الاثنين، 10 مارس 2008

عدستنا ترصد وصول اولى قوافل الإمداد البرية للقوات الأميركية في كردستان




أول صور تخرج من العراق لطلائع القوات الأمريكية التي دخلت قبل شن الغزو بأسابيع


كردستان - د.جمال حسين علي:

أنها عبقرية، هي نتاج مباحثات عسيرة وشاقة في أحرج موقف تمر به واشنطن وهي تخوض حربا شرسة، ولا يمكن للتاريخ الأميركي المعاصر، إلا التوقف كثيرا عند صاحب هذه الفكرة التي توجز وتختصر كل الإشكاليات الحقوقية التي وضعت الحكومتين الأميركية والتركية في عنق زجاجة أغلقت بقوة.
إغاثة فحسب
تستحق الفكرة التي لم تخطر في بال حتى أمكر الماكرين هذه المقدمة، فبعد أن أطال البرلمان التركي ومطط وسحب وجذب، دون أن يعلن عن نيته بالموافقة على تسهيل دخول القوات الأميركية بكل معداتها الى شمال العراق، أرسل الأميركان نحو 7000 من القوات خفيفة الحركة وبنوا منذ لحظة وصولهم قواعد وترتيباتومنافذ وأبواب وكل ما يحتاجه المرء الذي ينوي الإقامة الطويلة في مكان ماِوكانت الخطوة الثانية هي الحاسمة بإعلان باول وغول عن موافقة تركيا على تسهيل إمداد هذه القوات (أي السبعة آلاف) بالمؤن وإمدادات الأغذية والوقود كنوع من أنواع 'الإغاثة' لقوات مهمتها 'البحث والإنقاذ' وكافة المسائل الإنسانية المتعلقة ببلد يخوض حرباِ والمهم أن هذه الديباجة تعد من الناحية الحقوقية ملائمة ومن 'صلاحيات الحكومة' التركية ولا تحتاج حسب صلاحياتها ل 'إغاثة' حليف الى موافقة البرلمان، فالأمر لا يمثل تسهيلات حربية أو دخول مباشر في الحرب، كما ينص عليه الدستور التركي بضرورة مراجعة البرلمان.
دهاة ولكنِ!
غير أن هذه الإمدادات و'الإغاثة' لا بد أن تصل الى كردستان في شاحناتِ وهذه الشاحنات لا بد أن تسير على الطريق ويراها الملايين، لذلك ينبغي أن تكون شاحنات مدنية وسائقوها مدنيين عاديينِ ولكن الفكرة الداهية تكمن في ما تحتويه هذه الشاحنات. فلير العالم الشاحنات العملاقة تعبر 'إبراهيم الخليل'، شيء أكثر من طبيعي تعود عليه السكان وكل أقمار التجسسِ ويمكن لشاحنات طولها 60 قدما أن تعبأ بكل ما يحتاجه الجيش الأميركي: فهل ينبغي انتظار موافقة البرلمان لكي تسير الدبابات على الأرضِ فالذي لا يمكن لطائرات النقل حمله وإنزاله في كردستان، يمكن'تخبئته' في هذه الشاحنات العملاقة المدنية في كل شيء ويمكنها السير وحتى التجول دون أن يعلم أحد ما الذي تحتويه، حتى النقطة النهائية في كردستان حيث تكون بحوزة أصحاب البيت ويعملون بها ما يشاءونِ لكننا كنا هناك، وهذا لم يخطر ببال مبتكر الفكرة.
دعم لوجستي
هو إذن دعم لوجستي وتسهيل دخول القوات العسكرية الأميركية الى شمال العراق بدون موافقة البرلمان، وما حصل أن الدخول ليس عاريا ومكشوفا بل مطليا بغطاء الشاحنات المدنيةِ وبالمناسبة فان من صلاحيات الحكومة التركية تقديم الدعم اللوجستي الى دولة حليفة دون الرجوع الى البرلمانِ لكنهم أضافوا الى 'الدعم اللوجستي' شرطا تركيا، أظهروه كأنه 'طلبا' أميركيا والقاضي بإرسال 'ضباط أتراك مع الشاحنات التركية لأنهم يعرفون شمال العراق جيدا ويساعدون الأميركان في المهمات الإنسانية'!
حياكة القواعد
