الخميس، 21 فبراير 2008

كيف تطورت فكرة الأمن الجماعي وكيف تراجعت؟

موسكو ـ دِجمال حسين:
قد تعود نوايا اوزبكستان 'المعلنة باصرار' بعدم الانضمام الى معاهدة الأمن الجماعي لدول الكومنولث بمشاكل عديدة لروسيا.صحيح ان تعاون موسكو مع طشقند لم يأت بفوائد ذات قيمة لروسيا في المجال العسكري، الا ان خروج اوزبكستان سيؤدي الى انهيار منظومة المعاهدات الجارية في الساحة السوفيتية السابقة والتي كانت تؤمن شرعية الحضور العسكري الروسي في بلدان 'الخارج القريب'.ولادراك خطورة واهمية ما يحصل لموسكو يجب العودة الى ما حدث في عام 1992، فقد ادى تفكك الاتحادالسوفيتي، لوقت معين، الى شلل الهياكل الرسمية المسؤولة عن الأمن 'القومي'.وكان الامر طبيعيا تماما، حيث تفككت المنظومة السوفيتية الواحدة فجأة الى 15 منظومة جديدة مستقلة بعضها عن البعض الآخر ' او تسعى لذلك على الاقل' وفي غضون ذلك، لم يكن واضحا نوع هذه المنظومات الجديدة وحالاتها العامةِ وفي الوقت نفسه لم يكن ثمة متسع للابطاء، وكانت النزاعات الاقليمية تحتدم الواحدة تلو الاخرى في اقليم كرباخ وأبخازيا وبريدنيستروفيه 'مولدافيا' وأوسيتيا الجنوبية والشمالية وطاجيكستانِ وانهارت منظومة حراسة الحدود 'ليس الحدود الداخلية ـ غير الموجودة بالاساس ـ بين الجمهوريات السوفيتية السابقة، بل الحدود الخارجية ايضا'. وساعدت الاتفاقيات المتعددة الاطراف على ابقاء الحالة الامنية على الحافة الممكنة من الانهيار والفوضى وفقدان السيطرة، وكانت اهمها اتفاقيتان هما: معاهدة الأمن الجماعي المبرمة في 15 مايو 1992 واتفاقية تأمين الحدود الخارجية بين الدول المستقلة الجديدة الموقعة في 9 اكتوبر 1992.'الأمن الجماعي'ونتيجة لهذه الحالة الغامضة، بقيت التشكيلات العسكرية الروسية خارج حدود روسيا الوطنية ولم يكن وضعها واضحا لاحد، لكن وجودها كان 'مفهوما' في النقاط الساخنة او بالقرب منها، خاصة بعد ان وجدت نفسها داخل مناطق النزاعاتِ وساعدت معاهدة الأمن الجماعي على اضفاء طابع اكثر حضارية باعتبارها قوات لحفظ السلامولم يسمح باستخدامها لمصلحة طرف ضد آخر 'لم ينفذ هذا البند المهم جدا على ارض الواقع في تاريخ كل النزاعات التي حصلت في الساحة السوفيتية السابقة'. ووجدت قوات حرس الحدود الروسية نفسها تحرس كل الحدود السوفيتية السابقة تقريبا، بناء على المعاهدة الثانية أعلاه.والمثير ان روسيا تمكنت من حماية حدودها الداخلية عن طريق حماية حدود جيرانها الخارجية! لأن الذي تحمي له حدوده الخارجية لا تتوقع منه تجاوزا على حدودك.ومع ذلك، كان عام 1992، الساخن والمرير في تاريخ المنطقة، يبدو اكثر ملاءمةِ. وبعد ان حافظت موسكوعلى وجودها العسكري في النقاط الساخنة بدأت الاتهامات توجه اليها من جيرانها وشركائها الجدد باتباع سياسة امبراطورية جديدةِ وكان ينظر بشك الى الوضع القانوني للقوات الروسية كقوات لحفظ السلام، وبدأالحديث عن القواعد السوفيتية في اذربيجان وارمينيا وجورجيا وبريدنيستروفيه وابخازيا وطاجيكستان وغيرهاِ واستخدمت جورجيا واذربيجان عدم تسوية مشكلة الوجود العسكري على اراضيها كورقة ضغط على موسكوِ
