" أمريكا كانت وعودا أبدا ً
منذ السفينة الأولى
كانت وعودا "
- أرشيبالد مكليش -
الإرهاق الذي يتعرض له العراق بسبب العمليات المختلفة ، سواء كانت بفعل عصابات منظمة ، أرادت تحرير مجرمين محترفين جرت محاكمتهم في محكمة استئناف باب المعظم ، فقاموا بتفجير سيارتان مفخختان في وقت واحد ، على طريقة ستالوني – فان دام ، أم على خطى ضباط مغبونين أو ثوار أو طالبي جنات النعيم. هذا التعب شغل الدنيا العراقية وأنسى الناس والإعلام الحديث عن المسلك المعتاد للأمم للتقدم ، والمقصود بذلك ، تلك الخطوات التي تجعل البلاد واقفة على قدميها ، فمن النادر قراءة رسالة صحافية أو الدخول في نقاش موسع في طابور لتسجيل السيارات المستوردة ، عما يجري في العراق من خدمات أساسية ، التي بدونها ستصفر صفحة الأمل الوحيدة التي تبقت للساكنين هنا.
ولأن مثل هذه الأمور يصعب رؤيتها ، فلا بأس من سماع شريط من التصريحات والخطط التي يعلنها المسؤولون العراقيون ، علــّها ، تشفي من غليل انتظار الناس والخلق وتمتعهم مجددا بما تيسر من إجراءات لتحديث البلاد الخربة.
مطر ...
سيهطل المطر ، كما وعدنا السياب ، ولو بقى الحال عما هو عليه الآن سيصل الى فراش النوم ، بغياب الخدمات الرئيسية وانقطاع الكهرباء المتزايد وسرقة ونهب الشافطات والكابسات والسيارات الصاروخية والحوضية والتنكرات وانعدام الأعمال في مجال فتح المجاري.
وقضية فتح المجاري قصة لوحدها في صلب معاناة العائلة العراقية: سابقا كان المسؤولين عن هذا القطاع يخرجون الآليات المسؤولة عن هذه العملية من الخدمة اليومية ، باختراعهم أسباب شتى ، لكي يديروا شبكة أعمال خاصة بهم وفق تعريفات يعرف بها كل صاحب أسرة. وكان الناس يوافقون على منح الأجور لهؤلاء ، فقد كان يهمهم التصريف الصحي وليس البحث عن مواطن الفساد داخل المجاري.
أما الآن وقد سرقت كل المستلزمات الخاصة بعمليات إزالة المياه من شوارع العاصمة العراقية والبيوت ومجاريها ومسالكها ، فالجميع ينتظرون أن تظهر هذه الآليات التي هي بحوزة اللصوص ، ولا أحد يعلم بمدى صلاحيتها أو تكون قد حورت لتؤدي وظائف أخرى.
وبنظرة سريعة عما تقوم به بلديات الأحياء والمناطق البغدادية أو أمانة العاصمة عموما ، فأن الجميع في هذه الدوائر يشكون من أهم شيئين في عملهم : قلة الكادر واليد العاملة وانعدام الآليات.
فماذا ستفعل بغداد في زخة المطر الأولى ؟
ستطفح المياه في الأنفاق وخاصة في مناطق التحرير والطيران والشرطة ، فشافطات المياه هناك لا تعمل لسرقة مولداتها الكهربائية وكل الأسلاك والأنابيب المرتبطة بها. وستسير المياه نفسها على هواها في شوارع بغداد ، وهذه المياه قبل نزول المطر ترقد هادئة آسنة في البياع وباب المعظم والشعب والزعفرانية والطالبية وحتى في المنصور الراقية.
وعندما تسأل المسؤولين في هذا القطاع : أين آلياتكم ؟ يقولون بأنهم سلموا أرقامها وألوانها وأسمائها الى الجهات المعنية ! وما أن تسأل عن الجهات المعنية ، فلا من مجيب.
ومشكلة المجاري أمنية أيضا ، فما أن تصل حفنة من العاملين المأجورين لكي تعمل لإصلاح شبكة في منطقة ما ، حتى يهرعون عليها ويهددونها ، فكل شخص يحمل السلاح بكيفه يريد من هؤلاء المساكين الذي يستلمون أجرتهم يوميا وغير مثبتين في الوكالة البلدية الذرية ، لكي يصلحوا بتهديد السلاح مجاري أجداده أو بيته أو الشارع الذي يعيش فيه. وهذا أفضل انفلات أمني ، قياسا لما تعرضت له بعض مجموعات المجاري التي سرق المسلحون سياراتهم وآلياتهم في وضح النهار ، قبل هطول المطر .
