الأربعاء، 27 فبراير 2008

الشريف علي بن الحسين - راعي الحركة الملكية الدستورية




بغداد - د . جمال حسين علي

يحلل الشريف علي بن الحسين رئيس الحركة الملكية الدستورية في العراق كل المسائل التي تحتاج الى حل ، في هذا اللقاء ، الذي استعرض فيه أهم أفكاره ومقترحاته وأوضح الأسباب التي دعته الى رفض الانضمام الى مجلس الحكم والظروف المحيطة بتأسيسه وإشرافه على " مؤتمر العراق " الذي انبثق عنه وفد يزور حاليا عدد من الدول العربية والأوربية ، قبل التوجه الى الولايات المتحدة.
ظهرت الحركة الملكية الدستورية الى العلن عام 1993 وسرعان ما دخلت بقوة الى المعارضة العراقية ، بعد أن كان نضالها يدور في حلقة ضيقة ، بسبب تأييد العالم لنظام صدام كما أكد الشريف علي.
تشغل راعي الحركة الملكية الدستورية في العراق مسائل كثيرة أهمها غياب مؤسسات الدولة العراقية ويعترض على قرار سلطة التحالف بإلغاء الجيش والشرطة ولا يرى ضرورة في تحول الأمريكان الى شرطة في العراق ويجد أن العراقيين يستطيعون العمل من أجل توفير الخدمات الأساسية لو منحت لهم الفرصة.
ويرى أن شلــّة من السياسيين خوفت الأمريكان وصورت لهم الشعب العراقي بشكل مختلف ، الأمر الذي أربك القرارات الأمريكية التي لا تمتلك الخبرة الدبلوماسية والإدارية في العراق.
وتحدث عن مشاركات الحركة في نشاطات المعارضة ومقاطعتها لمؤتمرات صلاح الدين الأول والثاني والأسباب التي أدت الى خروج الحركة عمليا من المؤتمر الوطني العراقي.
ويعتقد الشريف علي بن الحسين بأنه لا يحتاج لإجراء انتخابات في العراق الانتهاء من الإحصاء ، فكل مواطن عراقي مسجل في مؤسسات الدولة ولأكثر من مرة وأن السجل الانتخابي موجود في العراق. ويعتبر تعطيل إجراء الانتخابات سيزيد من الفترة الانتقالية التي لا تعتبر إطالة أمدها من صالح التحالف أو القوى السياسية العراقية والشعب على السواء. ويخشى في أكثر من موقع في الحوار من عملية تهميش دور الشعب الذي عانى 35 عاما من الاستبداد وفرض مجموعات سياسية معينة نفسها على الشعب الذي لا يطيق استلام الأوامر من حاكم أجنبي ، حسب تعبيره.
ويعتبر السياسي العراقي بأن الأمريكان أصدقاء وقدموا خدمة عظيمة بتحرير العراق من نظام صدام وخلافه ليس مع شكل سلطة التحالف ، بل مع سياستها التي خلقت لها المزيد من الأعداء.
= كيف رأيت بغداد ، فقد تحدثتم كثيرا عن حنينكم الى البلاد التي غادرتموها صغيرا ، هل كانت تشبه الصورة التي كونتها لها ؟
^ في البداية بعثنا ناس من قبلنا وكان انطباعهم بأن الحالة سيئة جدا والمدينة متدهورة ، لذلك عندما جئت توقعت أن أرى الدمار والخراب الذي تحدثوا عنه. لكن لا أعتقد بأني رأيت الدمار الذي تحدثوا عنه ، كانت الأنباء مبالغ فيها .. غير أن المدينة متعبة حقا ، لا يوجد فيها أي نوع من الخدمات واستغربت من انعدام أشياء مهمة فيها. يبدو أن صدام كان يبني الطرق فقط ..
= له فقط !
^ نعم ، يبني طرقا لنفسه ..
العودة
= هل لاحظت أن كل الطرق الجيدة في بغداد تنتهي عند قصوره ؟
^ ( يضحك ) هكذا عدت ، بعد سنين الغربة الطويلة أحمل آمالا كبيرة في رؤية بلدي وقد نهض واستقر حاله وأبذل كل ما بوسعي من أجل ازدهاره.
= عدت لوحدك أم مع العائلة ؟
^ رافقني أخي ، لكن الأهل لم يأتوا بعد.
= هل تشعر بأنك عدت الى وطنك أم لديك عمل فيه ؟
^ لا .. بعد كل هذه السنين التي افترقنا بها عن الوطن لا يمكن أن نجيء إليه كزيارة.
= فهمت أن عودتكم الى العراق نهائية ولا مجال للتراجع !
^ طبعا.
العمل السياسي
= لنبدأ الحوار فقد كانت الأسئلة الماضية من أجل إعطاء حركة للصور. حدثنا عن عملكم السياسي مع المعارضة العراقية ، لاحظت بأن بدايتكم القوية مع المعارضة ، لم تنته على النحو نفسه وأعتقد أن خير ما يحدثنا عما حصل هو أنتم بأنفسكم ؟
^ العمل مع المعارضة بدأ في عام 1958 عن طريق الوالد ونحن كعائلة عملنا منذ اليوم الأول من عودة الحرية والديمقراطية للعراق ومكافحة الأنظمة الاستبدادية في السبعينات والثمانينات. ظروف الحرب العراقية - الإيرانية أدت الى أن يكون عملنا صعبا في الثمانينات ، وساهم الوضع الدولي في ذلك لأن الكل ساندوا النظام ، مما صعب من عمل المعارضة وجعل نشاطنا يدور في حلقة ضيقة.
بعد الغزو الغاشم ضد الكويت ومن ثم التحرير والانتفاضة ، انفتحت أبواب العمل لدى العراقيين للتحرك سياسيا وانفتحت آفاق التحرك وزادت فرص عرض المواقف للآخرين. وكانت وفود تصل إلينا من داخل العراق وخارجه.
= هل توضح لنا طبيعة هذه الوفود ؟
^ تتكون من شيوخ عشائر وضباط ومسؤولين. منهم من يبعث رسائل من الداخل الى العائلة للعمل من أجل عودة الحرية والديمقراطية للعراق. وكان التحرك السياسي للعراقيين يسهل للذين في الخارج. وطلبوا من الوالد ترشيح أحد من العائلة لترأس هذا النشاط . ولأن الوالد كان أصل النشاط ، وأن ظروفه لم تعد تسمح ، فرشحني لترأس هذا العمل.
