السبت، 23 فبراير 2008

موسكو .. المدينة المستمرة
















موسكو : د . جمال حسين علي

حين تحل في هذه المدينة يعتمد كل شيء عليك وحدك، فهي تشعر بك، لو كنت تشعر بها، وتحتضنك كأم حتى لو وصلتها حافيا. ويمكنها ايضا ان تلفظك لو ارتديت جلد قنفذ، ففيها كل شيء جميل وقبيح، وهي الفرصة التي تستطيع أن ترى فيها بأم عينيك الجنون على أشكاله، شرط أن تحتفظ بمثقال رمل في قلبك. والمدينة من الكبر لدرجة لا تستطيع فيها أن تذهب لأي مكان مشيا على الأقدام، ومن الزحمة بقدر لايستدعي الاستغراب في أنك في يوم واحد تحضر جنازة صديق وتحتفل بتفوق تلميذ ممتاز وتسعد بمناسبة ثالثة ويهبط عليك غرام استثنائي كاعتراف غير مرغوب فيهِ ويبدو منذ النظرة الأولى، ان موسكو مبنية بحجر كئيب معطر بالياسمين تتنازع الطيور على مخادع لها في زوايا نوافذها طوال أشهر الصقيع، فيما ترافق خطواتك ما ان تهل الشمس. كانت كل النوافذ فيها بائسة، تتنازل للعتمة عند حلول العاشرة مساء، غير أنها الآن تتأمل النور الدائم والموسيقى والفتيات الملونات طوال الليل. وعلى امتداد قرصها الدائري لا يمكنك ملاحظة بيوت اكثر حظا وهذه المدينة لا تتركك تشيخ ولن تصبح فيها كهلا ابدا، يعرف ذلك من يتجاوز الاحتضار بالرغبة نفسها على اكتشاف السعادة، والطريقة النموذجية التي يمكنك ان تعيش فيها هنا هي التقاط السعادة الفورية وعدم التجاوب لألم السنين. وهي مدينتك، حتى لو كانت تعيش على هامش الزمن وتهرم ببطءِ فهي العاصمة البعيدة، الفائرة، المتجمدة،والتي باستطاعتك ان تشوش أي شيء في العالم بصعوبة إدراكها، تلك الصعوبة الأزلية الغارقة في الذكريات حاملة حكمة المدينة الراسخة في الأرض. الاشتياق الى حديقة ستبطل الحديث عن الشتاء لأنه يسافر اليها بزمن طويل، يقصر النهار ويطفئ النور منها ويلف الكائنات بوشاح كائن خرافيِ لتسعد في رؤية الصيف الذي يعتبر كل يوم فيه كسبا جديدا في الحياة. ويظن المعماريون أن من الممكن اصلاح شقة في أسابيع، وبناء بيت في سنة، غير أن ظهورحديقة جاهزة كليا يحتاج عشرات السنين. ومن المشكوك فيه أن أحدا مستعد لانتظار هذه السنوات لرؤية كل هذا الجمالِ فهذه المدينة تحتاج الى ابريل جديد لتخضر، لتسعى في منتزهات غوركي وزمايلوفسيكا وفدنخا وساكولنكي وعشرات أخريات كما تشاء حتى يستقر بك المطاف في حديقة الكساندروفسكي التي يسير تحتها نهر نغيلينيا. كانت هذه الخضرة تعطيك الثقة بالغد. وأمام كل بيت قديم أو جديد مماش مغمورة بالأشجار التي لا تخلو قطعة من الارض منهِا. وكان الانكليزية جون لودون أول من حاول الاجابة عن اسرار جمال الحدائق الروسية في القرن التاسع عشر عندما وصلها عام1812 عابرا نهر نيمان قبل اسبوع من وصول جيش نابليون إليه، وكاد هذا الرحالة الأسطوري يقع في أسر الفرنسيين، ونجا من أن يصبح وجبة للذئاب، وفي النهاية فقد كل ما يحمل من مال، ومع ذلك نجح في تأليف أول كتاب عن تاريخ الحدائق الروسية، استنتج فيه أن زهو الحدائق في هذه البلاد يعود الى الفكرة الغريبة التي نفذت في عام 1811 بزرع الأناناس في الاراضي التي اصبحت فيما بعد حدائق لا تضارع، بكمية تفوق كل الأناناس المزروع في العالم أجمع.