هواتف ميتة
تضطر لأن تسير بمركبتك التي تبدو وكأنها شاركت في معركة المطار مسافات طويلة لقضاء حاجة أو إيصال نبأ ما ، يمكن لمكالمة هاتفية إنجازه. ولكن صمت الهواتف في العاصمة أصبح مألوفا بالرغم من محاولات التحالف تعويض وزارة المواصلات بتزويدها ببدالات عوضا عن تلك التي دمرت في الحرب والنهب لمناطق المأمون والكاظمية وباب المعظم والسنك الزعفرانية.
تقوم شبكة المشاريع بنصب هذه البدالات بتمويل أمريكي ، لكنه يقول بأنها لم تنصب كلها بسبب " فقدان الأمن وعمليات التخريب التي تعمل في سرقة الأسلاك والقابلوات الهاتفية ".
ويبدو أن وزارة المواصلات ستركز في عملها الهاتفي على نشر الموبايل ، فهو أضمن من هواتف البيوت التي تحتاج الى طاقة لا يمتلكونها. وهناك شركات تعمل في الجنوب والوسط والشمال ، منها في الجنوب مجموعة شركات " أثير نت " المكونة من رؤوس أموال كويتية وعراقية وفي الوسط شركة " السكوم " المكونة من رؤوس أموال عراقية بنسبة 10 % ومصرية 63 % وأردنية 27 % ، أما الشمال فتنجز هذه المهام شركة " آسيا سيل " المكونة من رؤوس أموال عراقية 50 % وشركة الكويت الوطنية 20% وإسهامات متفرقة أخرى.
ويؤكدون على أن الاشتراك والحصول على خط الموبايل سيكلف المستهلك 50 – 60 دولارا وتكون أجرة الدقيقة الواحدة من 8 – 12 سنتا. واعتبر هذه التسعيرة زهيدة بالمقارنة بمثيلاتها في العالم.
واعتبر وزير المواصلات العراقي أن من حق كل مواطن استخدام الانترنت وهناك مشروع " واير لس " للإنترنت سيحقق هذه الأمنية ، في إدخال الإنترنت الى كل بيت عراقي.
غير أن الوزير لم يوضح ، كيفية دخول الإنترنت الى البيوت والهواتف أغلبها معطلة ، وهل أن " الزايرة " ستبعث طبخة الصباح الى " الحجية " بالإيميل !
منذ السفينة الأولى
كانت وعودا "
- أرشيبالد مكليش -
الإرهاق الذي يتعرض له العراق بسبب العمليات المختلفة ، سواء كانت بفعل عصابات منظمة ، أرادت تحرير مجرمين محترفين جرت محاكمتهم في محكمة استئناف باب المعظم ، فقاموا بتفجير سيارتان مفخختان في وقت واحد ، على طريقة ستالوني – فان دام ، أم على خطى ضباط مغبونين أو ثوار أو طالبي جنات النعيم. هذا التعب شغل الدنيا العراقية وأنسى الناس والإعلام الحديث عن المسلك المعتاد للأمم للتقدم ، والمقصود بذلك ، تلك الخطوات التي تجعل البلاد واقفة على قدميها ، فمن النادر قراءة رسالة صحافية أو الدخول في نقاش موسع في طابور لتسجيل السيارات المستوردة ، عما يجري في العراق من خدمات أساسية ، التي بدونها ستصفر صفحة الأمل الوحيدة التي تبقت للساكنين هنا.
ولأن مثل هذه الأمور يصعب رؤيتها ، فلا بأس من سماع شريط من التصريحات والخطط التي يعلنها المسؤولون العراقيون ، علــّها ، تشفي من غليل انتظار الناس والخلق وتمتعهم مجددا بما تيسر من إجراءات لتحديث البلاد الخربة.
مطر ...
سيهطل المطر ، كما وعدنا السياب ، ولو بقى الحال عما هو عليه الآن سيصل الى فراش النوم ، بغياب الخدمات الرئيسية وانقطاع الكهرباء المتزايد وسرقة ونهب الشافطات والكابسات والسيارات الصاروخية والحوضية والتنكرات وانعدام الأعمال في مجال فتح المجاري.
وقضية فتح المجاري قصة لوحدها في صلب معاناة العائلة العراقية: سابقا كان المسؤولين عن هذا القطاع يخرجون الآليات المسؤولة عن هذه العملية من الخدمة اليومية ، باختراعهم أسباب شتى ، لكي يديروا شبكة أعمال خاصة بهم وفق تعريفات يعرف بها كل صاحب أسرة. وكان الناس يوافقون على منح الأجور لهؤلاء ، فقد كان يهمهم التصريف الصحي وليس البحث عن مواطن الفساد داخل المجاري.