وكأن الضباط الأميركيون لا يعرفون شمال العراق جيدا وكانوا بحاجة ماسة الى أتراك يدلونهم،، الأميركان الذين سكنوا في كردستان منذ عام 1992 وأحصوا رحلات المدارس وكل طابوق البلاد وعدد أعمدة النور ومصابيحها المطفأة وكم كمبيوترا دخل إليها وكم طن حبوب يستهلكه الشعب، وعدد اللترات التي تهدرهامحركات الإقليم، وأحصوا عدد قطرات المطر التي تنزل في المنطقة، بحاجة الى ضباط أتراك يدلونهم على كردستان،، هل ينبغي تصديق هذا الكلام؟هي قواعد اللعبة التي ينبغي أن تبدأ ما أن تحاك أطرافها بكل الأصابع المعنية : تدخل معداتك العسكرية بغطاء مدني،، سأدخل ضباطي معك تحت نفس الغطاء OK تريد أن تطير وتضرب جارنا بطائراتك، قم بتصليح كل شيء، طرقنا وقواعدنا ومطاراتك وصحح أجواءنا وعدل طقسنا ولا تدع هؤلاء يقضوا مضاجع أمننا في الجنوب بفدرالية أو دولة أو حكم ذاتي، لا تجعلهم يذوقوا قطرة نفط لا من كركوك ولا من البصرة ولا من العزير أو من مجنون أو عاقل!
اختراق
ما قمنا به اختراق حقيقي للخطة الأميركية - التركية بكل ما تعنيه هذه الكلمةِ وكما هم يؤدون عملهم، نقوم أيضا بشغلنا ولو لم نقم نحن بذلك، فسيقوم به غيرنا آجلا، فلماذا لا نفعلها عاجلا ؟كنا إذن نتتبع رحلة الشاحنات بواسطة سيارة أجرة عادية، كي لا تثير القافلة، إلى أن حطت رحالها في مدخل أربيل وعند مطعم هولير الأكبر والأشهر في عاصمة كردستان (حاليا)! طبعا هذه المواضيع لابد أن تكون مدعومة بالصور وإلا فلا جدوى منها وتعد إشاعة كالكثيرات التي سلطنا الضوء عليها ويمارسها الصحافيون في كردستانِ فما العمل؟ وكيف نصور إنزال المعدات؟يجدر القول أن الجنود الأميركيين كانوا منشغلين في مسألة أهم من الاحتياطات الأمنية وهذا شيء غريب لم نعهده بهمِ كانوا منشغلين فيزيائيا فقط بإنزال الشحنات أو تفريغ الشاحنات وتركوا ثلاثة أو خمسة يراقبون ويحمون ظهورهم فقطِ هذا عدد غير كاف قياسا إلى المكان المفتوح الذي كانوا يعملون به، غير أن قوات من البيشمركه كانت تطوق المكان وتحرسهم أيضا، ولعل إحاطتهم بالبيشمركه وإحساسهم أنهم على 'أرض صديقة' أعطتهم اطمئنانا كافيا.
تسلل
لم تكن صورنا بفضل الزوم ومن بعيد، بل تسلقنا الشاحنات ودخلنا فيها ووصل الأمر الى أننا شاركنا عمليا في الحرب ضد النظام العراقي بمساعدتنا الجسدية لهم في إنزال أغراضهم في حالات كان لابد من تقديم المساعدة لارتباك بسيط أو تعثر أو انزلاقِ مبادرتنا ساعدت في إضفاء جو من المودة، بل أكثر من ذلك تبادلنا الهواتف واتفقت معهم على أن نلتقي في أقرب وقت.
الكاميرا المنقذة
ولعبت كاميرتنا الرقمية دورها، فما أن استوقفني العريف الأسمر الظاهر في الصورة وطلب كأي عسكري منا مغادرة المكان حالا، وكانت استجابتنا طرش وبكم كالعادة، طلب أوراقنا الثبوتية، قدمت له هوية الجريدة ومعها بطاقة بأننا مشاركون في المعارضة العراقية عملناها في وقت سابقِ كل هذا لم يقنعه، لكنه نظر الى الكاميرا وقال:- تشبه كاميرتي التي اشتريتها قبل مجيئي الى هنا.- آهِِ موديلها حديث.- كيف تعمل؟ لم أجربها حتى الآن.- ممتازةِ سأريك بعض اللقطاتِ.. لكنك لا تسمح لي بالتصوير.كانت فرصة لئيمة لالتقاط بعض الصور حتى يتأكد بأن الكاميرا التي تشبه كاميرته تعمل جيدا، وبالتدريج تراخى وأسدل الستار على رفضه القاطع لوجوديِ وبعد لحظات كنت أساعدهم كما ذكرت. مر الوقت واقترب مني الأسمر وقال إنه يحتاج الى بطاريات لأنه نسي أن يجلب معه (بطارياتها خاصة ونادرة) ِ قلت له إني سأرسل سائقي الآن وسيجلب لك ما تريد. قال: اترك رقم هاتفك وسأتصل بك غدا لأني أحتاج أن تعلمني عليها وتعطيني برنامجها مع الكمبيوتر لأني لم أجلب معي الكاتلوك والسي دي الخاص بها. هكذا اتفقنا على اللقاء بعد أن أعطاني عنوان ثكنته وتبين أنهم قريبون من مكان إقامتي أيضا. ولكي أصور الحدث المهم قلت له، طالما أننا سنلتقي دعني التقط بعض الصور لك ولزملائك وسأجلبها لك. هو من ناحيته وافق وأنا من جانبي أكملت مهمتي على أحسن وجه!