الجمعة، 3 يونيو 2011

أحزاب جديدة

لم ينه خروج حزب النهضة الاسلامي من الحياة السياسية عملية تسييس الاسلامِ وكان يعمل في تتارستان في مطلع التسعينات حزب راديكالي محلي 'اتفاق' وكانت التجارب تتراكم على الحركات السياسية الاسلامية في شمال القوقازِ وكان الانفصاليون الشيشان يستعينون اكثر فأكثر بالاسلامِ ونشير هنا الى ان الاسلام عاد من جديد الى السياسة في عموم روسياِ وتأسست في عام 1995 منظمتان حالا: الحركة الاجتماعية الاسلامية لعموم روسيا 'نور' واتحاد مسلمي روسيا.
ويمكن تفسير ظهورهما بثلاثة اسباب: اولا، تطورت عملية جعل الاسلام سياسيا حسب المنطق الداخلي وكان من الممكن ايقافها بالحظرِ وبدأت تتشكل لدى المسلمين مصالح وان لم تتحدد بوضوح، ولكنها كانت تنحصر في دفاعهم عن البعث الديني (ظهرت حالات عرقلت فيها السلطات عودة الجوامع ورفض منح رخص بنائها والتدخل في شؤون رجال الدينِِ الخ) واعتقد القسم الشاب والنشيط من المسلمين بان الساسة فقط يمكنهم الدفاع عن هذه المصالح بشكل أنجح من رجال الدينِ وولع بعض الائمة بالسياسة ايضاِ والسبب الثاني تكتيكي بحت: حدث تأسيس المنظمات عشية انتخابات مجلس البرلمان الدوما التي جرت في ديسمبر 1995ِ وكان زعماء هذه المنظمات يحلمون بخوضهاِ والسبب الثالث هو سعي بعض الاحزاب العلمانية الى استخدام المسلمين لاغراضهم ومصالحهم السياسية الخاصة. وكان زعماء الحزب الليبرالي الديموقراطي وحركة 'يابلكو' برئاسة يفيلينسكيِ (بدرجة اقل) يدركون بالطبع بان مواقفهم لن تكون صلبة بفضل تأييد المسلمين بالدرجة الاولىِ لكنه، من جهة اخرى بوسعهم ان يأملوا بالحصول على اصوات اضافية في هذه اللعبة السياسية.
وليس من المصادفة بان اعضاء حزب جيرينوفسكي بالذات لعبوا دورا نشيطا في تأسيس 'نور' واتحاد مسلمي روسيا. وكان عضو الحزب الليبرالي الديموقراطي خليتوف السكرتير العام الاول لاتحاد مسلمي روسيا وكان يحرر الجريدتين 'برافدا جيرينوفسكي' و'سوكول جيرينوفسكي'.
وكان زعيم 'نور' خالد ياخين المساعد للايديولوجي الرئيسي للحزب الديموقراطي الليبرالي ونائب الدوما أليكسي ميتروفانوف.
بالتالي، كانت موجة النشاط السياسي التي اعقبت فشل حزب النهضة الاسلامي اكثر وقارا بموجب اسباب موضوعية وذاتية وخلافا لجهود 'المثقفين الروس المسلمين' تغلبت هنا الجدوى الواقعية والرغبة للتوصل الى الاهداف الملموسة على سواها بشكل كاف.
تأسست 'نور' واتحاد مسلمي روسيا في وقت واحد تقريبا. وكانت لهما في اكتوبر 47 و50 فرعا على التوالي في 72 اقليما روسيا. واعتمد اتحاد مسلمي روسيا على الصلات الواسعة جدا للمركز الثقافي الاسلامي الذي تأسس في عام 1991ِ وأنشئ المركز ك 'اتحاد اجتماعي ـ ثقافي' بهدف 'المساعدة في تطوير القيم الروحية والثقافية الاسلامية ودراستها ونشر انجازات الحضارة الاسلامية'ِ ودخل في الحياة السياسية بنجاح وتبوأ منزلة كبيرة وسمعة في الاوساط السياسية في موسكو بفضل رئيسه عبدالوحيد نيازوفِ وكان بعض المسؤولين يعتبرون اتحاد مسلمي روسيا والمركز الثقافي الاسلامي منظمة واحدة. وارسى اساس اتحاد مسلمي روسيا في مايو 1995 في المؤتمر المنعقد في المدينة البشكيرية سيباي عندما اصبح خليتوف سكرتيرا عاما للاتحادِ غير ان الاحداث الرئيسية جرت في المؤتمر التأسيسي المنعقد في موسكو في 1 ـ 2 سبتمبرِ ناقش المؤتمر برنامج الحركة وخطة العمل وانتخبت الهيئات القيادية والسكرتير العام.
وكان 'البرنامج' مثل اي وثيقة من هذا النوع مليئا بالمبادئ الدعائية البحتةِ ولكن تمت صياغة المهمة العملية التي اخذها اتحاد مسلمي روسيا على عاتقه في بعض فقراتهِِ 'الذود عن مصالح رجال الاعمال المسلمين وزملائهم من الشعوب الصغيرة في كافة مستويات السلطة والتوصل الى اوسع الحقوق السياسية والاقتصادية في الجمهوريات ذات الاغلبية الساحقة من المسلمين والاقلية من غير الروس في روسيا الاتحادية والتمثيل متساوي الحقوق للمسلمين في كل مجالات حياة البلد الاجتماعية والسياسية'.
المشاركة في الحكومة
وفي جوهر الامر ان المسلمين في روسيا اعلنوا لأول مرة منذ عام 1917 من خلال هذه المنظمة بصورة خطيرة عن حقهم بالمشاركة الكاملة في العمليات السياسية والاجتماعية الجارية في البلد. ولا سيما ان قيادة اتحاد مسلمي روسيا اعلنت عن استخلاف منظمتها لاتحاد المسلمين الذي كان يعمل في روسيا مطلع القرن العشرين.
وطرحت في المؤتمر قضية التمثيل المتساوي في هياكل السلطة. سأل رمضان عبداللطيفوف نائب رئيس مجلس النواب (الشيوخ) وقتذاك: 'لماذا لم يجد المسلمون مكانا لهم في الحكومة الروسية الراهنة؟'. ونوقشت مسألة قدرة الشعوب الاسلامية على ادامة الصلة والقيام ب 'دور الجسر' بين روسيا والعالم الاسلامي على احسن نحو. وطرحت، اخيرا، مسألة انشاء الجماعة الاسلامية في مجلس الدوما. وتأمل المندوبون من عموم روسيا في هذه المبادئ وتكلم وزير خارجية الشيشان السابق شامل بينو وبيبرسوف مؤيدا لها. ولكن بعض المشاركين انتقدوا الحركات الاسلامية الاخرىِ صرح مثلا، رئيس المركز الثقافي الاسلامي نيازوف بان 'اتحاد مسلمي روسيا يجب ان لا يشبه 'نور' وعليه ان يعمل شيئا ذا وزن' وبرزت قضية الخلافات بين رجال الدين وعبر بعض المشاركين عن استيائه من الامامين تاج الدين وعين الدين المعارضين في ذلك الوقت تأسيس المنظمات السياسية على قاعدة دينية.