الجمعة، 3 يونيو 2011

بناء الدولة الدينية

واتخذ مؤتمر الشعب الشيشاني الثاني المنعقد في مايو ـ يونيو 1991 والذي انتخب جوهر دوداييف رئيسا للجنته التنفيذية برنامجا اشير فيه الى انشاء الدولة الاسلامية المستقلة خارج نطاق الاتحاد السوفيتي. واعتبر ذلك هدف النضال الرئيسيِ واكد اغلب الخبراء في موسكو على استحالة ظهور مثل هذه الدولة. ويدل على ذلك موقف دوداييف نفسه الذي كان يؤكد علنا موقفه المضاد من بناء دولة على اسس دينيةِ وقال بشكل
واضح لصحيفة 'ليتراتورنيا غازيتا' بانه يريد 'ان تكون الشيشان دولة دستورية علمانية'ِِ وينبغي ان يلعب الدين دورا هاما لاغناء الشعب روحيا وتطوير الاخلاقيات، واذا تفوق الدين على الدستور سيظهر ديوان التفتيش الاسباني والاصولية الاسلاميةِِ لا يتسنى لدين واحد قيادة الهياكل الرسميةِِ' نستشهد باقوال الرئيس الشيشاني التي تدل على رفضه العلني والعقلاني لانشاء دولة على اساس ديني.
ويمكننا ان نؤيده او لا نؤيده وركز هنا على اي دين بما في ذلك الاسلام.


دوداييف

ان دوداييف ليس مصلحا دينيا (ولم يدع بهذا ابدا) بل هو شخص كوني وحتى ملحد. وعلى هذا الصعيد اكد في عام 1991 في حديث لمجلة 'اوغنيوك' بانه 'كان عميق الايمان منذ الطفولة' غير انه لم يوضح كيف كان يلتزم بتعاليم دينه في الاوقات السوفيتية.
وادرك دوداييف جيدا بانه من المستحيل مقاومة الضغط الروسي وخاصة العسكري بدون استخدام الاسلام كأداة لتوحيد المقاومة. وعندما استخدم الاسلام في الصراع السياسي تشرب بالتدريج الى داخل روحه. وكما هو الحال مع بقية الساسة الشيشانيين استمر الصراع بين الدسائس السياسية والتعمق بالاسلامِِ بين العلاقات المدنية الخالصة واحكام الشريعةِ ونشأ في نهاية المطاف بعد رحيل دوداييف داخل النخبة العسكرية
الشيشانية تعايش غريب بين الايمان المخلص بالاسلام والمزايدة به. وبموجب هذا التناقض وقع الروس المعارضون للشيشان في حيرة الاجابة على السؤال التالي: هل نقاتل المسلمين الشيشان او الشيشان المتسترين برداء الاسلام لاهداف براغماتية؟ ونعتقد بان الحديث يمكن ان يجري في الواقع عن هؤلاء واولئك.
ويعتبر اعلان الاسلام كدين رسمي في الشيشان اشارة لاستقلال هذه الجمهورية ووضعها في منظومة مغايرة للاحداثيات الحضارية والجيوسياسية الروسية وانتمائها الشكلي للدول الاسلامية (رغم عدم حصولها على اعتراف للان).
وساعدت الانتخابات الرئاسية الشيشانية في عام 1997 على انتشار الاسلام ايضا. وكان جميع المرشحين يتحدثون عن دور الاسلام الخاص وكان مولودي اودوغوف اكثر الداعين لهذه الفكرة موهبة ومهارة واجرى
حملته الانتخابية تحت شعار انشاء 'النظام الاسلامي' ولم يكن فشله النسبي في الانتخابات (احتل المرتبة الرابعة بعد جمعه 9ِ0% من الاصوات) سوى امر محتوم بسبب مشاركة زعماء لا يشك بشهرتهم في المضمار
العسكري كاصلان مسخادوف وشامل بساييف وسليم خان يانرباييف ولا تعني هذه النتيجة نهاية ترقيه السياسيِ وشغل في الحكومة الجديدة منصب النائب الاول لرئيس الوزراء وازداد نفوذه في البلد في اواسط عام 1997
ومن الممكن مقارنة شعبيته بالقائد الميداني المعروف شامل بساييف.
واصبح اودوغوف الذي كان يحظى بتأييد الراديكاليين الاسلاميين المباشر عمليا الايديولوجي الرئيسي في الشيشان وحامل فكرة جعلها جمهورية اسلامية بالكامل.