الأربعاء، 1 يونيو 2011

"العراقية" كتلة موحدة حتى إشعار آخر

ازدادت الأنباء عن حدوث انشقاق أو «تفتت» في القائمة «العراقية» التي تضم مكونات وحركات «سنية»، بدعم من أطراف قدموا أنفسهم كمقاومين للاحتلال مع نفر من تيارات «بعثية» انشقت وتمارس نشاطها في بعض دول الجوار وامتدت لكسب بعض عشائر المناطق الغربية والشمالية والوسطى، فظهرت توليفة غير متجانسة من ساسة ورجال أعمال ومقاومين ومنبوذين، أغلبهم استجاب للخطأ السني الفادح في انتخابات 2004 بالانسحاب من العملية السياسية. وهو القرار الذي مهد لانفراد الأحزاب الشيعية والكردية في السلطتين التشريعية والتنفيذية والأمنية والعسكرية.
تضم «العراقية» سبعة تكتلات، هي: حركة الوفاق الوطني بزعامة إياد علاوي، جبهة الحوار الوطني - صالح المطلك، تجمع «عراقيون» - أسامة النجيفي، حركة «تجديد» - طارق الهاشمي، حركة «حل» - جمال كربولي، «تيار المستقبل» - رافع العيساوي، حركة أبناء الرافدين - سلام الزوبعي.
قائمة الآمال
وإذا كان علاوي و«عراقيته» يحملان مشروعا وطنيا، كما يردد دوما، فهل ان آمال البلاد تنحصر في رفع الاجتثاث عن نفر من دون آخر؟! وهذا ما شغل البلاد لغاية مباحثات أربيل لأكثر من 9 أشهر، تعطلت فيها مصالح الناخبين؟ كما أن أعضاء «العراقية» طالبوا لأشهر بــ «الاستحقاق الانتخابي» للقائمة، وفي النتيجة تبين أن الاستحقاق كان لقادة الكتلة وأقاربهم وليس للناخبين (للانصاف، هذا يشمل كل القوائم بلا استثناء، لكنه في «العراقية» بارز جدا، كونهم لم يذوقوا طعم السلطة بعد)، لينتهي بها المطاف بعد جمود كامل للعملية السياسية إلى أن تتحول للشريك الأصغر فيها.
معارضة وشريك
الكتلة رئيسية في البنيان الحكومي ولا تخلو مؤسسة في الدولة من عناصرها. في الوقت نفسه، يحلو لقيادتها انتقاد السلطات الثلاث وفي أبسط القضايا. والغريب أن نواب «العراقية» يتجادلون في البرلمان في أمور يفترض أن كتلتهم «الموحدة» لها موقف واضح وثابت فيها، لكن تصريحاتهم تتباين في أحيان كثيرة، وهذا يعني أن زعماء الحركات والأحزاب المنضوية في الائتلاف غير متفقين في ما بينهم، كما أننا لم نسمع بوجود اجتماع دوري لقادة الكتلة، فيما يتناثرون بين عواصم مختلفة في العالم.
معارضة المصالح والمكاسب
ولغاية الآن، ونحن مقبلون على انتهاء عام من فوزها في انتخابات مارس 2010، لم نتبين شيئا من «المشروع الوطني»، الذي بشرت به.
فالكتلة في كل مرحلة لها أسلوب للاعتراض وفق تضارب وتناغم أو انسجام متطلباتها. وبعد انتهاء أزمة تشكيل الحكومة التي كانت «العراقية» أكبر عثراتها وانتهى بها المطاف بقبول أغلب شروط «التحالف الوطني» و«الكردستاني» مقابل حقائب وزارية ومجلس غامض مفصل لزعيمها، بدأت - وهذا أحد أسرار وجودها في الساحة - القفز على صلاحيات الحكومة، وعلى سير العمل البرلماني ولجانه الداخلية.
المشاكل الأساسية
العراق يعاني مشاكل صعبة، لكن تظهر «العراقية» وكأن المشكلة الفعلية هي تعيين وزير الدفاع أو قرار المحكمة الاتحادية بربط الهيئات المستقلة بمجلس الوزراء.
وإذا كانت هناك اختلافات داخل القائمة حول الأسماء المقدمة لشغل منصب وزير الدفاع - وفق ناهدة الدايني النائبة عن «العراقية» لصحيفة المشرق - فكيف تصر على أن زعيم قائمتها اياد علاوي هو «المسؤول الوحيد» عن تسميته؟!
محاصصة القائمة
ويلاحظ في «العراقية» - أيضا - أنها الأكثر من سواها انتقادا لــ «المحاصصة البغيضة»، لكن حينما حلّ اوان تقسيم الغنائم، وزّعوا المناصب داخل قائمتهم على أساس هذه «المحاصصة»!