واقبلت المؤسسة الدفاعية الروسية الآن وبعد تأخر طويلِ يتناول الاصلاح العسكري بشكل عام، على اصلاح منظوماتها الدفاعية المرابطة في الخارجِ واستطاعت خلال الاشهر الاخيرة من تسوية المسائل القانونية لتوزيع هذه الوحدات في القواعد الواقعة في ارمينيا وبيلوروسياِ وبعد اقرار 'المعاهدة الكبرى' مع اوكرانيا استأنفت، بعد خمول، المشاورات بشأن اسطول البحر الاسود.وتعد للتوقيع مجموعة الوثائق الخاصة باضفاء طابع قانوني على وجود فرقة المشاة الآلية المدرعة 201المرابطة في طاجيكستان.خسارة لا تعوض ومع كل هذه التطورات، تتخلف موسكو في عملية 'اصلاح' حضورها العسكري الخارجي، وتؤدي الحالة الغامضة لهذا التواجد الى خسارة لا تعوض لقدرات روسيا الدفاعيةِ ولم تفلح روسيا في تسوية مشكلة محطة الانذارالمبكر في سكروندا 'لاتفيا' والتي اغلقت وقد كفت عن 'رؤية' الاتجاه الشمالي الغربي لتحليق الصواريخِ وتتكون حالة مشابهة في ما يخص محطة الانذار المبكر الواقعة في اذربيجان،التي تراقب مجموع مناطق الاتجاه الجنوبي وضمنها منطقة الخليج.وقد تفقد موسكو القدرة على حراسة حدودها الفدرالية في حالة انسحابها من جورجيا وقيرغيزيا ـ ينبغي ان يتم هذا العام ـ قبل التسوية النهائية للحالة الخاصة بالقواعد العسكرية الروسية في اراضي هذين البلدينِ واذا ادت 'مبادرة طشقند' الى فشل نهائي في تأمين غطاء 'لقوات حفظ السلام المشتركة لرابطةالدول المستقلة' التي هي قوات روسية بحتة وسميت كذلك لحفظ ماء الوجه للدول الجديدة المستقلة، فإن الجيش الروسي سيضطر للتراجع في الاقاليم الأخرى ايضا.قوام القوات والقواعد ويتشكل الحضور العسكري الروسي بهذا الشكل او ذاك في معظم الجمهوريات السوفيتية السابقة باستثناءبلدان البلطيق واوزبكستان، هذا العام من حوالي 125 الف شخص، منهم 25 الفا ضمن ملاك قوات حرس الحدود الروسية والمائة الف شخص موزعون على القواعد الروسية في الخارج 'الخارج القريب' او تم ادماجهم ضمن ملاك قوات حفظ السلام لبلدان الكومنولث.وتعتبر التشكيلات الروسية في اوكرانيا هي الاكبر '. اسطول البحر الاسود الروسي يضم قرابة 20 الف شخص'وفي كازاخستان 'العاملون في المطار الفضائي بايكونور وفي ميداني التجارب على الاسلحة 'إمبا' و'ساريشاغان' اكثر من 15 الف شخص'. وعدا ذلك فإن منظومات روسيا الاستراتيجية تتوزع كالتالي: في الاراضيالاذربيجانية هناك القوات الصاروخية ذات الوظيفة الاستراتيجية، في بيلوروسيا القوات الصاروخية ذات الوظيفة الاستراتيجية، والقوات البحرية، في قيرغيزيا قوات بحرية وفي طاجيكستان قوات صاروخيةاستراتيجية اضافة الى الفرقة 201 التي يبلغ تعدادها حسب المعطيات الرسمية 6 الاف شخص يضاعف عددهم عند تأزم الوضع في الداخل او افغانستان.ولروسيا عدة قواعد ترابط فيها قوات برية في بريدنيستروفيه '2.5 الف شخص' وفي جورجيا وارمينياِ وهنا كقواعد جوية تؤمن الغطاء للقوات البرية العاملة في طاجيكستان وارمينيا.
وتتواجد قوات حرس الحدود الروسية في سبعة بلدان مستقلة من الكومنولث وتوجد في ثلاثة منها هيئة اركان'بيلاروسيا وكازاخستان وتركمانستان'، ونشرت في ارمينيا وجورجيا وقيرغيزيا وطاجيكستان التشكيلات الروسية عند الحدود الخارجية لرابطة الدول المستقلة.