الأربعاء، 27 فبراير 2008

أحمد الجلبي - عضو مجلس الحكم


بغداد - د . جمال حسين علي:


في حوار الساعات الست ، قال كل منا ما يستطيع قوله ولم تمر دقيقة واحدة في هذه الساعات دون أن يقول الدكتور أحمد الجلبي رئيس المؤتمر الوطني العراقي وعضو مجلس الحكم المنتهية أعماله ، أشياء مهمة و جادة ، في مظهرها وجوهرها.
كان حديثا استذكاريا وللنبرات حديثها ، إن سرت في تذبذبات الحوادث ، فلم يمانع في كشف أكثر الأسرار عمقا وأوجع لحظات المواجهة ، في حالة من الغضب والهدوء ، السخرية مرة وتزايد مراوح الأعصاب ، عندما تتكاثر خناجر الأصدقاء قبل الأعداء.
وكتجول في مروج وحقول قمح ، رحنا سوية نستعرض النشوء والارتقاء لأوسع حركة معارضة لأقسى نظام ، رواية بلسان واحد من أبرز لاعبي الأدوار الرئيسية عن العمليات العسكرية ضد النظام من الشمال والجنوب ولملمة كل الجهود في سبيل إنجازها من زاخو حتى العبدلي ، عن السابقين واللاحقين ، المنتصرين والراحلين دون أن يعرفوا بموعد الانتصار ، عن تردد اللحظة الأخيرة ومشاكسات عملاء الوكالة المركزية. خطط الملوك والثوار والضباط ودسائس الموظفين وخدام الدواوين، انقلابات طرحت نفسها قبل التنفيذ ولحظات نشوة ما أن تعبر الضفة الأخرى من الوطن توزع الخبز والحرية.
هذا الحوار الماراثوني والذي أبدى فيه الدكتور أحمد الجلبي مهارة في نسج الجواب على السؤال وقدرة جسمانية وفيزيائية ونفسية على تحمل مرارة الاستذكار وجرأة كشف الأوراق ، بمثابة العربة التي حملت أسرار العراق ما قبل وما بعد رافعا اللثام عن المخطط السري الأمريكي للسيطرة على العراق الى الأبد ، موضحا الخطوات التنفيذية التي أجراها بول بريمر قبل ايام من رحيله لتبقى الولايات المتحدة ماسكة بقوة بكل خيوط اللعبة والحياة العراقية.
تفاصيل مثيرة أزاح الستار عنها بجرأة عن فضيحة كوبونات النفط والخروقات التي تورط بها القائمون على برنامج " النفط مقابل الغذاء ".
وحول الدقائق العاصفة التي تعرض لها بيته للانتهاك والضرب تحت الحزام الذي قال بأنه توقعه ، في مداهمة المقاولين والشرطة المستأجرة لبيته ومقر تنظيمه وما تبع ذلك من تطورات خفت بعد إقالة عدوه الأول جورج تينيت.
تفاصيل اللقاء مع الأسير صدام في حمام المطار الذي لا يزال يحمل أسمه في خرائط الطيران والأسى الذي خلفته مناظر بغداد المدمر للأبن العائد بعد غربة طويلة.
بلا مساورة شك ولا يقين مجسم ، نقدم لكم الدكتور أحمد الجلبي في خلوة سياسية – إنسانية ، من الصعب جدا أن يكررها أحد معه ، أو يعيدها هو مع أحد ، في هذا النقاش الاستثنائي ، الطويل ، المنصهر مع الأحداث التي سجلت والأخرى المكتوب علينا البحث عنها في المدى.

^ هل تؤيد الرأي القائل بأن " المؤتمر الوطني " الآن أقوى من أي وقت سابق ؟
= نعم ، فالمؤتمر الوطني من أنجح المؤسسات السياسية ، لأنه حقق جميع ما في برنامجه السياسي. وعند تأسيس المؤتمر كانت هناك ثلاثة أهداف : الأول ، إسقاط النظام الدكتاتوري والثاني إقامة حكومة عراقية انتقالية تسعى ، وهي ملتزمة ، لإجراء انتخابات نيابية ديمقراطية حرة لتأسيس نظام ديمقراطي فيدرالي تعددي في العراق وثالثا ، تقديم صدام وجماعته للمحاكمة. هذه كانت أهداف المؤتمر عند تأسيسه وقد تحققت جميعها ، وأصبح ذلك واضحا للعيان أمام الشعب العراقي ومن الجلي أن للمؤتمر الوطني دورا رئيسيا في إقناع الولايات المتحدة لإرسال جيوشها لتحرير العراق.
^ فلنتوقف في عام 1992 عندما اختارتك الأحزاب والشخصيات السياسية العراقية بالإجماع رئيسا للمؤتمر.
= لم يكن بالإجماع ، فقد انتخبني 17 طرف وصوت ضدي 4. وكان المرشح الآخر المرحوم هاني الفكيكي الذي أصبح رئيسا للمجلس التنفيذي بعد ذلك.
^ من الأربعة الذين صوتوا ضدك ؟
= المرحوم طالب شبيب والمرحوم هاني الفكيكي وستار الدوري موجود في لندن والرابع نسيته. هذا حصل في مؤتمر صلاح الدين الأول عندما اجتمع المدلس التنفيذي لانتخاب رئيسه.
^ هل تعتقد بأن مؤتمر صلاح الدين كان من أنجح مؤتمرات المعارضة ؟
= كان ناجحا وولدت فيه تطلعات المؤتمر الوطني والخطاب السياسي العراق الذي هو حتى الآن فاعل في المجتمع العراق وكطريق للعمل السياسي في العراق بعد التحرير ، وهذه الأفكار هي التي سادت وانعكست في البنود الجيدة في قانون إدارة الدولة. لذلك فأن المؤتمر كان الفكرة الأساسية التي ساهمت بشكل كامل في إسقاط صدام ووضعت الإطار السياسي لعملية ما بعد صدام الذي يتحقق الآن.
^ حققتم أهدافكم الاستراتيجية التي أشرتم إليها ، والمؤتمر الوطني العراقي بدأ قويا بالتحالفات بين أحزابه الهامة ، غير أن هذه التحالفات انتهت الآن ؟
= الخطاب السياسي لم ينته ، وثمة غموض في كيفية عمل المؤتمر الوطني. فالمؤتمر كان تحالفا لأحزاب سياسية كبيرة وعناوين كبيرة ، والمفروض أنها كانت تقدم ، فضلا عن التأييد السياسي لأفكارها ، الدعم والمساهمة العملية في الصراع ضد صدام.
من أجل البقاء
^ هذا المفروض !
= لكن أتضح أن الأحزاب السياسية والتنظيمات التي كانت تعارض صدام كانت منهمكة بالصراع من أجل البقاء. ومنشغلة في تأمين الموارد لأفرادها وتشكيلاتها ولم تتمتع في البداية بالفائض من الإمكانيات لكي تدعم المؤتمر. وقد بان هذا الأمر بسرعة ، ناهيك عن الدلائل ، على أن هذه التشكيلات ، لم تنجح في إنشاء تحالف فاعل ، بالرغم من محاولاتها العديدة في " جود " و " جوقد " ( مختصر الحروف الأولى لأسماء الجبهات التي ضمت العديد من الأحزاب السياسية العراقية في ذلك الوقت – ج ) وجبهة العمل المشترك ، فلم يتم تحشد دعم سياسي للأطراف المناضلة ضد صدام ، لذلك لم تستطع البقاء.
^ ما السبب ؟
= الأحزاب والمفردات بقيت ، غير أن التحالف بقى أسما فقط بلا أثر. وعندما تبينت هذه الحقيقة لنا وكل العاملين في المؤتمر الوطني ، حصل القرار على أن المؤتمر سيعمل كمؤتمر بإمكانياته مع المحافظة على التأييد السياسي للأحزاب. فالمؤتمر اتجه نحو تكوين أجهزة : إعلامية و استخبارية وعسكرية وتعبوي لمقاتلة صدام. بعد أن تحقق هذا الأمر ، استفادت الأحزاب المنضوية في المؤتمر من ذلك ، غير أنها في الوقت نفسه ، وبسبب انخراطها في التنظيم السياسي وهيئات المؤتمر ، برزت لديها الحساسية وما يمكن وصفه بـ " التوتر البناء " ، بين جهاز المؤتمر ، كجهاز فاعل في الإعلام والاستخبارات والأمن والقضايا العسكرية ، وبين الهيئات السياسية للمؤتمر ، التي هي الأحزاب المنفردة التي وجدت هناك. فتارة تستفيد هذه الأحزاب من وضع المؤتمر وإمكانياته المذكورة ، وتارة أخرى ، تتبرم بحجة أن هذه الأعمال تجري دون علمها أو سيطرتها.
^ ألم تتفقوا على آلية تمنع ذلك ؟
= لم يكن ثمة مفر من هذا الوضع ، إذا كنا نريد الاستمرار بالعمل والسير بهذا الطريق ، لأن المؤتمر لو اعتمد على الأحزاب فقط ، لكان قد لاقى مصير لجنة العمل المشترك أو " جود " أو " جوقد ". ولو أمال لحزب واحد أو أثنين من أعضاء المؤتمر ، لما نجح في مسيرته ، ولكانت الأطراف الأخرى قد اعترضت على صيغة الاعتماد على طرف واحد.
^ أي الحلول كانت الأقرب لبلوغ أهدافكم ؟
= ما اخترناه بالسير في الطريق الصعب بتفعيل الوضع في المؤتمر بواسطة التحالف السياسي للأحزاب التي هي المؤتمر ، وبين الفعاليات الرئيسية في المجالات الدبلوماسية والعسكرية والسياسية والإعلامية والاستخبارية.
البدايات الصعبة
^ أي شكل اتخذت هذه الفعاليات ؟
= مثلا ، كنا ننظم سفرات الى الأمم المتحدة لعرض طبيعة القضية العراقية ، فقد نظمنا أكثر من 22 سفرة الى الأمم المتحدة ، اشتركت فيها كل الأحزاب العراقية الرئيسية ، ولكن المؤتمر كان الذي ينظمها وليس طرف آخر. ولا أذكر أن أي هيئة أو فئة سياسية عراقية ضمن هذا التحالف ، دخلت في المضمار الدولي بالطريقة التي حققها لها المؤتمر. فهو الذي نظم الرحلات والزيارات وحصل على المواعيد ، إلى ذلك من ترتيبات ، كانت صعبة للغاية في تلك الأوقات ، وكان وجود الأحزاب السياسية ضمن وفود المؤتمر المتتالية ، طبيعيا.
مجموعة الأربعة
^ ألم يكن هناك تقريب أحزاب على حساب أخرى وكذا الأمر بالنسبة للشخصيات ؟
= أبدا.
^ مثلا ، بروز " مجموعة الأربعة " !
= لا ، غير صحيح ، فمجموعة الأربعة كانت فكرة جاءت بها وكالة الاستخبارات المركزية ، بتخطيط سياسي برأيهم يمكن أن ينفذ في العراق فيما إذا سقط نظام صدام. ولا زالوا يحاولون في هذا المجال.
^ لغاية الأيام الأخيرة التي التقينا بها قبل التحرير ، كانت "مجموعة الأربعة " هي المسيطرة على الوضع .
= هذه المجموعة نشأت في عام 2002 ، من المجلس الأعلى والاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني والوفاق الوطني ، وحاولت الاستخبارات المركزية دفعها لتستحوذ على المعارضة وتكون زاوية من ثلاث التي كانوا يرغبون في إنشائها لتتولى حكم العراق في المستقبل بعد النظام. وكانوا يطلقون على " مجموعة الأربعة " مصطلح " المعارضة الفاعلة " العراقية الموجودة في الخارج.
^ كنت تعتقد أنها كانت هي " الفاعلة " ؟
= هذه الأطراف كلها في المؤتمر الوطني ، كذلك الخبراء العراقيين الذين قاموا بتدريبهم والضباط العسكريين الذين اعتقدوا إمكانية استقطابهم ، على أساس أن عملية التغيير يمكن حصولها تحت الضغط العسكري الأمريكي. تأتي هذه الأطراف لتقول لهم أمريكا : لديكم التاريخ النضالي ويمكنكم إدارة العراق. كانت هذه فكرتهم ، ولم يحصل هذا بالطبع.
الزحف نحو بغداد
^ حاولت اسقاط النظام عسكريا بجهود عراقية واتفقت مع الطالباني والبارزاني على الخطة القاضية بمهاجمة الموصل وإعلان تمرد عسكري ضد نظام صدام ، على أن يقوم المجلس الأعلى بحركة مماثلة في الجنوب. لكن ضعف التنسيق بين الأطراف العراقية وانعدام الثقة فيما بينكم ، أدى الى فشل هذه المحاولة التي نرجو أن تحدثنا عنها !
= نعم ، هذا حصل. لكن المحاولة لم تفشل ، بل توقفت.
^ وماذا حصل ؟
= الذي حصل هو الآتي : كان تفكيرنا في محاربة صدام هو أن نقوم بمجابهة عسكرية معه في المناطق التي يضعف وجوده فيها والسيطرة على الأراضي تمهيدا للتقدم نحو بغداد مستعينين بالقوات المسلحة العراقية. كانت هذه الفكرة الأساسية لتحرير العراق من صدام من قبل العراقيين. لأن الانقلاب العسكري في بغداد حسب تقديرنا كان مستحيلا. فقمنا بالعمل على أساس هذه الفكرة.
^ فكرة ، أم تنفيذ على الأرض ؟
= نعم ، على الأرض في كردستان.
^ ما آلية تنفيذ هذه الفكرة ؟
= أنشأنا قوة عسكرية للمؤتمر من العراقيين العرب وأكثرهم كانوا جنودا وضباط في الجيش العراقي. وكانت هذه نواة القوة العسكرية للمؤتمر المدربة جيدا. والتف مقاتلين آخرين حول هذه النواة، أضف إليها قوات الأحزاب الكردية التي كانت لوحدها ومستقلة عن تشكيلات المؤتمر.
^ أين كنتم تدربونهم ؟ هل كانت لديكم معسكرات ؟
= نعم ، كان لدينا العديد من المعسكرات في شقلاوة و كلك وكلار.
^ ومن أين حصلتم على السلاح ؟
= اشتريناه.
^ ممن ؟
= من الجيش العراقي نفسه.
^ على من اعتمدتم في الجيش ؟ على الهاربين منه أم المؤيدين؟
= لا ، الكثيرين التحقوا جنودا وضباط وجدوا أنفسهم في هذه التشكيلات.
^ كم وصل عددهم ؟
= ألف شخص تقريبا والقوات التي حولها نحو 6 آلاف.
اللحظات الأخيرة
^ هل تعتقد بأن هذه الأعداد تستطيع هزيمة فيالق الجيش العراقي آنذاك والفيلقين الأول والرابع في الموصل ؟
= الفيلق الخامس كان في الموصل. زد عليهم قوات الأحزاب الكردية ، فالاتحاد الوطني الكردستاني شارك في العمليات العسكرية والحزب الديمقراطي الكردستاني رأى أن لا يشارك في اللحظة الأخيرة.
^ أرجوك دكتور تشرح لنا هذه " اللحظة الأخيرة " ووضح لنا كيف كشف أمركم !
= الذي حصل أننا كنا نعلنه ولم يكن سرا ، كنا نبشر به وهذا جزء من أساسي في خطتنا ، فالفكرة الرئيسية في صراعنا مع النظام ، هو أن ما نقوم به ليس انقلاب ، حتى نخفيه ، بل مجموعة متكاملة من العمليات العسكرية للإطاحة بالنظام ، واضحة ، ومستعد لها جيدا. وكنا نسعى بإعلاننا هذا الى استقطاب تشكيلات الجيش العراقي النظامية الموجودة أمامنا.
^ ودور قوات بدر ؟
= كان هذا عملنا في الشمال ، أما في الجنوب ، فكانت لدينا مجموعات صغيرة من المقاتلين وكانت هناك قوات بدر في إيران العراق.
^ وأين كنت ؟
= كنت في صلاح الدين ( المصيف في أربيل – ج ).
^ من كان يسيطر عليها وقتذاك ؟
= كان هناك مسعود ( البرزاني ) ، فصلاح الدين لم تخرج من سيطرة الحزب الديمقراطي الكردستاني وكان الاتحاد الوطني في أربيل في ذلك الوقت.
^ لنتحدث في عملكم في الجنوب ، لأنه غامض ولا أحد يعرفه !
= نعم. وبحثت الموضوع مع الشهيد السيد محمد باقر الحكيم.
^ أين ؟
= في طهران. وكان تنسيقنا قائما ، غير أن العنصر غير المحدد وغير الواضح هو الموقف الأمريكي من هذا الأمر. لأننا نعمل انطلاقا من كردستان العراق ، وهذه المنطقة كانت تحت الحماية الأمريكية ، لذلك فأن الأحزاب والقوى الكردية كانت حساسة جدا لما يريده الأمريكان.
^ والأمريكان كانوا محترمين جدا للقانون الدولي !
= لا ، أبدا ، كان الأمريكان يخرقون القانون الدولي باستمرار ، فتحليق طائراتهم في المنطقة لم يستند على قرار للأمم المتحدة ومنطقة الحظر الجوي خارجة عن قرارات مجلس الأمن وكانوا يطلقون النار على القوات العراقية باستمرار. الذي حصل أن الأمريكان لم يكن يمتلكون قرار إسقاط صدام.
مفارقات كلينتون
^ أين كانت العلة ؟ في الإدارة ؟
= في الإدارة الأمريكية ، في عهد كلينتون لم يكن لديها قرار لإسقاط صدام.
^ لسبب بسيط ، هو عندما جمع كلينتون المسؤولين في وكالة الاستخبارات المركزية وسألهم عن خططهم في العراق وعن البديل ، أجابوه بأن ليس لديهم هذا البديل ، أجابهم حينها : عندما تعثرون على البديل تعالوا هنا وانفض اللقاء على هذا النحو. لماذا لم يكن لديهم البديل؟
= لم يكن لـ " سي آي إيه " رغبة في إسقاط صدام ، ولم تشأ تحمل مسؤولية إسقاط صدام.
^ لماذا لم يذكروا ذلك لكلينتون ؟
= أنتم لا تعرفون هذه الأمور ، دعني أوضح لك : كلينتون اعتبر العراق مشكلة ورثها عن بوش الأول. مشكلة عويصة له لأنه لم يكن يؤمن إطلاقا بالتدخل الأمريكي في دول العالم الثالث ، في الوقت نفسه ، لم يستطع سياسيا التخلي عن مجابهة صدام لأن هناك قرارات مجلس الأمن وصدام يخالفها ويهدد المصالح الأمريكية. هذه المعضلة التي وجد كلينتون نفسه فيها.
^ كيف استطعت شخصيا وسط هذه الظروف انتزاع " قانون تحرير العراق " من هذه الإدارة ؟
= نعم ، لكن هذا جرى بعد زمن. ولم يكن لكلينتون قرار بإيقاف المساعدات والتعاون مع الأطراف العراقية المعارضة لصدام. ولم يكن عنده قرار بإلغاء مناطق الحماية الجوية في الشمال والجنوب ، لم يقدر أن يفعلها ، ولم يكن هذا متاحا له ولا مقبولا سياسيا في أمريكا ، في الوقت نفسه ، لا يمتلك خطة لإسقاط النظام حسب التوجه الذي كنا ندعو إليه. وقد قدمت شرح كامل لهذه الخطة لأطراف الإدارة الأمريكية في نوفمبر 1993. وجوبهت بصمت.
^ من هي هذه الأطراف الأمريكية ؟
= كلهم. الخارجية والدفاع ومجلس الأمن القومي والاستخبارات.. كل الأطراف ، قدمنا لهم هذه الخطة وجوبهت بصمت وسمعت بعدها كلام سلبي جدا وضد توجهاتنا.
نظام الأمن العربي
^ هل تعتقد بأن هذا الكلام السلبي كان ضدكم أم أنه لصالح صدام؟
= أعمق من هذا. فالموضوع يتعلق بنظام الأمن في المنطقة وتحالفات الولايات المتحدة فيها والتي تديرها الاستخبارات الأمريكية والقيادة المركزية ووزارة الخارجية. علاقات نظام الأمن مبنية على هرم ، هذا الهرم قواعده في الأرض وفي قمة الهرم سلطة ، رئيس أو ملك أو أمير ، ويرتكز الهرم على محيط مؤلف من المال وأجهزة أمن واستخبارات و إعلام تلاعبي موجه وتحالفات عسكرية واستخبارية مع أمريكا ، تأخذ طابع السرية وإدارة سياسية تعطي للناس شعور بأن هناك شيء من الاستقلال وبأن هناك حيز كبير من المناورة تنمق عن طريق هذا الإعلام التلاعبي لفرض سيطرة الأجهزة على الدولة وارتباطها بالولايات المتحدة. هذا النظام هو نظام الأمن العربي.