زد على ذلك، كانت أسباب انشقاق عشرة من أعضاء القائمة وتشكيل تكتل منفصل عنها، ليس بسبب المعتقلين والخدمات والتطلع القومي للعراق وغيرها من الشعارات التي تلقفوا بها الناخبين، بل لأن علاوي قدم أسماء الوزراء من دون موافقتهم، ووفق القيادي في القائمة جمال البطيخ فقد «تم الاتفاق على آلية محددة لشغل الحقائب وخلال جلسة تعقدها بكامل أعضائها، وقد تخطى علاوي هذه الآلية خلال لقائه مع المالكي وقدم أسماء من دون علمهم، الأمر الذي ألحق غبنا بعدد من نواب القائمة، وبالتالي دفعهم إلى الانشقاق عنها». وربطا لما سبق، ما دواعي الإصرار على ترشيح فلاح النقيب وزيراً للدفاع، رغم التحفظات عليه من الشريك الأكبر (التحالف الوطني)، ناهيك عن تجربته كوزير للداخلية في حكومة علاوي وما رافق تلك الفترة من معارك النجف (ضد الصدريين) والفلوجة (ضد قاعدة «العراقية» الجماهيرية)؟
وعن الفساد أيضا
عرف العراق الفساد منذ حكومة علاوي، وكنا نسمع عن وزراء رحلوا بمليارات وأسلحة خردة وكهرباء لا تصقع. ونتذكر ما قاله كامل الدليمي عضو كتلة «الحل» المنضوية في «العراقية» عن أن تقاسم المناصب الوزارية والسيادية بين مكونات القائمة «فرضها تاجر عراقي مقيم في الأردن»، وأن «عملية التقاسم تمت في اجتماع سري في منزل التاجر العراقي بعد عقد صفقة مع قادة العراقية».
مجلس الصفوة
أما الحديث عن مجلس السياسات المتفق وفق «ورقة أربيل» على ترؤس إياد علاوي له، فسيأخذ نصف الفترة الانتخابية - زمنيا - في مناوشات تشمل «الحق الدستوري» و«النظام الداخلي» و«الصلاحيات»، وما ان ينتهوا حتى يبدأ التصويت، وقبله سيختلفون على آليته: هل ستكون داخل هيئة الرئاسة أم البرلمان أم في حديقة منزل إبراهيم الجعفري؟!
بدورهم، يمارس الماكرون في «دولة القانون» حقوقهم في تشغيل عقولهم ويكسبون المزيد من الوقت، حتى يبنوا دولتهم، لغاية «دراسة الصيغ القانونية لتشكيل مجلس السياسات». وهكذا سيلعب أعضاء التحالف الوطني بأعصاب «العراقية» وزعمائها: حسن السنيد يقترح وحسين الصافي يتمسك وسامي العسكري يفند وعلي الدباغ يستغرب وطارق حرب يشرّع قانونية تصريحاتهم.. وتمر الأشهر والفصول، وللآن تتناوب الصحف «مسودة» هذا المجلس الغريب، وهل سيصوتون على علاوي أم يتم اختيارهم وفق الإجماع السياسي؟! علما بان البرلمان لا يمتلك صلاحية التصويت على مجلس علاوي، فهو مختص بالتصويت على الهيئات المستقلة والوزراء ورئيس الحكومة. لقد بقوا طوال الأسابيع الماضية، يجادل بعضهم بعضا عبر الفضائيات: هل قراراته لازمة أم لا؟ فلماذا وجود القرارات إن لم تكن لازمة؟
لماذا الأفواج تحرس علاوي والمقرات فيها المئات بمرتبات عالية، لو كان حتى علاوي نفسه لا يعرف صلاحياته؟
وما علاقة الممثل الخاص للأمين العام للامم المتحدة آد ميلكرت بــ «الإطار القانوني» لمجلس السياسات؟
ملفات عالقة
البديهي أن تظهر الحكومة كاملة وليس بالتقسيط، حتى لا تتحول الوزارات الأمنية إلى «ملف» يضاف إلى المشاكل العالقة، يجبر نائب الرئيس الأميركي جو بايدن على قطع المسافات الطويلة ليحدد أهمية هذا الملف على أولوية حسم قانون النفط والغاز أو عقدة المادة 140 من الدستور والمشاكل بين أربيل وبغداد التي لا تنتهي.
لا ضوابط في العلاقات
تاليا، يجتمع المالكي وعلاوي لبحث الملفات العالقة (دائما) بغية التوصل إلى «رؤى مشتركة»، في بيت الجعفري، الذي فوجئ بمدى التقارب بينهما، لكن ما إن يفترقا حتى يبدأ عدّ النقاط على بعضهما الآخر.
فإذا نفذت «القاعدة» عملا إجراميا، فلا بد أن يحمل علاوي غريمه مسؤولية «حماية أرواح العراقيين»، منتقدا الأجهزة الأمنية، كما لو أن «أرواح العراقيين» ستبقى مصونة لو مرر المالكي ترشيح النقيب لوزارة الدفاع.
كيف سيتعايش الشركاء، إذا يتسبب سؤال لرئيس الحكومة يوجهه إلى المحكمة الاتحادية، في أن يعده شركاؤه «انقلابا»، كما اعتبر المتحدث باسم «العراقية» قضية ربط الهيئات المستقلة بمجلس الوزراء!