الجمعة، 3 يونيو 2011

تجزئة الادارات الدينية

وبصدد انشقاق الادارة الدينية السابقة والصراع الداخلي بين رجال الدين المسلمين يثير رأي يونوسوفا الاهتمام عندما تذكر بأن بعض الموظفين الحكوميين في روسيا القيصرية كانوا يأملون في 'تجزئة' مماثلة للادارات الدينية الواحدةِ واقترحوا بشكل خاص 'تقسيم مفتية اورينبيرغ حسب الاقاليم والقوميات الى عدة ادارات دينية'ِ ونعتقد ان السلطات الحالية تخشى هي الاخرى من الاتجاهات التي تبتعد عن المركز وتميل الى الاعتراف بهيكل مركزي واحد وتخاف من تراص المجتمع الاسلامي ومن ثم التضامن الاسلامي (وبالاخص فيما يخص الازمة الشيشانية ) ، ولهذا السبب لا تؤيد السلطات ايا من الاطراف المتنازعة. ويتميز ذلك عند توزيع المعونات المالية الحكومية بين الادارات الدينية ، فحصل مركز التنسيق الاعلى من الدولة على 2ِ1 بليون روبل وحصلت الادارة الدينية لمسلمي وسط روسيا الاوروبي على 2ِ2 بليون روبل.
وتجدر الاشارة الى انه قد تكونت في اواسط التسعينات ثلاثة مراكز دينية كبيرة للمسلمين في روسيا (بدون شمال القوقاز) وهي: الادارة الدينية المركزية ومركز التنسيق الاعلى للادارات الدينية ومجلس مفتي روسيا الذي تأسس في عام 1996 على اساس ادارة وسط روسيا الاوروبية برئاسة راوي عين الدينِ وتكونت في 'مثلث التوتر'.
هذا كل العلاقات بين رجال الدين المسلمين في روسيا ، وكانت تنبعث وتختفي من الوجود تحالفات وتجري المحاولات لجذب الحلفاء المناسبين وكانت العلاقات تتطور بين المفتين وكأنها احداث رواية بوليسية. وكان رجل الدين المدعو الى اجتماع او حلقة علمية يفكر بالموافقة او عدمها في حالة حضور منافس له. وكان التنافس على اشده من اجل استقبال الوفود الاجنبية رفيعة المستوى.
ولو لم يكن هذا الانشقاق المستمر لتمكن المسلمون من حل مشاكلهم الملحة المبدئية ولأصبحوا اقوياء ولامتلكوا القدرة على العمل في عموم روسياِ ومع ظروف التجزئة والتناحر غابت المطبوعات الاسلامية في روسيا كلها ولا يوجد صندوق اسلامي واحد كفيل بالمساعدة في بناء الجوامع وتطوير انظمة التعليم الديني.
وتوجد التناقضات داخل التكتلات الاسلامية الكبيرة الثلاثةِ مثلا ينمو استياء انصار تاج الدين بسبب تصرفات زعيمهم التي لا يمكن التنبؤ بهاِ ويصل في حالات العصبية الى ضرب المحيطين به وحتى المسلمين العاديين.
ويبدي رؤساء بعض الطوائف الداخلة في الادارة الدينية لمسلمي وسط روسيا الاوروبية نشاطا كبيرا ليس في اطار ادارتهم فحسب، بل وفي خارجهاِ مثلا يتعاون مركز التنسيق الاعلى مع مجلس المفتين القريب عليهِ
وفي الاعوام 1994 ـ 1996 انخفض نشاط مركز التنسيق بسبب ابعاد رئيس لجنته التنفيذية عبدالله غليونين والذي ركز نشاطه على الشؤون التتارية الداخليةِ واثبت نِ محمد شين ان 'انشاء مجلس مفتي روسيا اثر على نشاط مركز التنسيق الذي اختفى دوره'ِ غير ان هذا الكلام ليس صحيحاِ فبعد ان شغل نافع الله عشيروف منصب غليونين تمكن المركز من التراص والوحدة ونجح في تنظيم العلاقات مع مجلس المفتين ومع مفتية موسكوِ وكان رؤساء كلتا المنظمتين في عامي 1996 و1997 يلتقون ويتخذون خطوات مشتركة.
ويبقى موقف رئيس الادارة المركزية من مجلس التنسيق وادارة وسط روسيا عدائيا كالسابقِ ففي اغسطس 1997 وعشية المؤتمر التأسيسي للادارة الدينية لمسلمي سيبيريا والشرق الاقصى والذي حضره ممثلو اغلبية الادارات والطوائف من كل روسيا بمن فيهم ممثلون من الشيشان وداغستان، ارسل طلعت تاج الدين الى رئيس ادارة مقاطعة تيومين (ممثل السلطات الرسمية في المقاطعة التي جرى فيها المؤتمر ) نداء خاصا اكد فيه مجددا ان هذا المؤتمر صنع بأيدي 'القوى المخلة بالاستقرار' ونصح سلطات تيومين وتوبولسك بتجاهل هذه الفعاليةِ والصراع الداخلي بين رجال الدين لا يشمل عمليا رجال الدين في شمال القوقاز لانهم هناك توصلوا لوفاق معين بعد ان تم تقسيم الاقليم الى 'شقق قومية' ووزعت مناطق النفوذ فيه بدقة. وزد على ذلك لا يوجد هناك ولن تكون شخصيات دينية بارزة.