^ الموافق على صدام !
= قائم وموافق على صدام. غير أن صدام خرج عنه ، وكان صدام العنصر الأقوى فيه ، لكنه ركب وكبر رأسه فغزا الكويت. وكان النظام العربي يتحسر دائما ولسان حاله يقول : لماذا قام صدام بهذه الفعلة ، لماذا قام صدام بخرق هذا النظام ، كلنا سائرون في هذا الطريق. وضرب صدام بعد غزو الكويت ، أضعفه وجعله تحت التهديد المستمر وأضعف نظام الأمن العربي بشكل كبير جدا ، لم يقم منه حتى الآن. وكان إسقاط صدام بالطريق الذي دعونا إليه بحركة شعبية مسلحة تقوم بها بشكل خالص قوى المعارضة بالاتفاق مع القوات النظامية العراقية وتغيير الهيكلية الأساسية للسيطرة في العراق. هنا أنك قدمت شيء غير مفهوم لهم وأتيت بأحاديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وإلغاء الطائفية ، حديث عن الشيعة والأكراد ، حديث عن الفيدرالية ، هذه الأمور كانت غريبة عليهم ولا تزال. لذلك عندما كنا ندعو الى هذه المسائل يخافون. وكان طريقهم المفضل للتغيير هو الانقلاب العسكري. وبقوا حتى آخر لحظة ولغاية 2003 يتحسرون على الانقلاب العسكري. وكان حلفائهم في أمريكا يدفعونهم نحو التفكير على هذا النحو ، وبدورهم يحاولون التأثير على الولايات المتحدة للسير في طريق الانقلاب العسكري لتغيير النظام في العراق.
تردد اللحظة الأخيرة
^ لدينا محور منفصل عن العلاقات مع الولايات المتحدة وأتمنى لو نعود الى حديث " اللحظة الأخيرة " لتنفيذ العمليات العسكرية ضد النظام.
= هذا هو صلب تردد " اللحظة الأخيرة " ، فالأمريكان لم يكترثوا بالفكرة التي ذكرتها لك. كانوا موجودين ويساعدوننا في المجال الإعلامي ولم يساعدونا قط في المجال العسكري.
^ هل وضعوكم مجرد أدواة ضغط سياسي على صدام ؟
= كانوا يعتقدون ذلك ، اعتقدوا بأننا أداة ضغط سياسي وإعلامي فحسب ، لكن وضعنا تغير ، وذكرت لك ، بأنهم لم يتصوروا بأننا نستطيع تأسيس والقيام بعمليات فعالة.
الدور الإيراني
^ هل كانوا موافقين على ذهابك ومجيئك من وإلى إيران ؟
= يعرفون بأني أذهب الى إيران ، وينظرون الى الأمر بشك ، لكنهم لم يستطيعوا منعي.
^ كانوا إذن موافقين على دور إيراني ما !
= لم أخف أبدا علاقاتي مع إيران على أمريكا ولم أخف علاقاتي مع أمريكا على إيران. وكنت مقتنع تماما بأن صدام لن يسقط ، إلا إذا كان هناك تفاهم أمريكي – إيراني على إسقاط النظام وعدم معارضة أحد من الأطراف على هذه العملية ، وهذا الأمر لا زال قائما الآن. وعندما طرحنا فكرة إسقاط النظام عن هذا الطريق بالتحرك من الشمال والجنوب والاستيلاء على الأراضي العراقي والزحف تجاه بغداد ، كانت أحد أبوابها فيلق بدر الموجود في إيران ويعتمد عليها لوجستيا. وهو قوة عسكرية كبيرة. فالأمريكان في صيف 1994 والخريف منه وبعد أن نجح المؤتمر في إيقاف الاقتتال الداخلي بين الأكراد ، دعوني لزيارة واشنطن. ذهبت الى هناك واجتمعت بالأطراف كلها وقابلت 37 شخص في 3 أيام من كل الهيئات الأمريكية التي كانت متعطشة لمعرفة ما يجري في الداخل وتسمع مني بالذي يحصل ، بعد مقابلتي لهؤلاء ، قرروا إرسال وفد من الكونغرس ليطلع على ما يجري ورجوني أن أتواجد في المنطقة عندما يأتي هذا الوفد وأكدوا بأنهم قرروا القيام بعمل مهم للخلاص من صدام. جاء الوفد الى كردستان وكنت هناك ورافقه وفد من الاستخبارات الأمريكية.
عبور الزاب
^ ألم يكونوا موجودين أصلا ؟
= كانوا لا يأتون في تلك الأوقات الى المنطقة ولا يقيمون. هذه المرة جاء مسؤولين أمريكان ووفد من المخابرات. أجتمع وفد الكونغرس معي وباقي الأطراف الكردية وطلبوا أن يشاهدوا الجبهة فذهبنا إليها. كانت هناك منطقة تسمى كلك وهي الحد النهائي لنهر الزاب وآخر منطقة تسيطر عليها القوات العراقية النظامية وهي الحد بين صدام وبيننا. لدينا قوات هناك ، وعندما وصلنا الى هذه النقطة ، سألتهم فيما إذا كانوا يرغبون بالعبور الى الجهة التي تحت سيطرة القوات العراقية. استغربوا للغاية.
^ هل كانت القوات العراقية هناك موالية لكم ؟
= كان لدينا اتصالات معهم ، في وقتها كانت الفرقة 38 في الطرف الآخر. قال وفد الكونغرس : كيف نذهب الى ذلك المكان وهناك صدام ، سننتظركم هنا واذهبوا لوحدكم. فجئنا بمجموعة من القوات الموجودة لدينا وعبرنا في زوارق تجديف وتجولنا في القرى وكان الأمريكان يشاهدوننا.
^ عبورك الى المناطق التي يسيطر عليها صدام نسمع بها لأول مرة!
= هذه المرة الأولى التي أذكرها ، فلها سياقها في حديثنا الأصل. تجولنا في الكثير من القرى والمناطق وشربنا الشاي في ضيافة الأهالي.
^ ما الداعي لهذه المجازفة ؟
= ليست مجازفة ، لأننا نعلم ما هي القوة العراقية في الطرف الآخر وكنا نوصل لهم حتى الخبز يوميا ، لا يوجد لديهم شيء ، فلم يتعرضوا لنا إطلاقا. وعلم صدام بزيارتنا هذه وحصلت بعدها حركة تنقلات.
^ كنت تريد أن تثبت للوفد بأن لديكم إمكانيات كافية وأريتهم الدليل !
الخطة العسكرية
= أحد أعضاء الكونغرس كان ضابطا ، فقال : لا أمتلك الحل. أجبته بأننا نستطيع السير الى الموصل وكانت على مبعدة 50 كلم. وأعطيناهم الدليل بأيديهم. أما وفد السي آي إيه ، فقد ذهبوا معي بشكل منفرد الى مسعود وجلال ( الطالباني ).
^ كل على انفراد ؟
= نعم. وقالوا لهما بأننا نريد العمل على إسقاط نظام صدام ونرغب التعاون معكم ومع المؤتمر للعمل على تحقيق هذا الهدف. وسنساعدكم ولدينا اتصالات بالقوات العراقية. قالوا ذلك بالنص. بالنسبة لي عندما قالوا هذا الكلام ، اعتبرتها فرصة كبيرة ؛ أولا ، لطمأنة الأكراد بأن أمريكا لن تسحب الحماية عنهم ، وهذا أهم عامل ، وأننا نستطيع العمل بهذا المجال ، فلا ينبغي الانتظار كثيرا. عقدنا اجتماع في 13 سبتمبر 1994 مع جلال ومسعود في منزل جلال في أربيل وطلبوا مني إعداد خطة لشن عمليات عسكرية من أجل إسقاط النظام. فقمت بإعداد الخطة تفصيليا للسيطرة على مدينة الموصل ..
^ أنت الاقتصادي وأستاذ الرياضيات تعد خطة عسكرية !
= لا بالطبع ليس أنا شخصيا ، بل ضباط المؤتمر ، فقد كان لدينا مكتب عسكري فيه ضباط كبار.
^ من كان يترأس المكتب العسكري ؟
= العميد طلال العبيدي.
^ ألا يزال يعمل معك ؟
= نعم. وكان لدينا مجموعة من ضباط الأركان ، فقاموا بإعداد الخطة العسكرية ، رافقتها خطة سياسية إعلامية أمنية لمجابهة صدام في بقية مناطق العراق.
^ ماذا بعد إعداد الخطة العسكرية ؟
= أرسلتها الى الشهيد السيد محمد باقر الحكيم باليد. ولم أسمع منهم الرد.
^ لماذا ؟
= كنا منهمكين بالعمل في تلك الفترة فلم أذهب الى إيران.
^ وكيف أوصلتها للسيد الشهيد باليد ؟
= أرسلتها مع شخص سلمها له بيده.
^ ولم يصلكم أي جواب منه ؟
= كلا ، لم يجبني في ذلك الحين.
^ هل لأن لإيران التحفظ الأمريكي نفسه ؟
= لا ، ستعرف ما الذي حدث. جلال ومسعود وافقوا وقالوا إذا أمريكا تؤيد سنقوم بالعملية. مسعود كان أكثر شكا بالأمريكان من جلال. فلديه خبرة معهم عندما خانوا والده في عام 1975. أما جلال فتفاعل أكثر.
تحشدات ضد الكويت
= وأي الخطوات تبعت هذه الموافقة ؟
= في أكتوبر ( 1994 ) وصلت مجموعة من الاستخبارات الأمريكية للإقامة في العراق ولعل وصولهم له علاقة بقضية حصلت في هذا الشهر .
^ أي قضية ؟
= في مطلع أكتوبر ، صدام حشد جيش عند الحدود الكويتية. وكنا نعلم قبلها بأسبوعين بأمر هذا التحشد وأن لصدام حركة ضد الكويت. بلغنا الأمريكان بأن صدام سيحشد جيشه وأن لديه حركات ، فلم يكترثوا. إلا أن وصلنا الى يقين تام في السادس أو السابع من هذا الشهر بأن لواء عراقي مدرع كان على بعد 30 كلم من الحدود الكويتية ويستطيع التحرك خلال 12 ساعة على الكويت ، فاعلنا ذلك في الإعلام وهذا الأمر مثبت ويمكنك مراجعة أرشيف رويترز الذين أخذوا الخبر منا. في الحالة هذه ، أعلن كلينتون بأنه سيرسل 50 ألف جندي الى الكويت وبعد أن تأكدوا بأن معلوماتنا كانت صحيحة. في هذه الأوقات كانت أمريكا على وشك أن تضرب صدام ولوزير الدفاع الأمريكي وقتذاك وليم بيري رأي في ضرب صدام ، لكن مستشار الأمن القومي لكلينتون أنتوني ليك منع ذلك واكتفوا بقرار مجلس الأمن 947 .
^ هل وظفتم هذا الموضوع لصالحكم ؟
= طبعا وظفناه لصالح خطتنا ، ورأينا بأن الموقف الأمريكي سيكون أكثر فاعلية بعد أن رأوا نوايا صدام العدوانية المستمرة وشعرنا بأن الدول العربية وخاصة الكويت ستتفاعل أكثر مع هذه الخطة وعقدنا عدة اجتماعات في أربيل وصلاح الدين مع الأطراف السياسية والعسكرية وكان موجود وقتها معنا اللواء حسن النقيب وعبئنا كل الأطراف. ومن جهتهم ، أرسل الأمريكان وفد من الاستخبارات ليقيم في المنطقة بعدها بأيام. وكان من مهماتهم الإطلاع على الأوضاع وتقييم الإمكانيات. اطلعوا على ما يجري والمعلومات الكاملة التي لدينا عن أوضاع الجيش العراقي في الطرف المقابل.
اقتتال و وساطات
^ هل كانت المعلومات التي بحوزتكم " كاملة " عن الجيش العراقي ؟
= طبعا ، كاملة. كان لدينا ضباط في الفرق المقابلة لنا في الفرقة 38 والفرقة الرابعة والفرقة 16. استمرت تحضيراتنا للعملية واستبدل الأمريكان وفودهم ، وفي هذا الوقت ، استؤنف القتال بين الأكراد في ديسمبر 1994. واحتد القتال بشكل عنيف.
^ في وقت كنتم تعدون فيه العدة لقتال صدام !
= ( بمرارة ) كان موقف مأساوي بالنسبة لي وسعيت بكل جهدي لوقف القتال.
^ أنك لغاية هذه اللحظة حزين على هذا الموقف !
= بالتأكيد. الإيرانيون اتصلوا بالأطراف الكردية وقرروا إرسال وفد للتوسط وعملت لإدخال الأمريكان في وساطة أيضا. اتصلت بوزارة الخارجية الأمريكية وأخبرت وقتها مدير مكتب شمال الخليج ديفيد ليت الذي أصبح سفيرا في الإمارات ، فقال إذا تمكنت من التوصل لوقف إطلاق النار سآتي. ذهبت الى مسعود وجلال وأخذت منهم ورقة خطية بتخويلي إعلان وقف إطلاق النار وإصدار الأمر لتشكيلاتهم وقف العمليات العسكرية ضد بعضهم البعض. وصل ديفيد ليت في 20 أو 21 يناير 1995 ومباشرة أعددنا خطة لوقف الاقتتال وأمريكا كانت ترعاه. وقال لي أضمن لك مساعدة أمريكية لإنشاء قوات حفظ سلام وفصل القوات من قبل المؤتمر الوطني واستعمل العبارة ( قالها الدكتور الجلبي بالإنكليزية ) : "لك الاعتماد والثقة الكاملة من الحكومة الأمريكية ". وهذا يعتبر التزام لمساعدتكم على إنشاء هذه القوة. وعندما عاد الى أمريكا منعها جورج تينيت الذي كان في ذلك الحين يعمل في البيت الأبيض.
معاكسات تينيت
^ من هنا بدأت " قصة تينيت " ؟
= لا ، في 1994.
^ ما حجته ؟
= حجته بأن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تدخل في هذا الأمر مع الأكراد وسيحل الأمر في كل الأحوال لأننا ننظم إنقلاب عسكري ، وسيتعامل الجيش العراقي مع هؤلاء الأكراد.
^ هكذا !!
= نعم ، وهناك أدلة أخرى لم أذكرها لك.
^ أذكرها رجاء.
= نظمنا اجتماع مؤتمر للضباط العراقيين حضره 140 ضابط ، عارضوه معارضة شديدة وكانوا يتحججون دائما بأن ما افعله أنا يؤخر الانقلاب العسكري. وقلت لهم بأن الانقلاب العسكري غير موجود ووهمي، غير أنهم استمروا في هذا الطريق. وبعد انتهائنا من هذه القضية ، كانت الأمور غير واضحة فيما يخص التزام الأمريكان في هذه الأسابيع القليلة ، حصل تعرض من قبل فيلق بدر ضد اللواء 426 في العمارة واستطاعت قوة من بدر تدمير هذا اللواء بالكامل. وصلنا الخبر ، ولم يعلنه فيلق بدر ، فقمنا بإعلانه.
التحول
^ التصادم هذا كان خارج الخطة القديمة.
= لا ، للأمر صلة ، قلنا للأمريكان ، فتحمسوا. مباشرة جاءني الفريق الموجود في المنطقة وقالوا لي هذا شيء حسن ، لماذا لم تنفذوا خططكم !
^ أي أمريكان جاءوا لكم ؟
= السي آي إيه. طبعا أنا أعرف بأن المخابرات الأمريكية يكذبون ويبالغون ولكن ما يهمني أن أقوم بعمل عسكري ضد صدام.
^ لنرمي البعث الى محور " اجتثاث البعث " في الحوار.
= كنت أرى بأن العمل العسكري مهم لأن النظام مهزوز ونحتاج فقط الى التكاتف. جاءني الأمريكان السي آي إيه وقالوا :" هل سمعت بأننا احتججنا على هذا العمل ضد اللواء العراقي في العمارة. وهذا يعني أننا موافقون ".
^ لكن ثمة تبعات على هذه الموافقة ؟
= قالوا لنا : أسرعوا ! أنا في ذلك الوقت أريد أن أسمع هذا من الأمريكان ولا أريد أن أسأل عن التفاصيل.
^ تدمير لواء من يعتبر مناوشات ، وأنت لديك خطة استراتيجية.
= أسمع ، إذا تمكنت من تدمير لواء ، تستطيع تدمير فرقة ، وإذا دمرت فرقة فبإمكانك تدمير أخرى وهكذا ، لم يكن الأمر كما تتصوره كمين أو اعتراض بالصدفة ، فقد دخلوا على مقراتهم وأفواجهم ودمروها. في هذه الأثناء جاءني الأمريكان وكانوا على علم بتفاصيل ما حدث ، ومن ناحيتي اعتبرت ذلك إشارة مهمة لنا.
الاتصال بالإيرانيين
^ ماذا أراد الأمريكان منك في هذه اللحظات ؟
= طلبوا منا الاتصال بالإيرانيين ومناقشة مدى المساعدة التي يمكنهم تقديمها إلينا. كان الوقت رمضان في 11 – 12 فبراير 1995. وأخذنا نسرع من إجراءاتنا.
^ مثل ماذا ؟
= بعثت برسالة وقلت للأمريكان اقنعوا الأكراد. وبدأت سلسلة من الرحلات بين مسعود وجلال. واتصلت هاتفيا بالسيد محمد باقر الحكيم في آخر أسبوع من فبراير ، وقلت له بأننا نطلب منك إرسال وفد رفيع المستوى الى كردستان ، لأن ثمة شيء خطير.
^ هل الشيء الخطير هو موافقة الأمريكان ؟
= لا ، نريد القيام بحركة. هؤلاء ضباط في السي آي إيه قالوا هذا الكلام. أنا لا أعرف توجد موافقة من أمريكا ، لا أعرف ولا أسأل ، كل ما أريده هو أن أبدأ عمليات عسكرية ضد صدام في الشمال والجنوب.
^ وماذا كنت تنتظر ؟
= العقبة كانت أن الأكراد يعتقدون بأن الأمريكان سيعترضون. والأمريكان كانوا ساكنين عندهم ويحثونهم على العمل.
^ يعني لم يكن السبب في التأخير أو التردد المناطق الآمنة وعدم السماح في هذه المناطق بإطلاق النار ضد النظام.
= أنا لم يهمني عمل جيوب آمنة ، أنا كنت أريد إسقاط صدام.
^ أقصد من وجهة النظر الأمريكية ، هم يحمونك من صدام وفرضوا المناطق الآمنة ، في حين أنك تستغل هذه الحماية وتضرب صدام.
= ضباط الاستخبارات ( الأمريكية ) الموجودين معنا سألوني : أين الإيرانيين ؟ لماذا لم يصلوا ؟ اتصلت بالسيد باقر الحكيم ، وبعد 12 ساعة من الاتصال ، اتصل بي هاتفيا المسؤول الإيراني المكلف بالملف العراقي وسألني : ما الذي يحدث ؟ أجبته بأني اتصلت بالسيد باقر ، قال بأنه يعلم. بعدها أخبرته بأني لن أتكلم بالتلفون. قال بأنه سيرسل ضباط من طرفه بسرعة. في غضون ساعات وصلوا.
^ ما أسم هذا المسؤول الإيراني ؟
= علي آغا محمد أمين مقر نصر.