بحيرات المساء
وتنتشر في المدينة بحيرات صغيرة وبرك تمرح فيها بطات مسالمات، كانت إيكاترينا الثانية أول من نفذهاِ واستعانت الامبراطورة بأسلوب البرك الهولندية وولعها بالطراز الانكليزي للبحيرات الاصطناعية، وتحيط كل بحيرة جدران من الآجر ومماش من المرمر منحوتة بشكل متعرج وزخارف تحكي قصصا خيالية وأساطير متنوعة، ولم يترك المعماريون والبستانيون فن الحدائق على ما كان عليه الأمر في القرون الماضية، بل حاولوا تطويره باستمرار، فالحديقة في نظر القادة السوفيت هي المكان الذي تستريح فيه الشغيلة الثورية بعدعناء ستة أيام من العمل المتواصل في سبيل بناء الاشتراكية، بيد أن هذا التعريف لم يلغ المزايا الروسية البحتة الحاضرة في هذا التطويِر. وكان المعماريون والبستانيون يستمدون افكارهم من الحدائق الامبراطورية والملاكينِ والتجار الكبار. وتجدر الاشارة الى ان أهم سبب لتطور الحدائق الروسية كان الدور الذي لعبته الحدائق الفاخرة لوجهاء موسكو وانتهاء بعزب التجار المتواضعة. ولم يجئ بالصدفة وصف موسكو بأنها "مدينة في غابة"، حيث كانت عمليات البستنة والتشجير وغرس مختلف أنواع الخضار وتربية الاسماك في البحيرات والبرك، أمرا شغل كل الحكومات القيصرية على مر القرنين الماضيين. ولابد هنا من التأكيد على اهتمام القياصرة بانشاء مراكز علوم متخصصة في الزراعة التي كانت ثمارها البساتين الشهيرة التي أنشأها أندريه بولوتوف في منطقة دفوريانيتوفو بالقرب من سيربوخوف وبوغوروديتسك التي لا يمتلك الزائر الحق في عدم مشاهدتهاِ بالاضافة الى احاطة موسكو بطوق أخضر من عشرة بولفارات وهي شوارع تظللها الاشجار لكل منها تسميته:روجديستفينسكي، غوغوليفسكي، تفيرسكوي، سفتنوي. وعلى نهر موسكو أكثر من عشرة جسور كبيرة، ناهيك عن الجسور القائمة على فروع النهر، لكل منها تصميمه الذي يجسد أفكارا هندسية مبتكرةِ ويكاد لا يخلو مكان في موسكو من جنينات الزهور الواسعة والزاهية المختلفة الانواع والاعمار والألوان والتواريخ.
ذاكرة المدينة
ستسير أياما في هذه المدينة بين الاشجار والاحجار النادرة والنقوش الخشبية والطيور الملونة، ومهما امتدت بك الطرق فان هذه الاشياء ثابتة وعلامة على انك في موسكو وليس غيرها. ومهما اختلف موقع البنايات فان شكلها يعطيك فورا انطباعا عما يدور في داخلها وصلاتها وحججها غير أن شكل المدينة خرب بسبب اكشاك البيع المنتشرة في كل زاوية ومعبر وحتى عند اشارات المرورِ وتكاد حزم الخضار والملابس الصينية الرخيصة تتسلق فوق شواهد أسماء المشهورين وتواريخ المعارك ونجوم الشرف وأوسمة الشغيلة التي تزين مداخل البيوت التي سكنوها أو دافعوا عنها يوما ما. شواهد البيوت تعين ذاكرتك، فيمكنك حتى بمعرفة بسيطة للغة الروسية فك رموزها: هنا عاش بوريس باسترناك في الفترة من - وإلى ، في هذه الدار كان لينين يحضر خطبة العرش، وفي هذا المنتزه جرت أحداث الفصل الرابع من أحداث رواية المعلم ومارغريتا لميخائيل بولغاكوف، خلف هذا السور كان مايكوفسكي يلقي اشعاره على طلبة الاقسام الداخلية، وعلى هذه المصطبة مات الشاعر الأبهى خليبنكوف من الجوع، وفي غرفة من هذا الفندق المفزرع عثروا على جثة يسينين وعمود النور نفسه الذي كان ينير الدرب لديستوفسكي ليعثرعلى غرفته في ذلك الفندق البائس، هذا بيت تولستوي وفيه آخر ريشة كان يحيك بها نسيج روسيا كله وعند هذا المنعطف زلقت أقدام غوغول عندما لعن رئيس البلدية، وأمام هذه الشجرة الهرمة أنشئت أول مطبعة للمدينة وخلف ذلك المرحاض الليبرالي كانوا يسكـّـون النقود، وفي تفيرسكايا ينتصب مسرح موسكو حاملا صرخات ستانسلافسكي وخلال تقدمك بضع خطوات أنظر يمينا لتجد مسرح تشايكوفسكي، وما ان تنزل سلمة من ثلاث درجات حتى يحتضنك مسرح البلدية ومسرح ساتير، وخطوة