة لاغتيال مسخادوف نجا منها بأعجوبة. وأصبح بعد هذه العملية واضحا لمسخادوف بأن القادة الميدانيين لن " يسلموا " خطاب. واستسلم الرئيس الشيشاني للأمر الواقع الذي فرضته العبوات التي لا يتم نسفها الا في الوقت الذي يمر فيه موكبه.
وقام خطاب بثلاث محاولات لاحتلال قرية قره ماخي مسقط رأس زوجته. تمت الأولى في ديسمبر 1997 عندما ترأس فصيلة من السلفيين الشيشان والقره ماخيين والتي قامت بالغارة على بويناسك. والثانية خلال اضطرابات محج قلعة في مايو 1998. وأصبح التدخل في بوتليخ في أغسطس الماضي محاولة أخيرة. ومن وجهة النظر السياسية تعتبر المحاولات الثلاث فاشلة حيث لم يلق أي تأييد من السكان المحليين ، بل وحمل البعض منهم السلاح وحارب الى جانب القوات الروسية "المحتلة".