= متى انطلق نشاط الحركة الملكية الدستورية ؟
^ كتنظيم وحركة انطلقنا في 20 يونيو 1993 ، بعد سنتين من الاتصالات والمشاورات حول تشكيل وصورة عملنا ، فيما إذا نكون حزبا أم حركة . حتى استقر بنا الأمر أن نكون حركة وليس حزبا لأننا لا نتطلع الى السلطة أو أي دور حكومي كسلطة تنفيذية.
= انطلاقكم كان بشكل بيان سياسي أو مؤتمر أم ماذا ؟
^ شرحنا مبادئنا بميثاق وطني من 12 نقطة حول مستقبل العراق وفي 20 يونيو 1993 عقدنا المؤتمر التأسيسي الذي حضره نحو ألف عضو.
= لماذا لم تشتركوا في مؤتمر صلاح الدين الأول ؟
^ لم نشترك لا في هذا ولا في مؤتمر فيينا ، لأننا شعرنا بوجود تدخل دولي في القضية العراقية ، وظهر فيما بعد أن المخابرات الأمريكية كانت تمول المؤتمر الوطني ، والجلبي اعترف بأن الأمريكان نظموهم ومولوهم ..
= لم يخف كل الأطراف أسرار هذه العلاقة وكانت في الغالب علنية..
^ نعم كل شيء كان واضح .. ونحن شعرنا وفهمنا هذا الأمر ، وقدرنا بأن هذا النوع من التحرك لا يناسبنا.
المؤتمر الوطني
= كيف دخل المؤتمر الوطني الى المعارضة العراقية بقوة ؟
^ كانوا يعارضونه في المعارضة ولم يكن مقبولا من أطراف كثيرة في المعارضة ولا من الشارع العراقي. وبعدئذ تبين أن قرارنا كان صائبا ، فتركهم الحزب الشيوعي والمجلس الأعلى جمد عضويته وحدث اقتتال داخلي بين الأكراد. في هذه الأثناء اختفى المؤتمر الوطني عن الوجود بدخول النظام الى أربيل وهذه المناطق. وأثبتت التجارب أن تعاملنا مع المؤتمر الوطني كان صحيحا. ولكن في الوقت نفسه كنا نرتب أفضل العلاقات مع أطراف المعارضة كأطراف بمن فيهم المؤتمر الوطني والأحزاب الكردية والإسلامية وشاركنا في ندوات عامة وخاصة وغيرها.
= اعترضتم على تمويل المؤتمر الوطني من قبل الأمريكان ، غير أنكم وافقتم على التمويل في اجتماع نيويورك ؟!
^ لا .. لا ، الذي حدث في نيويورك كان إعادة تركيب المؤتمر الوطني.
= ودخلتم فيه .
^ دخلنا مع المؤتمر الوطني وكان الاجتماع في نيويورك لقوى المعارضة العراقية وحصل فيه اندماج بين المؤتمر الوطني والأطراف الأخرى وقررنا الإبقاء على أسم المؤتمر الوطني. في غضون ذلك دار الحديث عن التمويل للمؤتمر الوطني وليس لأعضاء المؤتمر الوطني ، وكان التمويل مباشر ومكشوف من الكونغرس الأمريكي وليس من جهاز المخابرات وكان التمويل ينصب على الجانب الإعلامي والدعائي كالصحف والإذاعات وغيرها وسرنا في هذا الاتجاه.
= كيف بدأ الخلاف في هذا الوقت وعن أي شيء ؟
^ الوفاق الوطني يعني جماعة الدكتور أياد علاوي جمدوا عضويتهم في القيادة المشتركة واعتبروا بأن هناك تجاوزات في القرارات..
= هل كانت التجاوزات في القرارات فقط ؟
^ وفي الأسلوب ..
= هل بسبب دكتاتورية البعض أو فساد مالي ، كنتم تجتمعون علنا وتتخذون القرارات ، أي التجاوزات تقصد ؟
^ لا ، لم يكن هناك فساد مالي ولا دكتاتورية فالقيادة كانت جماعية ، لكن الذي حدث أن قسم من الأفراد ينفردون في القرار ..
= هو هذا ما نقصده ، وضح لنا من كان ينفرد بالقرار فنحن نعيش أجواء الديمقراطية الآن ؟
^ اسألوا الوفاق الوطني ، فهذه مسائل داخلية ، لا أستطيع القول..
= هل انسحبتم من المؤتمر الوطني ؟
^ لا للآن لم ننسحب ..
= عندما نطالع موقع المؤتمر الوطني في الإنترنت نرى الحركة الملكية الدستورية ، هل أنتم معهم في الواقع أم في الإنترنت فقط ؟
^ نحن قيادة جماعية ولا تزال بشكل رسمي ، ولكن عمليا انتهت هذه القيادة وهذا المؤتمر لأن القيادة لم تجتمع.
= لو كان غير موجودا عمليا لماذا لا تعملوا بشكل منفرد وتعلنوا موت المؤتمر الوطني العراقي وتنهوا الموضوع برمته؟
^ للآن لم يفكر أحد في هذا الموضوع.
مجموعة الستة
= كنتم ضمن مجموعة الستة الذين استقبلتهم القيادة الأمريكية في لقاءات نيويورك في أغسطس 2002 ووعدوكم هناك بأنكم ستكونون " رجالات العراق " ، أنتم الستة كنتم " المبشرين بالسلطة " وحدث تمهيد وبرزت اعتراضات وعقد مؤتمر لندن وحققتم انجازا في هذا المؤتمر بعد أن طرحت مسألة الملكية لاستفتاء عام واختيرت لجنة التنسيق والمتابعة لكي تتابع تنفيذ قرارات مؤتمر لندن كما قيل. غير أن مسألة الاستفتاء نسيت في صلاح الدين وعلاوة على ذلك تم اختيار هيئة قيادية من ستة أصبحت أربعة ووصلت الى بغداد وتلاشت .. ما تعليقكم على كل هذا القول ؟
^ احتاج الى تصحيح بعض المسائل. طبعا في واشنطن الأمريكان لم يختارونا كقيادة للعراق.
