السبت، 4 يونيو 2011

المذاهب الاسلامية

ويبذل رجال الدين في روسيا قصارى جهدهم للمحافظة على المذهب الحنفي الليبرالي (والمذهب الشافعي في بعض مناطق القوقاز) من انتشار المذهب الحنبلي الميال الى الوهابية الاكثر راديكاليةِ يضاف الى ذلك لا يشعر رجال الدين برضا من ازدياد عدد المتعلمين في الخارج لأنهم يظنون بأن هؤلاء الطلبة سيعودون الى روسيا بعد 4 ـ 5 سنوات حاملين افكارا مغايرة ومن الصعب عليهم عندها التأقلم مع الواقع الروسيِ ويرى بعض الأئمة والمفتين وخاصة مفتي سيبيريا نِ عشيروف أنه لا يجوز فصل مسلمي روسيا عن المذاهب الاخرى الاكثر صرامة بالمقارنة مع الحنفية بسور مسدود.
ان النزعة التقليدية محدودة بدوافع براغماتية بحتة وهذا لا يرضي ابدا انصار الانبعاث التي يحلم به الساسة الشباب. فيصف رئيس اتحاد مسلمي روسيا نادر شاه خاتشالاييف ، مثلا ، موقف التقليديين على النحو التالي:
'
تبنى الآن الجوامع ويسمح بأداء الصلاة ومن الممكن قراءة القرآنِ فماذا يحتاج اكثر من ذلك؟
ان هذا صحيح ولكن على المجتمع الحصول على الفرصة الكاملة وليس نصفها لمعرفة وصايا الله وقواعد الاسلام كلها، ان هذه ليست الرغبة الطبيعية لمسلمي روسيا'.
ومن الممكن نسب الجزء الاكبر من رجال الدين في روسيا كأنصار للنزعة التقليدية والذين لا يميلون الى مبادئ الدعوة السلفية والتي يشبهها اغلبية مسلمي روسيا مع الاصولية وحتى التطرف.
وترتبط النزعة التقليدية في شمال القوقاز بالطريقتين الصوفيتين النقشبندية والقادرية اللتين تشكلان الاساس الاجتماعي لاسلام شمال القوقازِ حيث لا ترى اغلبية مسلمي شمال القوقاز ومناطق الفولغا والاورال اختلافات مبدئية بين عاداتهم القومية وبين تقاليدهم الدينيةِ ويعتقد دينغا خالدوف عالم الاجتماع وعضو المجلس السياسي لاتحاد مسلمي روسيا بأن الاسلام التقليدي في شمال القوقاز يتميز ب'التكيف مع تطورات الزمن والتوفيق والاعتدال والسلبية'ِ ويجد العلماء زعماء هذا التيار المبرر لأنفسهم بالاسباب السياسية والاجتماعية والتوفيق والسيكولوجية الموروثة خلال 70 سنة من الالحاد.
ويتفق هذا الوصف حرفيا تقريبا مع ما كان يوصف به الاصلاحيون في القرن التاسع عشر والنصف الاول من القرن العشرين التقليديون في شمال افريقيا.
بيد ان التقليدية في روسيا السوفيتية رغم تشابهها مع تقليدية شمال افريقيا لعبت دورا ايجابيا بالحفاظ على الدين الاسلامي وحتى بقائه على قيد الحياةِ وكانت تتراكم في الوعي التقليدي قدرة الانعاش التي تجسدت فيما بعد في رفع حواجز الالحاد في نشاط مسلمي روسيا الديني والاجتماعي والثقافي والسياسيِ وغدا السعي للنهضة (الجوهر) اتجاه التزمت به فئة ضيقة من المثقفين المسلمين وبرز وسط الساسة والفلاسفة والاجتماعيين العلمانيين الذين سعوا للخروج من اطار 'اعادة طقوس الاسلام' ورأوا فرصة لا تعوض في الاتحاد السوفيتي ليس لصياغة مصالح الطائفة الدينية فحسب، بل لتحديد الطريق الذي يسيء به مسلمو روسيا كمجموعة ضمن المجتمع الروسي بشكل عام والعالم الاسلامي بشكل خاصِ وكانت عبارة عن محاولة لتقرير المصير في اطار 'الاسلام الاوروبي' اي مركبة الحضارة الاوروبية الشاملة وليست حضارة اوروبا المسيحيةِ صاغ حيدر جمال هذه الفكرة بدقة كافية باعتقاده ان الاسلام في روسيا سيتحول في المستقبل الى 'العمود الفقري' للاسلام الاوروبي.