الأحد، 12 يونيو 2011

الكرملين وأزمةالكويت (12)

ان العمل اليومي لموظفي وزارة الخارجية مع ممثلي الدول الأجنبية أمر اعتياديِ لكنه في حقبة غورباتشوف المتميزة بالعلنية وحرية الصحافة والحياة الاجتماعية النشيطة أضيف اتجاه هام جدا تطلب من الخارجية الانتباه اليه وهو العمل مع نواب البرلمانِ
لقد غاصت في أعماق الماضي تلك الأوقات التي كانت جلسات المجلس الأعلى تعقد بضع مرات في السنة فقط وعندما لم تجر المناقشات البرلمانية ولم تكن ثمة استجوابات معقدة ولا انتقادات للسياسة الخارجية لا عبر منبر البرلمان ولا من خلال تصريحات النواب للصحافة أو التلفزيونِ لقد تغيرت الحال الآن تماماِ
وليس من المستغرب أن الأزمة الكويتية أثارت اهتمام النواب، لا سيما أن الصحافة المحلية كانت تفسرها على أساس المواقف السياسية المختلفةِ فاذا كانت 'ازفيستيا'، 'ترود'، 'كومسومولسكيا برافدا' و'نوفيه فريميا' تضيء الأزمة كقاعدة عامة وبشكل موزون، فإن 'سوفيتسكيا روسيا' و'ليتراتورنيا غازيتا' اتخذت موقفا مواليا للعراق مائة في المائةِ وكانت 'كراسنيا زفيزدا' قريبة منهماِ وفي النتيجة كانت تصل الى الخارجية شكاوى من وسائل الاعلام، إما من السفير العراقي أو السفير الكويتيِ وحدث ذات مرة أن السفيرين جاءا في يوم واحدِ واضطررت للشرح بأنه ليست لوزارة الخارجية أو الحكومة أية علاقة بهذا، وأنهما لا يشرفان على الصحافة والتلفزيون وأن الوقت تغير من هذه الناحية وعلى السفيرين الانطلاق من الوقائع الجديدةِ
وينبغي القول انه شعر في الاتحاد السوفيتي في عام 1990 بالضغط على ميخائيل غورباتشوف فيما يخص السياسة الداخلية والسياسة الخارجية على السواءِ وبدأت تستخدم الخصومات الحزبية الداخلية بمختلف الأساليبِ وأثر كل هذا على سلوك البرلمانيينِ وكانت تثار بين الحين والآخر الدسائس السياسيةِ وأدى الأمر الى تعرض السياسة الخارجية في حقبة غورباتشوف الى الكثير من الضرباتِ ولم يكن نهج الاتحاد السوفيتي في الأزمة الكويتية في هذا المعنى استثناءِ
لقد أصبحت الأزمة الكويتية موضوعا للمناقشة رسميا في مجلس السوفيت الأعلى لأول مرة في نهاية أغسطسِ حيث قررت لجنة الشؤون الدولية الاستماع الى وزارة الخارجية حول هذه المسألةِ وكلفوني بالادلاء بالتصريح المناسبِ
حضرت الجلسة المنعقدة في 30 أغسطس التي حضرها عدا أعضاء اللجنة المذكورة، أعضاء لجان المجلس الأعلى الآخرونِ وازدحمت قاعة الجلسة بالنوابِ استغرق خطابي 30 دقيقة تقريبا واحتلت اجاباتي على الأسئلة وقتا أكثر من ذلكِ طرحت أسئلة ملحة من جانب العسكريين على الأغلب ويبدو أن ظهور القوات الأميركية عند حدودنا الجنوبية أقلقهم أكثر من أي شيء آخرِ ومع ذلك لم يهونوا وضع العراق ووقعه عليهمِ