= لعلها عبارة للمجاملة وليس تعهدا مكتوبا ، ولكن السيد جلال الطالباني ذكرها لي شخصيا وبالنص قالوا لكم " أنتم رجالات العراق القادم".
^ كان الأمريكان يؤكدون على وجود عراقيين آخرين ، ويقولون بأنكم مهمين ولكن تحتاجون للتوسيع وهذا كان موقفنا أيضا. منذ أغسطس وحتى مؤتمر لندن المنعقد في ديسمبر كنا نضغط داخل اللجنة التحضيرية ( لجنة الستة ) ، بأنه ينبغي أن توسع اللجنة ونشاطاتها بمشاركة الآخرين ، فلسنا أوصياء على العراق ولا نحتكر الساحة أو نمثلها كلها.
= لكن أي توسيع لم يحصل حتى سقوط النظام ؟
^ لأن البقية كانوا مصرين على أنه لا يوجد أي مجال لمشاركة الآخرين.
= ألا تقل لي لماذا كانوا يرفضون ؟ ولابد هنا من ذكر مسألة هامة وهي ليس اللجنة التحضيرية أو القيادية للمعارضة كانت ترفض الآخرين ، فقد كان الآخرون أيضا يرفضونها ولا يرغبون المشاركة في نشاطاتها واعتبروا حتى ساعة الصفر بـأن الاجتماعات والمؤتمرات ليست سوى تمهيد سياسي للحرب التي كانوا يخجلون من إعلان تأييدهم لها ! من ناحية الحركات والأحزاب المنضوية تحت راية الهيئة القيادية ، كانت بدورها تصدر القرارات ولا تنفذها أو تلغيها أو تنتقي منها ما يلائم ظرف حزب ما أو قائد معين ، كما حصل بالنسبة لمصير الاستفتاء على شكل نظام الحكم في العراق .. هكذا سارت أمور الجزء الأكبر من المعارضة قبل سقوط النظام ، أليس كذلك؟
^ المهم بالنسبة لنا أن يختار الشعب العراقي نوعية النظام وشكل الحكم الذي يناسبه ويختار ذلك عن طريق صندوق الاقتراع. ولهذا السبب ونتيجة له لم نذهب الى صلاح الدين وشعرنا وقتها بأنهم يرغبون في فرض أنفسهم حكام على العراق في الفترة الانتقالية. وكان موقفنا المبدئي وقلنا لهم بصراحة بأننا لا نتفق معهم. وحتى شرحنا لهم بأنه من الناحية العملية لا يستطيعوا حكم العراق لوحدهم ، ناهيك عن أن الشعب العراقي في الداخل لا يقبل هذا الشيء. قلنا أن هذا موقفكم ورأيكم وسيروا عليه ، لكننا لا نستطيع السير معكم بهذا الاتجاه.
= ما الذي حدث من أغسطس الى ديسمبر ، كانت مقررات مؤتمر لندن مناسبة لكم ، فماذا حصل قبل صلاح الدين ؟
^ كانت لدينا الكثير من المؤاخذات على مؤتمر لندن ، على أسلوب اختيار اللجنة ، والتي كانت تعتمد على نسب صلاح الدين القديمة. وتماشينا مع المقررات من أجل وحدة الصف. وأعتقد أن الكل كانوا يحملون هذا الشعور ولا أحد راض عن مؤتمر لندن. لكننا اعتبرنا بأننا داخلين على حرب وعلينا الضغط على أنفسنا من أجل وحدة الصفوف. لكن في صلاح الدين عندما طرحوا مسألة الحكومة المؤقتة بدون إعطاء أي مجال للعراقيين داخل العراق، قلنا عندها بأن ذلك غير ممكن. وموقفنا هذا استمر لحد الآن ، من لقاء واشنطن للحظة الحالية. وملخصه بأننا القيادات السياسية في الخارج من غير الممكن أن نفرض أنفسنا على الشعب العراقي لا من ناحية المبدأ ولا الواقع. فالشعب العراقي متمدن وعريق ولديه مؤسسات قائمة ، لا نستطيع أن نأت ونهمش هذا الشعب الذي عانى 35 سنة من الاستبداد والاضطهاد ، هكذا ندخل عليه من الخارج ونقول له سنحكمكم ، وبعد سنة ونصف يمكن نعطيكم مجال لتصوتون. لا ، لم نقدم الى العراق لتنفيذ هذه الخطط ، ولا نعتقد بأنهم سينجحون في تحقيق أهدافهم. ونعتبر أن المشاكل الموجودة الآن سببها تهميش القوى الفعالة على أرض العراق التي كان علينا أن نفعل العكس ونكسبها.
صناديق الهموم
= صناديق الاقتراع التي تتحدثون عنها هي نقطة النهاية لآلية ترسمها وتنفذها مؤسسات دولة متماسكة ، المشكلة أن هذه الآلية غير موجودة ولا المؤسسات الديمقراطية وحتى السؤال الذي يفترض أن تجيب عنه صناديق الاقتراع غير مطروح ، لم تطرح الأسئلة الحتمية على الشعب الذي لا يدري ما الذي سيختاره وأهم شيء شكل نظام الحكم ، جمهوريا أم ملكيا أم برلمانيا ، فلماذا تحميل هذا الصندوق إجابات عن أسئلة لم تطرح ونحمله كل الهموم ؟
^ يهمنا إعطاء الشعب العراقي حق الاختيار ولا أتفق مع الرأي القائل بأنه لا يوجد مجال للانتخابات.
= لا ، لم أقل بأنه لا يوجد مجال للانتخابات. قلت بأنه لا توجد آلية وإن وجدت فأن مجلس الحكم حددها ..
^ نعم ونحن ونرفض هذا الشيء.
= وستستمر الحالة على هذا النحو ..
^ ليس بالضرورة ، هناك فتوى السيد علي السيستاني ..
= اعتمدتم هذه الفتوى في " مؤتمر العراق " الأخير وطالبتم بانتخاب أعضاء اللجنة الدستورية من قبل الشعب.