^ هل الضباط الذين بعثهم إيرانيين ؟
= نعم إيرانيين. ما أن وصلوا ، بعثت ورقة الى الضباط الأمريكان أخبرتهم بوصول الإيرانيين وبأنهم عندي لكثرة ما ألحوا بالسؤال عنهم. وهذه الورقة لا تزال عندي سأريها لك. أجابني الضابط الأمريكي بأنه لا يستطيع المجيء عندي لأن لديه اجتماع مع مسعود في هذا الوقت. أنا عرفت بأن هذا كذب ، لأنه لا يقدر أن يلتقي بهم ، لعدم وجود صلاحية لديه بعقد اجتماع مع إيرانيين والورقة لا تزال عندي بخطي وبخطه. عموما قلت للإيرانيين بأننا نشرع بالقيام بعملية عسكرية. سألني الإيرانيين فيما إذا كان الأمريكان موافقين ، قلت لهم بأن الأمريكان موجودين هنا ويحثوننا على القيام بها. وبعد انتهاء هذا اللقاء غادرنا الإيرانيين. صباحا جاءني الأمريكي وقال لي بلغ الإيرانيين الرسالة التالية. قلت له بأني لا ابلغ الإيرانيين رسائلك. قال : أنا أعلى مسؤول أمريكي هنا وأطلب منك تبليغهم رسالة. قلت له : ما هي رسالتك ؟ قال : الرسالة من البيت الأبيض وتنص على أن أمريكا لا تعارض في أن تقدم إيران مساعدة لكم في الجنوب لغرض الخلاص من صدام ، مع الأخذ بنظر الاعتبار أن الولايات المتحدة مع الحفاظ على سيادة ووحدة أراضي العراق.
^ هل هذا " باص " أمريكي الى إيران ؟
= قلت للأمريكي بأن هذا الكلام منك. قال بأنه المسؤول هنا. رددته بأني لن أقول لهم بأن هناك رسالة من البيت الأبيض ، وسأقول لهم بأن هذا الضابط يدعي أن لديه رسالة من البيت الأبيض. قال أرجوك أن توصل هذه الرسالة ، قلت له بأني لا أكلمهم حول هذا الأمر . قال : أنك تريد التخلص من صدام ، لماذا لا توصل الرسالة ؟ عندها أجبته : لأن جماعتك سينكرونها ! وسألته : لماذا لا تخبر الإيرانيين بنفسك ؟ قال بأنه لا يقدر. ومن ثم اقترح : فليراني الإيرانيين وقل لهم بأن هذه الرسالة أنا بلغتك بها.
للنظر فقط
^ يعني يرونه فقط ولا يستطيع الحديث معهم ، هل ستقول للإيرانيين بأن هذا أخرس.
= قلت له تعال ، كان مقرنا في فندق.
^ ما أسمه ؟
= فندق الخضراء في صلاح الدين.
^ أعرفه ، كيف تحملت العيش فيه ؟
= صلحناه وصار زين. وهو مقرنا وليس سكني. توجد فيه غرفة التي هي مكتبي وغرفة ملاصقة للاستقبال ، بقى جالسا في غرفة الاستقبال عند باب مكتبي وعندما جاء الأمريكان قلت لهم : أنظروا له هذا هو الأمريكي ! في هذه الأثناء وصل لنا وفد من السيد باقر الحكيم ، شرحنا لهم الأمر وجلسوا مع الأمريكان لسبع ساعات وشرحوا لهم كل تفاصيل القضية.
^ يعني لماذا الأمريكان حللوا الجلوس مع جماعة السيد باقر ؟
= على أساس أنهم عراقيين. شرحوا لهم كل شيء.
^ بما في ذلك خطتك العسكرية ؟
= طبعا. شرح الأمريكان لوفد المجلس الأعلى كل شيء.
^ وماذا كان انطباعهم ؟
= اقتنع وفد المجلس الأعلى بأن شيء كبير يحصل ومع ذلك قلت لهم وللإيرانيين بأن هذا الأمريكي يدعي بأن البيت الأبيض قال كذا وكذا.
^ من تتذكر من وفد المجلس الأعلى ؟
= أعرفهم طبعا ، أحدهم موجود هنا.
^ من ؟ هذا نضالكم واليوم أصبح تاريخكم الذي ينبغي أن تفتخرون به.
= نفتخر به والشخص موجود ومعروف ، نسأله إذا يقبل نخبرك فهذا الأمر يخصه في النهاية.
^ ما رد فعل الإيرانيين ؟
= عندما سمعوا الرسالة لم ينتظروا ورجعوا ركض مستبشرين بأنهم سيجلبون لنا تأييد باشتراك فيلق بدر معنا بالقتال. ومن جهتنا بدئنا بتعبئة قواتنا في الجنوب وقمنا بخطوات هامة.
تسلل الى الكويت
^ ما هذه الخطوات الهامة ؟
= قلنا للأمريكان بأننا نريد إرسال أبو ضياء ( المياحي ) الى الجنوب لتوسيع عملياتنا ، لذلك نريد له قاعدة دعم من الكويت. أجابنا الأمريكان بأن الكويتيين مستعدون لاستقباله إذا دخل الى الكويت من العراق ! قلنا لهم لماذا هذا التصعيب ، فلنرسله بالطائرة وندخله من جديد الى العراق. قالوا : كلا . لن يستقبله الكويتيين في المطار ، لكنهم يستقبلوه عند الحدود وطلبوا بصمات أصابعه العشرة. أخذنا بصماته وأرسلناها للكويت ووضعوها عند نقطة في الحدود. بعدها بعثناه من صلاح الدين الى الهور ونظم هناك مجموعة لحمايته واستطاع اجتياز الحدود الكويتية ووصل الى الكويت.
^ بعلم الكويتيين ؟
= بالطبع. مر على المخفر الكويتي في الحدود وطابقوا بصماته التي كنا بعثناها لهم وثبت بأنه الشخص الذي أرسلناه لهم. فقط أنظر الى الأمريكان. هذا كان مدرب على استخدام أجهزة الاتصال والتجفير والكمبيوتر وغيرها من الأمور ، مدرب بالكامل.
قاعدة في الكويت
^ ماذا كانت مهمته في الكويت ؟
= أن يذهب الى هناك ويتصل بالكويتيين وينسق معهم وينشأ قاعدة ويؤمن اتصالنا مع الكويتيين.
^ بما في ذلك تهريب السلاح والمقاتلين !؟
= كل هذه الأمور. المسألة البالغة الأهمية لنا هو أن يكون لنا وجود في الجنوب. ولكي نعزز اتصالاتنا مع المقاتلين في الجنوب وننشأ لهم قيادة مشتركة ، بالإضافة الى تأسيس مقر إعلامي تستخدمه كل الأطراف. وكانوا مطمئنين لنا ، لأننا ومنذ فترة طويلة نتصل بهم ويأتون إلينا ، وليس لدينا رغبة بالسيطرة عليهم.
^ ماذا بعد وصول أبو ضياء المياحي الى الكويت ؟
= بعد أن تأكدوا من أن بصماته مطابقة للتي أرسلناها لهم أخذوه الى مكان يقع في العبدلي وهو مقر مشترك للسي آي إيه والمخابرات الكويتية. وبقى هناك. وكما حدثتك عنهم ، هو مدرب بالكامل ، الأمريكان يقولون ، لا ، يجب أن نرسل له مقاول من أمريكا حتى يدربه.
^ ما عقدتهم مع المقاولين ؟
= عندهم عقد يدفعون لهم 40 الف دولار . وانتظر حتى جاء المقاول ولم يعلمه شيء ، هو بنفسه راح بالصحراء واتصل بنا من هاتفه ومنحوه جهاز سيء. ورفضوا حتى السماح بأن نحول له نقود.
تجنيد المندوب
^ لا يعطونه ولا يسمحون لكم بإرسال نقود إليه ؟
= وبسببها تركهم وعاد الى العراق.
^ لماذا فعلوا ذلك به وبكم ؟
= لأنهم أرادوا تجنيده.
^ من بالضبط ؟
= الطرفين الأمريكي والكويتي . حتى يزودهم بالأخبار وينفصل عنا. لأنهم تأكدوا بأنه قام بعملية كبيرة ، اجتاز فيها كردستان ووصل الى الهور وعبر الحدود ودخل الكويت. وأدركوا بأنه شخص غير عادي أثبت لهم قابليته وقدرته ولذلك احتاجوه.
^ هل عاد الى العراق ؟
= نعم ، واستمر يتصل بنا ويزودنا بالمعلومات ، إلا أن أعتقل.
^ أين ؟
= في البصرة. بقى سنتين في السجن ومن ثم أعدم.
^ هل ضاعت آثاره ؟
= كلا ، رفاقه لا زالوا معنا حتى الآن وأهله نتصل بهم باستمرار.
وما أدراك ما بيرل !
^ لننتقل الى ما كان يحدث في كردستان.
= عاد الوفد الإيراني وكنا على وشك الشروع بالعمليات. الحزب الديمقراطي الكردستاني لم يستلم خبر مباشر من واشنطن بأن الأمريكان موافقين على هذه العمليات.
^ وصاحبك " أبو البيت الأبيض " ؟
= أخذوا يشكون به.
^ وأنت أيضا تشك به !
= لا يهمني ، لكن لديهم حسابات أخرى.
^ أية حسابات ؟
= حساباتهم هي إذا بدأت العمليات والأمريكان غير مؤيدين لنا فصدام سيذبحنا.
^ ما أسم هذا الأمريكي الذي تشكـّـون به جميعا ؟
= بوب بيرل.
^ هو بعينه ، عجيب !
شفرة ذلك الزمان
= جلال كان لديه استعداد للقيام بالعملية. طبعا كانت مخاطرة ، بعض الأكراد قالوا بأن وضعنا حسن لا نريد المخاطرة بإزالته ، آخرون قالوا بأن هذا الشيء غير ثابت إذا أمريكا رفعت حمايتها سيأتينا صدام ، كانت هذه وجهات النظر ، فوصلنا الى اتفاق خطي بيننا وبين الأكراد لتعبئة كافة الطاقات لإسقاط صدام.
^ وما الذي منعكم من تنفيذ هذا الاتفاق ؟
= الذي حدث أن الإيرانيين بدءوا يرسلون برقيات فيما بينهم وتحدثوا فيها عن وجود خطة أمريكية.
^ لم أفهم لماذا ؟
= برقيات داخلية بين الجيش والحرس الثوري وغيرها ، تكلموا فيها عن وجود خطة بعمليات عسكرية في الشمال والجنوب ضد صدام وتحذيرات مختلفة للقطعات والوحدات الإيرانية باحتمال وجود شيء. هذه البرقيات ...
^ قرأها الأمريكان طبعا !
= قرءوها ، وهذا الشيء لم نخفه نحن وكنا نعلنه بالجرائد وقتها. والمضحك أن الاتصالات الإيرانية فيما بينهم وصلت الى القوات الأمريكية ، فذهبوا الى مستشار الأمن القومي وقالوا له : كيف تقومون بعملية عسكرية في العراق ولم تخبرونا. عمليات من هذا النوع تتطلب منا العمل ، فلماذا لم تخبرونا. هذا مستشار الأمن القومي جنّ : أي خطة !! وأرسل بطلب ستيف رختر كان مديرا لدائرة الشرق الأوسط في السي آي إيه ، جلبه و" بهذله ". سأله : ما الذي تقومون به ؟ أجابه رختر : هناك محاولة. فصرخ به : أي محاولة ، هناك خطة لإسقاط نظام صدام ! والإيرانيون يتحدثون عنها ،، أذهب وابحث في المسألة واستفسر . حدث ذلك قبل قيامنا بالعملية ، وكنت حقيقة متوقع في أية دقيقة أن يجيء لنا الأمريكان ويقولون ألغوا ، لكننا وصلنا الى مرحلة لا يمكننا فيها الإلغاء . كنا نريد الشروع بالعملية في 4 مارس ( 1995 ) ، وفي الساعة العاشرة صباحا جاءنا الأمريكان وكان يجلس معي وفيق ( السامرائي ).
ثلاث ملاحظات أمريكية
^ ماذا كان دور وفيق السامرائي ؟
= يعمل اتصالات مع الضباط العراقيين في الداخل. ولم يكن له دور في قيادة الوحدات ميدانيا. ووجوده معنا كضابط عراقي كبير مسألة هامة. سألت الأمريكان : ها وصلكم الخبر ! قالوا : أي خبر ؟ قلت لهم : وصلكم الخبر. سألوا : كيف علمت ؟ قلت بأني متوقعه. سألتهم : ماذا تريدون ؟ أخرج أحدهم ورقة قال أن فيها ثلاث نقاط ، النقطتين الأولى والثانية لك ولمسعود وجلال ، أما النقطة الثالثة فلك فقط.
^ نبدأ بالأولى ؟
= الأولى ، أن عمليتكم التي تخططون لها مكشوفة وهناك خطر بفشلها. الثانية ، إذا قررتم السير بالعملية فستسيرون فيها على مسؤوليتكم كعراقيين. الثالثة ، هناك نقطة واحدة للاتصال بين أمريكا وإيران هي ليست في شمال العراق.
^ ما المقصود بالنقطة الخاصة بك فقط ؟
= يعني لا تحاول أن يكون هناك اتصال بين الأمريكان والإيرانيين.
^ هل كنت تحاول ؟ آخر مرة جلس الأمريكي في الاستقبال عندك فقط ؟
= لأنه يكذب في تقاريره لكي يحمي نفسه وأكيد أنه كتب لهم وذكر بأني جلبت له الإيرانيين وكذا ... كتب التقرير وحملني المسؤولية وكأني المسؤول عن إقامة علاقة بينه وبين الإيرانيين.
^ الملاحظة الثالثة لا تشمل اللقاءات الأمريكية مع المجلس الأعلى ؟
= طبعا لكونهم عراقيين.
^ ماذا كان قراراكم بعد سماع الملاحظات الثلاثة ؟
= قلت له هذا ما عندك ، قال نعم ، قلت له أخرج إذن من هنا ، فنحن عراقيين ونتحمل مسؤولية ما نقوم به . أطلع من هذا المكان. قال لي وفيق : ماذا تفعل ؟ هؤلاء أمريكان وسي آي إيه ! قلت له ، نعم ، فلنقم بالعملية على مسؤوليتنا. قال الأمريكي : لنعرف ما الذي سيحصل. قلت له سنرسل لك حينها.
دسائس مخابرات
^ كم كان عدد ضباط المخابرات الأمريكية في كردستان هذه الأثناء.
= خمسة. وقبل يوم من تنفيذ العملية جاءني هذا الأمريكي وقال: ممكن تقصفون مقرات الأمم المتحدة ، حتى نتهم صدام بأنه الذي قصفها.
^ لا أفهم ، لماذا الدسائس حتى يضرب صدام ؟
= هو يريد افتعال اعتداء قام به صدام لكي يتخذونه ذريعة لضربه.
^ سيذهب الكثير من الضحايا الأبرياء .
= قلت له أمشي .. روح.
^ الم تفكروا بالقيام بعمليات تفجير بالداخل ؟
= لا ، لم تكن لدينا أية نية لذلك. بعد أن ذهب الأمريكي ، بدأنا بتنفيذ العمليات ، من مناطق جلال ، أما مسعود فلم يقبل.
لا نار بلا تأييد
^ هل قال لك شخصيا بأنه لا يوافق ؟
= ترك المنطقة قبل 48 ساعة من بدء العمليات وذهب الى زاخو. وبقينا في المنطقة وكان موجود نيجرفان ( البرزاني ). جلست في مقر قيادتهم حتى الصباح ، لم يوافقوا على الاشتراك وأكدوا بأنه طالما لا يؤيد الأمريكان فهم لا يتحركون. في هذه الأثناء اتصل بي جلال هاتفيا وكان قد استلم رسالة الأمريكان وسألني : ما رأيك ؟ أجبته : مام جلال ، هل هذا وطننا أم وطنهم . قال : يعني نمشي .. أجبته : أنا أمامك. قال : بارك الله بك فلنمشي .
^ وقمتم بالعمليات ؟
= قمنا طبعا ، دمرنا الفرقة 38 بالكامل كان قائدها اللواء عبد الهادي العساف . وكل فوج في الفرقة احتلينا مقره.
^ وأين وصلتم ؟
= الى الغوير وديبغه ، لكن الفرقة دمرت ، وقسم منهم التحقوا بنا. وكان بطل العملية العسكرية كلها كوسرت ( رسول علي ) وهو قاد القوات. كان يروح الى مقر الفوج يحاصرونه ويفتحون النار فيستسلم الجميع. كان لدينا ألف أسير ، عندما رأوهم الأمريكان دهشوا لمدى الانهيار المعنوي لدى الجيش العراقي.
^ وماذا فعلتم بهم ؟
= بقوا عندنا خمسة أشهر وبعدها فضلوا العودة الى. فأرسلنا بطلب الصليب الأحمر وأعدناهم.
عدوانية سي آي إيه
^ لماذا لم تشكلوا بهم وحدات ضد النظام ؟
= يحتاج لهم إمكانيات ، والحالة في كردستان تغيرت واصبح موقف السي آي إيه عدائي.
^ ممن ؟
= مني. ظلوا يتصرفون بعدوانية فائقة.
^ حسب معلوماتي أن السي آي إيه بدأت تكرهك في عام 1996.
= بدأت من هذا الوقت وتكرس العداء في 1996. وأخذوا يتصرفون بشكل سيء.
^ وإلى أي مدى استمرت العمليات ؟
= بدأ الأمريكان يشاغبون بالإعلام. وأخذوا يرددون بأن هناك محاولة انقلاب فاشلة. بعد أن رأى وفيق بأن مسعود لا يشارك ، ترك المنطقة وذهب الى سوريا. فأعلن الأمريكان بأن وفيق هرب الى سوريا. هو ذهب الى هناك للتباحث مع السوريين ، فقلت له أرجع ، وفعلا عاد ، ووصلنا الى سنغاو بالقرب من كركوك وأجرى مقابلة مع إذاعة مونت كارلو من هناك وقال لهم بأنه على مقربة من كركوك. وهكذا استمرت العمليات من 4 مارس لغاية 26 منه.
هذا الذي صار !
^ ولماذا أوقفتم العمليات ؟
= في الحقيقة شيئين ، الأهم ، تجدد الاقتتال ، حيث شن الحزب الديمقراطي الكردستاني هجوما كبيرا على الاتحاد الوطني يوم 26. عندما حصل الهجوم ، كان كوسرت القائد العسكري لعملياتنا وجد أن نصف قواته منشغلة وأحرج عسكريا في يوم الهجوم الأول ، واستطاع إيقافهم ولم يتقدم البارتي وخلفوا خسائر ، لكنه شعر ( كوسرت ) بأن من المستحيل أن يقوم بعمليات عسكرية ضمن خطتنا.
^ واتفاقات وقف إطلاق النار الموقعة ؟
= عندما بدأنا عملياتنا ، قال مسعود بأنه يعطينا 10 أيام يلتزم فيها بعدم إطلاق النار.
^ عندك نضال مسلح ضد النظام ..
= هذا الذي صار .
^ هل خسرتم في المعارك مع الجيش ؟
= لا خسائرنا قليلة ، فالفرقة التي دمرناها وأسرنا جنودها كانت دليل على قدرتنا على محاربة صدام عسكريا وإسقاط النظام. والشيء الثاني المهم ، أثبتنا منذ ذلك الحين بأن الجيش العراقي لن يدافع عن صدام وأن الجيش بمفرده لا يستطيع القيام بانقلاب. هذه النقاط مجتمعة أنقذتنا.
^ بعد عشر سنوات ؟
= لا ، بعد سنتين ، ، عندما جاء تينيت وأصبح رئيس السي آي إيه وتخلوا عنه ، فأن هذا الأمر أفادنا في الكونغرس ووثقنا العمليات وما حصل في برنامج تلفزيوني ساعدنا في تنفيذه الإيرانيين ، وعندما رأوه ذهلوا في السي آي إيه.
قانون تحرير العراق
^ هذه كانت بداية عملية ظهور " قانون تحرير العراق " ؟
= صحيح ، البداية كانت في فيلم بيتر جينكس الذي طوله 45 دقيقة وانتجته " بي أي سي " كان له أثر كبير وبين أننا نقاتل صدام في العراق ولدينا استعداد لذلك.
^ أين ذهبت بعد 26 مارس ( 1995 ) ؟
= بقيت في كردستان لغاية مايو ، عندما أصر الأمريكان على حضوري اجتماع لإعادة النظر بالموضوع. غادرت وفي 21 مايو ، كنت في لندن وقتها ، وأراد الأمريكان أن يحلوا قضية الأكراد لوحدهم وأرسلوا بوب لويج أصبح مدير دائرة شمال الخليج ، لم يستطع فعل شيء. بعدها ألحوا عليّ لحضور اجتماعات بهذا الخصوص.
^ لغاية هذه اللحظة لا يوجد ذكر للأتراك ؟!
= بدأت علاقتنا تتحسن بالأتراك في تلك الفترة وشعروا بأن من الضروري التحدث معنا.
^ ما برأيك سبب اجتياح أربيل من قبل النظام ؟
= هذا الموضوع لا نتكلم عنه الآن.
^ لا نتحدث عنه ؟
= كلا.