ارتحت من القرار الذي اتخذته اللجنة والذي جاء فيه: 'أشار المشاركون في اللجنة الى أن موقف الاتحاد السوفيتي كان منذ البداية أخلاقيا رفيعا ولقي تأييد الرأي العام السوفيتيِ ويؤيد النواب بحزم التسوية السياسية للأزمة وضرورة منع النزاع العسكري وأبدوا قلقهم من تقوية الوجود العسكري للولايات المتحدة في المقام الأول في الاقليمِ ويوصي أعضاء اللجنة حكومة الاتحاد السوفيتي بالنظر الى مسألة استدعاء الخبراء السوفيت من العراق'ِ
كان المبدأ الأخير في محله جدا، لأن بعض المؤسسات استمرت في المقاومة الغامضة لتقليص عدد ممثليها في العراق بالرغم من التوتر السائد هناكِ وباختصار كان بوسعي الاعتبار بأن ظهوري الأول أمام النواب كان ناجحا بما فيه الكفايةِ وفي الوقت نفسه، كانت له على غير المنتظر تماما، عواقب خطيرة جداِ
المناقشات البرلمانية غلفتها السرية المطلقة من حيث المبدأِ ولهذا السبب يعتبر تبادل الآراء صريحا وكما يقال، سميت الأشياء بأسمائهاِ لكنه اتضح أن مراسل وكالة الأنباء 'تاس' حضر الجلسة بسبب مجهول وأصدر في ذلك المساء تقريرا أثار انتباها شديدا من قبل وسائل الاعلام الأجنبية بما فيها الأميركيةِ واثر ذلك نشرت 'نيويورك تايمز' في الصباح التالي 31 أغسطس مقالة تحت عنوان 'السوفيت يبدون انتقادهم الأول للحضور الأميركي في الخليج'ِ وقيل فيها أنه بعد الأسبوعين الأولين من المتابعة الهادئة لنشر القوات الأميركية في السعودية تتحدى موسكو هذا الاجراء بشدةِ وأخبرت الجريدة بأن 'السيد بيلونوغوف الذي يعتبر أحد مهندسي تعاون موسكو مع الغرب في الجهود الرامية الى انهاء استيلاء العراق على الكويت صرح بأن الاتحاد السوفيتي لم يستحسن أبدا نشر القوات الأميركية في السعوديةِ'ِ وحسب خبر 'تاس' صرح السيد بيلونوغوف بما يلي: 'لا يمكن أن يسرنا حشد القوات الأميركية حتى من الناحية القصيرة الأجل لأن الوضع سيهدد بالانفجار من الناحية الطويلة الأجلِ لأنه لا توجد ضمانات بأن الولايات المتحدة ستترك السعودية بعد انتهاء الأزمة'ِ وبنيت المقالة حول هذه الآراء مع الاشارة الى كلمات الجنرال الواردة في المناقشات كما جاءت في 'تاس' عن ان تركيز عشرات آلاف العسكريين الأميركيين في منطقة الخليج سيغير الموازين العامة للقوات المسلحة، وهذا يدل على نية واشنطن في خلق تشكيلة عسكرية في الجناح السوفيتي الجنوبيِ وقدر مؤلف المقالة آراءنا كسعي الكرملين لمواجهة السياسة الأميركية في الاقليمِ
استمرت 'نيويورك تايمز' في 2 و3 و4 سبتمبر في نشر المقالات مشيرة الى الآراء نفسها ونوهت بأن الولايات المتحدة تتعامل معها بدقة وتعمل على عجل لتصحيح الحالة لأنها تدرك للغاية أهمية التعامل المتين مع موسكو بالنسبة لها ومصير التحالف المعادي للعراقِ ونشرت 'واشنطن بوست' بعض المقالات الأخرى المشابهة مع الايماءات نفسهاِ