أخرى نحو الشمال تجد كل شموخ مايكوفسكي وطيبة تشيخوف وعزلة أخماتوفا ورهبة تسفيتايوفا وغموض غوميلوف وأناقة بلوك.. ها هي المدينة تروي عن نفسها بلا دليل سياحي أو صديق ألقى به الدهر فيها، ذاكرة تطير بك في كل الاتجاهات لتعود حتما بذكريات واضحة تتباهىبها حيث ستجد نصف تاريخ ثقافة البشر في القرنين الفائتين مجففة على أرضها وقرميدها، على حمولتها العالية وأوراق اشجارها ونوافذها الممتلئة ووشم شوارعها وعلاماتها التي بدأت لتستمرِ هذه مدينة الألف عين وضاحية الشمس الخجولة والدسائس والحروب المستحيلة، خطوطا كفها محفورة بفخامة في أية مدونة حتى لمن يشأ طيها،
مدينة الأعياد
والمدينة ألبوم متجول للاحتفالات والنصب والتماثيل، فاذا زرتها في 9 مايو لابد من الترجل في ساحة المانيج لتلقي التحية على الجندي المجهول وتعرج على ساحة النصر لتغرق في النافورات الحمراء وتقرأ اسماء المعارك المخطوطة على النصب البرونزي الممتد الى السماء، ولو كانت الصدفة تحملك اليها في 7نوفمبر ستشهد معارك بالأيدي بين انصار القديم والجديد بمناسبة ما كان يسمى بعيد ثورة أكتوبر.. أما الأول من مايو فهو عيد محايد يحتفل به العمال الذين اتحدوا ولم يتحدوا بعد وتعطيك المدينة الظن بأن الكثيرين يتعطشون للأيام الخواليِ وفي يوم تأسيس موسكو تكثر المسارح الصيفية المنقولة التي تبدأ بزعيق فرق الروك والجاز الحديثة ولا ننصحك بالبقاء فيها حتى آخر اغنية لأنها تنتهي عادة بعراك بالأيدي وطيران قناني البيرة في سماء الاحتفالِ أما أعياد الميلاد، فموسكو لم تتدرب عليها بعد بالرغم من أن المدينة تحاول استضافة الفرحِ وفي 8 مارس تشعر المرأة حقا باهتمام غير عادي بمناسبة يومها. وربما كان الروس أول شعب في التاريخ يحتفلون بجد بأعياد اضافية لها علاقة بالمهنة مثل أعياد: روادالفضاء، الجيش، حرس الحدود، المظليين (لا ينبغي الخروج الى الشوارع الرئيسية في هذا اليوم الذي تعلن فيه حالة الانذار القصوى في كل الهيئات المعنية لكثرة حوادث الشغب)، الطلبة، المعلم، القوات البرية،الصاروخية، الموسيقيين، النحاتين، الرسامين، الشطرنجيين، الطفولة، الأم.. الخِ وهناك أعياد ترتبط بالأسماء: فالنتينا، آلا، تاتيانا...الخ. والرأي الأكثر شيوعا لتفسير حب الروس للأعياد واحتفالهم بها بمنتهى الجد هو بحثهم منذ الاوقات السوفيتية عن وقت للراحة وسبب رسمي لاحتساء النبيذ وعائليا للهروب وقتيا من الزوجة أو الزوج، نصابون وظرفاء أكثر عمليات النصب التي لا بد من تنويه الزائر اليها تكون في محيط محلات تصريف العملات الصعبة، فهؤلاء يغرونك بالسرعة وزيادة ملحوظة في السعرِ ويعدون النقود أمامك وبعد أن تتأكد من صحة الحسبة تستلمها، ولكن بقدرة سرية تجدها ناقصة كثيرا قبل ان تستقر في جيبك وتلاشي المصرف الموهوب. وقد تقفز حزمة من الدولارات أمام قدميك لتلتفت في كل الاتجاهات دون أن ترى لها صاحبا، ولكن ما ان يسيل لعابك وتهم في التقاطها يظهر من يريد تقاسمها معكِ وبقية السيناريو من الازعاج ما لا يمكن رسمه في كلمات. أما بيع البطاقات المصرفية المزورة وكارتات الهواتف الوهمية، فستصادفك قرب كل متجر ومركز بريد، وستجد من يمنحك السعادة المجانية بفوزك برحلة سياحية الى الكناري ومونت مارلو وحتى الهونولولو لقاء مبلغ بسيط جدا، ويعرف السبب الذي تجد نفسك فيه فائزا بتلفزيون أو ثلاجة أو أي شيء ترغب فيه مقابل تصديقك بحيل المحتالين الظرفاء الذين يعطونك قسيمة الفوز المختومة بعشرة أختام على الاقل بعد أن تدفع لهم بعض الرسوم الضروريةِ والنصيحة الوحيدة المتاحة لتقديمها للزائر الطري للزوغان من الحيل اللانهائية التي قد تصادفك في هذه المدينة العجيبة هي عدم تصديق أي شيء وعدم اعطاء المجال لفضولك للسير قدما نحو الشرك الحتمي.