تحفظات تينيت
^ لنعد لاجتماع لندن إذن.
= في اجتماع لندن أرادوا أن نكون الطرف ، لأنهم لم يقدروا إيجاد حل للأكراد فطلبوا الاستعانة بنا. وصلت بهم الأمور الى دعوتي لعقد اجتماع في واشنطن ، ورأوا بأنه لا يوجد حل للأزمة الكردية ، إلا بإنشاء قوات للفصل بين الطرفين. وكان تينت وقتها خائف جدا.
^ خائف من أي شيء ؟
= من أن نستغل هذه القوات للهجوم على صدام .
^ قوية !
= طلب مني ذلك مباشرة وأراد مني التزام ، في حالة تشكيل هذه القوات لا أتحرك ضد صدام.
^ هذا الرجل لماذا متحفظ جدا على خططكم الإطاحة بالنظام ؟
= لأنه كان يعتقد بأنه يستطيع الظفر بانقلاب.
انقلاب الشهواني
^ هل خطط لانقلاب وفشل ؟
= طبعا ، كان انقلاب الشهواني . لكن هذه قصة أخرى.
^ هو نفسه اللواء محمد عبد الله الشهواني مدير المخابرات العراقية حاليا.
= هو بعينه.
^ لنروي قصة هذا الانقلاب !
= تينيت قرر في صيف 1994 وكان وقتها مسؤول الاستخبارات في مجلس الأمن القومي التخطيط لتنفيذ انقلاب ضد صدام. وفي ربيع 1995 نشط في هذا الاتجاه.
^ هل كنت تعلم بحيثيات الانقلاب ؟
= كنت أعرف بأنهم يحضرون لحركة انقلاب.
^ وهل عرفت أسماء المنفذين ؟
= عرفتهم ، سأروي لك بالتفصيل. في الشهر الثامن هرب حسين كامل ، واجتمعت بالملك حسين في بيت السفير الأردني فؤاد أيوب في بليغريب ستريت في لندن يوم 8 سبتمبر 1995 بحضور الأمير رعد والسفير فؤاد أيوب. أنا كنت مجتمع مع الملك حسين عام 1992 وقال بأنه سيحل القضية ولم يحلها ( القضية هي بنك البتراء – ج ) ، وقلت له بأنه لا توجد لدي مشكلة معكم ، أنتم لديكم مشكلة معي. أخبرت الملك بنوايانا القيام بعمليات عسكرية ، ونحن قمنا بعدد منها. قال الملك يا أخي لدي جنود عراقيين وعندي إمكانية تشكيل لواء منهم. قلت له شكّل اللواء في الأردن وسأشكل لواء في كردستان وسندخل من جهتكم وجهتنا الى بغداد سوية. قال بأن هذه أحسن فكرة ، وأضاف : لكن الأمريكان يظلون يبحثون عن ضابط ينفذ لهم انقلاب. وأكد : لا يوجد شيء من هذا القبيل. قلت له : إذن أخبرهم. قال بأنه سيذهب الى كلينتون الآن وسأبلغه هذا الكلام وقال الملك لي بأن حسين كامل لا يصلح بأن يقوم بانقلاب ، إذا قبلتم حسين كامل فهذا حسن.
^ هل كانت لديك نية بضمه إليكم ؟
= يعني شنو حسين كامل ، بأي شيء يفيدنا ، لا يفيدنا بشيء. ساعدناه بما يخص الضباط الذين جماعة صدام يبحثون عنهم ووصلوا كردستان ، كنا نوصل بعض الأخبار أو نوصلهم.
^ يعني كل الذي قدر عليه الملك حسين لمساعدتكم هو تشكيل لواء في الأردن.
= ليس هو ، لواء عراقي بموافقة أمريكا. الملك حسين أراد التحدث معنا ليدعونا الى اجتماع في عمان.
^ يدعو من ؟
= جلال ومسعود وسيد باقر ، لكنه لم يحصل ، فلم يوافق مسعود على السفر.
^ ما سبب دعوته لهذا الاجتماع ؟
= في كل الأحوال لم يتم. بعدها أرسل مصطفى القيسي ( مدير المخابرات الأردنية وقتذاك – ج ) الى لندن وكنت في كردستان فاجتمع بأخي ( الدكتور حسن الجلبي – ج ). وأخبره بأن قضية هذا البنك كانت عبارة عن مؤامرة على الملك وعلى أخيك. والملك يريده الآن.
^ الاجتماع جرى في نوفمبر 1995 في فندق كلاريدج في لندن.
= نعم. في هذه الفترة جاءنا ضابط من المخابرات العراقية يعمل معنا وقال لنا ، يوجد انقلاب يخطط له الأمريكان ابتعدوا عنه.
^ لأنه كشف ؟
= قلت له لماذا ، ما القصة ؟ كنا نعرف توجد محاولة تشترك بها بعض الأطراف. قال : نحن اخترقنا محاولة الانقلاب. وأعطانا الدليل. وهو أن الأمريكان أرسلوا جهاز اتصال بيد سائق مصري ، وهذا السائق المصري يعمل في المخابرات العراقية ، فسلمهم الجهاز. وموجود في بيت للمخابرات في منطقة الكمالية ( بغداد ). وعرض أن يجلبه لنا. قلت له ، أعمل نفسك لا تعرف شيء.
^ وما المانع أن يكون هذا الضابط مزدوج ، معك ومع صدام. ولماذا لا نرجح أن يكون صدام قد أرسله لك ؟
= ثم ماذا !! هو بلغنا بوجود انقلاب ، زودني بمعلومة والمعلومة صحيحة لأننا دققنا من مصادرنا واتضح أنها صحيحة وتأكدنا بأن حركة الانقلاب يديرها محمد الشهواني.
تجنيد الشهواني
^ أين كان الشهواني ؟
= في عمان.
^ وكيف اتصل بالأمريكان ؟
= منذ عام 1991 عندما كان الشهواني في عمان ، تعرف عليه ستيف رختر الذي أصبح مدير دائرة الشرق الأوسط في السي آي إيه في 1995 ، عندما كان مدير محطة السي آي إيه في عمان ، وجنده منذ ذلك الوقت في عمان 1991. أتوا به وعملوه لولب الموضوع ونظموا له ترتيب سياسي.
^ والملك حسين كان يعلم ؟
= طبعا ، سأحكي لك عندما جاءني مصطفى القيسي. بلغونا بالأمر. في ديسمبر سافرت لترتيب فصل القوات الكردية. ذهبت الى لندن كان الله يرحمه السيد عبد المجيد الخوئي في خلال 24 ساعة من وصولي جاء مصطفى القيسي الى لندن أيضا. جلسنا معا 11 ساعة وقال لي بأن الملك يريد تقييم وضع المعارضة ( العراقية ) لأنه يريد اتخاذ قرار وأخبرني أيضا : سيجيئون بصديقك عبد الكريم الكابريتي ويعملونه رئيس وزراء لغرض تأييد عملية انقلاب في العراق. ( أعد القيسي تقريرا من 16 صفحة ليقدمه الى الملك عن وضع المعارضة العراقية وعرضه على الدكتور الجلبي – ج )
^ انقلاب وليس خطتك ؟
= نعم ، انقلاب ، لكن الملك يريد تقييم للمعارضة لأنه يأمل بأن وضع المعارضة قد يعطي بديل لهذه العملية الانقلابية ويمكن أن يسير بها الملك.
خط الكابريتي
^ وهل سار بها ؟
= لم يستطع ، كان هناك ضغطا كبيرا من الأمريكان على تنفيذ الانقلاب. صار الكابريتي رئيس وزراء في فبراير. في مطلع الشهر الثالث طلب الملك منا لقاء ، فالتقينا به. بحضور سامي عزارة آل معجون ورياض الياور ( حضر مع الملك نجله الأمير حمزة – ج ) واستمر الاجتماع ساعتين. بعدها ذهبت الى أمريكا وقابلت صديقي ريتشارد بيرل ( في واشنطن نهاية مارس – ج ) وقلت له بأن السي آي إيه يعدون لانقلاب في العراق وصدام كاشفه. اتصل مباشرة بمدير السي آي إيه جون دوني وكان صديقي أيضا وقال له عليك رؤية أحمد الجلبي. أنا في هذا الوقت متشاجر مع السي آي إيه بسبب تصرفاتهم السخيفة في كردستان ، تعاركت مع ضباطهم في كردستان وتركتهم. فجأة اتصلوا بي ثلاث مرات ، رأيت دوج وكان أستاذ في جامعة MIT ، وأنا متخرج من هذه الجامعة وكان يصحبه رختر ، فقال من تعرف من الأساتذة لأنه كان قبلي بالجامعة، فأجبته : أنظر أنت مشغول الآن وأنا كذلك ، فنترك الحديث الى وقت آخر. أنا جئت لأقول لكم شيء ، أنتم دولة كبرى ونحن أصدقائكم ومن واجبنا أن نبلغكم عندما تعملون شيء وعليه خطر عليكم. سأل : ما الأمر ! أخبرته : أنكم تعدون لانقلاب في بغداد وهذا الانقلاب مكشوف من صدام ولدينا معلومات من العراق تؤكد ذلك. وأعطيك الدليل ، ووصفت له الجهاز وبيد من بعثوه. ما أن تفوهت بهذه المسألة ذاك أصفر وجهه ( يقصد الدكتور الجلبي مخطط الانقلاب رختر ).
المخاطر تقترب
^ أين الآن ضابط المخابرات العراقية الذي بلغك بكشف صدام للانقلاب ، هل يعمل معك حتى الآن ؟
= لا عليك ! حدثتهم عن هذا الضابط ، بعدها سكتوا ولم يقولوا أي شيء.
^ كم استمرت الفترة بين تبليغكم هذا للأمريكان وفشل الانقلاب؟
= ثلاثة أشهر.
^ وماذا عملوا طوال هذه الأشهر ؟
= لم يفعلوا شيء.
^ ولم يبلغوا الشهواني ؟
= أنا سمعت بالشهواني.
^ ألم تعرف بأن الشهاوني كان يعمل مع أياد علاوي ؟
= أنا أعرف بأن أياد علاوي لا يحب الشهواني.
^ لماذا لم تخبر الشهواني وتنبهه ؟
= ماذا أقول له ؟ أنا لا أعرف الشهواني. العملية تقودها السي آي إيه ، أنا ماذا أقول ، سيكون تدخلي في هذه القضية ..
^ من أجل جماعته ( الشهواني ) بالداخل حتى لا يصابوا بأذى.
= سأقول لك الذي حدث : عدت الى ريتشارد بيرل وقال لي علينا القيام بشيء آخر ، سأتصل بتينيت. تينيت في هذه الآونة أصبح نائب لرئيس السي آي إيه وقال له معي أحمد الجلبي ويقول أنكم تعدون لانقلاب وهذا مكشوف لصدام. وأنصحكم تحققون في القضية وتشكلون لجنة خارجية ، فأجابه تينيت : الموضوع تحت السيطرة. لكنه بعد ثلاثة أشهر انكشف.
اتهامات تينيت
^ صدام كان صابر عليكم كثيرا !
= لأنه هو المسيطر على الموضوع.
^ وماذا قال تينيت الذي قال أن الأمر تحت السيطرة ؟
= اتهموني بالسي آي إيه بأني أنا الذي كشفت الموضوع عند صدام.
^ وبدأت الكراهية من هذا الوقت. أنه التباس فظيع !
= مقصود. دائما يفشلون ويحاولون تغطية فشلهم بإلقاء اللوم على الآخرين.
^ آخرها شفرة إيران !
= أنا شرحت لك كيف هم منذ عام 1995 كانوا يقرءون الرسائل والبرقيات الإيرانية وأعلنوها بالصحف ، فماذا أقول عنهم : مجانين !
^ والناس في الداخل.
= أعدموا ، شيء رهيب ، في هذه القضية بالنسبة لهم أنا كشفت فشلهم ، ليس هذا فحسب ، بل يوجد شهود على هذا الفشل.
^ ما آثار هذا الفشل داخل العراق ؟
= أعدم 120 شخص ، أولاد الشهواني الثلاثة ، مساكين واحد أسمه أنمار ، ثلاثتهم راحوا وضباط عراقيين لا أعرفهم.
انقلاب الكابريتي
^ وماذا عن محاولة طالب السهيل ؟
= هذه المحاولة كانت مباشرة تحت إدارة السي آي إيه ، ولديهم واحد في المخابرات الأردنية يساعدهم هذا البطيخي ( سميح البطيخي ) الذي اختاره الكابريتي مديرا للمخابرات الأردنية لهذا الغرض. وكانوا مؤسسين وحدة خاصة داخل المخابرات الأردنية لتنفيذ هذا الهدف وإدارة الانقلاب ، لأن المخابرات الأردنية كانت مغتاظة من صدام ، وعلى الأرجح أن الانقلاب انكشف من جانبهم.
الانتصار أخيرا
^ مارستم دورا سياسيا وعسكريا ضد النظام انطلاقا من الأراضي العراقية المحررة في كردستان ، غير أنكم دخلتم العراق من الجنوب ما هو إحساسكم بعد المرة الأولى التي تدخلون فيها مناطق عراقية جديدة ؟
= شيء عظيم.
^ ظهرتم في ميدان عام في الناصرية وخاطبتم جموع جائعة ومنهكة بعبارات الحرية والديمقراطية ، أسجل لكم هذه المبادرة كأول زعيم سياسي عراقي يلتقي أبناء بلده أثناء الحرب ، لكن هؤلاء الناس رأوا رجالا يطلون عليهم من فوق شرفة عالية لم يعهدوا رؤيتهم ، ألا تعتقد بأن دخولكم المفاجئ والقوي كان على الطريقة الغربية في الإعلان السياسي ولم يعط نتائجه ولو بشكل مباشر لاسيما وأن صدام كان لا يزال موجودا ؟
= أردت أن أعمل شيء ، وأن أقول للناس بأن ما يجري ليس احتلال ، بل تحرير نشارك فيه جميعا ومعهم وأردت أن أحفز الشعب على أن يأخذ دوره في تحرير العراق ، الأمريكان سيدحرون صدام لكنكم أنتم الذين تحررون العراق. هذه الرسالة التي أردت أن أوصلها للناس. وكذلك الأمل في المستقبل في أن يكونوا أسياد أنفسهم.
^ سأضرب لكم مثلا ، دخولكم القوي أثناء الحرب ، شجع بعض الإسلاميين على مشاكستكم بطرح شعارات ضدكم بشكل مباشر في مظاهرات ، هل كان لذلك داع في وقت كان الشارع العراقي فيه وما يزال في أشد الحاجة للوحدة الوطنية ؟
= ممكن ، لكن لا أعرف بالحقيقة من ورائها.
^ ولا الإسلاميين حلفائك لا يعرفون ؟
= لم نعرف من الذي قام بهذه المظاهرات ، أنا لم أفهم ما حصل وعلى الأرجح كان سوء فهم.
^ انتهت في غضون أسبوعين على أية حال.
= لا يوجد تفسير غير سوء الفهم ، فالناس كانوا متحمسين واعتقدوا يوجد تنافس على السلطة أو شيء من هذا القبيل.
اشتريناها من الكويت
^ هل لديكم علم بكل التفاصيل التي قامت بها بعض المجموعات في الأيام والأسابيع الأولى بعد سقوط النظام ، أشيع الكثير عن تورطهم بأعمال ليست لها علاقة بتخليص الشعب من الدكتاتورية ؟
= مثل ماذا ؟
^ اقتحامات والسيطرة على المقرات ، خاصة أيام غارنر.
= لماذا ؟ نحن قمنا بعمليات مهمة وخطيرة واعتقلنا تقريبا نصف قائمة الـ 55. كنا نبحث عن هؤلاء.
^ أنتم حزب قيادته وأغلب قواعده وبنيته التنظيمية في الخارج، ودخلتم مباشرة الى بغداد ..
= لا ، كانت لدينا بنية تنظيمية في بغداد ، مباشرة جاءوا لي في نادي الصيد بالمنصور.
^ وكيف وصلت الى نادي الصيد ؟
= بالسيارة. عندما نزلنا بالناصرية ، لم يعطونا أي شيء. بعدها اشترينا سيارات من الكويت.
^ وباقي السيارات أخذتوها من مقرات المخابرات.
= أبدا ، كل سياراتنا اشتريناها من الكويت بفلوسنا ، حولنا مبلغ الى سالم الجلبي أبن أخي وذهب الى الكويت واشتراها وموجودة كل أوراقها. نحن محضرين أنفسنا ولم تكن لدينا نية البقاء أكثر من ثلاثة أيام في الناصرية ، وهذا البيت الذي نجلس فيه الآن لأختي .
^ أي سعيد صادره منكم سابقا ؟
= كان فرقة حزبية.
^ هذا البيت الجميل فرقة حزبية ؟
= لم يكن هكذا ، فقد صلحناه.
^ كان لديكم قواعد في بغداد إذن ؟
= طبعا ، وهم الذين حضروا لنا المكان وجهزوا نادي الصيد. ولدينا مجموعات عراقية كثيرة.
غارنر والمؤقتة
^ لماذا لم تعقدوا مؤتمر حال دخولكم الى العراق ، كانت علاقتك جيدة مع غارنر ؟
= غارنر أنا رأيته مرتين فقط.
^ يقال أن علاقتك قوية مع غارنر ؟
= بالعكس ، أنا أول ما سمعت به قلت : أين غارنر ؟ لماذا جالس في الكويت ولا يأتي الى العراق ؟ في ذاك الوقت حزن رامسفيلد واتصل وقال لماذا تتكلم هكذا عن غارنر.
^ أنك تحدثت على غارنر قبل أن يصير غارنر ؟
= رفضت غارنر ورفضت أي عسكري وطالبت بحكومة مؤقتة.
^ هذه مطالبكم من أيام مؤتمر فيينا.
= نعم ، وبعدها تصاعدت المطالبة ، ففي البداية المعارضة العراقية لم توافق على الحكومة المؤقتة. ولكن في اجتماع صلاح الدين وافقوا. كنا دائما ضد الاحتلال ومع تشكيل حكومة مؤقتة.
حين تركنا العراق
^ تنحدر من عائلة عريقة ورجل أعمال ثري وسياسي قارع النظام وساهم في سقوطه واقتصادي محترف وأستاذ في الرياضيات ، ولديكم قدرات تخطيطية وقابلية على المناورة السياسية واستغلال الفرص وتوظيفها سياسيا بما يخدم أهدافكم وتمتع بالجلد وميزة امتصاص الصدمات ، ومع كل ذلك لا زلتم تتعرضون للهجاء ، ألا تشعرون بالغبن ؟
= لا أشعر بالغبن ، لأن الذي حدث أن صدام غيب أي تاريخ اجتماعي أو سياسي عن العراقيين ، الشعب العراقي أكثر من 60 % عمرهم تحت 20 سنة فهؤلاء انقطعوا.
^ وكم كان عمرك عندما تركت العراق ؟
= 13 سنة.
^ وكيف لحقت تكره صدام ؟
= رجعت بعدها للعراق ، حزب البعث حزب مجرم فاشي.
مجلس الحل
^ هل صحيح أنك رشحت معظم الأعضاء الشيعة في مجلس الحكم ؟
= غير صحيح. عندما جرت المشاورات حول تشكيل مجلس الحكم كنت خارج العراق.
^ هل وافقت على مجلس الحكم كنوع من الحل ؟
= كنت ضد المجلس الاستشاري ، وعندما عدت وكانت الفترة الأخيرة من الاستشارات ، اجتمعنا مع باقي الأطراف وقررنا ندخل به لأنه طريق نجبر من خلاله الأمريكان في الحصول على السيادة ونجحنا في ذلك.
^ عندما كنت في الأردن ساعدت الكثير من الإسلاميين الشيعة الهاربين من صدام.
= كنت على اتصال بهم وأساعدهم وأكثر مسألة ساهمت فيها هي قضية محمد هادي السبيتي وهو مهندس يعمل في عمان. لا أعرفه ، لكن المخابرات الأردنية اعتقلته في عام 1981 وسلمته الى العراق واستمر الكذب على عائلته وحاولنا الوصول الى معلومات عنه ، إلا أن المخابرات الأردنية أغلقت الطرق إليه. وتبين أن العراق أعدمه بعد أسبوع واحد من استلامهم له.
حديث الميليشيات
^ ما حل بـ " ميليشيات المستقبل " التي نقلت من كردستان الى جزيرة غوام ومنها الى هنغاريا والتي دربت على أعلى مستوى وشاركت في حرب إسقاط النظام ؟
= لم ندربها نحن ، هذا شغل الأمريكان.