آسف فقط لشيء واحد، وهو أن هذه المقالات ظهرت قبل أو في آن واحد بعد الاعلان مباشرة عن اللقاء المقبل بين ميخائيل غورباتشوف وجورج بوش في هلسنكي، وأوجدت الخلفية التي كان يستعد فيها البيت الأبيض للقاء القمةِ ولابد من القول بأن الرئيس بوش أدلى في هذا اللقاء بموقفه من التصريح الذي أدلينا به، بأن القوات الأميركية ستسحب بالكامل من منطقة الخليج فورا بعد تجاوز الأزمةِ وكان نهج الرئيس الأميركي خاضعا بالكامل لتنفيذ مهمة ضبط التفاهم مع القيادة السوفيتية على مختلف جوانب الأزمة الرئيسية وللتوصل الى اتفاق أو تقريب وجهات النظر السوفيتية ـ الأميركية واظهارها للعالمِ هذا الأمر ساعد بلا شك على تأمين نجاح القمةِ ولذلك ثمة أسس معينة للظن بأن المناقشات التي جرت في مجلس السوفيت الأعلى كانت مواتية جدا وان لم تكن مخصصة بالمرة للمستمعين الأجانبِ
بماذا ذهبنا الى هلسنكي؟
في كل مرة عندما ينشأ اجراء سياسي خارجي كبير، يبلغ الاستعداد له أوج السرعة والدقةِ وفي ذلك الحين حدث الشيء نفسه في وزارة الخارجية في مجال اعداد مختلف المواد والوثائق للقاء قمة هلسنكيِ وانحصرت القضية الرئيسية في كيفية رسم تركيبة المحادثات بغية تجنب الحل العسكري قدر الامكان، اعتمادا على قرارات الأمم المتحدة ورفض بغداد لتنفيذهاِ
تم الاتفاق على التركيبة في النهاية، وان كانت مشروطة جدا على أساس مقدمتين واقعيتين علقتا على ظرفين أساسيين: أولا، على استعداد صدام حسين لمغادرة الكويت في نهاية المطافِ ثانيا، على موافقة الأميركان بتأييد عقد المؤتمر الخاص بالشرق الأوسط لأجل ذلكِ
ورأينا الخروج الى النهاية السلمية في اضافة مسائل أخرى خاصة بالتسوية العامة في الشرق الأوسط الى مشكلة الكويت، ليس كما جاءت به مبادرة صدام حسين المؤرخة في 12 أغسطس، بل في نظام آخر تماما يقدم المشكلة الكويتية الى الأمام ومن ثم جميع المشاكل الأخرىِ
تجدر الاشارة الى أن الاتحاد السوفيتي سبق أن قدم علنا خططا معدة بالتفصيل بعقد مؤتمر خاص للشرق الأوسط قبل عدة سنوات من الأزمة الكويتيةِ ولم يتحقق ذلك جراء اعتراض اسرائيل والولايات المتحدةِ
والآن، وبعد ثلاث سنوات من الانتفاضة التي أضنت جدا الاسرائيليين والفلسطينيين على السواء، كان منطقيا الانتقال الى الحوار والبحث عن شكل ملائم لهذا المؤتمرِ
بدأت موسكو تطرح مجددا فكرة المؤتمر في أواسط 1990 عندما لم يجر الحديث عن قمة هلسنكيِ وكانت فرنسا تحتل مواقف قريبة من مواقفنا في مسائل تسوية الوضع في الشرق الأوسطِ ولذا قيل في البيان السوفيتي ـ الفرنسي المنشور بعد زيارة وزير خارجية فرنسا رولان ديوما الى موسكو في 25 أغسطس ان الطرفين: 'يعتقدان بأن ظهور هذه الأزمة ( الكويتية ـ ج) أثبتت مرة أخرى ضرورة تسوية النزاعات الأخرى في الشرق الأوسط وخاصة القضية الفلسطينية'ِ