^ الأمريكان واللجنة الدستورية ومجلس الحكم قالوا بأنه ينبغي أن يكون هناك تشاور مع الشعب العراقي لاختيار الآلية التي تختار المجلس الدستوري. وبدورنا نؤيد مطالب الشعب العراقي بانتخاب المجلس الدستوري. هل سيفرضون أنفسهم على العراق بالقوة ويفرضون دستور على العراق بالقوة هذا موضوع آخر.
لا حاجة للإحصاء
= يقولون بأن ليس لديهم إحصاء سكاني !
^ آلية الانتخابات موجودة ولا توجد أي صعوبة لأن العراق أكثر دولة مسجل فيها المواطن في كل الدوائر ، ليس مرة واحدة فقط ، بل لمرات عديدة. لا يوجد مواطن في العراق غير مسجل في مكان ما ، حتى المنطق يقول بأن صدام حسين لم يترك مواطن عراقي بحاله أو لا يعرف أين يسكن ، وفي كل ركن من أي شارع كان ثمة ممثلي الحزب وأجهزة أخرى يرصدون أماكن إقامة الناس ويجردون أحوالهم وأوضاعهم مسلط عليها الضوء جيدا. لذلك فأن سجل الناخبين موجود وآلية الانتخابات أيضا موجودة وكانت في السابق أيضا قائمة من ناحية الأسلوب ، وليس النتيجة المعروفة لكونه لم يكن ثمة مرشح غير صدام حسين ولا أعتقد بأن عاقل يرى بأن الأمم المتحدة لا تستطيع الاشراف على الانتخابات في العراق، عندما نجحت الأمم المتحدة بالإشراف على الانتخابات في مناطق أصعب بكثير من العراق. في النتيجة يمكن أن تجرى الانتخابات في العراق في غضون شهرين أو ثلاثة أشهر ولا يوجد أي إشكال يعيق إجراؤها.
بالنسبة للقضية الأمنية ، هناك 150 ألف جندي أمريكي ، ألا يستطيعون لو أرادوا الحفاظ على أمن الانتخابات لو كان هدفهم إجراؤها ، ولو كان الهدف إبقاء الاحتلال لسنين ، فلا أحد سيشارك. لكن لو قلنا للدول الأخرى بأن الانتخابات ستنهي الاحتلال ، فأن هذا سيوسع المجال لها للحضور والمشاركة كقوات تشرف على الانتخابات. لا أظن بأن 150 ألف أو ربع مليون جندي لا يستطيعون الحفاظ على الوضع الأمني أثناء الانتخابات. أعتقد أنهم لا يريدون انتخابات ، ولا يريدون أن تقل الفترة الانتقالية عن سنة ونصف أو يمكن تمديدها لسنتين أو ثلاثة. هذه المشكلة ، والحالة في العراق لا تسمح ببقاء الفترة الانتقالية أكثر من كذا شهر ، ونحن حذرنا الأمريكان من هذا الشيء ، لا يمكن أن يصيروا شرطة العراق وليس المطلوب منهم إعادة الكهرباء والماء والهاتف للعراق ، نحن العراقيون قادرون على إنجاز ذلك. هكذا فأن آلية إجراء الانتخابات وعودة السيادة وحق اختيار النظام ليست صعبة ، فلا نحتاج معرفة كم شيعي وسني وكردي تركماني ومسيحي موجود في العراق لكي نجري انتخابات .. لا تفرق للذي يصوت أن يكون مسيحيا أم سنيا ، المهم أنه عراقي. لا نقبل أن يفرض شيء على الشعب وسنستمر في موقفنا والعمل السياسي من أجل إعطاء الشعب العراقي الفرصة للتعبير عن موقفه واختيار نوعية النظام مباشرة وليس بفرض.
= ما كان ردهم حين تطرحون هذا الكلام سواء مجلس الحكم أم سلطة التحالف ؟
^ يقولون بأن الآلية غير موجودة ولا نستطيع إجراء انتخابات لأنه لا يوجد إحصاء. نقول لهم لا نحتاج الى إحصاء يسكتون. نقول لهم هذا هو سجل الناخبين يسكتون. يقولون نحتاج قانون انتخابات ، نجيبهم بأنكم لا تحتاجون هذا القانون فهو مجلس تأسيسي. الأمريكان يقولون بأننا أخطأنا واستعجلنا في يوغسلافيا في إجراء الانتخابات ، وظهرت أحزاب لا نرتاح لها. قلنا لهم نحن لسنا يوغسلافيا ولا تقارنوننا بها ، ولسنا أفغانستان أو تيمور الشرقية ولا الصومال ولا هايتي ، لا تقارنوننا بأحد ، لا توجد لدينا مشاكل داخلية ولا نعاني من حرب أهلية أو فتنة ، نحن شعب خرجنا من حكم عقائدي ، طاغوت لا يسمح لأحد بالتفكير والتعبير والشعب العراقي تعب من الحزبية والعقائدية والاستبداد ويريد التسامح والانفتاح والعدالة. المواطن العراقي أكبر حليف لكم. لا أدري لماذا يعتبرون الشعب العراقي كله حالة خطرة ويريد جمهورية إسلامية متطرفة ويخطف رهائن أمريكان أو تحدث حرب أهلية داخلية. لديهم انطباع خاطئ كليا عن العراق ومع الأسف قسم من السياسيين العراقيين غذوهم بهذه الأفكار.
= عندما تحاورونهم ، ألا يطرأ لديكم إحساس بأنهم يمارسون تكتيك كسب الوقت ؟
^ نعم. فلا يوجد مبرر آخر.