^ لكنهم حسبوا عليك ؟
= هذا كله كلام ، الذي حدث شيء عجيب ، أنا كنت أطالب بتدريب آلاف الشرطة العسكرية من العراقيين منذ عام 2000 ، لكنهم أخذوا القرار فقط في شهر سبتمبر 2002 .
^ في الوقت الضائع !
= نعم ، واعتبرنا ذلك مهزلة ، لأن لا يوجد قيمة لهذا الإعداد فكيف تدرب ناس خلال أسبوعين !
^ ألم يكونوا تحت سيطرتكم ؟
= لا ، ليس لدينا أي علاقة بهؤلاء ، عندما جئنا الى بغداد أنشأنا قوات العراق الحر من ألف شخص وجمعناهم في دوكان ، 700 منهم أخذناهم الى الناصرية.
^ ها ، الذين ظهروا معك في ميدان المحافظة .
مقاولون ووثائق
^ أول مؤتمر عقد على أرضا كان النظام يسيطر عليها كان مؤتمر الناصرية ، لماذا لم يكن في مستوى الحدث وفشل ؟
= لم أحضره. الأمريكان جلبوا مقاولين ليديروه.
^ أعلنتم أكثر من مرة عن عشرات الأطنان التي حصلتم عليها من مؤسسات الدولة العراقية والمخابرات والبنوك والوزارات ودور المسؤولين بما في ذلك ما أشيع تسميته بـ " كوبونات النفط " ، لماذا تخبئونها ولم تطلعوا الشعب عليها بعد أكثر من عام على سقوط النظام؟
= أطلعنا الشعب على جزء منها.
^ على بعض الوثائق نشرتموها في جريدة " المؤتمر " أو في مناسبات إعلامية أخرى ، ربما سيأتي وقت لن تكون فيه مفيدة ؟
= كلها تفيد. نشرنا وثائق خاصة بتأثير صدام على الإعلام العربي وتعاون المخابرات العراقية مع بن لادن منذ قبل عام 1992 وبدأنا بالتدريج نشر الوثائق ، التي نعتقد أنها ستعلن في وقتها.
^ هل قرار إعلان الوثائق مرهون بموافقتك ، أم أن لديك نية منحها للأمريكان ؟
= نستعمل الوثائق لمكافحة البعثيين وتكسير شبكاتهم التخريبية وكشف مصادر أموالهم والأموال التي يحتفظون بها وكذلك كشف جرائمهم واتصالاتهم الخارجية.
^ حصلتم على الكثير من الوثائق في مقر المخابرات ؟
= الوثائق لم تكن في المخابرات ؟
^ أين إذن ؟ في المقرات البديلة ؟
= أكثرها.
^ ألم يحرقوها ؟
= لم يلحقوا . القصة في المخابرات ، أن كل منهم يخاف من الآخر فاحتفظوا بأوراقهم حتى النهاية.
العودة الى البيت
^ ثمة إشاعات تخص حلّ المؤتمر وظهوره باسم جديد باعتبار أن مرحلة المؤتمر الذي برز في عام 1992 انتهت منذ عام 2002 بطلاق غير رسمي من قبل حلفائكم ؟
= القضية لا تنحصر في تغيير الاسم أو البنية ، لو تعود الى النظام الداخلي تجد فيه فقرة تقول : ينتهي المؤتمر عند تشكيل حكومة عراقية انتقالية ملتزمة بالديمقراطية. سنقوم بعدها بخطوات كاملة لترتيب هذه المسألة بالتأكيد.
^ هل تتذكر كلمتك الرومانسية عن بغداد قبل سقوط النظام ، قلتها بالعربية وتذكرت بغداد وشوارعها ونهرها والكاظمية ، ما الذي تبقى من هذا الأمل الشاعري ؟
= تأثرت كثيرا على حال بغداد ، الدمار والتخلف والابتعاد عن العالم والتباين بين المستوى الحضاري بين العواصم العربية والعالمية والدول الغنية التي من ضمنها العراق. لم يرحل الحلم الرومانسي أبدا ، لكني شعرت باندماج كامل بالأرض والماء والتراب والنخيل وإلى الآن ينتابني هذا الإحساس ، بالجو والوجوه والأمكنة التي سكنت فيها التي هي ملك والدي ، شعرت بشيء هائل باستعادة هذه الحياة التي سلبت منا بالقوة والإكراه.
^ من هم الأخوة الجلبي ؟
= نحن الآن خمسة أخوة ، أخي الكبير رشدي توفى.
أصدقاء واعداء
^ أصدقائكم كانوا رموز الإدارة الأمريكية مثل وولفويتز وريتشارد بيرل ويعيبون عليكم الآن هذه الصداقة في وقت تتفاخر به حكومات عربية وأجنبية وحتى أطراف المعارضة ، بهذه الصداقة ؟
= هذه الاتهامات أصبحت تافهة الآن ، فالأمريكان لديهم 200 ألف جندي في العراق حاليا وقاموا بإسقاط نظام صدام والأطراف التي كانت تتكلم ضد الأمريكان في المعارضة وغيرها ، هي أكثر الأطراف التي لديها علاقات طيبة معهم الآن. لا يستطيعون الآن قول أي شيء ، فكل طرف يشارك بالعملية السياسية في العراق كان صعب عليه القيام بأي نشاط سياسي في الداخل ، القضية الآن اختلفت ، وتنحصر في كيفية استلام العراقيين السيادة وخروج الأمريكان من العراق وعدم ممارسة نفوذ غير طبيعي وسري على الحكومة العراقية بعد استلام السيادة. هذا أهم أمر مطروح الآن. موقفي منذ البداية ضد أن يكون هناك احتلال ، خطتنا كانت تشكيل حكومة مؤقتة حليفة مع الأمريكان في الحرب ضد صدام.
^ طرحت ثلاث سيناريوهات وقت مطالبتكم المذكورة : أما يدخل الأمريكان لوحدهم في المعركة ، أو يدخلونها بالاشتراك معكم ، أو تدخلها المعارضة لوحدها ، غير أنهم فضلوا السيناريو الأول ، فلكل سيناريو تبعاته كما تعلم.
= نعم. فضلوا هذا السيناريو بعد أن رأوا بأن القيادة المركزية صعب للغاية عليها القيام بعمليات عسكرية واسعة النطاق غير مسيطر تماما عليها من قبلهم.
^ هل كان السبب فني وغير سياسي ؟
= هذا جزء منه في شقه العسكري ، لا يقدرون بدون سيطرتهم المباشرة على مجريات الأمور الحربية. بالنسبة للشق السياسي ، يعيدنا الى موضوع نظام الأمن العربي الذي حدثتك عنه ، فالأمريكان لديهم عنصر رئيسي في المنظومة الأمنية للشرق الأوسط وهو الاعتماد على الدول العربية التي حدثتك عنها. فمثلا ، جزء أساسي من النظام الأمني الأمريكي ، هو هذا التعاون العسكري الأمني القائم بين الأردن وإسرائيل ومصر . هذا حجر زاوية عندهم ، ويحاولون أن يضيفون إليه السلطة الفلسطينية عن طريق محمد دحلان وجهاز الأمن الوقائي الفلسطيني الذي أسسه في السابق جبريل الرجوب. هذا أحد أوجه التعاون المخابراتي – الاستخباراتي الموجود بين المخابرات الأردنية والموساد والمخابرات المصرية وهذا الأمن الوقائي الفلسطيني شيء كبير والأمور تسير على أن مصر ستأخذ مسؤولية غزة من إسرائيل وانسحاب إسرائيل منها بتأمين مصر للأمن فيها بالتعاون مع الأطراف المذكورة. في ظل هذا الإطار ، وأقصد التعاون الجاري منذ زمن ، كان إسقاط النظام وتدمير صدام ومؤسساته التي كانت تتعامل وتتعاون مع كل هذه الأطراف شيء كبير عليهم. لأن العراق الآن خال من الأجهزة التي يمكن أن تكون طرف في هذا التعامل والشعب العراقي لا يقبل ، ثمة حالة متسارعة من محاولات السي آي إيه والأطراف الأمنية الأمريكية المعتمدة على هذا التصور ، بغية إنشاء أجهزة تستطيع التعامل بالعراق ، بشكل تسيطر على الوضع فيه ، وفي الوقت نفسه تكون طرف في هذا التحالف والتعاون الأمني – الاستخباري – العسكري الموجود في المنطقة ، الذي هو برعاية الأمريكان.
^ بعد إصدار " قانون تحرير العراق " ، بعثتم مع مجموعة من قادة المعارضة العراقية برسالة الى إدارة كلنتون عام 1999 ناشدتموه فيها على تنفيذ القانون الذي أقره الكونغرس ومع ذلك بقى القانون مجمدا تقريبا ؟ بماذا أفاد هذا القانون إدارة بوش الراهنة ؟
= إدارة بوش استفادت بالحصول على تأييد الكونغرس في هذه العملية.
^ استفادت من " قانون تحرير العراق " ، أم وظفت مسألة أخطر وأهم وهي 11 سبتمبر ؟
= 11 سبتمبر مسألة سياسية وأمنية.
^ وأيضا لامست نظام الأمن العربي !
= ثمة فرق ، لهذا النظام أوجه مختلفة ، مثلا ، السعودية خارجه في جوانب كثيرة. وبوش وجد نفسه أمام خطر أمني هائل لا يستطيع تجاهله وهو وجود الإرهاب وصدام بأجهزته القادرة على ممارسة الإرهاب وله تاريخ في أسلحة الدمار الشامل.
^ بوش كان يتوعد صدام وأجهزته قبل 11 سبتمبر .
= طبعا ، إدارة بوش كانت متحفزة ضد صدام ، فالذين جاءوا معه واستلموا المسؤولية من الأشخاص الذين كانوا يدعون دائما لتحرير العراق من صدام. هناك رسالة ألفها مؤيدو تحرير العراق عام 1998 منهم رامسفيلد وولفيتز وفايف وجون بولتن ، تحديدا 38 شخص وقعوا عليها ، هؤلاء كلهم دخلوا في إدارة بوش.
الدمار الشامل
^ أعلنتم بأنكم تمتلكون " وثائق وأدلة ملموسة تبرهن على وجود أسلحة دمار شامل في العراق " والعلماء الذين قدمتهم الى السي آي إيه ، والكلام الذي كان كله على أسلحة الدمار الشامل التي لم يعثر عليها بعد ، تحول كله ضد أحمد الجلبي !
= هم لم يهتموا بأسلحة الدمار الشامل كعنصر أساسي في عمليتهم. الأمريكان طلبوا منا تعريفهم على أشخاص لهم معرفة مباشرة بملف أسلحة الدمار الشامل ، فقدمنا لهم ثلاثة أشخاص. هؤلاء زودوهم بمعلومات وتكلموا معهم ، هنا ليس مسؤوليتنا التحليل وتدقيق المعلومات.
^ في البداية اعتمدوا على كلامهم.
= هم لم يعتمدوا عليها. السي آي إيه كانت مكلفة من قبل الإدارة لمتابعة قضية أسلحة الدمار الشامل ، ولديهم إمكانيات هائلة ، ولا توجد لدينا علاقة معهم.
^ لكن كل الاتهامات توجه ضدك في الآونة الأخيرة بهذا الخصوص ؟
= هذه محاولات إلقاء اللائمة على الآخر لإبعاد الفشل عنهم. هو تينيت الذي راح وقال لبوش ، أدخل العراق وليس لدينا أي شك بالمعلومات ، أعلن أن لصدام أسلحة دمار شامل وهذه العملية واضحة لنا ولا تخشى من هذا الادعاء لأنه صحيح ، وتينيت أكد لبوش أن هنالك أسلحة دمار شامل في العراق بناء على تقارير لديه ، وليس فقط على المعلومات من العراق ، بل على معلومات من دول أخرى ، معلومات كبيرة ، هذا الأمر أكدوه لبوش ، فتينيت هو مستشاره الاستخباري.
^ المعلومات الاستخبارية التي يتحدثون عن كذبها كانت السبب الرئيسي لإصدار قانون تحرير العراق ، هذه المعلومات أحرجت بوش أمام الكونغرس حينما لم يثبت وجود هذه الأسلحة !
= أحرج لأنه أعتمد على كلام تينيت.
^ هل كان هذا أحد أسباب خروج تينيت من الوكالة ؟
= أسباب كثيرة.
^ لنفترض أنك قدمت شهودا أو معلومات غير دقيقة ، بل وحتى غير صحيحة ، ألا يوجد في السي آي إيه مركز لتحليل المعلومات وتدقيقها ؟
= هذا الأمر لا يعنينا ، هو هذا جوهر الموضوع ، فقد حاولوا إلصاق التهمة بنا ، وفشلوا ، لأن الكونغرس عندما دقق في الأمر وجد أن معلوماتنا كانت هي الصحيحة. والذين عرفناهم أظهرناهم في الإعلام.
^ هل أسلحة الدمار الشامل موجودة في العراق ؟
= نعم موجودة ، وصدام أخفاها وتشكل خطرا كبيرا.
الصراع في أبي غريب
^ يبدو أن الحرب اشتعلت بين الطوائف الثلاث التي تسيطر على العراق الآن ولا أقصد بهم السنة والشيعة والكرد ، بل البنتاغون والخارجية والسي آي إيه ، وعلى الأرجح ساهمت بشكل ما في اندلاع شرارة هذه الحرب .. ما رأيك ؟
= نعم بالطبع ، والضربة الكبيرة حدثت في أبي غريب.
^ من سببها ؟ السي آي إيه ؟
= لا أعرف من سببها ، لكنه بالتأكيد سوء تصرفهم. ما حصل في أبي غريب مستنكر ومدان في كل الأشكال ، كان ينبغي أن يدمرون هذا السجن منذ البداية ولا يتركون سجن كهذا في العراق الحر. هذا السجن شيء رهيب.
^ من يسيطر عليه ؟
= استخبارات الجيش.
^ هل ما شاهدناه يعتبر من أساليبهم.
= لا أعرف أساليبهم ، لكن المسؤولين هم ضباط في الاستخبارات العسكرية.
^ ما علاقتك بالاستخبارات العسكرية.
= لا توجد لدي علاقة معهم.
كراهية الوكالة
^ لماذا تكرهك السي آي إيه ؟
= شرحت لك كيف كشفت فشلهم.
^ وضعك معهم ألا يتطبع بعد 15 يونيو ( 2004 مغادرة تينيت مكتبه بشكل رسمي – ج ) ؟
= كلا ، عدة مرات حاولوا تعديل الوضع معي ، يتصلون ويأتون لكنهم لا يقدرون. تينيت كان يقف ضد هذه المحاولات وثمة أناس آخرين أيضا. الآن لا أعرف ما الذي سيحدث في هذا المسار ، لكنني في الحقيقة ضد التعاون السري ، نريد تعاون واضح بين العراق وأمريكا.
^ يقال أن " عرب الخارجية " يكرهونك لأنهم يفضلون سنيا لقيادة العراق ولم تخف هذه الرغبة دول جوار أيضا بالرغم من إرادة الشيعة والكرد في العراق !
= طبعا وحاولوا وهذه الدعوات التي انطلقت من الملك عبد الله بضرورة تسليم الرئاسة لضابط بطل في حرب قادسية صدام ، لكن هذا الأمر لا يمشي في العراق أبدا.
^ البنتاغون يختلف عنهم في رغبته في " إقامة عراق ديمقراطي " لقطع مصادر الإرهاب في الشرق الأوسط ، ووجد الاستراتيجيون في البنتاغون أهمية لعلاقاتكم مع إيران وفائدة للولايات المتحدة في هذا الصدد على الأقل واعترف الجنرال مايرز بأن المعلومات الاستخبارية التي زودتهم بها " قد نقذت حياة الجنود " ، فهل يعتقد البنتاغون بأنك أنقذت جنودهم فيما ترى السي آي إيه بأنك عرضت حياتهم للخطر ؟ ما هذه المفارقة ؟
= المفارقة تنحصر في أن السي آي إيه وتينيت كانوا يقولون هذا الكلام لتبرير فشلهم والذي جعل التعاون معنا مع أي طرف أمريكي صعب.
^ ما أكبر فشل أمريكي للسي آي إيه في العراق ؟
= أكبر فشل هو عدم قابليتهم على إسقاط صدام لفترة 13 سنة ، هذا فشل كبير. ثانيا ، عدم كشفهم لأسلحة الدمار الشامل في العراق ويعد فشلا كبيرا آخر. ثالثا ، عدم استطاعتهم حتى الآن كشف شبكات الإرهاب ويعتبر فشل كبير إضافي.
^ هذه مسؤوليتهم المباشرة ؟
= طبعا ، هم الجهاز الاستخباري المسؤول عن هذه المسائل.
^ هل لا تزال علاقاتكم مع سلطة الائتلاف التي بقى لها 18 يوم ( اللقاء الحالي جرى في 13 يونيو 2004 - ج ) على توترها واتصالاتكم معهم مقطوعة ؟
= نعم بقى لهم 18 يوما فقط. العلاقة الآن غير موجودة ومقطوعة تماما.
^ ما هي " السنة الأمريكية " اشرح لنا مصطلحك هذا ؟
= دائما الأمريكان يتنكرون لأصدقائهم في الظروف الصعبة. ويحاولون في الظروف الصعبة إلقاء اللائمة على أصدقائهم ويحملونهم مسؤولية الفشل في أي موضوع. نحن نتوقع هذا ونعرف طريقتهم. الآن يعانون من فشل أمني كبير في العراق ، يتحدثون أننا أتينا بهم ولم يعثروا على أسلحة دمار شامل ، بالطبع هذا اتهام سخيف ، دولة عظمى تأتي وتدخل في حرب بناء على معلومات ثلاثة أشخاص تعرفهم عليهم منظمة سياسية تريد الخلاص من النظام ، هم يصدقونهم و يضربون بعرض الحائط التقارير الأخرى ويدخلون الى الحرب.
حقيبة الإبراهيمي
^ أدى التناوش الداخلي بين الطوائف الأمريكية الثلاث أن روبرت بلاكويل الأكاديمي والدبلوماسي الطويل الباع ، التقط نظرية وأراد تطبيقها في العراق وهي إلقاء كل الأمور على الأمم المتحدة والأخضر الإبراهيمي وهذا ما أعلنت معارضتك له بشدة وحتى الآن ؟ لماذا ؟ أين تكمن الخطورة في إعطاء دور فاعل للأمم المتحدة في العراق ؟
= في الحقيقة لم تجر الأمور على هذا النحو ، بل حاولوا تشغيل الأخضر الإبراهيمي عندهم وهو في النهاية سار في هذا الطريق.
^ أثبتها لي ؟
= ماذا أعلن الأخضر الإبراهيمي ؟ قال أنه يريد تشكيل حكومة في العراق من الفنيين ، قال أنه لم يستخدم مصطلح تكنوقراط ، فنيين يأخذون على عاتقهم مسؤولية الحكومة والسياسيين يبتعدون ليتفرغوا للانتخابات. والتركيز يكون على العراقيين الموجودين في العراق الذين لم يتركوا البلد في حقبة صدام. لكن ما الذي حدث في جوهر الأمر ؟ رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ونوابهم ووزراء الدفاع والداخلية والمالية والخارجية وغيرهم كلهم سياسيين من الطراز الأول اشتركوا في المعارضة العراقية طوال سنوات عديدة. أين تخطيط الأخضر الإبراهيمي ؟ فشل في هذا المجال.
^ ما الذي حدث ؟
= الذي جرى أنه فشل في اختيار رئيس الجمهورية ، كان لديه مرشح معين وفشل في اختياره ، و جوبه بمعارضة شديدة في العراق وأخذ ينفذ طلبات الأمريكان بالكامل ، ولم يفعل أي شيء مستقل عن الأمريكان ، وهذا بلاك ويل كان يقول بأننا وضعنا الأخضر الإبراهيمي ، لكننا مسيطرين على الوضع ، وهذا ما حصل.
^ كنت تتحدث عن خطورة دور الإبراهيمي في العراق ، أين تكمن هذه الخطورة ؟
= شيء خطير الذي كاد أن يحصل ، غير أنه بدأ بالتراجع وأصبح للحكومة الحالية مجال أكبر للحصول على السيادة. أراد الإبراهيمي ممارسة السلطة ودفع العراق باتجاه معين بعد انتقال السيادة والسيطرة على قرارات الحكومة العراقية ، الأخضر الإبراهيمي لن يعود الى العراق في أي مهمة حسب المتحدث باسمه أحمد فوزي.
