الأربعاء، 27 يوليو 2011

موسكو بين الغاز والألغازِِ وتصرفات الخاطفين والمقتحمين

المسرحية التي تحولت الى مأساة في المسرح الموسكوبي، لاتزال تكشف عن فصول اضافيةِِ واسرار الغاز الذي استخدم لدى اقتحام المكان يشكل واحدا من هذه الفصولِِ وكذلك الملابسات المحلية والخارجية لهذا التطور العاصف في الازمة الشيشانية وفي نهج القيادة الروسية التي اعلنت امس ان 'حربها على الارهاب' لن تقف عند اية حدودِ

لدى استعادة بانوراما الساعات الستين يتضح ان عدد الخاطفين بلغ حسب الإعلان الرسمي في النهاية 53 شخصاِ بعد تنفيذ العملية تم قتل 18 امرأة و 32 رجلا واعتقال 3 بينهم امرأتانِ بلغ عدد الرهائن من 700 - 750 (لم يذكر أحد رقما محددا حتى الآن) وأطلق الخاطفون سراح 190 رهينةِ
نفذت عملية الاقتحام في الساعة الخامسة والدقيقة 40 من صباح 26 أكتوبرِ وتقول السلطات الروسية بأن العملية استمرت 40 دقيقة ، غير أنها استمرت أكثر من ساعتين لأن أول رهينة تم تحريرها كان في الساعة السابعة و 22 دقيقةِ تم قطع بث كل قنوات التلفزيون الروسية والراديو في هذا الوقتِ وتدعي السلطات بأن الاقتحام جرى بعد أن بدأ الخاطفون تنفيذ تحذيرهم بإطلاق الرصاص على الرهائنِ ولكن أي شيء من هذا القبيل لم يحصلِ لأن السلطات بدأت بنشر الغاز الذي يصيب الإنسان بالشلل والإغماء منذ الساعة الثانية ليلا ، أي قبل الاقتحام بنحو خمس ساعاتِ
لحسن الحظِِ المسرحية شبابية
استخدمت السلطات 'غاز الإنكاباسيتان' الذي لا تملكه غير روسيا والولايات المتحدة في العالمِ وقد تم إنتاجه في السبعينات من قبل معهد الأبحاث الكيميائية والبيولوجية في لينينغراد (بطرسبورغ حاليا)ِ
لا يؤدي الغاز الى وفاة الأصحاء ولكنه يسبب قتل المدخنين والمصابين بالقرحة والربو وكبار السن والأطفال والذين يعانون من متاعب في الدورة الدموية والقلب والجهاز العصبيِ ولو لم تكن المسرحية شبابية وجمهورها بالبداهة كذلك ، لهلك جميع الرهائن لو كانوا من الجمهور التقليدي للمسرح في موسكوِ
والغاز مخدر يصيب الإنسان بشلل تامِ ولأنه جديد من الناحية التكنولوجية والعلمية فان قائمة المواد الكيميائية والبيولوجية المحظورة التي وقعها الاتحاد السوفيتي عام 1925 لم تتضمنهِ
تقول الأجهزة الخاصة بأنها بدأت بنفث الغاز في قاعة المسرح قبل نصف ساعة من بداية عملية الاقتحامِ غير أن مصادر علمية روسية تؤكد بأن الموعد قد يكون قبل ذلك بثلاث ساعات على الأقلِ وفي كل الأحوال تؤكد المصادر بأنه يفترض أن يعطى المصاب بهذا الغاز حال إنقاذه حقنة مضادة تحتوي على مادة 'انتي بدوت'ِ لكن هذه الحقنة لم تصل الى الرهائن الذين سحلوا أو حملوا من خارج القاعة من قبل القوات الخاصة التي كان يصرخ بعضهم : أين الأطباء؟ ألا يوجد أطباء هنا؟
الحقنة الانقاذيةِِ غائبة
كان يفترض للذين خططوا استخدام الغاز توفير كادر طبي وتمريضي كاف لزرق هذه الحقنة مباشرة بعد إنقاذ الرهائنِ غير أن الرهائن وجدوا أنفسهم ممددين في الباحة المطلة على المسرح تحت المطر واحد فوق الآخر بدون أن يسعفهم أحد غير أفراد القوات الخاصة الذين كانوا يصرخون بدورهم بحثا عن الأطباءِ