فيتو
= تقولون في تصريحاتكم للصحافة بأن أي عضو في مجلس الحكم يجب أن يحصل على موافقة الحاكم المدني وهذا لا ينسجم مع طموحات الشعب العراقي .. لماذا تعتقدون أن ما يريده عضو المجلس أو ما يوافق عليه الحاكم المدني لا ينسجم مع طموحات الشعب ؟
^ الشعب العراقي حر والعراق ليس مستعمرة ، فلنعتبر أن أي مواطن عراقي مرتاح باستلامه أوامر من حاكم مدني أجنبي أو ينبغي أن يستلمها منه وأن تكون قراراته مقبولة منه. هذا شيء لا يطاق وغير مقبول لدى المواطن وهذا واضح لأي عراقي. لو نقول لأي عراقي بأن ممثلك يجب أن يستأذن من الأمريكان قبل أن يتخذ القرار فماذا سيكون رده ! هذا طعن بسيادة أي دولة. وعندما شكل مجلس الحكم الوزارة ، سأعطيك مثلا ، الأستاذ هوشيار زيباري اعتبره وزير خارجية ممتاز وكفء وعملت معه لسنين طويلة ويعرف الوضع الدولي بشكل ممتاز ، ومهما يصرح ، عندما يدخل في اجتماع ، فلا الشعب العراقي ولا الآخرين يعتقدون بأنه يتخذ القرار الحر وأنه بلا ضغط من الأمريكان أو نقضهم.
= كل الذين قابلناهم من أعضاء مجلس الحكم ، نفوا مسألة الفيتو وحتى برايمر تمنى ألا يصل الأمر إليه.
لو ترجع الى الكلام الأول فلدى بريمر حق النقض ، هم يتمنون ألا يستخدمه ، بمعنى ، أنهم لم يطرحوا شيء يضطره لاستخدام النقض. المسألة مفهومة.
اعتراضات
= هل أنت معترض على أعضاء مجلس الحكم أم على مجلس الحكم؟
^ طبعا لا أعترض على أعضاء مجلس الحكم ، اعتراضي على مجلس الحكم كصيغة.
= ألا تشاطر الرأي القائل بأن مجلس الحكم كان الصيغة الأكثر ملائمة في الوقت الحاضر حسب المبدأ " ما لا يدرك كله لا يترك كله " ؟
^ أنت ما زلت تقارن العراق بأفغانستان ، في العراق ملايين الموظفين العراقيين يحاولون العودة الى أعمالهم منذ الأيام الأولى من سقوط النظام. لم يمنحوا الفرصة ، ولهذا السبب نشأ الفراغ الإداري أو الأمني ، ألم تكن لدينا دولة ، لدينا دولة مؤسسات وطنية ومحاكم وقوانين وشرطة و اقتصاد ، كان كل شيء يسير ، المشكلة كانت بالقيادة السياسية وليس بمنظومة الدولة والمؤسسات. هم جاءوا وألغوا المؤسسات معتبرين أننا قادمين من الصحراء وليس لدينا شيء. هل تعرف بأنهم يعتقدون بأننا خارجين من حرب أهلية ؟ وصفهم كإعلام أو انطباع أي أمريكي بأننا سنذبح بعضنا البعض بأول فرصة. ثانيا ، لماذا اعتبروا أننا بلا مؤسسات ؟ رسميا ألغوا الجيش ووزارة الإعلام ، وعمليا ألغوا الدولة كلها.
= هل تدعون الى عودة الشرطة والجيش وتصفيتهما من عناصر النظام السابق فقط ؟
^ قرارات إلغاء الشرطة والجيش كانت خاطئة ، وأنت كصحفي تراقب بأننا لم نكن متفرجين على هذه المسألة ولا نؤمن بفرض الأمر الواقع. الأمر الواقع أن صدام كان موجودا والعالم كله دعمه لسنين طويلة. وبعد تحرير الكويت لم نقل بأن صدام موجود وسلمنا بوجوده ، استمر نضالنا وكفاحنا من أجل الشعب العراقي .. الأمر الواقع أن الأمريكان أخطئوا بإلغاء الجيش وخلقوا مليون أو مليوني عراقي ضدهم وأعادوا حزب البعث وعلى الأقل هؤلاء مليون شخص ، بالإضافة على عائلاتهم وأقربائهم. كان يفترض أن يكسبونهم ، ويقولوا لهم بأنهم سيحاكمون المجرمين وليس الموظفين وأستاذ الجامعة والمهندس بتصفية المياه والكهرباء .. ما الجريمة التي ارتكبوها ؟ لا يقولون لك ، هؤلاء بعثيين فليخرجوا من العمل ، هذا قانون " اجتثاث البعثيين" لبريمر .. عاملوا الذي قتل وذبح وأجرم وكسب الملايين ويجلس الآن بقصر ولديه حماية وسيارات ومزارع وبساتين ، بنفس معاملة الموظف البسيط الذي لم يعمل شيء سوى أنه سجل أسمه بالحزب لكي يقدر على ضمان لقمة العيش لعائلته. الاثنان طردوا من العمل ، لكن الذي ذبح وقتل لا يزال حرا. وحتى الذين كانوا في المخابرات والأمن بدئوا يوظفونهم ويعيدونهم سواء في الأحزاب أو في مؤسسات الدولة.
خدمة عظيمة
= تحمل الكثير من الاعتراضات على سلطة التحالف.
^ لا ، أنا لا أعترض على سلطة التحالف ، أعتبر الأمريكان أصدقاء وحلفاء وقدموا لنا خدمة عظيمة بتحرير العراق من نظام صدام حسين وجلسنا معهم شهور قبل الحرب نخطط معهم لفترة ما بعد الحرب وكيف سنبني العراق ولا زلنا نعتبر الدور الأمريكي في العراق أساسي وضروري ونحتاجهم في هذه الفترة. لا يوجد لدي خلاف مع شكل سلطة التحالف ولا مع وجودهم. خلافي مع سياستهم الآن ، والنصائح الخاطئة حول كيفية تعاملهم مع العراقيين ، ولأنهم خلقوا لأنفسهم المزيد من الأعداء. هذا ليس من مصلحتنا ولا من مصلحتهم . أريد أن يكون الأمريكان أصدقائنا ، لكنهم همشوا الجيش والأحزاب الجديدة وتلك السرية التي كانت تعمل ضد النظام ، همشوا المهنيين، المحامين ، رجال الأعمال. كانت رسالة الأمريكان لهؤلاء بأنه لا يوجد لديكم دور ،، نحن جئنا بجماعتنا ونصبناهم حكام على العراق ويمكن بعد سنة ونصف سيكون دوركم أن تصوتوا لهم. هذه الحالة خطيرة بالنسبة للأمريكان ، ونحن نحاول أن نوصل رسالتنا إليهم لنجعلهم يثقون بالشعب العراقي الذي رحب بهم والذي لا يزال يحمل الأمل ومتأمل خيرا بالأمريكان. العراقيون لا يريدون أن يخرج الأمريكان ، وفي الوقت نفسه لا يرغبون بوجودهم كقوة احتلال ودورهم أمني فقط في العراق.