برقية لعنان
^ في زيارته الأولى ، لم تهاجموا الإبراهيمي علنا وسكتم تقريبا، لكنكم نغصتم حياة الباجه جي الذي أراد كتابة رسالة باسم الرئيس محمد بحر العلوم يجيز لمبعوث الأمين العام التدخل في الشؤون العراقية وحصلت المشكلة من أوقات تلك الرسالة ولغاية اللحظة الراهنة مع الأمم المتحدة ؟
= كنت انتظر تقرير الإبراهيمي.
^ بعد أن سافر الإبراهيمي اختلفتم بشأن عبارة الشكر في البرقية الموجهة الى عنان عن دور الإبراهيمي ونتائج زيارته.
= التقرير ناقشناه بمجلس الحكم والبرقية عندما كتبت في البداية كان فيها شكر الى عنان كما ذكرت ، لكننا لم نقبل عليها.
^ هذه البرقية كتبها الباجه جي.
= رفضنا هذا النص ، فعملنا لجنة.
^ لماذا رفضتم النص ؟
= لأن تقرير الإبراهيمي الذي كتبه وقدمه الى عنان ، يتكلم عن الطائفية ويوحي بأن الشيعة وراء الطائفية ، ثانيا ، يهدد بالحرب الأهلية إذا جرت انتخابات مبكرة ، ثالثا ، لم يذكر شيء عن مساوئ النظام السابق ومسؤوليته عن الأوضاع المأساوية التي يعاني منها العراق ، لم يحمله أي مسؤولية. وعندما بدا يتحدث عن الطوائف العراقية ، أعتبر الأكراد طائفة ، كل هذه الأمور أصبحت واضحة ، بأن التوجه كان قومي عربي.
^ وما علاقة الباجه جي بالموضوع ، هل بسبب الرسالة التي كتبها ؟
= لا أعرف بأنه الذي كتب الرسالة .
^ أنا أعرف.
= أنت تعرف. لكننا عارضناها وأكثرية المجلس ضدها.
^ كان هذا أول احتكاك بينك وبين الباجه جي ومجموعة معينة والباجه جي ؟
= يمكن. الذي حدث جاء السيد بحر العلوم والمجلس وشكلوا لجنة من أربع أشخاص هم حميد مجيد موسى والدكتور محمود عثمان وإبراهيم الجعفري وآخر ،
^ الباجه جي ؟
= لا ، لم يقبل . كتبنا الرسالة ، دون ذكر الإبراهيمي ، وقعها السيد بحر العلوم و سلمناها للأمين العام للمجلس ليقوم بإرسالها الى عنان. هذا الأمين العام اتصل بإدارة الائتلاف وببريمر ، ليأخذ موافقته على إرسال الرسالة.
^ هل يجوز ذلك ؟
= لا طبعا ، حصل ذلك دون علمنا.
^ وكيف يتجرأ سكرتير المجلس على خطوة كهذه ؟
= هو يعمل في مؤسسة أمريكية متعاقدة مع الحكومة الأمريكية.
^ من مجموعة المستشارين ؟
= نعم.
^ ولماذا وافقتم على تعيينه ؟
= بريمر قال عينوه ، فعينوه. هذا العمل غير صحيح ، والرسالة لم ترسل ، سألته لماذا لم ترسلها ، فأجابني بأن بريمر قال لا ترسلها.
^ كيف وافقتم كمجلس على إبقائهم أمينا لكم بعد هذه الفعلة ؟
= بقى لأن بريمر عيـّـنه. وبريمر عيّـن وزراء بدون علم المجلس وأقال وزراء بدون علم المجلس. عموما لم يبعثوا الرسالة والأمريكان عرفوا بأن الوضع خطير جدا فأرادوا التدخل مع الأطراف لإرسال رسالة أخرى. فجاء بلاك ويل وطلب وقال بأن هذه رغبة الرئيس بوش أن ترسلوا رسالة وتذكروا فيها اسم الأخضر الإبراهيمي فهو المكلف بتشكيل الحكومة. وبعثت الرسالة التي كتبوها في إدارة الائتلاف و طلب مني بلاك ويل ألا أعارض هذا الأمر كونها رغبة الرئيس بوش ، فقلت له لا أعارض لأننا ممتنين للرئيس بوش.
^ ألم تكن الأزمة برمتها شكلية في تلك الظروف القاهرة التي تمر بها البلاد ؟
= كلا . فالأمم المتحدة لم تكن متحمسة للقيام بهذا الدور ولا تزال.
^ هل أقنع الإبراهيمي الأمريكان بإعطاء دور للسنة وإلغاء سياسة اجتثاث البعث وإلغاء اقتحام الفلوجة و.... التخلص من الجلبي!!
= قضية اجتثاث البعث من أساسيات مهمة الإبراهيمي في زيارته الثانية. وبالنسبة لاقتحام الفلوجة ليس الإبراهيمي الذي منعه ، بل لم تكن للأمريكان رغبة في تنفيذه. أما التخلص مني فحدث عمليا خلال وجوده.
^ أمثلة عن هذه المضايقات التي تعرضت لها ؟
= لم يضايقني بشيء غير اقتحام البيت هذا ومكتبي.
^ هل للإبراهيمي علاقة بذلك ؟
= لا أعلم.
فضيحة النفط
^ قدتم مجلس الحكم في أكبر عملية لم يكن المجلس بقادر على تبنيها وهي التحقيق في تورط الأمم المتحدة في رشاوى الخمسة بلايين دولار من النفط مقابل الغذاء الذي وصل ولم يصل وكلفتم محامين لهذا الغرض ؟
= مجلس الحكم تبنى هذه القضية.
^ هل كان المجلس بقادر على تبني هكذا قضية كبيرة ؟
= طبعا يقدر ، لماذا لا يقدر ؟ تبناها وبريمر شكر مجلس الحكم. وجلبنا مدققين وليس محامين كما ذكرت ، مدققين من شركة Kpmg وهم أحسن شركة تعمل في هذا المجال في العالم.
^ أنت الذي شعلها ؟
= نعم ، والذي حدث أنني كتبت رسالة.
^ وعلى أي شيء استندت على وجود فضيحة ؟
= أعرفها منذ حصولها وبناء على معلومات في السابق أعلم بها من خارج العراق.
^ وأطنان الوثائق التي بحوزتك ، ألا تشير الى الفضيحة ؟
= فيها ، طبعا موجود فيها. لكني أعرف قبل الوثائق المحلية.
^ هل كان المدير السابق لبرنامج النفط مقابل الغذاء في العراق بنسون سيفان وديليت ناير رئيس مكتب خدمات المراقبة الداخلية يد بتسديد مبالغ إضافية خارج البرنامج لتذهب هذه الأموال لجيوب موردين أمريكان وفرنسيين وغيرهم ؟ هل هذه الفضيحة ؟ وما هي الفضيحة في الحقيقة ؟
= توجد الكثير من المخالفات الفظيعة ، أولها ، استخدام صدام لمبيعات النفط لأطراف ليس لها علاقة بالنفط للرشوة و شراء النفوذ السياسي عن طريق المال.
^ كان صدام يفعل ذلك عن طريق النفط المهرب ؟
= لا ، ليس فقط في التهريب ، بل في " النفط مقابل الغذاء ". هذه تعتبر مخالفة كبيرة لقرار مجلس الأمن. ثانيا ، الأولى عملها ، كيف عملها ، أنه كان يمنح موظفي الأمم المتحدة رشاوى المشرفين على هذا البرنامج.
^ هؤلاء الذين ذكرتهم ؟
= أنا لا أذكر أسماء. ولا أتتحدث عن أسماء ولم أذكر أسم أي شخص. ثالثا ، كان صدام يفرض ، من خلال المشتريات ، على الشركات المجهزة زيادة القيمة 10 % تدفع له نقدا. هذه كلها موثقة. والشيء الآخر كان صدام يزيد على شحنات النفط ، شحنات إضافية بالتواطؤ مع موظفي الأمم المتحدة ويأخذ ثمنها ويودع الأموال بحسابات بأسماء أشخاص في البنوك الأردنية.
^ لماذا لم تتحدث عن هذه الفضيحة أوقات صدام ؟
= من قال بأني لم أتحدث ، تكلمت عنها كثيرا ، لكن الأمم المتحدة كانت ترفض كلامي ولم تقبله ولم تأخذ به. وسأعطيك مثال : اكتشفنا بأن صدام يبيع الأدوية القادمة الى العراق ، قبل أن تصل الى العراق. هناك دواء خاص بالربو استوردوا ثمانية حاويات منه ، واحدة بيعت في سوريا ،،
^ هذا صدام باعها في سوريا ، فما شأن الأمم المتحدة ؟
= الأمم المتحدة كان من واجبها مراقبة الشحنات الخاصة بالبرنامج وكيفية وصولها وتوزيعها ، هذا في صلب واجب هيئاتها العاملة في العراق. بعثنا مندوبنا الى سوريا للتحقيق في الأمر وجلب لنا نماذج من الأدوية من صيدليات السوق ، سلمناها للأمريكان ، وبعثنا منه الى الأمم المتحدة ، كنت أعطيهم الأدلة وليس الكلام فقط.
^ لماذا لم تطالبوا بالوثائق الموجودة في لجنة 661 ؟
= لا يعطوها ، ونشر في " وول ستريت جورنال " حول هذه القضية منذ عام 2001 . ولجنة 661 رفضت حتى الإجابة علينا. بعثت رسالة الى كوفي عنان ورفض الإجابة هو الآخر.
^ كانت الفقيدة عقيلة الهاشمي مسؤولة ملف التعاون مع الأمم المتحدة و " النفط مقابل الغذاء " تحديدا أوقات صدام ، سألتها عن الأرشيف ، قالت أنه حرق ، وحاولت معرفة سبب عدم حمايته فقالت : لا تسألني ! وقالت في هذا الحوار : لو تعلم كم كان هناك من نهب في هذا البرنامج . بعد نشر حوارنا بأيام قليلة قتلت بعملية غامضة جدا ، هل تعتقد أنها كانت تعلم بما جرى وأرادت قوة ما إسكاتها ؟
= خطية ، كانت تعرف الكثير في هذا المجال ، فقدانها خسارة كبيرة عندها معلومات مهمة.
^ لنعد الى المدققين الذين كلفتوهم بالتحقيق.
= أتينا بشركة Kpmg واتخذنا قرار بالإجماع في مجلس الحكم تأييد اللجنة المالية وهذه الشركة في مساعيها في الأمر.
^ بناء على أوامر وصلت إليه ، أفشل بريمر المحاولة العراقية لاسترداد الأموال المسروقة واستأجر محاسبون عالجوا الأمر لصالح الأمم المتحدة !
= بل ألغاها ، وحولها لديوان الرقابة المالية وجلب شركة ثانية.
^ ما الشركة التي جلبها بريمر ؟
.Ernstyoume=
^ ماذا قررت هذه الشركة ؟
= الآن فقط بدءوا . لكننا لا نعرف تكليفهم ، أو أي شيء كلفوا به.
^ ولجنتكم وشركتكم التي تتابع الفضيحة راحت ؟
= راح المجلس ، لكن هذه الشركة محترمة ومعتبرة ، المشكلة أننا لا نعرف تكليفهم.
^ قد يكون تكليفهم معالجة الفضيحة و" طمطمتها " ؟
= لا نعلم. لذلك نريد إثارته الآن والمجلس الوطني لن يسكت وسيثير الموضوع ، والشعب العراقي لن يسكت عن هذه الفضائح.
برنامج مع البنتاغون
^ بعد توالي الأحداث أوقفوا صرف الـ 340 ألف دولار الشهرية للمؤتمر ، ما هذه القضية ؟
= لدينا مع وزارة الدفاع الأمريكية برنامج تعاون ضد صدام وعندما جئنا الى العراق أصبح ضد الإرهاب ، نحن نضع إمكانياتنا وهم يضعون إمكانياتهم ونتعاون في مجال كشف البعثيين والإرهابيين.
^ لماذا أوقفوا العمل في هذا البرنامج من طرفهم ؟
= بالعكس تماما ، نحن الذين أوقفناه.
^ لماذا ؟
= قلنا أن هذا الوضع لا يجوز أن يستمر في ظل السيادة في العراق. لا يجوز أن لدينا دولة ذات سيادة ونحن حزب وتنظيم سياسي نتفق مع منظمة عسكرية أجنبية ، ما يصير . وهذا الأمر ينبغي أن يحول الى وزارة الدفاع العراقية.
بعثيون ومقاولون
^ بعد هذا التوتر استأجر بريمر قوات من الشرطة وشركة متعاقدة مع السي آي إيه لمداهمة بيتك وتحطيم مقراتك وسرقة أضابير وكمبيوترات ..
= قال بريمر لا توجد تهمة ضدي ولا تحقيق معي ولا أي شيء كانوا يبحثون عن آخرين ..
^ ماذا يعني البحث عن ناس آخرين في بيتك ؟
= حتى يؤذوننا.
^ أنا لا افهم ، أنا مثلا ، لدي مذكرة توقيف بحق عباس ، لماذا أبحث عنه في بيت حسين ؟
= حتى يؤذوا حسين.
^ لماذا وصل الوضع الى هذا الحد ؟
= هذا الحال الذي وصل بهم هم ، واعتبروا أن الطريقة الوحيدة التي يحاولون فيها التأثير علينا سياسيا هي استعمال الشرطة للقيام بهذه العمليات.
^ عن أي أشخاص يبحثون ؟
= جلبوا 8 أسماء ، واحد أسمه كاميران ، وأسمه الكامل مجهول ، وآخر اسمه خالد بلا تكملة ..
آراس حبيب
^ وما مشكلتهم مع آراس حبيب ؟
= السي آي إيه يكرهونه ، يموتون منه ! لأنه ناجح وهم فاشلين.
^ ما العمليات التي قام بها آراس والتي تعتبرها ناجحة ، قلت مرة بأنه أصلح شخص لترأس المخابرات العراقية ، لماذا ؟ هل لأنه يسمع كلامك ؟
= نبدأ من الأول .
^ متى وأين تعرفت عليه ؟
= في عام 1992 ، في كردستان. العمليات التي نفذها في بغداد تثبت كفاءته.
^ حدثنا عنها.
= أولا ، توزيع جريدة بابل في بغداد. آراس نظم طبع جريدة بابل المملوكة لعدي ، بنفس العناوين ، لكن مقالاتها كلها خاصة بنا مثل نظام المؤتمر ومحاكمة صدام ، كلها بالجريدة وطبعها في كردستان ووزعها عن طريق شبكاته في بغداد وانتشرت بين الناس وهذا الأمر ذكره عدي في تلفزيون الشباب وشتمنا ، هذا في عام 1993 . وآراس كشف المؤامرات التي أحيكت ضدنا وعلى المعارضة في كردستان من قبل جهاز صدام وكشف الكثير من محاولات الاغتيال والتفجير ، للأسف عدا واحدة قتل فيها 28 شخص عام 1995 . نظم آراس الوضع العسكري تنظيميا ونجح في خلق تنسيق استخباري مع الأطراف العراقية السياسية الأخرى على نطاق واسع ، وكانت لديه أدق المعلومات عن تشكيلات صدام المخابراتية والعسكرية ونشرناها بالإنترنت عام 1997 وكل الأمن. واستطاع آراس اختراق جهاز المخابرات العراقية بشكل كامل وتحقق له ذلك في الأمن العام والأمن الخاص ، ونفذ عمليات كثيرة في هذا المجال ، واحدة منها هذا الشخص الذي بلغنا بكشف صدام للانقلاب الذي حدثتك عنه. وكشف آراس الكثير من عمليات المخابرات العراقية الخارجية. وأثناء التحرير كان لآراس شبكة من حاملي هواتف الثريا حقق نجاحات فيها أكثر من شبكة السي آي إيه ، بالإمكانات المحدودة التي لديه ، وكانت لدينا بفضل هذه الشبكة معلومات كاملة عما يجري في العراق وساهمنا بالتنسيق مع أطراف عراقية أخرى في السيطرة على مناطق في الجنوب وإخراج البعثيين منها قبل وصول القوت الأمريكية ، وكان آراس يدير هذه الشبكة ونجح الى حد بعيد. بعدها هنا في بغداد ، نجح بشكل كبير بالقبض على المطلوبين في قائمة الـ 55 وكشف إرهابيين آخرين. لقد كشف آراس الشبكات التي كانت تتعامل مع صدام أثناء هروبه ، بالأسماء نفسها التي عثروا عليها مع صدام لحظة اعتقاله ، وكنا نعرفهم قبل أن يطلع عليها الأمريكان عندما أمسكوا بصدام. الأمريكان صدقوا بهذه الأسماء عندما وجدوها عند صدام فقط.
^ هل لآراس دور في اعتقال صدام ؟
= كلا. ولا المؤتمر. لكن دوره كان أساسيا في اعتقال عبد حمود.
^ قلت لنا مرة بأن صدام كان حاضرا لحظة القبض على عبد حميد حمود ومر الأمريكان أمام عجوز بعصا يجلس على الأرض وتركوه ، كان هذا العجوز الذي شاهد كل شيء ، صدام !!
= نعم صدام رأى كل شيء ، ووقتها سألوا عبد حمود : أين صدام وقصي وعدي ، ولم يتعرفوا على صدام الذي كان جالسا بالقرب منهم.
المداهمة
^ نعود الى المداهمة التي تعرضت لها.
= دخلوا علينا الشرطة هنا ، أرادوا كسر الباب ، فقلت للحرس افتح لهم. هذا التصرف كنت متوقعه. رأيت شرطة يحملون مسدسات ويتجولون في الطابق الثاني فنهرتهم وسألتهم : ماذا تفعلون هنا ؟ قال أحدهم : أنا عبد المأمور . قلت لهم أخرجوا واجلبوا مسؤولكم ، جاء وجلس هنا اسمه محمود عبد الله. قلت له : ما خطبكم ، ما الذي تريدونه ؟ قال : لدينا مذكرة توقيف. قرأتها وخرج.
^ والتكسير والسرقات ؟
= هنا لم يحصل تكسير ، هناك حصل في المقر . عندما خرج شتمه الأمريكان ، كيف تخرج من البيت بدون أن تجلب أحد .
^ كان أمريكان ينتظرونه بالخارج ؟
= نعم ، لم يدخلوا الى البيت. دخلوا الى " الصيني ". عندنا أمريكيين يعملان معنا ويسكنان في البت المقابل ، جاءوا وسألوا عن المسؤول الأمريكي ، فانهزم الأمريكان الى داخل السيارات ، هؤلاء كانوا متعاقدين وتابعين لشركة " تانكو " وبقى هناك أمريكان واقفين على مبعدة ، أعتقد أنهم تابعين للأجهزة الأمريكية الخاصة. عندما بهذلوا الضابط العراقي لأنه لم يعتقل أحد ، جاء ليعتقل سائق أسمه كاميران . قلت لهم ما هذا أي واحد أسمه كاميران يعتقل لأن في قائمتكم يوجد هذا الاسم. أخذت " الكلبجة " وضعت طرف منها بيدي والآخر بيد كاميران وقلت : إذا تريدون اعتقاله ، خذوني معه . عندما رأوا ذلك غادرونا ورحلوا.
^ هذه كل الحكاية ؟
= انتهت في المسكن ولكنهم في المقر دخلوا وكسروا وسرقوا.
^ الذي يحمل مذكرة توقيف شخص لماذا يسرق حاجياته ؟
= هو اعتداء علينا وإشارة أرادوا فيها الإثبات لنا بأن هذا المكان مستباح. وهذه طريقتهم ويظنون بأنهم سيضعفوننا بها.
ضربة البنتاغون
^ صورتك المحطمة كتب تحتها في غلاف للنيوزويك " رجلنا المعتمد في العراق " جاءت في وقت كانت فيه وزارة الدفاع محبطة بفضيحة أبو غريب وليس لديها قوة لتساند أحد ؟
= طبعا ، البنتاغون مضروب وقتها بسبب مسؤوليتهم في أبي غريب واعتقد تينيت وأناس هنا داخل إدارة الائتلاف بأنهم قادرين على عمل هذا الشيء. وقالوا ذلك لبعض أطراف الحكومة العراقية الذين كانوا معي في مجلس الحكم بأنني أقوض سياستهم في العراق.