جولة ثقافية
أكثر المسارح عراقة في موسكو هو بلاشك 'بلشوي تياتر' لمن يرغب مشاهدة عروض محترفة في الباليه والأوبرا ، اما مسارح الدراما الممتازة فيمكن ذكر: لين كوم، ساتيريكون، تاغانكا، سوفريمينك، مايكوفسكي،مسرح موسكو، موس سافيت، ومسارح الموسيقى: موزيكالني تياتر، بولشوي زال كونسورفاتوريا، تشيشكوفسكي ومسرح الكرملين وبعض القاعات الأولمبية التي تستغل كمسارح تضم أكبر عدد من الجماهير. ويبرز من بين أهم المتاحف ومعارض الرسم: بوشكين، تريتوكوفسكي، مركز الفنون الجميلة الموسكوفي، ساخاروف، متحف فيرسمان المركزي، مركز موسكو للفنون، فاين أرت، معرض المانيج التاريخي الحكومي، شوسييف للعمارة، الروسي للفنون الوطنية، ريجينا، معرض شيشكين، بيت الفنانين المركزي، وأهم دور العرض السينمائي: أكتيابرسكيا، روسيا، السينما الاميركية، غريزونت، كارو فيلم، براغا،بوشكنيسكيا، رولان، أودارنيك.
الويك إند
وهذه فقرة مخصصة للسعداء، فموسكو الراهنة ضاجة بمختلف انواع النوادي وأماكن الترفيه ومراكز الرياضة والألعاب المسلية، وثمة صحف للاعلان متخصصة في ارشادك اليها ويهوى البعض الخروج من زحمة العاصمة للتمتع ببيوت ريفية ومنتجعات متخصصة لاستقبال الزوارِ وتبرز في ليل موسكو نواد متخصصة بالجاز أهمها'أل إي' وبالبوب 'كريستال' و'الروك أند رول كريسيز جانرا وتابلوز راسا' والروك الغربي 'بي كلوب'و'شفاين' وفي الساكسفون هناك 'بالاغانجيك' والروليت 'أمباسدر' و'ميتروبول' والبليارد 'تاخمان'و'سفالكا' والنوادي شاملة التسلية 'ميتيليتس' و'الحياة الباريسية' و'بيز دنا' الخ
قواعد جديدة
كثيرا ما كتب المراسلون الأجانب عن ارتفاع معدلات الجريمة في روسيا، ويجدر هنا التنويه الى أمر هام وهو أن هذه المعدلات لم تصل الى نصف ما يجري في ولاية أميركية مسالمة. وما ينشر مبالغ فيه الى حد التشويش، فأغلب جرائم القتل مثلا، تقع بين العصابات وأذرع المافيا المختلفة فيما بينها ومن النادر ان يتعرض لها أجنبي او زائر الا في حالة تورطه في هذه الشبكات بعلاقات مشبوهة. وبخصوص اعمال النصب فقد تم توضيح جزء منها ويمكن للعقل الواعي التغلب عليهاِوهناك فرص حقيقية لعمل النشالين سواء في موسكو او غيرها حسب المثل القائل المال السائب يعلم السرقة.وبشأن خطورة التجول في الليل فهذه ظاهرة عالمية ايضا يمكن للمرء التعرض الى مكروه حتى أمام مقرالفاتيكان. لذلك لا يوجد ما يبرر الخوف من موسكو، خاصة في مرحلة الحكم الحالية وأحداث الشيشان، حيث ينزعج الزائرمن عدد رجال الشرطة والأمن أكثر من خشيته من المجرمين.
ذاكرة أخيرة
اذا شئت، فتذكر فخامة المدينة وجاذبيتها وخصوصيتها التي لا تعادلِ وحذار من تحميلها أسما آخر، فهي تحب ان تغادرها بدون كلمات لكي تعود اليها مجددا اسئلتك القديمة وافتراضاتك الممكنة.