= هل تعتقدون بأن الأمريكان يحكمون العراق بشكل مطلق ، ألم يخفف مجلس الحكم من الأمر ؟
^ المشكلة أن لا أحد يحكم العراق الآن ، لا يوجد حكم في العراق ، لا توجد حكومة ،، بعد ستة أشهر فراغ في البلاد .. عينوا وزراء ولا توجد وزارات ، فقط أسماء .. أين كانت .. هل العراق أتى من المريخ ، أين اختفت الوزارات ؟! ألم تكن هيكلية الوزارات قائمة ؟ لماذا يبنون ويوظفون من جديد؟ لم يكن هذا ضروريا . بالنتيجة ، يجلس ثلاثة أرباع الجيش الأمريكي في العراق ، لماذا ؟ سياستهم الخاطئة واعتمادهم على شلة ضيقة أدت الى هذه النتيجة ! في الحقيقة هذه الشلة الضيقة هم زملائي وأخواني ، لكن ينبغي أن تكون هناك مساهمة أوسع. 25 مليون عراقي أين تمثيلهم ؟ لم يستعينوا بهم. ويضطر الأمريكان على صرف عشرات البلايين ومئات الألوف من الجنود لبقاء الاحتلال. لم يكن هذا ضروريا .. لو يغيروا سياستهم ويعطوا مجالا للشعب العراقي ليساهم وليس الخوف منه ، لأن أطراف سياسية عراقية خوفوا الأمريكان من الشعب العراقي.
فرصة ورفض
= أعطوكم المجال واقترحوا عليكم عضوية مجلس الحكم وحقيبة وزارية لماذا رفضتم المشاركة ، ألم يكن من الأفضل أن تساهم وتوصل صوتك من خلال مجلس الحكم ؟
^ لم نشأ الدخول في خط معهم ونضطر للدفاع عن سياسات نعتقد أنها فاشلة. على العموم ، حاولنا تغيير رأيهم ونصحناهم بضرورة الاستعانة بالطاقات العراقية ، قلنا لهم بدون ذلك لا تستطيعون إدارة هذا البلد. رفضنا لأننا لا نريد المساهمة بشيء سيكون عبئا علينا وعليهم.
= صرحتم مرة بأن الأمريكان يواصلون في تعقيد المشهد العراقي ، هل توضح لنا ما تقصد ؟
^ أعتقد أنهم لا يمتلكون خبرة. هم ليسوا إمبراطورية ، عندما جاء الإنكليز الى العراق كانت لديهم أكبر إمبراطورية في العالم ، لديهم كادر دبلوماسي وإداري كبير. لا يوجد للأمريكان هذا الشيء ، الذين جلبوهم لا يمتلكون خبرة في البلد ، ولماذا يتوقعوا أن بإمكانهم إدارة الوضع في العراق ؟ لماذا يتوقعوا أن يدركوا الوضع في العراق ؟ أبسط شيء يأتون الى العراق ليقولوا فلنقسمه الى مذاهب وقوميات ! 13 شيعي و 5 سنة و 5 أكراد وواحد تركماني وواحد آشوري وهكذا في اللجنة الدستورية والشيء نفسه في مجلس الوزراء. نحن في العراق منذ متى كنا نقسم أنفسنا بهذا الشكل ؟ بالعكس في القرن الواحد والعشرين علينا أن نمنع هذا الشيء ولا نكرسه في البلد. لا يوجد بلد في العالم يتبع هذا التقسيم ، عدا لبنان ونعرف ما الذي حلّ بلبنان. وإذا كانت هذه الطريقة جيدة ، لماذا لا يطبقونها في أمريكا أو أوربا ؟ هل يطبقوا تجاربهم برأسنا ؟! ثمة من قال لهم بأن العراقيين يعتبرون أنفسهم شيعي وسني وكردي ، هذا وصف غير دقيق وأعطي هذا كنموذج بأن الأمريكان لا يعرفون الوضع ولا يفهمون الوضع في العراق ، ليس بسوء نية ، ولا لكي يستغلوا البلد أو ثرواته ، فهذا أمر غير وارد ، لأنهم دولة عظمى وكل إيرادا نفط العراق لا يعادل إيراد شركة بسيطة في أمريكا . لم يأتوا ليأخذوا نفطنا وهذا مؤكد ونتمنى أن يتفهموا وضعنا ويغيروا نظرتهم ويعرفوا بأننا دولة مستقلة ذات سيادة وأن يستعينوا بكفاءاتنا.
= كل أعضاء مجلس الحكم الذين التقينا معهم نفوا مسألة تكريس الطائفية في الحكم وقالوا أنه انعكاس للوضع والواقع العراقي.
^ أعطيك مثالا : في اللجنة الدستورية ، سيدة شيعية اقترحت شخصية سنية ليكون عضو في اللجنة الدستورية. أحد القيادات في مجلس الحكم رفض هذا الترشيح وقال بأن هذا سيؤدي الى خلل في التوازن المذهبي في اللجنة الدستورية ، أمرها بسحب ترشيحها للعربي السني وترشيح عربي شيعي. هل وصلنا الى هذا المستوى من العمل ؟!
= وصلنا !
^ مثال آخر : كما ذكرت لك بأني اعتبر الأستاذ هوشيار زيباري وزير خارجية ممتاز ، لكننا ظلمناه لأن الطرح الأولي أكد على أن يكون وزير الخارجية كردي. وبعد أن اتفقوا ، بدئوا بالبحث بين الأكراد عن كردي كفء في هذا المنصب ، بينما أرى أن هوشيار زيباري أفضل من أي عربي يمكن أن يكون وزيرا للخارجية. لكن للأسف جاء ككردي ولزقوا به هذه اللصقة. هل يأتون الآن ويقولون بأنه لا توجد طائفية وقومية في الحكم ؟! صحيح أنه تمثيل ديموغرافي ، لكن عندما يفرضوه ويفرضون أن يأتي الشخص بناء على مذهب أو قومية وبالتالي يجري الحديث عن الكفاءة ، فهذه يعني أننا نتجه نحو حالة سيئة جدا وغريبة عن العراق.