^ أنت أيضا وجهت لهم الاتهام نفسه ومحاميك صرحوا بأن " حكوميين أمريكيين " يريدون تقويض مهمة بوش في العراق ؟ من هؤلاء الحكوميين ؟
= صحيح ، لأن بوش تأثر بما يجري في العراق ، لو تلاحظ ، بعد أن توقف برنامجنا مع البنتاغون ، تزايد العنف في العراق وبشكل واضح في بغداد. كانوا يقبضون عليهم قبل تنفيذهم العمليات. والبنتاغون اعترف بهذه المسألة.
^ هل ستستأنفون التعاون مع البنتاغون ؟
= لا ، غير ممكن ، ينبغي أن يجري الأمر مع الحكومة العراقية. فهي المسؤولة عن الوضع.
^ ووضع آراس ؟
= آراس هو الذي قاتل البعثيين ، والبعثيين هم الذي دخلوا علينا هنا.
^ ما الذي جرى ؟ كنتم تدخلون على البعثيين ، الآن هم الذين يدخلون عليكم ؟!
= هذا شغل السي آي إيه وإدارة الائتلاف ، الضباط الذين دخلوا كانوا أعضاء فرق وبعثيين ، وهذه طريقة لقتلي ، بعدها يقولون قاومنا وقتلناه.
^ تعتقد بأن ما حصل سيناريو لقتلك ؟
= لا أعلم ، ولكن كان من الممكن أن يحدث ذلك. لأن باعتقادك هل كانوا مسيطرين على الشرطة والبعثيين.
^ إذا أنت صديقهم يعملون معك هكذا ، فهذا يعني بأن أي عراقي لا يمتلك حصانة أمام الأمريكان.
= طبعا ، وهذا الشيء أساسي بالنسبة للوضع الذي ينبغي أن يكون أمام أنظار الحكومة العراقية الحالية ، أي عراقي الآن ليس لديه حصانة وهذا الشيء يجب أن يتغير. المحكمة التي أسسها بريمر تشبه محكمة الثورة وهي محكمة استثنائية ومخالفة لقانون إدارة الدولة الذي حرم إنشاء المحاكم الاستثنائية. أي شخص يمكن أن يؤلفون له قصة : مخالفة بالمرور ، لم يدفع كهرباء ، لم يدفع ضريبة ...
^ ما الذي يجنونه من هذا وما فائدته لهم ؟
= هذه طريقة السيطرة على الوضع في العراق بعد انتقال السيادة. هذا الأمر أنا كشفته.
^ أنت لم تقصر ، مضيت قدما ولم تستسلم وظهرت في التلفزيون وطلبت مواجهة جورج تينيت في الكونغرس تحت القسم ، ماذا كنت تريد قوله " تحت القسم" ؟
= طلبوا مني عدم التكلم في الإعلام الأمريكي ، لكني لم أرد عليهم. أما بخصوص الكونغرس ، فليجلب معلوماته ، ألم يتهمنا بأننا أعطينا أسراره الى إيران ، قلت له : أجلب معلوماتك ، وأنا أجلب معلوماتي ، ولنستعرض ما قمت به في العراق منذ أن استلمت المسؤولية حتى الآن.
شفرة إيران
^ فلنتكلم عن حكاية الشفرة الإيرانية ؟
= لم نكشف أي شفرة ، لا يوجد شيء من هذا القبيل. كلام وتأليف سخيف.
^ هل تعرف خليل النعيمي ؟
= يا نعيمي ؟
^ الدبلوماسي الإيراني الذي قتل في بغداد .
= هذا مترجم ، يستعملونه كمترجم لأن يعرف عربي ، ولا أعتقد أنه ضابط استخبارات ولا أي هيئة أمنية ، كان يأتي مع السفير الإيراني الى هنا ، وكان السفير الإيراني يذهب عند كل الناس ويترجم له ، والسفير الإيراني زار كل الأطراف ، ولا أعتقد أن له دور معين. عمي هذا تأليف كامل ، لو ترى الطريقة التي عرضوا بها الأمر : كشفنا الشفرة ، الإيرانيين بنفس الشفرة بعثوا خبرا يقول بأن الشفرة مكشوفة. هل هذا معقول ؟ الأمريكان ذكروا بأنهم أجروا امتحان ذكروا بالشفرة بأنهم وجدوا مستودع أسلحة عندهم. الأمريكان قرءوا ولم يفعلوا شيء ، فهذا يعني أن الإيرانيين اطمئنوا بأن شفرتهم غير مكشوفة .. لماذا أنت يا أمريكا تعلنين عن كشف الشفرة ؟! أي واحد يفهم أبجدية الاستخبارات يدرك بأن هذا الادعاء تافه وسخيف. ثم من يقول بأن الإيرانيين لا يريدون توتير العلاقة بيني وبين أمريكا ويعملون مثل هذه الأمور ؟ لا يوجد سبب ولا أي ربط أن تعلن دولة هذا الأمر بالصحف ، إلا لغرض الضرر بالطرف الآخر الذي هو أنا. وسبب آخر ، لو كان صحيح ، لما أعلنته الدولة . جوهر المسألة هو اختلاق الشيء لسبب سياسي ضدي ، أنا أصبحت كما يقولون أقوض سياستهم في العراق ! يعني هل أنا أصبحت اليد الطويلة ذات التأثير؟
^ " أتركوا شعبي حرا يدير شؤونه " ودعوتكم لسيادة كاملة غير منقوصة وتشددكم لإجراء الانتخابات واعتراضكم على القرار 1483 وأول من اعترض على تعيين حاكم مدني وأول من خرج بالتلفزيون وكشف الفضائح المالية وطالب بسيطرة العراقيين على النفط ومواردهم وثرواتهم ، أرى أن لديهم أسس لشعورهم بمضايقتكم لهم وتقويض سياستهم ؟
= نعم ، طيب .. هم يتعاملون مع شخص يقول بأنه يريد إقامة علاقات طبيعية وطيبة معهم وممتنون لبوش لأنه ساعدنا على إسقاط صدام وتحرير العراق ونطمح بعلاقات مميزة مع أمريكا والذي لا يريد سيطرة أمريكية سرية على العراق يعتبر عدو لأمريكا. قد يكون عدوا للاستخبارات.
^ تستغل أخطاء الثلاثي بريمر – الإبراهيمي – بلاك ويل لتكتسب الشعبية للمعادين لأمريكا ! وحتى المداهمة صبت لصالحكم شعبيا ؟
= أنا غير زعلان ، أعطوني جائزة.
الخطة السرية
^ لماذا يصر الأمريكان برأيك على عمل المستشارين في الوزارات ؟
= أنظر ، ما الخطة الأمريكية ، وخطة الاستخبارات للسيطرة على العراق ؟
^ لا أعرف عنها شيئا!
= أول شيء بريمر خلق هيئات مستقلة عن أي طرف وليس لها علاقة بالحكومة ..
^ لمن تتبع ؟
= غير تابعة لأحد .
^ يعني تديرها حكومة المريخ !
= على هذا النحو ، لا تتبع لأحد ، عينها لمدة خمس سنوات وهي : هيئة النزاهة العامة ، الهيئة الإعلامية ، محكمة الجنايات الكبرى وهي خارج النظام القضائي العراقي.
^ هذه تابعة للمطار !!
= لا نعرف لمن تتبع ، هنالك أيضا تعيينه للمحافظين ومدراء الشرطة لخمس سنوات ولا يجوز إسقاطهم ، المحافظين ينبغي أن ينتخبوا مع مدراء الشرطة بعد انتهاء الانتخابات.
^ بما يشبه دولة داخل الدولة !
= أسمع ، عين مفتشين عامين في الوزارات هو الذي عينهم خالق بذلك شبكة داخل الحكومة خارج سلطة الوزير والحكومة.
^ هذه الأمور كانت أيامكم عندما كنتم في مجلس الحكم ورواتبهم أعلى منكم بعشرة مرات !
= صحيح ، عمل الكثير من هذه الأمور. لنأخذ مثلا ، محكمة الجنايات الكبرى ، كل قاضي فيها ، حمايته فقط تكلف في الشهر 70 ألف دولار . يأتي بمحامي جديد ، يعينه مباشرة قاض من الصنف الأول رأسا ، وهو في الصنف الرابع. ويعطيه صلاحيات لكي يأمره ، هذا الذي اقترفه بريمر : في كل مكان لديك غطاء وفي الوزارات مفتشين ، وإذا يوجد مستشارين أمريكان استمروا بإدارة الائتلاف وسينتقلون الى برنامج السفارة الأمريكية الكبيرة التي ستظهر ، ومنهم في وزارة الداخلية واستخبارات الشرطة وفي الفروع الخاصة بالشرطة ، هؤلاء سيبقون بصفة ما ، لكن لديهم علاقة خاصة بهذه الهيئات والأجهزة التي خلقوها ويسيطرون على الدولة العراقية عن طريق هؤلاء والوزراء سيصبحون بأيديهم ، لاسيما وأن الأمريكان لديهم بلايين الدولارات سيصرفونها بالمحافظات والمناطق الأخرى. هذه الطريقة للسيطرة على العراق بشكل سري. تكلمت عن هذه المسألة انزعجوا مني طبعا.
خروقات مالية
^ هل وضعت يدك على خروقات مالية تتعلق ببريمر ؟
= هذه مسألة فيها ..
^ هل وضعت يدك عليها ؟
= ليس أنا ، أنا لا أعرف ..
^ وماذا تعرف ؟
= بدأت القصة منذ صدور 1483 الذي خلق مؤسسة اسمها مجلس المشورة والمراقبة الدولي على طريقة صندوق تنمية العراق. وهذا عبارة عن حساب يجب أن يكون في البنك المركزي العراقي يحوي جميع أموال العراق السابقة تتحول له والجديدة تدخل إليه والشخص الوحيد منفردا المكلف بالصرف من هذا الحساب هو بريمر.
^ ولا عراقي عضو في هذا الصندوق ؟
= لا يوجد أحد ، هذا عبارة عن حساب مصرفي هو ( بريمر ) الوحيد يمضي عليه ومنفردا مخول بالصرف.
^ هل شهد هذا الحساب خروقات ؟
= لا أدري . الآن معينين شركة هي " كي بي أم جي " للتدقيق في الحساب وهذا " البورد " مجلس المشورة والرقابة الدولي الذي عينه مجلس الأمن هم اختاروا ويواجهون الآن صعوبات في التدقيق. المدققين الخارجيين يواجهون صعوبات جمة.
^ لو عندك معلومات قولها لنا ؟
= هم سينشرونها.
^ هل صحيح أن أحدا سحب ما قيمته 14 بليون دولار من احتياطي نفط العراق بصورة سرية وخلافا للاتفاقات السرية والمعلنة من قبل البيت الأبيض وتم نقل العائدات المالية الى أمريكا بصورة غير رسمية؟
= ليس عندي معلومات.
^ هل تخصص الأموال التي تسرق من العراق لمهام سرية غير رسمية وأن الكونغرس غير مطلع عليها ؟
= طبعا ، توجد أموال ، يأخذونها من صندوق تنمية العراق ويخصصونها لصرف ما يسمونها : صندوق المصروفات الاضطرارية للقادة. حولوا منها مئات الملايين من الدولارات ، ولا أحد يعرف كيف تصرف بأمر القائد.
^ كلها سرية ؟!
= نعم. تسجل كمجموعة وليس كفقرة فقرة.
^ هل اختلس المحيطون ببريمر مبلغ بليون و 400 مليون دولار من الموازنة الأمريكية المخصصة للعراق ؟
= لا أعرف ، هذه كلها ستظهر بالتدقيق. لدي ثقة بأن الكونغرس الأمريكي يدقق جيدا في مثل هذه القضايا. أعرف عمق التدقيق الذي يقومون به ولن يتوقفوا أو يتهاونوا.
^ ومن ناحيتك ماذا ستفعل ؟
= سأدافع عن العراق ، وعن أمواله ، لقد حدثت سرقات فظيعة ، إحدى القضايا التي صارت بين 18 فبراير و 19 مارس 2003 تم شحن مليون طن نفط من البصرة قبل الحرب بشهر الى الأردن وإلى شركة أردنية أسمها شركة الألفية أصحابها خالد وأكرم شاهين أخوه. كان الطن من النفط في ذلك الوقت يساوي 140 أو 149 دولار لا أعرف ، باعوا الطن بخمسين دولار ، يعني أقل من السعر بما مجموعه 96 مليون دولار ، ما هذا ؟ ولماذا ؟ لماذا أخذوا 196 مليون دولار ؟ هذه شركة الألفية ، بعدها يأتي أحدهم ويحصل على عقود من إدارة الائتلاف الآن بالجديد . هذه القضايا كلها يجب أن يطبع عليها الشعب العراقي ، فالعراق بحاجة ماسة الى هذه الأموال. توجد أموال للآن لم تسلم للعراق خلافا لقرارات مجلس الأمن.
إلزام الحكومة
^ ما رأيك بقرار مجلس الأمن الجديد ؟
= أحسن مما طرح أول مرة ، ولكن فيه التزامات رهيبة ، مثل قبول العراق بكل التزامات إدارة الائتلاف.
^ وضح لنا بالتفصيل هذه النقطة الهامة ؟
= إدارة الائتلاف أبرمت عقود تلزم صرف أموال العراق بعد انتهاء فترة إدارتها ، الحكومة العراقية ، حسب قرار مجلس الأمن ، ملزمة بتنفيذ كل العقود التي وقعتها إدارة الائتلاف.
^ هل أن وجودكم خارج الحكومة أريح من الناحية السياسية ، فتنصب مهمتكم مثلا ، لانتقاد الحكومة وإظهار التقصير كأي معارضة تقليدية ؟
= الموضوع الذي افتعله الأمريكان ضدي ، حرروني به. فقد كانت بعض الأمور الأخلاقية تربطني بالعلاقة مع إدارة الائتلاف ، الآن وبعد الاعتداء السافر الذي تعرضت له ، وكان من الممكن أن أتعرض للضرب أو القتل ، جاءوني يحملون مسدسات ، هذا الأمر حررني من الالتزامات الأخلاقية تجاه إدارة الائتلاف.
^ والالتزام تجاه الحكومة ؟
= عندما تشكلت الحكومة الحالية أنا كنت في النجف لوقف القتال. أفضل طريقة للتعامل مع الحكومة الآن حسب فتوى السيد السيستاني التي اعتبرها خارطة طريق للتعامل وأساس العمل السياسي.
^ الحلول المستوردة أنهكت البلاد ، الى أي مدى يعتمد ساستنا على الغير في حل مشكلاتهم حتى المحررين استوردوهم؟
= هذا الأمر يجب أن ينتهي ، العراقيون قادرون على حل مشاكلهم بشكل أفضل من هؤلاء. مثلا ، صرفوا من جملة ما صرفوا ، من صندوق تنمية العراق 620 مليون دولار الى دائرة الهندسة في الجيش الأمريكي لتصليح الكهرباء.
^ كهربائنا لو كهربائهم ؟
= لا كهربائنا.
^ وصلحوها ؟
= وزير الكهرباء قال بأنه في شهر يونيو تكون 18 ساعة كهرباء في اليوم ولم يتحقق من هذا الوعد شيء.
^ خلال جلستنا فقط قطعوها ثلاث مرات.
في بيانكم الأخير كلام عن " إزالة آثار الاحتلال في كافة جوانبه " ، من يستطيع إزالة آثار الاحتلال ؟
= الحكومة .
^ كيف تستطيع حكومة مؤقتة القيام بهذه المهمة الخطيرة ؟
= بدعم من القوى السياسية والشعب العراقي.
^ أي قرار كنت صانعه الأساس في مجلس الحكم وفخور به ؟
= التحقيق في فضائح النفط مقابل الغذاء واجتثاث البعث.
^ أصبحتم رئيسا لدورة مجلس الحكم وتزامن ذلك مع تشكيل أول حكومة عراقية بعد التحرير. منحكم ذلك الذراع التنفيذي لترجمة قراراتكم على الأرض وبدأت السلطة التشريعية والتنفيذية فعليا بيدكم في العراق ، قدر لكم أن تكونوا في واجهة طريق المتاعب الذي عليكم أن تسلكوه بما فيه ، هل يمكن أن تقارن بين تلك الأيام التي كنتم فيها في أعلى هرم في السلطة العراقية وظهور الحكومة والآن والحكومة تظهر بغيابكم الكامل ؟
= ساهمت في تشكيل الحكومة الماضية التي شكلت من قبل العراقيين ، الأمريكان وبريمر رشحوا وزيرا واحدا وهو وزير النفط الحالي ورفضناه. الحكومة الحالية شكلتها أجهزة أمريكية مباشرة و على خلاف الحكومة السابقة التي شكلناها في مجلس الحكم بالتشاور ، هذا التشاور هو من باب الأخذ بالعلم لا أكثر ولم يتدخلوا في فرض وزير إطلاقا.
50 سنة وكلمة
^ قلت بأنك تعرف الدكتور أياد علاوي منذ 50 سنة ، هل لك أن تحدثنا عنه بخمسين كلمة ؟!
= نحن نفس العمر ومنذ صغرنا نلعب معا وبيننا قرابة ونسب وقضينا المدرسة المتوسطة معا وكلية بغداد وعلاقاتنا قديمة وعائلية عميقة جدا. شخصيته قوية وهادئ ويمتلك فهم بالعلاقات السياسية التي تربط العراق بالغرب وأمريكا ومدرك للمسائل الاستراتيجية ويستطيع أن يكون رئيس وزراء ناجح.
^ يقصى وزير الدفاع العراقي السابق الدكتور علي عبد الأمير علاوي من منصبه بعد أن أكدوا في سلطة الائتلاف على بقائه بسبب تصريحاته حسب رأيك حول بقاء القوات الأجنبية أشهرا وليس سنوات ودعوته لتسليح الجيش العراقي ، غير أن بعض ممن تم اختيارهم في المناصب الرئيسية للبلاد يدعون في تصريحاتهم لإنهاء الاحتلال أيضا ؟
= صحيح ، والعديد من القضايا حصلت معه. أولا ، تصريحه حول بقاء القوات لأشهر ، ثانيا ، لم يقبل أن يكون لواء الفلوجة جزء من الجيش العراقي ، طلبوا منه ولم يوافق. وثالثا ، يناقشهم في خططهم ويضع خططا بديلة ، لذلك لم يعجبهم. وهو قدير ولديه فهم بالإدارة الحديثة ، إقصائه خسارة حقيقية فهو من أقدر الوزراء ، إن لم يكن أقدرهم.
^ كنتم أول من رشح الشيخ غازي الياور لرئاسة الجمهورية من خلال جريدة المؤتمر ، لماذا رشحتموه ؟
= لأن غازي الياور شخص يمتلك فهما كبيرا بالمجتمع العراقي ويتفاعل ويتعاطف مع العراقيين بشكل واسع وشخصيته قوية وطبيعته يؤلف بين القلوب.
^ خلال تشكيلة الوزارة الحالية كانت هناك " مساومات وتسويات وعمليات إرضاء " ، ألا تستطيع توضيحها لنا ؟
= أذهب الى الوزارات وستجد ما يؤكد هذا ، وثمة مستفيدين من كوبونات النفط في الوزارات وثمة من ينطبق عليهم قرارات اجتثاث البعث وسنكتب لرئيس الوزراء حول هذا الموضوع.
اجتثاث البعث
^ سياسة اجتثاث البعث وسوء الفهم الكبير الذي رافقها وجعل الجميع بما فيهم بول بريمر والأخضر الإبراهيمي وكل من يزور العراق ويكتب عنه يفلسفونها ، هل كان العراق بحاجة الى التباس قصد في هذه الظروف؟
= اجتثاث البعث كان ضروريا جدا ، لا تحرير ولا حياة للعراقيين بالحرية والاحترام بدونه.
^ لماذا ارتبط باسمك ؟
= لا ، ليس باسمي ، كان قرار مجلس الحكم .
^ عندما يذكرون اجتثاث البعث أتذكرك !
= أدري لا بأس ، لكنه قرار لمجلس الحكم ودخل في قانون إدارة الدولة.