تعريف رسمي
موسكو واحدة من أكبر المراكز السياسية والصناعية والعلمية والثقافية في العالمِ تقع وسط القسم الأوروبي من روسيا الاتحادية بين النهرين أوغا والفولغا وعلى ضفة نهر موسكوِ يتجاوز سكانها 12 مليوننسمة ويدخلها يوميا نحو 3 ملايين زائر، مساحتها 900 كيلو متر مربع وهي ملتقى كبير لخطوط المواصلات،تخرج منها أكبر شبكة سكك حديدية في العالم وفيها عدد كبير من الموانئ النهرية وأكبر المطارات المدنية والعسكرية وأكبر شبكة لمترو الانفاق في العالم. تأسست حسب المدونات التاريخية في عام 1147 على يد الأمير يوري دولغوروكي (صاجب اليد الطويلة).وأصبحت عاصمة للدولة الروسية الموحدة. وأثناء الحرب الوطنية في عام 1812 احتلها نابليون بعد أن دمرت بشدة. وبعد الاصلاح الزراعي في عام 1861 ازداد في موسكو عدد معامل النسيج والجلود والمنشآت الغذائية وصقل المعادن. وفي ثمانينات القرن التاسع عشر نشأت في المدينة أول الحلقات الماركسيةِ وأصبحت موسكو منذ بداية القرن العشرين احد مراكز الرأسمال الاحتكاري في روسيا. وانطلقت الثورة الروسية المسلحة في عام 1905 في موسكو التي أصبحت فيما بعد شرارة تطور الثورة الروسية التالية. وفي موسكو شكلت أول سلطة سوفيتية في 2 نوفمبر 1917 وفي ديسمبر 1941 دمرت القوات النازية في معركة موسكو وطردت منها لمسافة 100 ـ 250 كلمِ وكانت معركة موسكو أول انتصار كبير يحقق ضد القوات الألمانية وأعطت هذه المعركة الثقة لجيوش الحلفاء الذين كانت تغشاهم أسطورة الجيش الألماني الذي لا يقهرِ وبعد ابعاد القوات النازية تسارعت حركة صناعة المكائن والمعادن. وفي موسكو مقر أكاديمية العلوم الروسية وأكثر من 100 معهد ومركز للدراسات العليا والأبحاث العلميةالمتخصصة جدا وعدد كبير من الجامعات. وفي المدينة قرابة 38 مسرحا محترفا وأكبر مكتبة في العالم و67 متحفا أبرزها المتحف التاريخي ومتحف بوشكين ومتحف اللوحات الفنية تريتياكوفِوقبل سنة تم اختيار نقطة تبعد بضعة أمتار عن الساحة الحمراء لتعتبر مركزا روسيا يحيطها أشهر معالم موسكو مثل الكرملين ونصب الجندي المجهول وكنيسة فاسيلي وضريح قائد البلاشفة.
أعمال مربحة
سيتلقفك موهوبون حقيقيون كالرسامين الذين اصبحوا ظاهرة طبيعية كمصابيح شارع أربات والماترويشكات. وهؤلاء رسامون محترفون ايضا يعرفون قيمة أعمالهم. ويعملون أحيانا حتى الصباح بعد ظهور طبقة الروس الجدد الذين يحلو لهم اصطياد اللحظات والمواقف الفريدة والغريبةِ ولهؤلاء مواهب متعددة أخرى بالاضافة الى الرسم، فعليه أن يكون سيكولوجيا ليقنع المارة بضرورة طلب الصورة ويتقنون المفردات الضرورية للغات أجنبية عديدة لكي يتفقوا على السعر، زد على ذلك لديهم مكر الرجال خاصة لو كانت المرسومة امرأة حيث يظهرون قدرا من الجمال ليس فيهاِ وتتباين اسعار اللوحات من 10 دولارات للأسود والأبيض لتصل الى 400 دولار للزيتية الكبيرة. وثمة الموسيقيون الماهرون ايضا، الذين يعزفون لك ما ترغب لقاء قطعة مدنية او ورقية ايا كان موقع سكها، ويتاح لك التصوير مع الدببة والقرود والسلاحف والقنافذ والأفاعي وحتى الحمير، ويمكنك الاصطدام بمنجم أو قارئ كف وطالع بين كل عشرة غجر يمارسون كل شيء عدا العمل، وتكاد لا تخلو قطعة أرض في مركز المدينة منهم، ولاختبار دقات قلبك عليك رؤية الأفعال الخطرة أو البهلوانية والتجول في سماء موسكو بمنطاد اوالاسترخاء في سفينة نهرية للاطلاع على العاصمة من نهر موسكو او التجول في احدى غاباتها على ظهر حصان.