مسؤولو الأجهزة الخاصة أكدوا بأنهم أضافوا الى العصير الذي أدخلوه للقاعة على مادة تخفف من وطأة الغاز ، لكن هذا العصير كان بكميات قليلة وربما لم يصل الى الجميعِ كما لا يوجد ضمان بأن الخاطفين سيعطونه للرهائنِ زد على ذلك فان عربة العصير وصلت الى المسرح قبل يومين من تنفيذ الاقتحام ، فهل كانت الجرعة كافية لتحمل الغاز المستقبلي؟
سربت الأجهزة الخاصة الغاز عبر أنابيب التهوية، الامر الذي أدى الى إصابة كل من كان داخل البناية المغلقةِ وسلم منه فقط الذين كانت مناوبتهم في الممرات وعلى سطحها وقرب النوافذ المفتوحةِ ويفسر ذلك أن بعض الخاطفين قاموا بمقاومة القوات المقتحمة وأوقعوا بها خسائر باعتراف بعض أفراد القوات الخاصةِ
ممثلا وزارة الصحة الروسية الطبيبان نيكولاي لوجنيكوف وأندريه سولتسكوفسكي عقدا مؤتمرا صحفيا يوم الاثنين الماضي وقالا انهما لا يعرفان الغازِ فكيف يعالجان الناس ولا يعرفان ضد أي شيء يعالجونهم ؟ أيعقل هذا ؟ طبيب يعالج مريض ولا يعرف سبب إصابته ؟
وفوق ذلك يقول أطباء آخرون عبارة رنت في الأوقات الستالينية: الغاز أحد أسرار المخابرات ! طيب، قل لنا هل هو طبي
ِِ عسكري ِِ مخدر ؟
يجيب : هذا سر !
هو غاز يعرفه من عمل في هذا المجال وأراد انقلابيو أغسطس 1991 استخدامه ضد المجلس الأعلى للبرلمان عندما اعتصم به بوريس يلتسين ورفاقه ولكنهم أحجموا عن استخدامه لخطورتهِ
معركة مع النيام
لدى اقتحامها ، أطلقت القوات الخاصة النار على الخاطفين وهم نيام وأغلبهم من النساءِ وربما كانت الأوامر التي تلقوها هكذاِ أما لخشيتهم من استخدام أحدهم زر تفجير العبوات الناسفة التي يحملها والتي أطلق عليها 'حزام الانتحاريين'، أو لأن السلطات في غنى عن أسرهم ومحاكمتهم بشكل 'ديموقراطي '، الأمر الذي سيحول محاكمتهم الى فتح ملفات الحرب الشيشانية أمام القضاء والرأي العام العالمي والمحليِ وثمة سبب ثالث الخشية من حدوث عمليات مشابهة يطالب فيها الخاطفون المستقبليون إطلاق سراح رفاقهم وهكذا تستمر العملية بلا نهايةِ لهذه الأسباب صدرت الأوامر على ما يبدو بتصفية كل الموجودين بلا استثناءِ أما الثلاثة الذين تم القبض عليهم كما أعلن، فلم يتأثروا بالغاز وقد تحتاجهم السلطات لاستكمال التحقيقِ
إخفاء الجثث
رفضت السلطات تسليم جثث الشيشان الى ذويهم، ورفضت أيضا إخبارهم بالمكان الذي ستدفنهم فيهِ هذا الإجراء يثير تساؤلات إضافية أخرى أولها التقليدي : لماذا؟ وهل تريد إخفاء ما يمكن تسميته 'سر الغاز' معهم وطمره في واحدة من حفر موسكو؟
هل تخشى قيام أهالي الشيشان القتلى بتشريح الجثث في الخارج لإثبات هذه أو تلك من الحقائق التي لا تريد السلطات أحدا أن يعرفها؟
وكيف الحال بجثث القتلى من الرهائن الروس ؟ هل سيسلمونها الى ذويهم بتوابيت لا تفتح ؟ هل سيسمحون لأهلهم التصرف بها ؟ على الأرجح سيستلم ذوي الضحايا الجثث من المشارح ويقيمون عليها الصلاة ويدفنونها مباشرة بدون إجراءات أخرى وستراقب السلطات العملية هذه وستشرف عليها بمعرفتهاِ
لا يعرفون شيئا عن الاسلام