^ هم خصومك السياسيين ، ألم تعثروا لحل غير هذا ؟
= منذ مجيء صدام انتهى البعث كحزب سياسي وأصبح أداة لتنفيذ الجرائم التي مارسها صدام ضد العراق والشعب العراقي وأصبح البعث بيدق بيد هذه الطاحونة الدموية التي أسمها نظام صدام ، لذلك فأن البعثي قد يحمل نوايا حسنة ولا يضمر الشر ولكنه أصبح جزء من حالة ونظام مجرم. وقلنا في قرار اجتثاث البعث ، أن كل بعثي دون عضو فرقة لا أحد تعرض له ولا أحد سأله أو أخرجه من وظيفته الذين هم 90 % من البعث. والباقي 90 ألف مشمولين بالمسائلة. الذين يمكن إعادتهم هم أعضاء الفرق ، أما يأخذون تقاعد أو يحصلون على الاستئناف ويجري تساهل معهم في هذا الشأن. أما أعضاء الشعب فما فوق فهؤلاء لا يعادون. لا تنسى ، ثمة رد فعل سيء على إعادتهم. فالبعثيين لا يزالون منظمين وشبكات الاتصال فيما بينهم ولديهم قابليات لتقويض النظام الحالي والعمل ضده وإعادة سيطرتهم ، هذا الأمر من الممكن حدوثه. بالنسبة لأعضاء الفرق ملزمين بعدم ممارسة أي نشاط سياسي بعد عودتهم. وبعض المحافظات رفضوا إعادتهم حتى لو توافق لجنة الاجتثاث على إعادتهم كمحافظة الديوانية التي كان محافظها وزير الدفاع الحالي حيث وصلتنا رسالة منه تقول أن مجلس المحافظة رفض دراسة أي موضوع يخص الاستئناف.
^ وثمة أحزاب تمنح " صكوك الغفران " للوزارات من أجل التعيين أو إعادة التعيين ، الأمر الذي خلق فسادا جديدا ومنبع لربح الطفيليين ، هل كان الأمر ضروري لكم في هذه المرحلة ؟
= هذا الفساد لا يعني أن الموضوع الأساسي خطأ ، والفساد ينبغي كشفه وسنكشفه.
البيت الشيعي
^ " البيت الشيعي " بدأ بقوة نسبيا بحل أزمة المصادمات في المدن المقدسة ، ألا تعد هذه سابقة قد لا تنعش ما يمكن تسميته " الوحدة الوطنية " ، فهل سيعيش العراق مرحلة " البيوت " المذهبية والأثنية ، وهل أن " البيت السني " ستكون مهمته حل مشاكل " المثلث " و" البيت الكردي " يرتكن الى هموم كردستان و" البيت التركماني والآشوري والصابئي وغيرها ...؟
= البيت الشيعي ضروري للتنسيق والعمل بين الأطراف السياسية الممثلين لهذه الطائفة المحرومة ، لا يعرف بشكله الطائفي ، لكن لغرض تمثيلي من أجل الدفاع عن حقوق هؤلاء ومناصرتهم ومنع الاضطهاد عنهم.
^ كشيعة ؟
= نعم. فالغرض هو أعطائهم الحقوق الطبيعية وكذلك دمجهم بالعراق ككل. والآن هناك " البيت الشيعي " وظهر " المجلس السياسي الشيعي".
^ ماذا يفعل برأيك علماني ليبرالي وسياسي براغماتي مثلك في " البيت الشيعي " ؟!
= كي أوجهه للعمل لمصلحة العراق.
^ كقائد سياسي علماني نما وسط الأفكار والعادات والنمط الليبرالي الغربي ، ما فرصة تحالفكم مع الإسلاميين من المذهبين لخلق التوازن السياسي في البلاد ؟
= هو الإسلاميين كم عندهم تمثيل في الحكومة الحالية ؟ اثنين فقط ، أقل من 10 %. هم ملتزمون بالعملية الديمقراطية وإرادة الشعب العراقي.
^ هل تعلم مدى الشعبية التي حصلت عليها في مدينة الصدر ؟ هل دعوت الصدر لعدم الاستسلام ؟
= لا أعلق على هذا الموضوع. بالنسبة لدعوتي للصدر لا أتحدث عنها.
^ قلتم أن مشروعكم لإحلال السلام في المدن المقدسة الذي طرحتموه بعد المصادمات مباشرة طبق بالكامل ولكن بعد سقوط الكثير من الضحايا ، ما الذي احتواه هذا المشروع ؟
= هو هذا المحزن في أن كل القضايا التي طرحت في رسالة السيد مقتدى والتي قبلها الأمريكان ، طرحتها نفسها قبل خمس أسابيع وقبل 500 قتيل راحوا ولم يستجيبوا لها. لكن الذي حدث أن اللحمة فيما بين الشيعة أعيدت.
^ حتى الشيعة المتعاونين جدا مع الأمريكان ؟
= أصبحت الآن مواقفهم تدعو الى التفاهم بشكل طبيعي.
^ هم ليسوا معكم لا في البيت ولا في المجلس ، وعينوا من قبل الأمريكان في مناصب حساسة.
= فليعينوهم لا بأس ، بعد الآن لن يقدروا ، القضايا بدأت تنكشف.
صدام في حمام
^ أين صدام الآن ؟
= في العراق ، ليس في بغداد.
^ عند من ؟
= عند الأمريكان.
^ عند أي ملة ؟
= عند الجيش الأمريكي.
^ كيف علمت بالقبض عليه ؟
= علمت قبل إدارة الائتلاف وبريمر. فالجيش لم يخبروا إدارة الائتلاف. كنت في مجلس الحكم عندنا جلسة خابرني آراس وأخبرني.
^ وكيف علم آراس ؟
= بلغوه جماعته في تلك المنطقة بأن صدام أعتقل ، بعدها أتصل كوسرت وقال أن صدام أعتقل.
^ ماذا فعلت في هذه اللحظات التي طالما انتظرتها ؟
= تركت المجلس واتصلت بإدارة الائتلاف وسألتهم فيما إذا أمسكوا صدام ، فالذي تكلمت معه قال كلا . قلت له تأكد. قال : أنك لم تخبرني بشيء ولم يكن صحيحا. كان لدي موعد مع بريمر وعندما رأيته أشار لي بعلامة النجاح ، وقتها تركت موعد بريمر.
^ كيف ذهبتم الى صدام ؟
= عندما عدت ، قالوا قابلوا صدام ، واختاروا عبد العزيز ( الحكيم ) وأنا والباجه جي. كان عبد العزيز رئيسا لمجلس الحكم وموجود في باريس فجاء محله عادل عبد المهدي. جاء موفق الربيعي وطلب أن يأتي معنا ، أبدى آخرين رغبتهم في المجيء لم يسمحوا لهم. ذهبنا بالهيلكوبتر الى المطار.
^ لماذا وضعوه بهذه الغرفة المكسرة ؟
= المكان هو حمام .
^ يعني لماذا أربعة من قادة العراق يجلسون مع رئيس العراق السابق في حمام بالمطار ، هل كانوا يقصدون إذلاله ؟!
= لا ، هذه طريقة الأمريكان ، لا يفكرون هكذا ، أهم شيء بالنسبة لهم منطقة أمينة ، جاءوا به للتو وليس لديهم آمن من هذا الحمام. حيث لا يوجد شبابيك ولا منافذ أخرى. هل شاهدت الصورة التي نشرناها ؟
^ طبعا ، لكني أعرف أن لديك 36 صورة عن هذا اللقاء ، أعطني واحدة !
= لا يوجد لدي.
^ قلت لنا مرة في حديث خاص عن تلك المعلومات التي أخبرتم بها الأمريكان عن مكان اختباء صدام ومسلسل الغباء الذي قدموه بعدها؟
= نعم ، نعم ، لكن اعتقد أن اقرب مكان أوصلناهم فيه الى صدام كان لحظة القبض على عبد حمود.
^ قلت لنا في حديث آخر بأن صدام كان ينظر إليك نظرات غريبة وطلب منك البقاء منفردا ليتحدث إليك ، غير أنك لم تمنحه هذه الفرصة ؟ أينقصك الفضول للتوقف قليلا ومعرفة ما يريد ، أم أنها تعليمات سجاني صدام بعدم الانفراد به ؟
= كان مستغربا جدا وعيونه تتساءل عن سبب قدومنا ، أنا أول واحد دخل عليه ، في البداية سألنا بريمر : كيف تقابلونه ، تريدون تلفزيون أو تتحدثون معه من خلال مرآة ، فقلت له لماذا فلنراه مباشرة.
^ أي انطباع تولد لك في تلك اللحظات ؟
= الحزن .
^ حزنت عليه ؟
= لا ليس عليه ، بل على الشعب العراقي ، هذا الشخص الذي دمر وقتل مليون شخص جالس ذليل أمام الأمريكان.
^ هل شعرت بأنه يريد أن يعيش ، يحب الحياة ؟
= سأله موفق الربيعي لماذا لم تقاتلهم ، استنكر وقال : هل أقاتل هؤلاء ، وأشار الى الأمريكان . وردد : ماذا تعرف عن القتال .
^ طلب منك البقاء والتحدث إليك بشكل منفرد.
= قال أنا احترم الجلبي والباجه جي. أريد التكلم معهما. فليبقوا معي وليخرج هذان الشخصان.
^ ماذا كان يريد منكما ؟
= لا أدري ، فهل كان في حال يستطيع أن يقرر فيه من يجلس ومن يخرج ؟!
قائمة الـ 55
^ الذين بقوا في قائمة الـ 55 ، على ما أظن تسعة فقط ، ما حل بهم ؟
= في الخارج قسم منهم.
^ حتى عزت الدوري ؟
= عزت الدوري موجود في سوريا.
^ في سوريا !!
= أعتقد.
^ والحبوش ؟
= طاهر جليل الحبوش ومخلف الدليمي مسؤول الشؤون المالية في المخابرات وهما اللذان يمتلكان الحق في التوقيع على أموال المخابرات خارج العراق الآن.
^ عند الأمريكان ؟
= لا. عند مئات الملايين من دولارات المخابرات.
^ بجوازات مزورة وفلوسنا. هل توقف البحث عنهم ، أرى الأمريكان ساكتين عنهم ؟
= الأمريكان سكتوا ، نعم سكتوا. لا توجد جدية بالبحث عنهم. هذا ينبغي أن يكون من واجبات الحكومة العراقية.
وطنية وقومية
^ متى ستبرز في العراق ما يمكن أن نسميه بـ " الفكرة الوطنية" ، هذه الفكرة المنزوعة من أيدلوجيا بحد ذاتها وتفسر المصطلح الأكثر غموضا في التاريخ السياسي : المصالح الوطنية العليا! متى يفهم الجميع وكل الأطياف ، ما المقصود بالمصالح الوطنية العليا؟
= المصلحة الوطنية العليا إقامة حكومة عراقية واجبها بالدرجة الأولى احترام الفرد العراقي وكرامة العراق وكرامة كل فرد عراقي وممارسة هذا الشيء بشكل حقيقي والأطر التي نقول عنها هي الفيدرالية والديمقراطية والتعددية وأهم شيء احترام الفرد وشأنه ومستوى حياته وإدخاله الى العالم الحديث اقتصاديا وإلغاء القوانين الاستثنائية ومحاكم الطوارئ ، للآن قوانين صدام غير ملغية. محاسبة الذين ارتكبوا الجرائم بحق الشعب العراقي وإنصاف أقرباء وذوي سكان المقابر الجماعية لم نعملها ، الكل يقول لك لماذا لا تعيد هذا البعثي فهو إنسان جيد ، قد يكون ، لكن هؤلاء المسحوقين والمنكوبين وأهالي الشهداء ، كلهم لم ينصفوا للآن ، هذا الأمر يعتبر اكبر تقصير لمجلس الحكم ، لم يستطع أن يعمل شيئا لهؤلاء. ماذا حصل للاعتراف بجميل الذين سقطوا شهداء من أجل إسقاط صدام ، ماذا حصل ؟ لا شيء.
^ هل تكسرت الدولة القومية ، أولا ، لأن الفكرة القومية لم تعد مذهبا كالسابق ، وثانيا ، أدى انتشار اقتصاد السوق على النطاق الكوني الى بعثرة أوصال الدولة القومية ، وثالثا ، لأن القوميون لم يلتزموا بالشعارات الديمقراطية التي رفعوها ومنحوا الأمة أسوأ الأنظمة الدكتاتورية ؟
= راحت الدولة القومية بسبب أنها أصبحت غطاء للعنصرية. ليس لدي اتجاه قومي واختلف مع القوميين سياسيا ، يوجد قوميين غير عنصريين ، مثلا ، فيصل الأول كان قوميا ، غير أنه ليس عنصريا ، التفكير باعتبار قومية ما أساسا للتعامل السياسي ، سيفسح المجال للتعالي على الآخرين. والقومية بحد ذاتها فيها أمور كثيرة ضد الإسلام.
^ ألا تخشون من سطوة ظاهرة الأقرباء والحزبيين في الوزارات الحزبية. بمعنى أدق : بغياب مؤسسة للخدمة المدنية في البلاد وهي التي تعنى بتعيين الموظفين وكوادر الدولة ، سيجلب المسؤولون الجدد أقاربهم ورفاق حزبهم الذي دفعهم الى هذا المنصب أو ذاك ، وستتحول الوزارات الى عشائر حزبية ، إن صح التعبير لخدمة عائلة الوزير والحزبي والحزب ، هي حصة الحزب والمستوزر.
= هذا خطأ ويجب أن يزال.
^ أدرك العقدة التي يشعر بها أي عراقي من شعارات النظام السابق ، لكن إهمالكم للقضية الأولى في الشرق الأوسط وأقصد " القضية الفلسطينية " وعدم إيرادها في كل بياناتكم منذ مؤتمر لندن ولحد الآن ، يجعل موقف النظام العراقي الجديد منها غامض ، لاسيما أن العراق كان دائما في قلب الأحداث العربية في التاريخ القديم والمعاصر وكل الأنظمة المتعاقبة منذ تأسيس الدولة العراقية المعاصرة كانت تهتم بها بهذا القدر أو ذاك ، فهل أن القضية الفلسطينية مذنبة عندما تتبناها زمرة فاشية ، أم أنه موقف منكم من أزمة الشرق الأوسط؟
= نحن لدينا مصيبة في العراق ، والشعب العراقي يعاني من مآسي ، غير أن هذا لا يعني أن الشعب العراقي لا يتعاطف مع قضية الشعب الفلسطيني. لكن طريقة استخدام الموضوع الفلسطيني من قبل النظام السابق في العراق واستغلاله لأغراضه السياسية البحتة ، خلق جوا سلبيا أو عقدة ، تحولت الى مناكفة أو بعض الحالات الى عداء للفلسطينيين. هذا الشيء ينبغي أن نسيطر عليه ونفصل ما قام به النظام ولا ينبغي أن نزايد عليهم والذي يقبل به الفلسطينيون ندعمه. هم الآن يتفاوضون مع الإسرائيليين ويطلبون تدخل الولايات المتحدة لمساعدتهم ، نحن لا نزايد عليهم ونشتمهم لأنهم طلبوا ذلك وسنقبل بما يقبلون عليه والعراق لا توجد لديه حدود لا مع إسرائيل ولا فلسطين ، والآن العراقيين مبتلون بأمور صعبة للغاية.
^ في مؤتمر صحافي عام اتهمتم " مسؤولين عرب " بالتدخل في شؤون العراق ، بل والتورط في أعمال إرهابية داخل البلاد ، هل لديكم أسس لهذا الاتهام ؟
= صحيح ، توجد تنظيمات حزب البعث يجرى استغلالها وهناك تهريب أسلحة من سوريا الى العراق واستعمال المال العراقي الموجود في سوريا لتمويل هؤلاء ، هذا الشيء يحدث وهو خطأ.
^ لماذا لم يظهر في العراق سياسي شارع ؟ هل تعتقدون بإمكانية ظهور مثل هذا السياسي في أجواء الحرية الآن أو في المستقبل ؟ فالجماهير العراقية تبحث عن بطل على مر أجيالها ، وخططكم تجاوز دولة الرجل الواحد ، العراقيون ساهموا في دكتاتورية صدام وأربكوا قاسم ، هل لظاهرة " عبادة الفرد " في العراق أسسها الدينية – المجتمعية ، أم مسألة أخرى لم أعزز إدراكي لها ؟
= أنا ضد هذا الشيء وينبغي احترام دولة المؤسسات.
^ أي فكرة تسير بالعراق ؟ مقولة العراق التعددي الديمقراطي البرلماني الفيدرالي ، خلطة قد تبدو صعبة النتائج بلا تعزيز فكرة بعينها؟
= جيدة ، يجب مواجهة المشاكل الحقيقية التي تسببت في فشل منظومة الحكم في العراق واللجوء الى العنف وظهور شخص مثل صدام وحزب كالبعث الممجوج ، يجب إنهاء هذا الأمر بجمهورية برلمانية.
^ ما فرص عدم إيقاع العراق في شرك الدولة الطائفية ؟
= لدينا فرص قوية ، غير أن هذا لا يعني إخفاء الطائفية والتستر عليها والادعاء أنها غير موجودة.
لقاءات الملك والبتراء
^ قضية البتراء مدنية ، فلماذا برأيكم أحالتها السلطات الأردنية الى محكمة طوارئ عسكرية عام 1994 ؟
= لأن لا توجد لديهم قضية مدنية ولو دخلت كقضية مدنية لفشلت.
^ أسمى خضر تقول بأن لا يوجد لقاءات بينكم والملك حسين ؟
= هي تكذب ، التقيت بعد عام 1994 بالملك 4 مرات ، أو هي جاهلة بالموضوع. الذين كانوا معنا في الاجتماعات موجودين ، فلتسأل رئيس وزرائهم الذي استقبلني في بوابة فندق " فور سيزنز " الذي كان الملك حسين يسكن فيه. لتسأل عبد السلام المجالي والعناني والموجودين على قيد الحياة.
^ لماذا لا يتكلمون ؟
= يخافون.
^ ما ردكم على اتهامكم بتفجير السفارة الأردنية في بغداد ؟
= بأنهم أغبياء وهذه استخباراتهم فالله يساعدهم.
^ هل حاول النظام العراقي اغتيالكم وسرقة البتراء ؟
= نعم.
^ هل كان بنك البتراء غطاء استخباري لعملكم ؟
= هدفه الأساسي كان إسقاط نظام صدام وكل أعمالي تنصب في هذا الهدف.
^ قلت لـ " القبس " أواخر التسعينات بأن " النظام العراقي كان يتآمر مع مسؤولين أردنيين عليك وعلى بنك البتراء ، وإذا تحدثت الآن عن ما لا يعرفه الآخرون من أسرار ، فإني سأطيح برؤوس كثيرة في الحكومة والدولة الأردنية ، وربما يشمل ذلك بعض أعضاء العائلة الحاكمة ، وهذا لم يحن وقته حاليا ".
= هذا التصريح صحيح. والأسرار ستظهر بالمحاكم. لدينا وثيقة نثبت فيها تآمر وقتذاك رئيس الوزراء مضر بدران على القضية.
^ وماذا كان دور مدير البنك المركزي الأردني محمد سعيد النابلسي؟
= اشترك مع بدران في التأثير على القضاء ولم يستطيعوا أن يردوا حتى الآن على هذه الوثيقة.
^ هل تشاركت مع الأمير حسن في صفقات واستثمارات ومع غيره من العائلة الهاشمية ؟
= كلا ، أبدا. ليس لدي معه أي عمل تجاري إطلاقا.
^ هل فعلا تصر الحكومة الأردنية على ترتيب لقاء بينكم وبين سعد خير رئيس المخابرات الأردنية الآن ؟
= وصلتنا نحو 20 وساطة لإجراء هذا اللقاء من عدة أطراف.
^ ما هي هذه الأطراف ؟
= أسأل عطا عبد الوهاب و اسأل الأمير رعد بن زيد والداغستاني سفير الأردن ، لم يبق لديهم أحد ولم يأتي لي .
^ لماذا يأتون إليك وينفون الوساطة ؟ ماذا يريدون منك ؟
= لأنهم كذابين.
^ تناقلت وكالات الأنباء خبر إقدام الحكومة الأردنية على صرف 200 مليون دولار لتجار أردنيين من مبلغ 500 مليون دولار تابعة للبنك المركزي العراقي وضعت الحكومة الأردنية يدها عليها لسبب لا نعرفه ، هل توضح لنا كمصرفي وسياسي وعراقي ما الذي يجري في هذه المسألة؟
= هذا ليس من حقهم أبدا ، هذه أموال عراقية أخذت بقانون أردني سن بعد سقوط صدام ، هذه الأموال سحبت من مؤسسات عراقية وأودعت لدى البنك المركزي الأردني ليتصرف بها طرف أردني قسم منهم من المخابرات.
^ هل فاتني شيء لم اقله ؟
= لا .
^ هل انتظرت مني سؤال لم أسأله ؟
= لا .