مؤتمر العراق
= شاركتم ولعلكم أشرفتم بعد سقوط النظام في عقد مؤتمرين وطنيين، دعيتم فيها كل رؤساء وممثلي العشائر في العراق تقريبا ومثلهم من المهنيين والنقابات ، ما برأيكم يمكن أن تحققه هذه المؤتمرات اليوم ؟
^ بعد اختيار الأمريكان مجلس الحكم ، شعرت الكثير من الأحزاب والنقابات والمهنيين بأن ليس لهم أي دور وفي الوقت نفسه لم يكونوا راضين عن الوضع.
= يعني كانت عملية لتجميع المغبونين !
^ قمنا بسلسة من اللقاءات المكثفة معهم ، ووجدنا بأنهم غير راضين وقالوا بأننا عشنا 35 سنة عانينا فيها الكثير من النظام وتحملنا ما تحملنا ولا نقبل أن لا يكون لنا دور في التغيير وبناء البلاد وحتى في الفترة الانتقالية ، لا سيما وأنها ستطول.
إذن لابد أن ينتخب المجلس الدستوري ، لأنه في الأساس أرادوا تعيين المجلس وفرض الدستور علينا.
هكذا جمعنا الأطراف وبعد يومين ونصف من النقاش في مؤتمر العراق ، خرجت القرارات. ونقوم بحملة سياسية سلمية لأن الحل الأمثل للعراق هو أن يثقوا بالشعب العراقي وأن يجروا الانتخابات بأسرع وقت ممكن.
= التجأتم للعشائر والأحزاب خارج مجلس الحكم ، لماذا لم تدعوا الـ 16 حزبا المشاركة في مجلس الحكم في " مؤتمر العراق " ؟
^ دعينا مجلس الحكم واللجنة الدستورية ، ولكن لم يأت أحد منهم. مفهوم عدم حضور أعضاء المجلس ولكن اللجنة الدستورية لماذا لم يحضر أحد منهم؟ كنا نناقش الدستور في المؤتمر ، هذا دليل على أنهم لا يبالون بالشعب العراقي.
= كلامكم ترك لدي انطباع بأنكم تحولتم الى معارضة للمعارضة السابقة؟
^ لا نعارض ، نحن لا نختلف على الأهداف . المعارض يختلف على الهدف ، ونحن هدفنا واحد. لكننا نختلف معهم بأننا نستطيع أن نصل للهدف خلال شهور من خلال ثقتنا بالشعب العراقي ولا نحتاج البقاء سنين بالاعتماد فقط على الأمريكان.
عشائر واستفتاء
= ما شكل " المبايعة " التي حصلتم عليها من رؤساء العشائر ؟
^ قسم بايع والآخر أيد ونشكرهم على هذا الموقف. ويبقى مبدئنا هو إجراء استفتاء حول موضوع الملكية وبدن الاستفتاء ينبغي أن ينتخب المجلس الدستوري.
= هل انتهت مطالباتكم بإجراء استفتاء على شكل نظام الحكم ؟
^ لا ، لم تنته ، غير أن موضوع الساعة هو التعامل مع الوضع الخاص بالمجلس الدستوري. اعتبر أن تعيينه سيكون خطأ فادحا للعراق ويجب أن يتم انتخابه. وعندما ينتخب المجلس الدستوري فالاستفتاء يعود له.
= هل تعتقد أن المواطن الشاب يسمع رئيس عشيرته أم رئيس الحزب الذي ينتمي إليه ؟ كنت أعني العلاقة بين الحزبية والعشائرية في الجيل العراقي الجديد ولمن ستميل الكفة في النهاية ؟
^ لهذا كان لدينا في " مؤتمر العراق " 118 حزب وحاولنا تغطية مساحة شاسعة للمجتمع العراقي وكل الذين لديهم رغبة في العمل. وأعتقد لحد الآن ، أن الأغلب يتبعون للعشيرة أكثر من تبعيتهم للحزب. ربما بعد فترة سيكون متسع للوقت للأحزاب لكي تعبر عن نفسها وتتواصل مع الشعب ، ولكن الآن العشائر معروفة وأبنائها يعرفون الشيوخ ويتبعونهم. أما الحزب الظاهر توا على الساحة ، فيحتاج الى فترة لكي يعرف نفسه.
= نشاطكم كبير ، لكنه غير معروف بسبب ضعف نشاطكم على المستوى الإعلامي.
^ أي واحد غير مدعوم من مخابرات دول ويسانده الشعب فقط ، يجد صعوبة في إيصال صوته الى الإعلام مقارنة بالآخرين.
الملكية مجددا
= هل ترى أن من مصلحة الأنظمة الملكية المجاورة للعراق ظهور نظام ملكي هاشمي بالقرب منهم ؟
^ من مصلحتهم ، فللنظام الملكي الهاشمي السابق علاقات وطيدة مع الدول المجاورة لم يشهدها العراق بعده. كانت علاقاتنا في العهد الملكي ممتازة وخاصة مع المملكة العربية السعودية. طبعا ، في ذلك الوقت لم تكن الكويت قد استقلت بعد ، لكن علاقاتنا كانت ممتازة مع كل دول الجوار. لاحظ أنه في العهد الجمهوري ، كل الدول ، عدا الأردن دخلت في حرب مع العراق. لذلك أعتقد أن الدول المجاورة تتمنى عودة الملكية الى العراق ، غير أنهم لا يتدخلون في هذا الأمر أبدا ولا في القضايا العراقية الداخلية.
= هل يؤيدكم أحد من دول الخليج ؟
^ ثمة ترحيب أكثر مما هو تأييد. وكل هذه الدول تدعم النظام والاستقرار والاستقلال في العراق وكثير منهم يعتبرون أن النظام الملكي يمكنه تحقيق هذه المسائل ، ليس لأنه النظام الوحيد القادر على تحقيق ذلك ، بل يرون أن النظام الملكي يمكن أن يحققها.
= وعلاقاتكم مع الدول العربية الأخرى ؟
^ جيدة جدا ، علاقاتنا مع مصر وسوريا وحتى الأردن.