وقال شيفرنادزه في خطابه في فلاديفاستوك ( الشرق الأقصى الروسي ـ ج ) في 4 سبتمبر في المؤتمر الدولي 'الاقليم الآسيوي للمحيط الهادئ': 'بعد أن حللنا الحالة مرة أخرى توصلنا من جديد الى الاستنتاج التالي: ينبغي العمل على عقد المؤتمر الدولي الخاص بالشرق الأوسط بلا تأجيل لكي يعنى بالتسوية الشاملة في المستقبل'ِ وأضاف الوزير قائلا: 'نظن بأنه اذا صرحت اسرائيل بموافقتها على عقد هذا المؤتمر فان هذا سيدفع ايجابيا الحالة العامة في الشرق الأوسط وفي حل الأزمة في منطقة الخليج عموماِ ولن يبقي الاتحاد السوفيتي من جانبه خطوة اسرائيل هذه بلا جواب وسيعيد النظر بصورة جدية في العلاقات السوفيتية ـ الاسرائيلية'ِ
وفي 7 سبتمبر جاءني السفير ميتلوك لكي يطلع على نتائج زيارة طارق عزيزِ عرضت له جوهر المحادثات التي تمت وحولت الحديث خصيصا الى خطاب الوزير المذكور وقلت له ان الوقت قد حان لاعطاء 'الضوء الأخضر' للمؤتمر ورسم الانعطاف لصالح اتخاذ قرارات عمليةِ وسيكون ذلك خطوة سياسية كبيرة تعطي الاشارة للعرب بأن آفاقا معينة بدأت بالظهور في نزاعهم مع اسرائيلِ وسيساعد هذا كذلك على ترك العرب الأفكار المعادية لاسرائيل التي تضارب بها بغداد بنشاط في هذه الأيامِ
وقدمنا للأميركان على عتبة لقاء هلسنكي الحجة التالية: من الضروري القيام بخطوة لجانب العرب بمن فيهم الفلسطينيون، بسبب العقليات المعادية للأميركان في الاقليمِ كانت هذه تاريخيا تتأسس نتيجة لنهج واشنطن الموالي لاسرائيل، وكانت تلعب خلال عشرات السنوات دورا واضحا في الحياة السياسية والاجتماعية للعالم العربيِ وأعطى ظهور القوات الأميركية وزيادتها المطردة في منطقة الخليج دفعة قوية لتأجج الوعي العربي المعادي للولايات المتحدةِ
لم يظهر المزاج العربي هذا بسبب شعور العرب أنفسهم بالخطر العراقي، غير أن هذه العقليات كانت تقوى باستمرار، وكانت بغداد تراهن جدا على معاداة العرب للأميركانِ
وكنا واثقون بأن الأميركان يدركون هذا الأمرِ ولهذا كان طرح فكرتنا بعمل خطوة لصالح العرب لن تسقط على أرض غير مهيأة جيداِ الأمر الآخر، اذا اعتبر الأميركان ولو بشكل غير مباشر ان للخطوة علاقة ما بمبادرة صدام حسين حتى لو قلب ظاهرها بباطنها، فيمكن الحديث عن ذلك بشكل مباشر في هلسنكي والاجابة بأن ادارة بوش كانت قبل مجيئها الى الحكم تحاول دفع عملية التسوية العربية ـ الاسرائيلية من مرحلة الخمول وحتى لو فشلت فهي بقيت مدركة من حيث المبدأ ضرورة حل هذه المشكلة المتأصلة والمؤلمةِ
قدمت وزارة الخارجية الى رئيس الاتحاد السوفيتي موادها المعدة للمحادثات مع بوشِ ولم نعرف كيف قرر ميخائيل غورباتشوف التصرف بهاِ ولعل غياب شيفرنادزه عن موسكو أثر في ذلك، بالرغم من أنه عاد من فلاديفاستوك قبل الذهاب الى هلسنكي بقليلِ
مهما يكن من أمر، لم يدعوني أحد من موظفي الخارجية الآخرين الى الاجتماعات التحضيرية التي كانت تدور في الكرملينِ
النتائج العامة للقمة
