الجمعة، 3 يونيو 2011

أحزاب وسلطات

سنركز اهتمامنا على نشاط المنظمات التي اصبحت اكثر ثباتا والبارزة نسبيا في الحياة الاجتماعية للطائفة الاسلامية في روسياِ ولم يتوصل اي منها الى احزاب تمكنها دخول الدوما (مجلس النواب) ولم تشارك بشكل مباشر او غير مباشر في عمل هياكل السلطةِ وفي هذه الحالة من المهم ان تظهر هذه الاحزاب والمنظمات الاسلامية نشاطا متزايدا وبفضل كبرياء زعمائها للخروج من الظل في مراحل ازدهار النشاط السياسي في البلد، وخاصة في سير الانتخابات البرلمانية والرئاسية (يشكل المسلمون 10 ـ 12% من ناخبي روسيا) ليس لتأييد هذا الزعيم العلماني او ذاك فحسب، بل للاعلان عن مصالحها الخاصة ايضا.
ولا يتحدد تأثير العامل الاسلامي بنشاط الاحزاب والحركات فقط، حيث تتجه الادارات المحلية للمناطق التي يشكل فيها المسلمون الاغلبية الى الاسلامِ وهذه الظاهرة واضحة جدا في شمال القوقاز، وخاصة في جمهورية الشيشان التي لا توظف شعارات الجهاد والتضامن الاسلامي في سياستها فحسب، بل تحاول تطبيع الوضع الداخلي بفرض الشريعة ايضاِ وزد على ذلك انهم يعتبرون الاسلام حسب الدستور الشيشاني الدين الرسمي للدولة.
واستخدمت القيادة الشيشانية فكرة التضامن الاسلامي على مختلف المستوياتِ على مستوى النخبة او الجماهيرِ ورفع شعار التضامن الاسلامي الوفد الشيشاني برئاسة اصلان مسخادوف والانغوشي برئاسة روسلان عايشوف في رحلتهما المشتركة لمناطق الفولغا الاسلاميةِ
واشار مسخادوف في كلمته التي ألقاها امام البرلمان التتاري الى ان 'الاخوة في الدين، اخواننا في تتارستان كانوا يتابعون التطورات بشعور يشوبه الاسف وساعدونا قدر استطاعتهم'.
غير ان فكرة التضامن الاسلامي غريبة على الاوساط الحاكمة في تتارستان وبشكيريا التي تؤكد على طابع سياستها الاممية وتخاف من النزاعات التي تنشأ على تربة الخلاف ما بين الاديانِ ويفتخر الرئيس التتاري بهذه الحقيقة بقوله 'في اعقد الظروف التي مررنا بها لم يبرز تقسيم الشعب على اساس ديني ومن هو مسلم، ومن هو مسيحي'.

الرئيس المفتي

يخاف الرئيس شامييف من نمو العامل الديني في الحياة السياسية والاجتماعية مما يساعد الجناح الراديكالي وقسما من رجال الدين الذي يتبناهِ وفي هذا الصدد يكون واضحا قول الرئيس التتاري بعد احدى لقاءاته مع المفتي عبدالله غليولين بانهم ويقصد المفتي وانصاره 'يريدون ان يروا قازان مكة الثانية لهم'ِ وليس من المصادفة ، وهو اكثر من ناصر الحوار الاسلامي ـ المسيحي، حصوله على وسام الامير دانييل المقدس بعد
منحه اياه من قبل بطريرك روسيا أليكسي الثاني.

حزب النهضة


اصبح حزب النهضة الاسلامي اول منظمة سياسية لمسلمي روسيا (الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت)ِ عقد مؤتمره التأسيسي في يونيو 1990 في مدينة استراخان واشترك في تأسيسه ممثلو الكثير من شعوب الاتحاد السوفيتي الاسلاميةِ وكان لحزب النهضة الحق بالفعل في ان يدعي انتشاره في عموم الاتحاد السوفيتي لكن هذا لم يسجل باسمه الرسمي.
وكان التتار والطاجيك والقوقازيون (الداغستانيون) الاكثر تعدادا في مؤتمر استراخانِ وبعد تفكك الاتحاد السوفيتي وتحويل الفرع الطاجيكي لحزب النهضة الى حزب مستقل لطاجيكستان كان بعض رجال هذا الحزب يؤكدون بأنهم بالذات لعبوا الدور الحاسم في انشاء الحزب. وعارض التتار والقوقازيون هذا الادعاء بحزم.
تم تسجيل حزب النهضة في طاجيكستان وسجلت لجنته التنظيمية في موسكوِ ولم يعد هذا الحزب حركة سياسية منظمة، حيث انقسم فورا الى عدة مجموعات مستقلة بعضها عن البعض الآخر: الداغستانية، الموسكوفية، الطاجيكية والاوزبيكيةِ وفشل فتح فرع للحزب في كازاخستان (حيث لم يزد عدد اعضائه حسب المعطيات غير الرسمية عن 15 شخصا) وفي تركمانيا (كان في خلية الحزب الرمزية 4 ـ 5 اشخاص)ِ ولم يتسن للحزب الانتشار والتنظيم في مناطق الفولغا وان وجد في هذا الاقليم اتباع له منهم مقدس بيبرسوفِ كان عمل الحزب اسطع وانجح في طاجيكستان واوزبكستان، حيث حفز المؤتمران التأسيسيان المنعقدان على التوالي في عامي 1990 و1991 على تطوير الحركة السياسية الاسلامية.
واصبح احمد قاضي اختايف الافاري الاصل ( أمير (الحزب (توفي منتصف عام 1998 ) وحيدر جمال نائبا له (ومسؤول التنظيم في موسكو) وكان للحزب نظام داخلي وبرنامج.
وعملت في روسيا بشكل مستقل مجموعتان لحزب النهضة الاسلامي، الاولى في وسط روسيا والثانية في داغستان.
وكان الحزب في داغستان يشارك في الحياة السياسية بنشاط بفضل نشاط اخيين كيبيدوف واحمد قاضي اختايف (انتخب احمد قاضي في المجلس الاعلى لداغستان)ِ وكان حزب النهضة يتمسك شكليا بالمبادئ الاصولية لانه كان يؤيد تحويل داغستان الى دولة اسلامية ويناضل من اجل 'تقنية الاسلام' مما كان يثير استياء التقليديين من شيوخ الطريقة النقشبندية الذين اتهموا الحزب بالوهابية وساعد نشاط الحزب بدرجة كبيرة على تفاقم التناقضات بين انصار 'تنقية الاسلام' واتباع الطريقتين النقشبندية والقادرية (ووصل هذا التناقض في عام 1998 الى المجابهة المسلحة في عدد من القرى الداغستانية ووقفت السلطات الى جانب التقليديين ضد ما عرفوا فيما بعد بالوهابيين وكنا أول من التقى مع ابطال هذا الصراع بمن فيهم احمد قاضي ).