ويوم 27 أكتوبر انقشع الغاز واختفت أصوات الرصاص واستمر الرهائن في نومتهم في المستشفيات المختلفةِِ وفيه ظهرت البرامج بشكل مخطط له للتأكيد على الأشياء التالية وتثبيتها في الوعي الاجتماعي الروسي: أولا، الاقتحام كان حتميا لأن الخاطفين كانوا سيفجرون المبنىِ ثانيا ، عملية الاقتحام جرت بمنتهى الروعة والحرفيةِ
وشارك في هذه الحملة كل المسؤولين الروس تقريبا واستخدموا شخصيات معروفة كيوري لوجكوف محافظ موسكو الذي وصفها بالعملية الرائعة والمدهشة، ويفغيني بريماكوف الذي تحدث عن لقائه مع اختفاء الشاهد الآخر بعد مقتل قائد المجموعةِ وقال بريماكوف مبررا ما حصل انه لا يوجد عنده أدنى شك بحكمة تصرف قيادته وأن الإرهابيين كانوا قد نفذوا وعودهم وانه قال لبارييف انه يعرف القرآن أفضل منه وأنه طلب منه أن يحترم الأكبر منه حسب التقاليد الشيشانية ووصف الخاطفين بأنهم لا يفقهون شيئا لا عن الإسلام ولا عن الوهابيةِ وقيل أكثر من ذلك بكثيرِ
كيف دخلوا بكامل اسلحتهم؟
لقد تمكن الخاطفون من إدخال متفجرات وأسلحة زنتها حسب التقديرات الرسمية طنانِاستخدموا في عملية نقل الأسلحة 4 سياراتِ حسب الخاطفين تم التخطيط للعملية مدة شهرينِ ولغاية هذه اللحظة يقف ميكروباص استخدمه الخاطفون أمام بوابة مبنى المسرحِ فكيف تسنى لهم التحرك بحرية أمام رؤوس الأشهاد ؟
نسمع التبرير الحكومي: مسرح بيت الثقافة كبير بما فيه الكفايةِ وتعرض فيه عدة مسرحيات في آن واحد ويتطلب الأمر نقل ديكورات وأجهزة وغير ذلكِ علاوة على ذلك تجرى فيه عمليات الترميمِ ولذلك فان وصول شاحنات مختلفة الأحجام الى المسرح مسألة تعود على رؤيتها رجال الشرطة المسؤولون عن المنطقة وكذلك حراس المسرحِ
والأهم في التبرير الحكومي قولها: يوجد عمال في المسرح لهم أصول شيشانية! بمعنى ان هؤلاء العمال قد ساعدوا الخاطفين على إدخال الأسلحة إلى المسرحِ ولابد من التعليق على هذه المبررات : أولا ، كل المسارح في موسكو تعرض أكثر من مسرحية في آن واحد وتبدل ديكوراتها بشكل سلسِ ثانيا ، أعمال الترميم تجري حتى في الكرملين فهل هذا مبرر لإدخال أطنان المتفجرات لمقر الرئيس مثلا؟ ثالثا ، الأيدي العاملة الرخيصة في موسكو أغلبها من القوقاز وآسيا الوسطى ومولدافيا ، فما الجديد في حالة مسرح الثقافة؟ وماذا بخصوص الروس الآخرين الذين يعملون في المسرح ، حراس وإدارة وغيرهم؟ رابعا ، هل ان السؤال ينحصر في إدخال المواد المحظورة الى المسرح ، أم أنه أكبر من ذلك بكثير ِ كيف وصلت هذه المجموعة الكبيرة بكامل أسلحتها الى موسكو قاطعة الطريق من الشيشان ومنهم معروف لدى الأجهزة الروسية باعترافها بمشاركتهم مع شامل بساييف في عملية احتجاز رهائن بوديونوفيسك عام 1995؟ ِ
القرار اتخذ وبقي التمويه
لقد قررت 'مجموعة الأزمة' المكلفة بالإشراف على هذه المشكلة، منذ اللحظات الأولى، توجيه من بوتين بوضع خطة اقتحام المبنىِ بغض النظر عن نتائج المباحثات مع الخاطفين أو مطالبهم ِ وأضافت السلطات المباحثات مع الشخصيات السياسية المذكورة لكسب الوقت لا أكثر واتباع تكتيك التمويه لتضليل الخاطفين بأنها سائرة في طريق المباحثات السلميةِ