وصل ميخائيل غورباتشوف والوفد المرافق له وكنت في عداده الى هلسنكي في 8 سبتمبرِ وأجرى الرئيس السوفيتي في المساء في السفارة السوفيتية اجتماعا للوفد تم فيه 'استعراض الآفاق' قبل اللقاء مع الرئيس الأميركيِ تكلم غورباتشوف نفسه في الأغلب وشعرنا بأن عزمه قتاليِ فقد التقى ببوش أكثر من مرة وكانت العلاقات الشخصية بينهما لا بأس بها وتميزت بالنهوض بشكل عامِ لذا لم تكن لدينا مخاوف من مصير القمة، لاسيما ان الشعور في موسكو وواشنطن حيال العدوان العراقي متشابهِ ولكنه لم يكن واضحا فيما لو تسنى للقمة باعطائها اشارة مشتركة لصدام حسين مع المطلب بتنفيذ قرارات مجلس الأمن أن ترمي له 'طوق النجاة' وكذلك في نوع المؤتمر الخاص بالشرق الأوسطِ وتبقى القليل من الوقت للانتظارِ
بدأ اللقاء السوفيتي ـ الأميركي في صباح 9 أغسطس في مقر الرئيس الفنلندي الرسميِ تم في البداية حديث مطول بين الرئيسين بحضور مساعديهما والمترجمين فقطِ وبقي أعضاء الوفد الآخرون في الأروقة حيث كان يجري العمل على اعداد الوثائق والذي اشتركت فيه بشكل دوريِ
كان من المهم لنا أن يكون البيان المشترك حازما بما فيه الكفاية من حيث الجوهر والأسلوب، وفي الوقت نفسه خاليا من التهديد المباشر باستعمال القوة ويركز الاهتمام على الحل السلميِ وثانيا، كان علينا التوصل الى ادماج المبادئ الخاصة بالتسوية على نطاق أوسع في الشرق الأوسطِ وثالثا، كان من الواجب ادخال المسائل الخاصة بايصال المواد الغذائية الى العراق في البيان ( طالب طارق عزيز ذلك بالحاح خلال حديثه في وزارة الخارجية في موسكو وكان ذلك من الناحية الانسانية يشكل عاملا هاما لمشكلة العقوبات ضد العراق )ِ
بعد حفلة الغداء التي أقامها الرئيس الفنلندي ماونو كويفيسكو تكريما للوفدين، أجرى غورباتشوف وبوش محادثات ثنائية بقوام موسعِ أعطى الرئيسان فيها تقديرا لمحادثاتهما الصباحية ونظرا في مشروع الوثيقة الختامية وأقراهاِ وانتقلا فيما بعد للنظر في المسائل الأخرى ( الوضع في الاتحاد السوفيتي وبعض نواحي التعاون الثنائي والشؤون الأوربية وبعض المسائل الخاصة بنزع السلاح )ِ دامت المحادثات قرابة سبع ساعاتِ واختتم لقاء القمة بمؤتمر صحفي مشترك للرئيسينِ
تسنى لي الاطلاع على محتويات حديث الرئيسين في الصباح في موسكو فقط عندما حصلنا على تسجيل المحادثاتِ لذا ابدأ حديثي عن لقاء القمة من البيان الختامي والمؤتمر الصحفيِ
بالرغم من أن لهجة البيان المشترك كانت حازمة ( دام احتلال الكويت أكثر من شهر )، الا أنها خلت من التهديدات العسكريةِ وتركزت القضايا الجوهرية التي حملها في ما يلي:
ـ نجمع على الاعتقاد بأنه لا يمكن التسليم بالعدوان العراقيِ ويستحيل اقامة نظام دولي على أساس ابتلاع الدول الأكبر لجيرانها الأصغرِ
ـ نتوجه من جديد بالنداء لحكومة العراق بمغادرة الكويت والعمل على اعادة حكومة الكويت الشرعية وتحرير جميع الرهائن المحتجزين الآن في العراق والكويتِ
