الجمعة، 3 يونيو 2011

صراع العلمانيون والأصوليون في روسيا

يجري في روسيا، وان كان بشكل متناقض، تشكيل النخبة السياسية الاسلامية التي يدخل فيها وسيدخل فيها نواب الدوما نادر شاه خاتشاليف، دانيا كريموفا (من حركة 'بيتنا روسيا') وكذلك امان تولييف ورمضان
عبداللطيفوف وآخرون، ويدعي رئيس المركز الثقافي الاسلامي نيازوف ونائب حزب النهضة الاسلامي حيدر جمال بمكان في هذه النخبة. وبقيت واحدة من مشاكل المسلمين الرئيسية بعد الانتخابات بدون حل والمتمثلة بالخلافات المتزايدة مع الزمن بين النخبة الاسلامية وخاصة تلك التي حصلت في مرحلة الانتخابات، ويجري الحديث عن حركة 'مسلمي روسيا' التي تأسست علم 1996 كحركة اقليمية 'مسلمي تتارستان' (ترأسها مفتي الجمهورية عبدالله غليولين ) ونشوء اتحاد الجماعات الآفارية في داغستان.
ويتواصل نشاط الاحزاب الاقليمية التي تؤثر على الوضع السياسي في الاقليم، ويعتبر الحزب التتاري 'اتفاق' وحزب داغستان الاسلامي الاكثر نفوذا بينها، تكون حزب داغستان الاسلامي في عام 1994 بعد الانشقاق الذي تعرض له الحزب الاسلامي الديموقراطي الذي يرأسه عبدالرشيد سعيدوف المعروف بآرائه الديموقراطية والذي كان يؤيد وجهة نظر حركة 'خيار روسيا' برئاسة ايغور غايدارِ حضر المؤلف في اغسطس 1991 الحوار الذي جرى بين سعيدوف والسكرتير الصحفي لحزب النهضة الاسلامي للمفاهيم الديموقراطية العامة، اما سادور فيركز اهتمامه على قضايا الصحوة الاسلامية، ولم ينشر الحوار بسبب محاولة الانقلاب التي جرت في 19 اغسطس والتي غطت احداثه المواد المنشورة في الصحفِ
ابعد سعيدوف في عام 1994 عن رئاسة الحزب الاسلامي الديموقراطي، واعيدت تسمية الحزب الذي ترأسه المصارع السابق سوركات اسياتيلوف، واخذ الحزب الجديد الذي اطلق عليه 'حزب داغستان الاسلامي' يتعاون
مع السلفيين.
ولم يتسن لهذا الحزب نشر نفوذه في اراضي الجمهورية، غير ان زعيمه كان شخصية مشهورة بما فيه الكفاية. واضطر الساسة الداغستانيون للاعتراف باسياتيلوف خاصة في عامي 1994 و 1995.

اتفاق
واصبح الحزب التتاري 'اتفاق' حزبا اقليميا آخر يتمتع بالنفوذ على النطاق الاقليمي، واكتسب شهرة معينة خارج حدود تتارستان، واستطاع الحزب تكتيل مجموعة من المسلمين الراديكاليين الذين يحملون نزعات قومية، وادى التناقض بين النزعة القومية المتعصبة والاسلامية الراديكالية الى جعل 'اتفاق' حزبا ذا شعبية كافية في تتارستان مطلع التسعينات عندما طرحت مسألة سيادة تتارستان على الواجهة السياسية والشعبية الرئيسية في الجمهورية.
ولكن الراديكالية السياسية في تتارستان بدأت تضعف في عام 1994 عندما وقعت معاهدة تقسيم الصلاحيات بين روسيا وتتارستان وان لم تستنفد نفسها حتى النهاية، وتهيجها الآن الصعوبات الاقتصادية وتعقيدات
العلاقات بين تتارستان والمركز الفدرالي وترسخ المبادئ القومية والدينية في نفوس السكان المحليين.
وجرت في حياة تتارستان الدينية احداث هامة في عام 1995 والتي دلت على ان الصحوة الاسلامية في الجمهورية لا يمكنها الخضوع للسلطات بالكامل، وتفاقمت العلاقات بين السلطة ومجموعة رجال الدين بزعامة المفتى عبدالله غليولين، وبدأ الاسلام من جديد يستخدم كعامل للنضال السياسي مما سمح ل'اتفاق' باعلان نفسه بصفته قوة سياسية، اقر 'اتفاق' في شتاء 1996 سوية مع مجلس الشعب المعارض لبرلمان تتارستان الرسمي 'قانون الشعب التتاري' الذي حدد فيه 'ِِِ المبادئ التي ترسم وعي الشعب وتنعش اركانه الاخلاقية والحضارية وتبعث الشريعة بمواجهة المتغيرات الحديثة'ِ واشارت زعيمة 'اتفاق' فِبيراموفا معلقة على التشديد على الاسلام في 'قانون الشعب التتاري' الى ان الاهتمام الضعيف بالاسلام او تجاهله في المرحلة الاولى للحركة الوطنية التتارية كان خطأها الرئيسي، وقالت ان الوقت قد حان لتصحيح هذا الخطأ وسيعطي ذلك زخما قويا وجديدا للحركة الوطنية التتارية، ويكتب العالم محمد شين انه في 'قانون الشعب التتاري' بدأت محاولات ربط القومية كنظرية سياسية والممارسات الكلاسيكية للاسلام، ويمكن النظر الى هذا الموقف كمحاولة لطرح المبدأ الاساسي الذي تقبل فيها التعاليم الاسلامية بصفتها مذهبا وطنيا'، ويعتقد محمد شين بان قانون الشعب التتاري 'يفترض اعادة تأسيس نمط التتار التقليدي بمساعدة الاسلام'ِ واصبحت الافكار المثبتة في القانون اساسا عقائديا للحركة الاجتماعية 'مسلمو تتارستان' المؤسسة في يونيو 1996 والتي اشترك 'اتفاق' في تأسيسها، وصرح رئيس الحركة المفتي غليولين بانها لا تنوي الانضمام الى منظمة ما او تخطط لدفع مرشحيها لانتخابات مجلس دولة تتارستان المقبلة.
ولا يقدر 'اتفاق'، بالطبع، ان يلعب الدور الرئيسي في الصراع السياسي في تتارستان، وهذا الحزب يضم مئات الاعضاء الثابتين تقريبا المنحدرين من مدينة نابريجني تشيلني وكذلك من قازان، ومع ذلك يمكن القول ان نشاط الحزب ظاهر ويتعامل مع القوى المعارضة الاخرى ويلعب بشكل عام دور 'الخمرة الدينية' التي تجعل السلطات التتارية دائما في حالة توتر.
وما عدا الحركات المعروفة، ينبغي ذكر الحزب الديموقراطي الاسلامي الذي تأسس في قازان في مايو 1991 وترأسه امام جامع مدينة اكتيوبينسك فانيل فحمادييف، وليس لهذا الحزب اي وزن واقعي في الحياةالسياسية.