ان من درس أسلوب الرئيس بوتين في تعامله الحازم مع القضية الشيشانية ، كان يدرك أنه لن يستجيب لأي مطلبِ
كما ان معرفة بسيطة بأمور الغاز وما يتعلق بتنفيذ عملية معقدة، تؤدي الى الاستنتاج بأن السلطات كانت بحاجة الى وقت كاف للإعداد وليس الى نصف ساعة كما صرحواِ المسألة تتطلب دراسة خريطة المبنى من كل الجوانب وهندسة التكييف وتصميم النوافذ ِِِونقل الغاز وتثبيته جيدا (هم أنفسهم صرحوا بأنهم زجوا مع العصير الذي قدموه ليشربه الرهائن داخل المسرح مواد مضادة للغازِ والعملية هذه جرت قبل الاقتحام بيومينِ
تصريحات متناقضة
وقد اعترف نائب وزير الداخلية فلاديمير فاسيلييف بحدوث خسائر بين القوات الخاصة المقتحمةِ غير أن أحدا لم يذكر هذه الخسائر بعد تصريحهِ وحتى فاسيلييف لم يصرح بعد ذلك بأي شيءِ وأكدت مصادر رسمية مختلفة فيما بعد عدم حدوث خسائر في صفوف القوات الخاصة المكلفة بالاقتحامِ وتضاربت تصريحات المسؤولين حول فرار بعض الخاطفينِ ِ ففي الوقت الذي قال فيه رئيس المخابرات باتروشيف ان أحدا من الخاطفين لم يتمكن من الفرار ، وزعت شرطة موسكو على المخافر صورا تقريبية لخاطفين هربوا بعد العمليةِ ووزير الداخلية بوريس غريزلوف أفاد بأنه تم اعتقال 30 شخصا في موسكو ادعى أنهم ساعدوا الخاطفينِ ولم يوضح ظروف اعتقال هذه المجموعة الكبيرة ولماذا قبض عليهم بعد العملية وليس قبلهاِ
حصار إعلامي
ولغاية يوم الاثنين بلغ عدد القتلى في صفوف الرهائن 117 شخصا حسب الإعلان الرسميِ وتفرض السلطات حصارا إعلاميا على وضع 349 رهينة لم يغادر أحد منهم المستشفىِ والكثيرون رأوا أقاربهم في التلفزيون فقط، وتعم حالة من فوضى شديدة المستشفيات، ولا أحد يعطي معلومات عن حالة الرهائن، كإشارة الى الوضع الصحي المتردي بفعل إصابتهم بالغازات السامةِ ووصلت تعليمات الى كافة وسائل الإعلام الروسية بعدم الخوض في مسائل الرهائن ووضعهم الصحي والتهويل فيما حدث وعرض أفلام سينمائية تمجد الروس وبطولاتهم وعرض تقارير وبرامج تؤكد على 'إرهابية' الشيشان وفتح ملفات عملياتهم السابقة ودور الدول الأجنبية في تأجيج الوضع في القوقازِ وذلك لتقليل مشاعر التعاطف ومعارضي استمرار التدخل الروسي في الشيشانِ وتسابق المسؤولون الروس في الإعلان عن رغبتهم في استبدالهم بدل الرهائن لنيل الشهادةِ وكان أهالي الرهائن وبعض المواطنين في روسيا قاموا بتنظيم مظاهرة قرب المسرح طالبوا فيها بوقف الحرب في الشيشان وعدم اقتحام المبنىِ كما أكد استطلاع للرأي العام بأن 70 % من الروس لا يؤيدون تنفيذ عملية الاقتحامِ وتدل هذه الفعالية التي أقيمت بشكل سريع ومرتجل على نمو تيار معارض للممارسات الروسية في الشيشانِ ما حصل عليه معظم أقارب الرهائن أرقام هواتف للاتصال الأول : 2518300 لمعرفة حالة الرهائن المرضى والثاني 2908159 لمعرفة مصير المفقودين ، أي الذين لم يوجدوا لا بين الأحياء ولا بين الأمواتِ وعند اتصال الناس بهذه الأرقام يتلقون الإجابة الوحيدة التالية : لا معلومات ! ولمن يريد التأكد عليه الاتصال بالأرقام المذكورة ليسمع الجملة المعتادةِ
أخطاء الخاطفين وما أكثرها!