تنفيذ قرارات مجلس الأمن جميعها الأمر المقبول الوحيدِ
ـ نفضل تسوية الأزمة سلمياِ وفي الوقت نفسه، نمتلئ عزما على التوصل الى انهاء العدوانِ وفي حالة عدم تحقيق ذلك في الخطوات المتخذة، فإننا مستعدون للنظر في امكانية اتخاذ خطوات اضافية وفقا لميثاق الأمم المتحدةِ
ـ ان العدوان لن يجلب فوائد ولن يجيء بهاِ
رسائل للعرب وصدام
احتوى بيان قمة هلسنكي على مسألتين جديرتين بالاهتمامِ تناولت الأولى السماح بايصال المواد الغذائية الى العراق انطلاقا من الاعتبارات الانسانيةِ وركزت الثانية على الوضع في الشرق الأوسطِ وان لم نتمكن من فرض الصيغة التي رغبنا فيها فإن بلوغها كان بمثابة خرق استثنائيِ قيل في البيان:
'فور التوصل الى الأهداف المطروحة في القرارات المذكورة لمجلس الأمن، يعطي الرئيسان التعليمات للوزراء للتعامل في الاقليم وخارجه على انشاء منظومة للأمن الاقليمي ووضع التدابير اللازمة لدفع عجلة السلام والاستقرارِ ويجب العمل سوية وبنشاط لتسوية كافة النزاعات الأخرى في الشرق الأوسط ومنطقة الخليجِوسيتشاور الطرفان بعضهما مع البعض الآخر لتقديم التدابير الموجهة الى بلوغ الأهداف في الوقت المناسب'ِ
يمكنني القول ان الأميركان اضطروا لاعطاء التأكيدات لنا بأنهم يفهمون عبارة التدابير المذكورة أعلاه عقد المؤتمر بالذات برعاية سوفيتية وأميركية مشتركةِ كما حصل عام 1991 والحقبة اللاحقة على أساس الانطلاق من الالتزامات المذكورة أعلاه بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدةِ وسجل وفق هذه الالتزامات كذلك تتابع سير الأعمال اللاحقة: الكويت في البداية ومن ثم ابداء الاهتمام بحالات النزاع الأخرى في الشرق الأوسطِ
وأشار كلا الرئيسين في المؤتمر الصحفي بقدر مساو الى أهمية التفاعل السوفيتي ـ الأميركي في الشؤون الدولية بما في ذلك الأزمة الكويتية ومشاكل الشرق الأوسط عامةِ
ولفت الرئيس بوش نافيا الربط فيما بينهما الى أن امكان عقد مؤتمر خاص بالشرق الأوسط كان مقبولا في ظروف معينةِ
وأعلن ميخائيل غورباتشوف بعد أن لاحظ ان جورج بوش يفشي سرا من أسرار المباحثات عن أن الولايات المتحدة تخلت عن نهجها السابق بأنه ليس للاتحاد السوفيتي ما يعمله في الشرق الأوسطِ لقد اتخذ منذ الآن اتجاها الى تعاون كلا البلدين في هذا الاقليمِ
وأكد الرئيسان على تفاهمهما واتفاقهما بأن القوات الأميركية ستنسحب من منطقة الخليج فورا بعد تنفيذ قرارات مجلس الأمن الخاصة بالكويتِ وأشار غورباتشوف وبوش بشكل خاص الى ضرورة حل مشكلة الكويت بطريقة سلمية ودعوا صدام حسين الى ابداء الحصافةِ
وتفلت كلا الرئيسين بتحفظ من أسئلة الصحافيين الملحة الخاصة باستخدام القوة ضد العراق في نهاية المطافِ
وباختصار أظهر الرئيسان بكل الوسائل درجة رفيعة للوفاق بينهما، الأمر الذي تم على أساسه تحقيق أحد أهم أهداف قمة هلسنكيِ