= لماذا قلتم " حتى الأردن " ؟
^ لأن الإعلاميين يعتقدون أن لدينا مشكلة مع الأردن. لذلك استبقت سؤالك وقلت " حتى الأردن " ( يضحك ).
= بريطانيا تبنت المشروع الملكي العراقي في عام 1920 ، فهل ستعيد تبني المشروع مجددا ، لا سيما وهي موجودة على الأرض الآن ؟
^ السياسة البريطانية في عام 1920 كانت تتبع الحكم المباشر للإنكليز. وحاولوا أيضا جلب مجلس حكم لكي يحكم العراق ، لكن ثورة العشرين أثبتت بأنهم لا يستطيعون الاستمرار بهذه الحالة لسنين طويلة ، لأن الانفجار حاصل في البلد والشعب العراقي لا يقبل أن يحكم من قبل دولة أجنبية. بعد ثورة العشرين أضطر الإنكليز التعامل مع الشعب العراقي ويحاولون إعطائه الفرصة ليساهم مساهمة فعلية. وهكذا حدث الاستفتاء في العراق على شكل الحكم والشعب العراقي اختار الملك فيصل الأول بعد أن أرسلوا الوفود العراقية الى الحجاز طالبوا فيها بملك هاشمي.
= البريطانيون أعادوا أنفسهم الى العراق ، فهل التاريخ يعيد نفسه ويعيدكم ؟
^ التاريخ بالفعل أوضح أن دولة الاحتلال أخذت بنظر الاعتبار رغبة الشعب العراقي. إن شاء الله نتفادى ثورة العشرين في العراق ، لأنه ينبغي التعلم من التاريخ وهذه الرسالة نود إيصالها للأمريكان ، بأننا أصدقائهم ومن مصلحتهم أن يأخذوا بعين الاعتبار طموحات الشعب العراقي.
= سأعيد لكم السؤال للمرة الثانية متعمدا ، لقد رحب بكم الأمريكان ودعوكم للعمل في مجلس الحكم وهم للآن يريدون توسيع المجلس ، لكنكم لا توافقون. ما هي الأسباب ؟
^ وما هو السبب الذي يجعلني أدخل مجلس الحكم ؟ أنا لم أعد الى وطني لكي أصبح عضو في مجلس الحكم ، أنا جئت لكي أخدم الشعب العراقي ، اهتمامي بهذا الشعب ، وأرى أن مجلس الحكم لا يخدم الشعب العراقي.
سياسي لا أمني
= ما تفسيركم بالدعوة التي طرحتموها وتتلخص في أن حل الوضع الأمني سياسيا وليس أمنيا ؟
^ هذا الوضع الأمني الذي يسير من سيئ الى أسوأ لا يمكن حله إلا سياسيا وليس أمنيا. لا يحله زيادة الجنود وخلق أجهزة أمنية جديدة. لا يستطيعون بهذه الطريقة الانتصار على الذين يقومون بأعمال إرهابية وأعمال مسلحة في العراق. ينبغي أن يكون حل سياسي يساهم في وضعه كل فئات الشعب.
= هل تتوقع أن عدم الاستقرار الذي يشهده العراق سيؤدي الى توتر سياسي ؟
^لا ينبغي أن تدوم هذه الحالة. فإذا استمرت السياسة على هذا النحو سيكون الانهيار الأمني أوسع ، ستشكل الميليشيات المحلية وستستمر أعمال العنف الإرهابي وستتوسع الأهداف وسيضربون المساجد والأسواق والجامعات والمدنيين العاديين وعندما يفقد الأمريكان السيطرة على العراق ستكون مصيبتهم ومصيبتنا. أملنا أن نوعي الأمريكان بخطورة المصيبة الآتية بسبب السياسة القائمة. ولا توجد لدينا سنين ، بل شهور. وقبل الحرب أنذرتهم بالذي يحدث اليوم ، قلت لهم ستحدث أعمال انتحارية وهجمات ضدكم ولا تتوقعوا بأنكم ستستطيعون الاستمرار ، وأكدت لهم بأنكم ستتحولون الى مغناطيس لكل إسلامي متطرف من الفلبين الى المغرب والعراق لا يختلف عن هذه الدول ، فلديه متطرفين إسلاميين أيضا.
= قلتم بأنكم ستوعون الأمريكان ، لعل توعيتكم فشلت في العراق ، لذلك قررتم السفر والالتقاء بالكونغرس ، هل ستستمرون بتوعيتهم هناك أم أن لديكم جوانب أخرى لهذه الزيارة ؟ أعتقد أنكم ستلتقون بوفد الكونغرس ليس كممثل عن الحركة الملكية الدستورية ، بل كممثل لمؤتمر العراق ، صحيح ؟
^ كمؤتمر العراق. وسنطالبهم بحقوق الشعب العراقي ، لا أريد الدخول بتفاصيل ، ربما سأذكرها لك بعد يومين ، لأننا في مرحلة تثبيت المواعيد في الدول العربية والأوربية ومن بعدها سنتوجه الى الولايات المتحدة. سنقول للأمريكان بأنه ليس بالضرورة بقاء 150 ألف جندي أمريكي على الأراضي العراقية ، ليس بالضرورة أن ينفقوا 5 بلايين دولار شهريا على البقاء في العراق. نحن نستطيع ملأ هذا الفراغ ويوجد مجال لإجراء الانتخابات بإشراف الأمم المتحدة. ولا يعد هذا تراجع منهم ، بل أن العالم بأجمعه سيقيم هذه الخطوة.
= هل ستلتقي بالديمقراطيين ، تعرف موقفهم من الوضع في العراق، قد تؤدي لقاءاتك بالديمقراطيين الى تعقد مهمتكم ؟
^ عندما كان الرئيس ديمقراطي ، كنا نلتقي بالجمهوريين والديمقراطيين هم الذين أصدروا " قانون تحرير العراق ". ففي إطار الاستراتيجية الأمريكية سيكون الحوار دقيقا وشاملا ولا ينحصر في أطره الحزبية ولا حتى لاعتبارات انتخابية ، فحديثنا سيمس مسائل مصيرية وهامة وتخصنا كعراقيين وتخصهم كأمريكان.