يبدو ان من خطط للعملية ونفذها لم يتوقع الهجوم الكيميائي، لذلك لم يجلبوا معهم أقنعة وقائية ضدالغاز ولم يفتحوا الشبابيك للتهوية أو يغلقوا فتحات التكييف التي عبر الغاز منها داخل المبنى المغلق ويدل ذلك على عدم درايتهمِ والى جانب التمويه، زودت الشخصيات التي دخلت الى القاعة وقابلت الخاطفين السلطات الروسية بمعلومات كاملة عن وضعهم ودرجة استعدادهم والأسلحة التي يستخدمونهاِِ الخِ ويرجح ان السلطات دست بعناصرها خلال الساعات الأولى عندما كان الوضع لم يسيطر عليه من الخاطفين، وأدى ذلك الى معرفتهم بما يحدث في الداخل، بالاضافة الى ذلك، سمح الخاطفون لحملة الهواتف الجوالة الاتصال بأهلهم وكذلك اجراء المقابلات الصحفية بشكل حر، وأفادت معلوماتهم السلطات الروسية كثيراِ
كما ان الفرصة الوحيدة التي أتيحت للخاطفين للتعبير عن آرائهم لم يستثمروها بشكل كاف واكتفوا بترديد عبارات محددة كما لو كانوا يحفظونها عن ظهر قلب دون درايةِ
ويبدو ان الشيشان أرادوا بشكل ما كسب ود الرهائن ولعلهم ألقوا عليهم بعض الخطب العاطفية، لذلك كانت القاعة تدوي بالتصفيق بين الحين والآخر، خاصة في الساعات الأولىِ
الخاطفون ارادوا مفاوضة اليهود فقط!
لوحظ أن كل الذين طلب الخاطفون مقابلتهم كانوا يهودا ما عدا إيرنيا خاكامادا وهم : بوريس نيمتسوف وإيرنا خاكامادا من حزب اتحاد القوى اليمينيةِ ويفغيني بريماكوف رئيس غرفة التجارة والشخصية السياسية المعروفة وغريغوري يفيلينسكي رئيس حركة 'يابلكو ' ويوسف غبزون المطرب وعضو مجلس الدوماِ يلاحظ عدم وجود أي روسي بينهمِ
ورفض الخاطفون دخول أي طبيب روسي الى المسرحِ وطالبوا بأطباء أجانب ومنظمة أطباء بلا حدودِ والطبيب الوحيد الذي سمحوا بدخوله هو البروفيسور ليونيد راشال وهو يهودي أيضاِ
تجدر الإشارة الى أن كل الذين قابلهم الخاطفون منعوا من الإدلاء بأي تصريح صحفي واختفوا عن الأنظارِ ولكنهم ظهروا فقط بعد انتهاء العمليةِ
مسخادوف المغضوب عليه
تقول السلطات الروسية ان الخاطفين نفذوا اوامر الرئيس الشيشاني اصلان مسخادوف، على الرغم من ادانة هذا الاخير لهاِ
واعتمدوا على قول موفسار باراييف قائد العملية في حديثه الوحيد لقناة 'انِ تيِ في' داخل المسرح بانهم كمقاتلين يحسبون لمسخادوف الحساب ويحترمونهِ وقال بالحرف: 'العملية جاءت تنفيذا لاوامر القائد العام للقوات المسلحة في جمهورية ايتشكيرا شامل باساييف'ِ ولم يتطرق الى مسخادوف بغير ما قالهِ ولا يستطيع اي حقوقي او مراقب منصف اعتبار هذا الكلام دليلا على علم او مشاركة مسخادوف بعملية موسكوِ
ان اقحام مسخادوف في هذه العملية هدفه واحد: افشال محاولات ايجاد حل سياسي للازمة الشيشانية وقطع الحوار المفتوح معه سرا مرة وعلانية مرات اخرىِ
العامل الإسلامي وتورط السعودية؟!