أما الآن وقد سرقت كل المستلزمات الخاصة بعمليات إزالة المياه من شوارع العاصمة العراقية والبيوت ومجاريها ومسالكها ، فالجميع ينتظرون أن تظهر هذه الآليات التي هي بحوزة اللصوص ، ولا أحد يعلم بمدى صلاحيتها أو تكون قد حورت لتؤدي وظائف أخرى.
وبنظرة سريعة عما تقوم به بلديات الأحياء والمناطق البغدادية أو أمانة العاصمة عموما ، فأن الجميع في هذه الدوائر يشكون من أهم شيئين في عملهم : قلة الكادر واليد العاملة وانعدام الآليات.
فماذا ستفعل بغداد في زخة المطر الأولى ؟
ستطفح المياه في الأنفاق وخاصة في مناطق التحرير والطيران والشرطة ، فشافطات المياه هناك لا تعمل لسرقة مولداتها الكهربائية وكل الأسلاك والأنابيب المرتبطة بها. وستسير المياه نفسها على هواها في شوارع بغداد ، وهذه المياه قبل نزول المطر ترقد هادئة آسنة في البياع وباب المعظم والشعب والزعفرانية والطالبية وحتى في المنصور الراقية.
وعندما تسأل المسؤولين في هذا القطاع : أين آلياتكم ؟ يقولون بأنهم سلموا أرقامها وألوانها وأسمائها الى الجهات المعنية ! وما أن تسأل عن الجهات المعنية ، فلا من مجيب.
ومشكلة المجاري أمنية أيضا ، فما أن تصل حفنة من العاملين المأجورين لكي تعمل لإصلاح شبكة في منطقة ما ، حتى يهرعون عليها ويهددونها ، فكل شخص يحمل السلاح بكيفه يريد من هؤلاء المساكين الذي يستلمون أجرتهم يوميا وغير مثبتين في الوكالة البلدية الذرية ، لكي يصلحوا بتهديد السلاح مجاري أجداده أو بيته أو الشارع الذي يعيش فيه. وهذا أفضل انفلات أمني ، قياسا لما تعرضت له بعض مجموعات المجاري التي سرق المسلحون سياراتهم وآلياتهم في وضح النهار ، قبل هطول المطر .
هواتف ميتة
تضطر لأن تسير بمركبتك التي تبدو وكأنها شاركت في معركة المطار مسافات طويلة لقضاء حاجة أو إيصال نبأ ما ، يمكن لمكالمة هاتفية إنجازه. ولكن صمت الهواتف في العاصمة أصبح مألوفا بالرغم من محاولات التحالف تعويض وزارة المواصلات بتزويدها ببدالات عوضا عن تلك التي دمرت في الحرب والنهب لمناطق المأمون والكاظمية وباب المعظم والسنك الزعفرانية.
تقوم شبكة المشاريع بنصب هذه البدالات بتمويل أمريكي ، لكنه يقول بأنها لم تنصب كلها بسبب " فقدان الأمن وعمليات التخريب التي تعمل في سرقة الأسلاك والقابلوات الهاتفية ".
ويبدو أن وزارة المواصلات ستركز في عملها الهاتفي على نشر الموبايل ، فهو أضمن من هواتف البيوت التي تحتاج الى طاقة لا يمتلكونها. وهناك شركات تعمل في الجنوب والوسط والشمال ، منها في الجنوب مجموعة شركات " أثير نت " المكونة من رؤوس أموال كويتية وعراقية وفي الوسط شركة " السكوم " المكونة من رؤوس أموال عراقية بنسبة 10 % ومصرية 63 % وأردنية 27 % ، أما الشمال فتنجز هذه المهام شركة " آسيا سيل " المكونة من رؤوس أموال عراقية 50 % وشركة الكويت الوطنية 20% وإسهامات متفرقة أخرى.
ويؤكدون على أن الاشتراك والحصول على خط الموبايل سيكلف المستهلك 50 – 60 دولارا وتكون أجرة الدقيقة الواحدة من 8 – 12 سنتا. واعتبر هذه التسعيرة زهيدة بالمقارنة بمثيلاتها في العالم.
واعتبر وزير المواصلات العراقي أن من حق كل مواطن استخدام الانترنت وهناك مشروع " واير لس " للإنترنت سيحقق هذه الأمنية ، في إدخال الإنترنت الى كل بيت عراقي.
غير أن الوزير لم يوضح ، كيفية دخول الإنترنت الى البيوت والهواتف أغلبها معطلة ، وهل أن " الزايرة " ستبعث طبخة الصباح الى " الحجية " بالإيميل !