في محاولة منها لإبراز 'العامل الإسلامي' أكدت كل وسائل الإعلام الروسية في اليوم الأول على أن الخاطفين أطلقوا سراح المسلمين فقطِ وهذا لم يحدث كما ذكروا ، لأنهم أطلقوا مسيحيين من جورجيا وحتى نساء روسيات وثلاث أذربيجانياتِ ووافقوا على إطلاق سراح الأجانب شرط تسليمهم مباشرة الى سفرائهمِ غير أن سببا ما منع السفراء من دخول المسرحِ
وكان إطلاق رئيس مجموعة الخاطفين الشيشان موفسار بارييف على مجموعته تسمية 'رياض الصالحين' ، أثار الكثير من الجدل والتعليقات، حيث أشارت بعض قنوات التلفزيون الروسي ومنها الأولى والثانية و أن تي في الى أن " رياض الصالحين 'تعني' الرياض " عاصمة السعودية !! وادعت ليس بغباء بالطبع أن ذلك يعني تورط جهات في المملكة العربية السعودية في هذه العمليةِ فهل يوجد إرهابي في العالم يسمي مجموعته بعاصمة مموليه ؟
وعرضت الأجهزة الخاصة في التلفزيون تسجيلا مشوشا ليس من الصعب على أي شخص تركيبه ، خاصة أن الشهود كلهم أموات عند ربهم ، ادعت فيه ان للخاطفين مسؤولا اتصلوا به في الخارجِ ورافق ذلك عرضهم لتأكيدات بوتين ونيكولاي باتروشيف رئيس المخابرات على أن منفذي العملية لديهم اتصالات في الخارجِ
أين اختفوا ؟
والسؤال المحير يتعلق بما يسمونهم المفقودينِ فالمعروف أن ساحة الحرب كانت قاعة المسرح ومنافذها ونوافذها كانت محكمة لكي يمنع تسرب الغازِ ودخلت القوات الخاصة وأخلت الرهائن واحدا اثر واحدِ فكيف أصبح من عداد الرهائن مفقودون؟ وأين ذهبوا؟ وما حل بهم ؟ هل هي ساحة معركة بآلاف الكيلومترات المربعة حتى يفقد فيها أحدِ لم تكن سوى قاعة صغيرةِ وإذا كان المقصود الرهائن الذين لا يحملون معهم وثائق تدل على شخصياتهم ، فان أقاربهم عادوا الى أساليب الحرب العالمية الثانية وتعامل الناس مع مفقوديهم بحمل صورهم ولصقها على يافطات والتجول في المستشفياتِ
لقد تم الإعلان عن أن 349 رهينة في المستشفيات يتلقون العلاج وأن 117 منهم لقوا مصرعهم ، سيكون المجموع 466 رهينة معلوم أثرهم بين الأحياء والأموات ، أين ال284 شخصا الباقون إذن؟ لو حسبنا العدد التقريبي للرهائن بنحو 750، على الرغم من أن كل التصريحات متضاربة حول العدد النهائي للرهائن والكل يجمعون على أنه ما بين 700 - 800 ولا أحد يقول رقما محدداِ
الرهينة الخاطفة!
بينما كانت إحدى الطبيبات في المستشفى رقم 13 تتفحص إحدى الرهائن ، بدا لها أنها ضمن الخاطفين ، معتمدة على ملامح شكلها الذي يشبه الشيشان وعلى آثار في أصابعها تركتها المواد المتفجرةِ اتصلت مباشرة وتم تطويق المبنى وفرض حراسة مشددة على الرهينة أو الخاطفة المحتملةِ
غير أن المصادر الرسمية لم تؤكد تحول الرهينة الى خاطفة حتى الآنِ ولا يوجد في قانون العقوبات ما يعاقب به المرء على الملامح الشيشانية ، وحتى هذه الملامح يحملها كل سكان القوقاز وربما يحملها روس متزوجون من هناك ِِِالخ وحتى لو كانت المريضة شيشانية بالفعل ، ألا يحق لها دخول المسرح ومشاهدة العرض حالها كباقي خلق الله وتعرضها لما تعرض إليه الآخرون؟ِ
تحديد الجنسية بالنظر
حالة ارتجالية اخرى بطلها فاليري شانتسيف نائب عمدة موسكو، عندما اثار ضجة اخرى بقوله البطولي: 'تجولت في المبنى ورأيت بام عيني الارهابيين القتلى وكان بينهم عربي وافغاني'ِ
شانتسيف لم يشاهده احد طوال الساعات الستين، وظهر فقط عندما اصبحت بردا وسلاما ليتفحص الجثث باقدامهِ ولا احد يعرف كيف ميز الافغاني عن العربي عن الشيشاني وكلهم خلقة واحدة ومتشابهون، وهل يمكن لانسان عند النظر الى شانتسيف نفسه تمييزه اذا كان روسيا او اوكرانيا او بولونيا؟